نام كتاب: دراسات فقهية في مسائل خلافية
سرشناسه : طبسی، نجم الدین، 1334 -
عنوان و نام پديدآور : دراسات فقهیة فی مسائل خلافیة: ابحاث استدلالیة حول: الزواج الموقت عندالصحابه والتابعین، صلاةالتراویح والارسال والتکفیر بین السنة والبدعة، الجمع بین الصلاتین، کیفیةالوضوء و صموم عاشورا/ نجم الدین الطبسی.
وضعيت ويراست : [ویراست2]
مشخصات نشر : قم: موسسه بوستان کتاب قم(مرکزالنشرالتابع لمکتب الاعلام الاسلامی)، 1429 ق.= 1387.
مشخصات ظاهری : 352ص.
فروست : بوستان کتاب؛ 982. فقه استدلالی؛ 93فقه و حقوق؛ 180.
شابک : 40000 ریال: چاپ دوم 978-964-548-717-9 :
وضعیت فهرست نویسی : برون سپاری
يادداشت : عربی
يادداشت : ص. ع. به انگلیسی: Jurisprudential studies on conteroversial issues:Reasoned discussions on: Temporary ...
يادداشت : چاپ قبلی: الحوزه العلمیه بقم، مکتب الاعلام الاسلامی، مرکزالنشر، 1422ق. = 1380 (208 ص).
يادداشت : چاپ دوم.
یادداشت : کتابنامه: ص [331] - 342؛ همچنین به صورت زیرنویس.
یادداشت : نمایه.
يادداشت : گروه مخاطب: تخصصی (طلاب و دانشجویان).
موضوع : فقه تطبیقی
موضوع : متعه
موضوع : نماز تراویح
موضوع : تکفیر
شناسه افزوده : حوزه علمیه قم. دفتر تبلیغات اسلامی. بوستان کتاب قم
رده بندی کنگره : BP169/7/ط2د4 1387
رده بندی دیویی : 297/324
شماره کتابشناسی ملی : 1318216
ص :1
ص :2
دراسات فقهیة فی مسائل خلافیة: ابحاث استدلالیة حول
الزواج الموقت عندالصحابه والتابعین، صلاةالتراویح والارسال والتکفیر بین السنة والبدعة، الجمع بین الصلاتین، کیفیةالوضوء و صموم عاشورا
نجم الدین الطبسی.
ص :3
ص :4
الفهرس
ص :5
الفهرس
ص :6
الفهرس
ص :7
الفهرس
ص :8
الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد بن عبد اللّه، و أهل بيته الطاهرين.
إنّ موضوع الزواج الموقّت (المتعة) من الأمور الّتي أخذت حجما كبيرا في المسائل الخلافيّة بين المسلمين، فهم بين مثبت له عن دليل، و منكر له رغم تظافر النصوص الصحيحة الّتي تنصّ على الإباحة و الجواز، و أنّ الصحابة كانت ثابتة على جوازها بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله إلى عصر الخلفاء و ما بعدهم، كما سيأتي.
و قد صنّف في هذا الحقل عشرات من الكتب، و نشرت مئات المقالات(1)كلّها تؤكّد على استمراريّة الجواز و عدم النسخ.
و لأجل عدم التكرار لما ألّف و أنجز - شكّر اللّه مساعي المؤلّفين الجميلة - أحببت أن أتناول جانبا خاصّا من الموضوع، و أعرض القضيّة بأسلوب جديد. فرأيت أن أسرد قائمة بأسماء من تمتّع من الصحابة و التابعين و المحدّثين في عصر الخلفاء و ما بعدهم، أو من كان رأيه الفقهي هو
ص:9
الجواز و الحلّيّة.
و بعد التتبّع عثرت على عشرات الأسماء من كبار الصحابة و التابعين...
فجمعت النصوص الدالّة على ذلك، مع الإشارة إلى مكانتهم العلميّة، و موقعهم الاجتماعي، و أبحاث أخرى ترتبط بالموضوع.
فالكتاب يحتوي على فصول ثلاثة:
الفصل الأوّل: في الصحابة الذين كانوا يرون حلّيّة المتعة، بل كانوا يعملون بها.
الفصل الثاني: في التابعين و الفقهاء الذين ثبتوا على حلّيّة المتعة، بل بعضهم لم يتزوّج إلاّ المتعة.
الفصل الثالث: تساؤلات و مناقشات ترتبط بشأن النسخ، و روايات مفادها النهي عن المتعة، و أبحاث أخرى يقف عليها القارئ حين المطالعة.
و ما توفيقي إلاّ باللّه.
ص:10
دراسة تتناول من تمتّع أو كان رأيه الفقهيّ جواز التمتّع من الصحابة و التابعين و الفقهاء و المحدّثين الذين لهم المكانة عند السنّة
ص:11
1. عمر بن الخطّاب: «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنا أنهى عنهما، و أعاقب عليهما: متعة النساء و متعة الحجّ».
كنز العمّال، ج 16، ص 519؛ التفسير الكبير، ج 10، ص 52
2. عمران بن سوادة مخاطبا عمر بن الخطّاب: «عابت أمّتك منك أربعا... ذكروا أنّك حرّمت متعة النساء و قد كانت رخصة من اللّه نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث».
تاريخ الطبري، ج 2، ص 579، حوادث سنة 23 ه. ق.
3. الذهبي «ابن جريج هو أحد الأعلام الثقات، و هو في نفسه مجمع على ثقته، مع كونه قد تزوّج نحوا من سبعين امرأة نكاح متعة» ميزان الاعتدال، ج 2، ص 659.
ص:12
قبل أن نذكر أسماء الصحابة القائلين بالمتعة و الثابتين عليها، ينبغي الإشارة إلى تعريف المتعة أو الزواج الموقّت فنقول:
هو تقييد الزواج و النكاح بوقت معيّن و مهر معلوم.
1. قال ابن البرّاج: «فهو نكاح ينعقد بأجل معيّن و مهر معلوم».(1)
2. و قال ابن قدامة: «معنى نكاح المتعة أن يتزوّج المرأة مدّة، مثل أن يقول: زوّجتك ابنتي شهرا، أو سنة، أو إلى انقضاء الموسم، أو قدوم الحاجّ، سواء كانت المدّة معلومة أو مجهولة».(2)
أقول: مع مجهوليّة المدّة تبطل المتعة، و مع عدم ذكر المدّة و الأجل انعقد دائما.(3)
3. و قال في النظم المستعذب: «المتعة: أصله من المتاع، و هو ما يتبلّغ
ص:13
به إلى حين، و التمتّع أيضا الانتفاع بالشيء، كأنّه ينتفع صاحبه، و يتبلّغ بنكاحها إلى الوقت الّذي وقّته».(1)
لقد ثبت تأريخيّا و من خلال نصوص معتبرة و تصريحات فقهاء العامّة بأنّ ثلّة من الصحابة كانوا يرون نكاح المتعة حتّى بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله أي أيّام خلافة الخلفاء و ما بعدها طيلة حياته، و كان رأيهم الفقهي على الجواز و الإباحة.
و فيما يلي نذكر أسماء بعضهم، و ما يدلّ على التزامهم بالمتعة، و موقعهم الاجتماعي و العلمي:
ب. أخرج أحمد إمام الحنابلة في مسنده بإسناد رجاله كلّهم ثقات، عن عمران بن حصين، قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللّه تعالى، و عملنا بها مع رسول اللّه، فلم تنزل آية تنسخها، و لم ينه عنها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حتى مات.(1)
ج. قال الهاشمي: فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عمران بن حصين الخزاعي.(2)
د. الرازي: أمّا عمران بن الحصين فإنّه قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللّه تعالى، و لم ينزل بعدها آية تنسخها، و أمرنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تمتّعنا بها، و مات و لم ينهنا عنه، ثمّ قال رجل برأيه ما شاء.(3)
أقول: مقصوده بالرجل عمر بن الخطّاب. كما قاله الرازي.
ه. القرطبي: لم يرخّص في نكاح المتعة إلاّ عمران بن الحصين و بعض الصحابة....(4)
ص:15
و. الثعلبي: لم يرخّص في نكاح المتعة إلاّ عمران بن الحصين و....(1)
1. قال الجزري: أسلم عام خيبر، و غزا مع رسول اللّه غزوات، بعثه عمر بن الخطّاب إلى البصرة ليفقّه أهلها، و كان من فضلاء الصحابة، و استقضاه عبد اللّه بن عامر على البصرة، فأقام قاضيا يسيرا، ثمّ استعفى فأعفاه.
قال محمد بن سيرين: لم نر في البصرة أحدا من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يفضّل على عمران بن حصين، و كان مجاب الدعوة.(2)
2. و قال الذهبي: هو القدوة الإمام، صاحب رسول اللّه، أسلم سنة سبع، و له عدّة أحاديث، روى له أرباب الصحاح الستّة، و اتّفق الشيخان له على تسعة أحاديث، و انفرد البخاري بأربعة أحاديث، و مسلم بتسعة، و مسنده مائة و ثمانون حديثا.(3)
أقول: و الجدير بالذكر أنّ عمران أسلم عام خيبر، و هو العام الّذي ادّعى القوم تحريمها فيه!
قال المامقاني: فالرجل من الحسان بلا شبهة، و في الوجيزة و البلغة أنّه ممدوح.(4) فهو مقبول عندنا، كما عن التستري.(5)
ص:16
أ. قال ابن حزم: فيمن ثبت على تحليل المتعة، أبو سعيد الخدري.(1)
ب. عن أبي سعيد الخدري و جابر، قالا: تمتّعنا إلى نصف من خلافة عمر حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث.(2)
قال الذهبي: هو الإمام المجاهد، مفتي المدينة.... شهد الخندق و بيعة الرضوان، حدّث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فأكثر و أطاب، و كان أحد الفقهاء المجتهدين... قيل: إنّه لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول اللّه أعلم من أبي سعيد!
روى عنه الصحاح الستّة، و مسنده ألف و مائة و سبعون حديثا، ففي صحيح البخاري و مسلم ثلاثة و أربعون، و انفرد البخاري بستّة عشر حديثا، و مسلم باثنين و خمسين.(3)
فهذا الصحابي الّذي تصدّر منصب الإفتاء تراه يصرّح بالتزامه العملي بالنكاح الموقّت، و أنّ عمر هو الّذي نهى عنه، لا أنّه استند في ذلك إلى النسخ، أو نهي الرسول صلّى اللّه عليه و آله. و أمّا عندنا، فقد عدّه المامقاني من الثقات.(4)
ص:17
أ. مسلم: حدّثني محمد بن رافع، حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر و الدقيق الأيّام على عهد رسول اللّه و أبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث.(1)
ب. و عنه: حدّثنا الحسن الحلواني، حدّثنا عبد الرزّاق، أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: قدم جابر بن عبد اللّه معتمرا فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه و أبي بكر و عمر.(2)
ج. الطبري: عن جابر، قال: كانوا يتمتّعون من النساء حتى نهاهم عمر بن الخطّاب.(3)
د. ابن شبة حدّثنا محمد بن جعفر قال حدّثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدّث عن أبي نضرة - قال: كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة و كان ابن الزبير ينهى عنها، فذكرت ذلك لجابر بن عبد اللّه فقال: - على يدي دار الحديث - تمتّعنا مع رسول اللّه، فلمّا قام عمر، قال: إنّ اللّه يحلّ لرسوله ما شاء. بما شاء
ص:18
بأنّ القرآن قد نزل منازله، فأتمّوا الحجّ و العمرة كما أمركم اللّه، و أتمّوا نكاح هذه النساء، و لن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة!(1)
ه.... عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللّه قال: استمتعت من النساء على عهد رسول اللّه، و زمن أبي بكر ثم زمن عمر حتى كان من شأن عمرو بن حريث الذي كان، فقال عمر: إنّا كنّا نستمتع و نفي، و إنّي أراكم تستمتعون و لا تفون، فانكحوا و لا تستمتعوا.(2)
قال الذهبي: هو الإمام الكبير، المجتهد الحافظ، صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، الفقيه، من أهل بيعة الرضوان، روى علما كثيرا من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و كان مفتي المدينة في زمانه، و قد بلغ مسنده ألفا و خمسمائة و أربعين حديثا.
اتّفق له الشيخان على ثمانية و خمسين حديثا، و انفرد له البخاري بستّة و عشرين حديثا، و مسلم بمائة و ستّة و عشرين حديثا.(3)
أقول: إنّ من كان مفتي المدينة، و من كبار الفقهاء، و راوي علم كثير عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، هل يخفى عليه تحريم المتعة و نسخها!؟ فتراه يداوم الزواج الموقّت إلى حين نهى عمر عنه.
و الجدير بالذكر أنّ جابر يقول: كنّا نستمتع - بصيغة الجمع - ممّا يدلّ على أنّه كان سائغا، شائعا، معروفا بين الصحابة إلى عهد الخليفة عمر.
ص:19
قال الهاشمي: فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله زيد بن ثابت الأنصاري.(1)
قال الذهبي: هو الإمام الكبير، شيخ المقرئين، مفتي المدينة، كاتب الوحي، و جامع القرآن على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
عن ابن عمر: إنّ زيد بن ثابت كان عالم الناس في خلافة عمر و حبرها.
و عن سليمان بن يسار: ما كان عمر و عثمان يقدّمان على زيد أحدا في الفرائض، و الفتوى، و القراءة، و القضاء.
قال مالك: كان إمام الناس عندنا - بعد عمر - زيد بن ثابت.
و عن ابن عبّاس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و آله أنّ زيد بن ثابت من الراسخين في العلم. و عن أبي هريرة: إنّه حبر الأمّة.(2)
إذن يقول بحلّيّة المتعة من هو عالم الناس و حبرها، و من هو مقدّم على الناس في الفتوى و القراءة و...، و من هو من الراسخين في العلم، و لم يعتن و لا يعترف بنهي عمر بن الخطّاب، و لا يراه حاكيا عن النسخ و تحريم الرسول صلّى اللّه عليه و آله فتأمّل.
أمّا عندنا: قال المامقاني: و في كونه عثمانيّا كفاية في بيان حاله.
ص:20
أقول: أشار بذلك إلى قول ابن الأثير: كان عثمانيّا، و لم يشهد مع علّي عليه السّلام شيئا من حروبه.
و عن الباقر عليه السّلام: «أشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهليّة». و أمّا نسبة جمعه للقرآن: فقد أجاب السيد الخوئي عنه بالتفصيل.(1)
أ. قال ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جماعة من السلف، منهم من الصحابة... ابن مسعود.(2)
ب. روى المفيد عن المحبّر إنّ ابن مسعود، كان يقول بالمتعة.(3)
قال الذهبي: الإمام الحبر، فقيه الأمّة، كان من السابقين الأوّلين، و من النجباء العالمين، شهد بدرا، و هاجر الهجرتين، و كان يوم اليرموك على النفل، و مناقبه غزيرة، روى علما كثيرا.
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه: «إنّك غليّم متعلّم» و هو أحد الأربعة الذين ثبتوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم أحد.
ص:21
و قال أبو مسعود الأنصاري: و اللّه؛ ما أعلم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ترك أحدا أعلم بكتاب اللّه من هذا القائم (ابن مسعود).
و سئل عليّ عليه السّلام عن ابن مسعود، فقال: «قرأ القرآن، ثمّ وقف عنده، و كفى به، و علم السنّة».
اتّفقا في الصحيحين على أربعة و ستّين، و انفرد له البخاري بإخراج أحد و عشرين حديثا، و مسلم بإخراج خمسة و ثلاثين حديثا، و له عند بقّي بالمكرّر ثماني و أربعون حديثا.(1)
و أمّا عندنا: فقد والى القوم و مال معهم و لم يتبع عليّا عليه السّلام.(2)
إذن، ثبت على تحليل المتعة من اعترفوا له بأنّه عالم الأمّة و فقيهها، و العالم بكتاب اللّه.
قال الهاشمي: فيمن كان يرى المتعة من أصحاب النبيّ، سلمة بن الأكوع الأسلمي.(3)
قال الذهبي: قيل: إنّه شهد مؤتة (شهيد مؤتة)، و هو من أهل بيعة الرضوان.
ص:22
يقول: بايعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على الموت، و غزوت معه سبع غزوات.
و يقول أيضا: أردفني رسول اللّه مرارا، و مسح على وجهي مرارا، و استغفر لي مرارا، عدد ما في يديّ من الأصابع.
عن زياد بن ميناء: كان ابن عبّاس و... و سلمة بن الأكوع مع أشباه لهم يفتون بالمدينة، و يحدّثون من لدن توفّي عثمان إلى أن توفّوا... روى عنه الصحاح الستّة، و حديثه من عوالي صحيح البخاري.(1)
و الملاحظ أنّ ابن الأكوع كان يفتي بالمدينة و يحدّث بعد وفاة عثمان و ذلك هو بداية رفع الضغط عمّن يروي حديث رسول اللّه، فهذا المحدّث و المفتي يرى جواز المتعة و لا يرى أهميّة لنهي الخليفة، لأنّه صادر عن اجتهاد و رأي.
و أمّا عندنا: فعن المامقاني: ظاهره كونه إماميّا و يكون ما ذكر مدحا مدرّجا له في الحسان.(2)
أ. قال الهاشمي: كان يقول بالمتعة من الصحابة... و الصحيح عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.(3)
ص:23
ب. الرازي: روى الطبري عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: «لو لا أنّ عمر نهى الناس عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ»(1)
ج. و قال أيضا: لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ إمّا أن يكون معلوما بالتواتر أو بالآحاد، فإن كان معلوما بالتواتر كان عليّ بن أبي طالب، و عبد اللّه بن عبّاس، و عمران بن الحصين منكرين؛ لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد، و ذلك يوجب تكفيرهم، و هو باطل قطعا.(2)
و هذا الكلام منه صريح في أنّ عليّا عليه السّلام كان يرى حلّ المتعة.
و روى الحرّ العاملي عن المفيد: أنّ عليّا نكح امرأة بالكوفة من بني نهشل متعة.(3)
و هذا النكاح وقع أيام خلافته بالكوفة.
ما أقول فيمن هو باب مدينة الحكمة و العلم، و من هو مع القرآن و القرآن معه، و من هو مع الحقّ و الحقّ معه، و من هو لولاه لهلك الخلفاء، بل لولاه لما قام للدين قائمة؟
ما أقول فيمن قال فيه الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله: «من أحبّ أن ينظر إلى آدم في خلقه و إلى إبراهيم في خلّته، و إلى موسى في مناجاته، و إلى يحيى في
ص:24
زهده، و إلى عيسى في سمته، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب».(1)
ما أقول فيمن قال الرسول الأعظم في شأنه: «إنّ الأرض لا يخلو منّي ما دام عليّ حيّا في الدنيا، بقيّة من بعدي، عليّ في الدنيا عوض منّي بعدي، عليّ كجلدي، عليّ كلحمي، عليّ عظمي، عليّ كدمي، عليّ عروقي، عليّ أخي و وصيّي في أهلي و خليفتي في قومي، و منجز عداتي، و قاضي ديني، قد صحبني عليّ في ملمّات أمري، و قاتل معي أحزاب الكفّار، و شاهدني في الوحي، و أكل معي طعام الأبرار و صافحه جبرئيل مرارا نهارا جهارا، و قبّل جبرئيل عليه السّلام خدّ عليّ اليسار، و شهد جبرئيل و أشهدني أن عليّا من الطيّبين الأخيار، و أنا أشهدكم معاشر الناس لا تتساءلون من علم أمركم ما دام عليّ فيكم».(2)
إنّ هذا الصحابي ممّن ثبت أنّه استمتع في خلافة عمر بن الخطّاب بشهادة جابر بن عبد اللّه الأنصاري، كما نقل ذلك عبد الرزّاق في مصنّفه و الطبري في تفسيره.
أ. ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه جماعة من السلف، منهم من الصحابة عمرو بن حريث.(3)
ب. عبد الرزّاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: لأوّل من سمعت منه
ص:25
المتعة، صفوان بن يعلى، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عبّاس، فذكر له بعضنا، فقال له: نعم.
فلم يقرّ في نفسي، حتى قدم جابر بن عبد اللّه، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه، و أبي بكر و عمر، حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر استمتع عمرو بن حريث بامرأة - سمّاها جابر فنسيتها - فحملت المرأة، فبلغ ذلك عمر، فدعاها فسألها، فقالت: نعم.
قال: من أشهد؟ قال عطاء: لا أدري. قالت: أمّي، أم وليّها.(1)
يفهم من قول عمر: «من أشهد؟» أنّه لم ير في نكاح المتعة محذورا لو لا عدم الإشهاد.
بعبارة أخرى: يعتبر الشهود في النكاح، و عدمه مخلّ بالعقد - كما هو مبنى جميع أهل السنّة - و يشهد له قول ابن حزم حيث قال: و عن عمر بن الخطّاب أنّه إنّما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، و أباحها بشهادة عدلين.(2)
ج. الهندي: الطبري، عن سعيد بن المسيّب، قال: استمتع ابن حريث و ابن فلان - كلاهما - و ولد له من المتعة زمان أبي بكر و عمر.(3)
فهل كان ابن حريث الصحابي قد أتى بالفاحشة و ارتكب الزنا، و ولد له
ص:26
أولاد زنا أو شبهة؟
د. عبد الرزّاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنّه سمع جابر بن عبد اللّه يقول: قدم عمرو بن حريث من الكوفة، فاستمتع بمولاة:
فأتي بها عمرو هي حبلى، فسألها، فقالت: استمتع بي عمرو بن حريث، فسأله، فأخبره بذلك أمرا ظاهرا، قال: فهلاّ غيرها؟ فذلك حين نهى عنها.(1)
ه. يقال: إنّ عمرو بن حريث استمتع من امرأة من بني سعد بن بكر، فولدت فجحد ولدها.(2)
و. ابن شبة حدّثنا ابن أبي خداش الموصلي،(3) قال: حدّثنا عيسى بن يونس عن الأجلح.(4)
قال: سمعت أبا الزبير يقول: فيما يروى عن جابر بن عبد اللّه: تمتّع عمرو بن حريث من امرأة بالمدينة فحملت فأتي بها عمر، فأراد أن يضربها فقالت: يا أمير المؤمنين تمتّع منّي عمرو بن حريث، فقال: من شهد نكاحك؟ فقالت: أمّي و أختي. فقال عمر: بغير وليّ و لا شهود. فأرسل إلى عمرو بن حريث، فقام عليه، فسأله، فقال: صدقت، فقال عمر للناس: هذا نكاح فاسد، و قد دخل فيه ما ترون، فرأى عمر أن يحرّمه، فقال أبو الزبير:
فقلت لجابر: هل بينهما ميراث؟ قال: لا.
ص:27
إنّه من بقايا أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذين نزلوا الكوفة، مولده قبيل الهجرة، له صحبة و رواية، روى عنه أصحاب الصحاح الستّة، يقول عمرو بن حريث: انطلق بي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنا غلام، فدعا لي بالبركة، و مسح رأسي، و خطّ لي دارا بالمدينة بقوس، ثمّ قال: ألا أزيدك؟
قال الواقدي: قبض النبيّ و لعمرو بن حريث اثنتا عشرة سنة.(1)
و عندنا؛ ولي لبني أميّة بالكوفة و كانوا يميلون إليه، و يتقوّون به و كان هواه معهم، خرجت كلمة كبيرة من فيه، و له صحيفة سوداء، نعوذ باللّه من الشرك و النفاق.(2)
أ. قال ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه جماعة من السلف، منهم من الصحابة... معاوية بن أبي سفيان.(3)
ب. قال أبو الزبير: و سمعت جابر بن عبد اللّه يقول: استمتع معاوية بن أبي سفيان مقدمه من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي يقال لها: معانة.
ص:28
قال جابر: ثمّ أدركت معانة خلافة معاوية حيّة، فكان معاوية يرسل إليها بجائزة في كلّ عام حتّى ماتت.(1)
ج. عبد الرزّاق، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لأوّل من سمعت منه المتعة صفوان بن يعلى، قال: أخبرني عن يعلى أنّ معاوية استمتع بامرأة بالطائف، فأنكرت ذلك عليه، فدخلنا على ابن عبّاس، فذكر له بعضنا، فقال له: نعم، فلم يقرّ في نفسي حتى قدم جابر بن عبد اللّه، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا له المتعة، فقال: نعم، استمتعنا على عهد رسول اللّه و أبي بكر و عمر....(2)
قال العسقلاني: إسناده صحيح.(3)
لا شكّ في أنّ هذه المتعة كانت من معاوية بعد وفاة النبيّ؛ إذ لا يتردّد أحد في جوازها على عهد رسول اللّه إلى يوم الفتح على حديث سبرة، أو الفتح و أوطاس على حديث جابر(4)، ثمّ لا معنى للسؤال من ابن عبّاس و جابر مع وجود النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عطاء هذا ولد عام خمسين للهجرة.(5) و أسلم معاوية عام الفتح.
ص:29
أ. ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه جماعة من السلف، منهم من الصحابة رضى اللّه عنهم:... و معبد و سلمة أبناء أميّة بن خلف.(1)
ب. عبد الرزّاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عبّاس قال: لم يرع عمر، إلاّ أمّ أراكة قد خرجت حبلى، فسألها عمر عن حملها؟ فقالت: استمتع بي سلمة بن أميّة بن خلف، فلمّا أنكر صفوان على ابن عبّاس بعض ما يقول في ذلك، قال: فسل عمّك هل استمتع(2)؟
أقول: لعلّ الصحيح أنكر ابن صفوان، لا صفوان، و عمّه سلمة بن أميّة، و هو الّذي تمتّع بأمّ أراكة على عهد عمر، و ذلك لأنّ هذه المناقشات كانت في عهد ابن الزبير، و أمّا صفوان: فقد توفّي أيّام عثمان، و ابن صفوان هو المعترض، و قد قتل مع ابن الزبير بمكّة.
ج. ابن حزم: ولد - أي أبناء - أميّة بن خلف الجمحي: عليّ، و صفوان، و ربيعة، و مسعود، و سلمة.
فولد سلمة بن أميّة: معبد بن سلمة، أمّه أمّ أراكة نكحها سلمة نكاح متعة في عهد عمر، أو في عهد أبي بكر، فولد له منها(3)، كما أورده عبد الرزّاق في مصنّفه مع تفاصيل لقصّة تمتّع رجل من بني جمح و هو سلمة.
د. عبد الرزّاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء... و قال صفوان: هذا
ص:30
ابن عبّاس يفتي بالزنا، فقال ابن عبّاس: إنّي لا أفتي بالزنا، أفنسي صفوان أمّ أراكة، فو اللّه؛ إنّ ابنها لمن ذلك، أفزنا هو؟ قال: و استمتع بها رجل من بنى جمح.(1)
أقول: و الرجل - على ما عرفت - هو سلمة بن أميّة بن خلف الجمحي، كما أكّد كلّ من عمر بن شبّة و ابن الكلبي و ابن حزم على ذلك. و أشار العسقلاني أيضا إلى ذلك في الإصابة.(2)
ه. عمر بن شبّة: و استمتع سلمة بن أميّة من سلمى مولاة حكيم بن أميّة بن الأوقص الأسلمي فولدت له، فجحد ولدها.
قلت: و ذكر ذلك ابن الكلبي، و زاد فبلغ ذلك عمر، فنهى عن المتعة.
و روى أيضا: أنّ سلمة استمتع بامرأة فبلغ عمر، فتوعّده....(3)
لا شكّ في أنّه من الصحابة و قد شهد تبوك، و قصّته معروفة.
قال ابن الأثير:... عن صفوان بن يعلى، عن أبيه و عمّه سلمة بن أميّة، أنّهما خرجا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك و معنا صاحب لنا، فقاتله رجل من الناس فعضّ بذراعه فاجتذبها من فيه فسقطت ثنيّتاه، فذهب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يلتمس العقل(4)، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يذهب أحدكم إلى أخيه
ص:31
يعضّه عضّ الفحل ثمّ يأتي يلتمس العقل!! فأطلّها(1) رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(2)
و قد ذكره خليفة بن خيّاط فيمن سكن مكّة من الصحابة.(3)
و قال المزّي: له صحبة، روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، روى له النسائي، و ابن ماجة....(4)
و أمّا عندنا: فعن المامقاني لم أتحقّق حاله.(5)
أ. الموطّأ: حدّثني مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أنّ خولة(6)بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطّاب، فقالت: إنّ ربيعة بن أميّة استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطّاب فزعا يجرّ رداءه، فقال: هذه المتعة، و لو كنت تقدّمت فيها لرجمت.(7)
و إسناده عندهم صحيح، و رجاله كلّهم ثقات.
ب. عبد الرزّاق: عن عروة: أنّ ربيعة بن أميّة بن خلف تزوّج مولّدة من
ص:32
مولّدات المدينة بشهادة امرأتين: إحداهما: خولة بنت حكيم و كانت امرأة صالحة فلم يفجأهم إلاّ الوليدة قد حملت، فذكرت ذلك خولة لعمر بن الخطّاب، فقام يجرّ صنفة(1) ردائه من الغضب حتى صعد المنبر، فقال: إنّه بلغني أنّ ربيعة بن أميّة تزوّج مولّدة من مولّدات المدينة بشهادة امرأتين، و إنّي لو كنت تقدّمت في هذا لرجمت.(2)
هو الذي كان ينادي يوم عرفة تحت لبّة(3) ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حينما قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «اصرخ»: أيها الناس، هل تدرون أيّ شهر هذا.(4)
أ. عبد الرزّاق، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، أنّ محمد بن الأسود بن خلف، أخبره أنّ عمرو بن حوشب استمتع بجارية بكر من بني عامر بن لؤي فحملت، فذكر ذلك لعمر، فسألها، فقالت: استمتع منها عمرو بن حوشب، فسأله، فاعترف، فقال عمر: من أشهدت؟ قال: لا أدري أقال: أمّها، أو أختها، أو أخاها و أمّها، فقام عمر على المنبر فقال: ما بال رجال يعملون بالمتعة و لا يشهدون عدولا، و لم يبيّنها إلاّ حددته.
ص:33
قال: أخبرني هذا القول عن عمر من كان تحت منبره، سمعه حين يقوله، قال: فتلقّاه الناس منه.(1)
و هذا النصّ صريح في أنّ الخليفة لم يمنع المتعة بالمرّة، بل منع المتعة من دون الإشهاد، كما صرّح بهذا المعنى جمع من فقهاء السنّة.(2)
كما أنّ مفاد هذا النص هو أنّ المنع لم يكن في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، بل كان في عهد عمر بن الخطّاب و ذلك حين تحقّقت المتعة من عمرو بن حوشب.
أقول: لعلّ عمرو بن حوشب تصحيف، و الصواب: عمرو بن حريث - كما احتمله بعض المعلّقين على المصنّف؛ إذ لم يرد له ذكر في كتب الرجال و التراجم، حسب تتبّعنا.
كان رأي أبيّ في قراءة الآية الكريمة بحيث يتناسب مع النكاح الموقّت (أي المتعة).
أ. الطبري: حدّثنا ابن بشّار، قال: حدّثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة، قال: في قراءة أبيّ بن كعب فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(3)
ب. السيوطي: أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن جبير قراءة أبيّ بن كعب. فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(4)
ص:34
ج. أبو حيّان الأندلسي: قراءة ابن عبّاس و أبيّ بن كعب و سعيد بن جبير:
فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(1)
قالوا فيه: إنّه سيّد القرّاء، شهد العقبة و بدرا، و جمع القرآن في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و عرض على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و حفظ عنه علما مباركا، و كان رأسا في العلم و العمل.
قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأبيّ بن كعب: «إنّ اللّه أمرني أن أقرأ عليك القرآن». و وصفه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بسيّد الأنصار. و له مائة و أربعة و ستّون حديثا: منها في [صحيح] البخاري و مسلم ثلاثة أحاديث، و انفرد البخاري بثلاثة و مسلم بسبعة، و له في الكتب الستّة نيّف و ستّون حديثا.(2)
و أمّا عندنا: فقد أورده العلاّمة في الخلاصة و ابن داود في قسم المعتمدين، و يرى المامقاني و ثاقته و قوّة إيمانه....(3)
أ. ابن حزم: و قد ثبت على تحليل المتعة بعد رسول اللّه جماعة من السلف، منهم من الصحابة... و أسماء بنت أبي بكر.(4)
ب. الطيالسي: مسلم القرشي قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر،
ص:35
فسألناها عن متعة النساء فقالت: فعلناها على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.(1)
ج. قال عروة لابن عبّاس: ألا تتّقي اللّه ترخّص في المتعة؟ فقال ابن عبّاس: سل أمّك يا عريّة؟ فقال عروة: أمّا أبو بكر و عمر: فلم يفعلا.
فقال ابن عبّاس: و اللّه؛ ما أراكم منتهين حتى يعذّبكم اللّه، نحدّثكم عن النبيّ و تحدّثونا عن أبي بكر و عمر.(2)
د. الراغب: عيّر عبد اللّه بن الزبير عبد اللّه بن عبّاس بتحليله المتعة، فقال له: سل أمّك كيف سطعت المجامر بينها و بين أبيك، فسألها، فقالت:
ما ولدتك إلاّ في متعة.(3)
ه. ابن عبد ربّه: قال ابن عبّاس: أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير.(4)
ص:36
أقول: و قد حاول المعلّق - يائسا - توجيه و تفسير العبارة بما يتنافي مع الظاهر، و أنّ المراد بها متعة الحجّ لا متعة النساء، و لكنّها محاولة يائسة، و كأنّه لم يتنبّه لأصل المحاورة، و اعتراض ابن الزبير على ابن عبّاس بقوله:
و أفتيت بزواج المتعة!
إنّها أمّ عبد اللّه و عروة بني الزبير بن العوّام، و هي أخت عائشة، و آخر المهاجرات وفاة، كانت أكبر من عائشة بعشر سنين، و ماتت بعد مقتل ابنها بأيّام، (عام 73 ه. ق).(1)
ص:37
هاجرت و هي حامل بعبد اللّه، و شهدت اليرموك مع زوجها الزبير، روى عنها الصحاح الستّة، و مسندها ثمانية و خمسون حديثا، و اتّفق لها البخاري و مسلم على ثلاثة عشر حديثا، و انفرد البخاري بخمسة أحاديث، و مسلم بأربعة.(1)
و أمّا عندنا، قال المامقاني: لم أستثبت حالها.(2)
أ. روى المتّقي الهندي عن ابن جرير، عن سليمان بن يسار، عن أمّ عبد اللّه ابنة أبي خيثمة أنّ رجلا قدم من الشام فنزل عليها، فقال: إنّ العزبة قد اشتدّت عليّ فابغيني امرأة أتمتّع معها.
قالت: فدللته على امرأة فشارطها، فأشهدوا على ذلك عدولا، فمكث معها ما شاء اللّه أن يمكث، ثمّ إنّه خرج، فأخبر عن ذلك عمر بن الخطّاب، فأرسل إليّ، فسألني: أحقّ ما حدّثت؟ قلت: نعم. قال: فإذا قدم فآذنيني به، فلمّا قدم أخبرته، فأرسل إليه، فقال: ما حملك على الّذي فعلته؟ قال:
فعلته مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ لم ينهنا عنه حتى قبضه اللّه، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه اللّه، ثمّ معك. فلم تحدّث لنا فيه نهيا، فقال عمر: أما و الّذي نفسي بيده؛ لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك، بيّنوا حتى يعرف النكاح من السفاح.(3)
ص:38
يفهم من النصّ أمور:
الأمر الأول: أنّ هذا الشامي كان صحابيّا حيث قال: فعلته مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
الأمر الثاني: أنّ الشهود لم ينكروا عليه هذا الأمر، بل شهدوا له.
الأمر الثالث: أنّ المتعة لم تنسخ - كما زعموا - مدّة حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أنّها كانت شائعة و ثابتة مدّة خلافة أبي بكر، و شطرا من خلافة عمر، كما أنّ الخليفة عمر لم ينكر هذه الدعوى من الشامي.
الأمر الرابع: أنّ المتعة لو كانت محرّمة و زنا - كما يزعمون لكانت أمّ عبد اللّه شريكة في هذه الجريمة؛ لأنّها هي الّتي دلّته على المرأة، و توسّطت بينهما، فيصدق عليها أنّها قوّادة و على الأقلّ عليها التعزير(1)، مع أنّ الخليفة عمر لم يتعرّض لها بشيء، و لا أشار إلى ذلك.
إنّ الراوي لهذا الأثر هو سليمان بن يسار التابعي، و يكفيه وثاقة عند العامّة، رواية الصحاح الستّة عنه بالاتّفاق. قالوا فيه: إنّه الفقيه الإمام، عالم المدينة و مفتيها، مولى أمّ المؤمنين ميمونة الهلاليّة، و قيل: كان مكاتبا لأمّ سلمة، ولد في خلافة عثمان. و كان من أوعية العلم بحيث إنّ بعضهم قد فضّله على سعيد بن المسيّب.
قال مالك: كان سليمان بن يسار من علماء الناس بعد سعيد بن المسيّب.
ص:39
قال ابن معين: سليمان ثقة.
و قال أبو زرعة: ثقة، مأمون فاضل، عابد.
و قال النسائي: أحد الأئمّة.
و قال ابن سعد: كان ثقة، عالما، رفيعا، فقيها، كثير الحديث، مات سنة سبع و مائة.(1)
و أمّا عندنا: فلم يذكروه، و قد روى عن ابن عبّاس، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رواية شريفة عظيمة في فضائل أمير المؤمنين عليه السّلام.(2)
أ. قال ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جماعة من السلف، منهم من الصحابة... ابن عبّاس.(3)
ب. قال عطاء: سمعت ابن عبّاس يقول: يرحم اللّه عمر، ما كانت المتعة إلاّ رخصة من اللّه عز و جلّ رحم بها أمّة محمد صلّى اللّه عليه و آله فلو لا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلاّ شقيّ.
قال: كأنّي و اللّه؛ أسمع قوله: «إلاّ شقيّ» - عطاء القائل -، قال عطاء: فهي الّتي في سورة النساء: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ (4) إلى كذا و كذا من الأجل.(5)
ص:40
ج. قال أبو الزبير: و سمعت طاووسا يقول: قال ابن صفوان: يفتي ابن عبّاس بالزنا....
قال: فعدّد ابن عبّاس رجالا كانوا من أهل المتعة.
قال: فلا أذكر ممّن عدّد غير ابن أميّة.(1)
د. حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: ثنا بشر بن المفضّل، قال: ثنا داود، عن أبي نضرة، قال: سألت ابن عبّاس عن متعة النساء؟ قال: أما تقرأ سورة النساء؟
قال: قلت: بلى.
قال: فما تقرأ فيها: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى؟ قلت: لا، لو قرأتها هكذا ما سألتك!
قال: فإنّها كذا.(2)
ه. حدّثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير بن أبي الأشعث، قال: ثني حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عبّاس مصحفا، فقال: هذا على قراءة أبيّ.
قال أبو كريب: قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصير فيه: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(3)
و. الذهبي: عن ابن عبّاس، قال: تمتّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقال عروة: نهى أبو بكر و عمر عن المتعة، فقال ابن عبّاس: فما يقول عريّة!
ص:41
قال: نهى أبو بكر و عمر عن المتعة، قال: أراهم سيهلكون، أقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يقولون: قال أبو بكر و عمر.(1)
علّق الذهبي على هذا الحديث بقوله: ما قصد عروة معارضة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بهما، بل رأى أنّهما ما نهيا عن المتعة إلاّ و قد اطّلعا على ناسخ.(2)
أقول: و هو تعليق غريب، إذ لم يدّع الخليفة عمر هذه الدعوى! أضف إلى ذلك، أنّ المنع حصل في حكومة عمر، لا في خلافة أبي بكر.
ثمّ إنّ بعض المحشّين ضعّف هذا الحديث لضعف شريك، و لكن شريك ممّن قوّاه الذهبي، فقال: هو الحافظ الصادق، أحد الأئمّة، قال يحيى بن معين: صدوق. و قال أبو توبة: رجل الأمّة شريك. و قال النسائي: ليس به بأس. و قال الذهبي: كان من أوعية العلم... و قيل فيه غير ذلك.(3)
ز. عبد الرزّاق عن معمّر، عن أيّوب، قال: قال عروة لابن عبّاس: ألا تتّقي اللّه، ترخّص في المتعة!؟ فقال ابن عبّاس: سل أمّك عريّة.
فقال عروة: أمّا أبو بكر و عمر: فلم يفعلا.
فقال ابن عبّاس: و اللّه؛ ما أراكم منتهين حتى يعذّبكم اللّه، أحدّثكم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و تحدّثونا عن أبي بكر و عمر.
فقال عروة: لهما أعلم بسنّة رسول اللّه و أتبع لها منك.(4)
قال المعلّق: و رجاله ثقات، أخرجه أبو مسلم الكجي من طريق سليمان بن حرب، عن حمّاد بن زيد، عن أيّوب السختياني، عن
ص:42
ابن أبي مليكة، عن عروة، بنحوه. و هذا إسناد صحيح.(1)
ح. مسلم: حدّثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، قال ابن شهاب: أخبرني عروة بن الزبير أنّ عبد اللّه بن الزبير قام بمكّة، فقال:
إنّ ناسا أعمى اللّه(2) قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرّض برجل، فناداه، فقال: إنّك لجلف جافّ (3) فلعمري؛ لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتّقين (يريد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله).
فقال له ابن الزبير: فجرّب بنفسك، فو اللّه؛ لئن فعلتها لأرجمنّك بأحجارك.(4)
ط. قال ابن شهاب: فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف اللّه أنّه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة، فأمره بها، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري (اسمه عبد الرحمن): مهلا. قال: ما هي و اللّه؛ لقد فعلت في عهد إمام المتّقين.
قال ابن أبي عمرة: إنّها كانت رخصة في أوّل الإسلام لمن اضطرّ إليها كالميتة و الدم و لحم الخنزير، ثمّ أحكم اللّه الدين و نهى عنها(5).
ص:43
ي. عن ابن عبّاس: إنّ آية المتعة محكمة ليست بمنسوخة.(1)
أقول: يظهر من رواية مسلم أنّ ابن عبّاس كان يرى المتعة و يفتي بجوازها إلى آخر عمره بدليل أنّ هذا الحوار جرى بينه و بين ابن الزبير أيّام خلافته الّتي كانت بعد عام (65 ه. ق) و كان مصرّا على هذا الرأي و لم يتردّد فيه.
كما لا شكّ في كمال إيمان ابن عبّاس، و تقواه، وسعة علمه، و معرفته بالناسخ و المنسوخ كما سيأتي الإشارة إليه.
و أمّا رواية خالد بن المهاجر (ابن الوليد): ففيها أنّ قول ابن أبي عمرة الأنصاري: أنّها كانت رخصة ثمّ نهى عنها. اجتهاد محض و تخرّص من دون أيّ دليل و شاهد؛ إذ لم يكن عبد الرحمن بن أبي عمرة صحابيّا، و لم يكن شهد مشهدا من المشاهد حتى يحتمل في حقّه السماع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، نعم، لعلّه يروي عمّن سمع من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و من غيره، و لكنّه مرسل إذ لم يذكره.
قال ابن حجر: قال ابن أبي حاتم في المراسيل: ليست له صحبة.(2)
قال الثعلبي: «ثم اختلف في الآية أمحكمة هي أم منسوخة؟ فقال ابن عبّاس: هي محكمة و رخص في المتعة.(3)
روى داود عن أبي نضرة، قال: سألت ابن عبّاس عن المتعة؟ فقال: أما تقرأ سورة النساء؟ قلت: بلى. قال: فما تقرأ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى
ص:44
قلت: لا أقرأها هكذا. فقال ابن عبّاس و اللّه؛ لهكذا أنزلها اللّه، ثلاث مرّات.(1)
إنّه أجلى من أن يعرّف و يترجم له، فهو حبر الأمّة، و فقيه العصر، و إمام التفسير، صحب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نحوا من ثلاثين شهرا(2)، و حدّث عنه بجملة صالحة، روى عنه عشرات الرواة، و كان مهيبا، كامل العقل، ذكيّ النفس، من رجال الكمال، و هو الّذي مسح النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رأسه، و دعا له بالحكمة، و دعا له بقوله: «اللّهمّ علّمه تأويل القرآن»، و قال: «اللّهمّ فقّهه في الدين».
و قال طاووس: ما رأيت أحدا أشدّ تعظيما لحرمات اللّه من ابن عبّاس.
و أيضا عن طاووس، عن ابن عبّاس؛ قال: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.(3)
و عن عبيد اللّه بن عبد اللّه: ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنّة... من ابن عبّاس.(4)
أقول: هذا من شدّة ورعه و تقواه في عدم نسبته شيئا إلى الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله إلاّ بعد أن يتيقّن و يقطع به، و ذلك بأن يسأل من ثلاثين شخصا من الصحابة في تلك المسألة. كما ورد في هذا النصّ، و صحّح الذهبي إسناده.
و عليه فعندما ينسب ابن عبّاس جواز المتعة إلى الدين، و إلى النبيّ
ص:45
الكريم صلّى اللّه عليه و آله، فهو على يقين من أمره، لا أنّه يفتي برأيه و اجتهاده، أو لم يبلغه النسخ.
ابن عبّاس هو الّذي قال فيه الخليفة عمر: ذاكم فتى الكهول، إنّ له لسانا سؤولا، و قلبا عقولا.
و قال فيه أيضا: لقد علّمت علما ما علّمناه.
و قد جمع محمد بن موسى - أحد الأئمّة - فتاوى ابن عبّاس في عشرين كتابا.(1)
و قال سعد بن أبي وقّاص: ما رأيت أحدا أحضر فهما، و لا ألبّ لبّا، و لا أكثر علما، و لا أوسع حلما من ابن عبّاس.
لقد كان عمر يدعوه للمعضلات، فيقول: قد جاءت معضلة، ثمّ لا يجاوز قوله، و إنّ حوله لأهل بدر.
و قال فيه ابن طاووس: أدركت نحوا من خمسمائة من الصحابة إذا ذاكروا ابن عبّاس فخالفوه، فلم يزل يقرّرهم حتى ينتهوا إلى قوله.
و مسنده ألف و ستّمائة و ستّون حديثا، و له من ذلك في الصحيحين خمسة و سبعون، و تفرّد له البخاري بمائة و عشرين حديثا، و تفرّد مسلم بتسعة أحاديث.(2)
أقول: إنّ من بلغ في التقوى و الورع في الدين إلى حدّ يسأل ثلاثين من الصحابة (و هو صحابيّ جليل) في مسألة، ثمّ ينسبها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى أنّ عمر بن الخطّاب عبّر عنه بالسؤول، و وصفه أيضا: علّم علما لم يعلّمه عمر،
ص:46
و أنّه كان يدعوه للمعضلات، و لم يتجاوز قوله، و بلغ حدّا يحاور خمسمائة صحابيا و كلّهم يتراجع و يخضع لابن عبّاس، يا ترى: هل ينسب من كان بهذه المثابة و هذا الموقع شيئا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بدون علم و يقين!(1)
1. قد يقال: إنّ ابن عبّاس لم يعلم بالنسخ، كما ادّعاه العسقلاني في فتح الباري، و بعض شرّاح صحيح مسلم.
قال العسقلاني: لعلّ جابرا و من نقل عنه استمرارهم على ذلك بعده إلى أن نهى عنها عمر لم يبلغهم النهي، و ممّا يستفاد أنّ عمر لم ينه عنه اجتهادا و إنّما نهى عنها مستندا إلى نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.(2)
أقول: إنّ إصرار ابن عبّاس و استمراره على القول و الفتوى بالحلّيّة لم يكن إلى حين نهى عمر عن المتعة، بل كان مستمرّا إلى أيّام عبد اللّه بن الزبير عام (65 ه. ق) فما بعد، ممّا يدلّ على أنّ المتعة لم تكن منسوخة و أنّ منع عمر كان عن اجتهاده و رأيه لا عن استناده إلى نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، بل لم نعثر على تصريح من عمر ينسب فيه المنع إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
قال بعض الشرّاح: أمّا ما روي أنّهم كانوا يستمتعون على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و عمر حتى نهى عنها عمر، فمحمول على أنّ الّذي استمتع لم يكن
ص:47
بلغه النسخ، و نهي عمر كان لإظهار ذلك؛ لشيوعها في عهده ممّن لم يبلغه النهي.(1)
أقول: لنا دلائل و شواهد على أنّ العمل بالمتعة كان رائجا و متداولا عند الصحابة و التابعين حتى بعد نهي عمر عنها، كما مرّ عن أمّ عبد اللّه، و يأتي عن سعيد و غيره، و هذا يفنّد دعوى نسخ جواز المتعة على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.
2. قد يدّعى رجوع ابن عبّاس عن القول بجواز المتعة، و قد نسبت هذه الدعوى إلى البيهقي، و أبي عوانة، و القفّال، و غيرهم.
أ. قال القفّال: حكي عن عبد اللّه بن عبّاس رضى اللّه عنه أنّه أجازه، و هو قول الشيعة. و حكى أنّ ابن عبّاس رجع عن ذلك.(2)
ب. النووي: روى رجوع ابن عبّاس جماعة: منهم: ابن خلف القاضي المعروف بوكيع، و روى الرجوع أيضا البيهقي و أبو عوانة.(3)
و قد أجاب الذهني في شرحه على مسلم عن هذه الدعوى: حكي عن ابن عبّاس أنّه رجع عن القول بحلّها حين قال له عليّ عليه السّلام هذ القول: «إنّك رجل تائه»، و لكن سبق ما يدلّ على عدم رجوعه عن ذلك بعد قول عليّ عليه السّلام له ذلك؛ فإنّ ما جرى بين ابن عبّاس و بين ابن الزبير من المكالمات العنيفة
ص:48
المتقدّمة، إنّما كان في خلافة عبد اللّه بن الزبير، و ذلك بعد وفاة عليّ رضى اللّه عنه، فالظاهر، كما في المرقاة أنّ ابن عبّاس رجع عن الجواز المطلق و قيّد جوازها بحال الرخصة، نحو ما مرّ في قول ابن أبي عمرة من تخصيص إباحتها للمضطرّين حال اضطرارهم.(1)
أقول: أوّلا: نطالب بالدليل على هذا التفصيل لابن عبّاس، و أنّه يراه حلالا في حال الاضطرار لا مطلقا.
ثانيا: بالاضطرار يحلّ كلّ شيء، و لا خصوصيّة للمتعة.
ثالثا: سبق منّا القول بأنّ كلام ابن أبي عمرة غير مقبول، لأنّه اجتهاد منه لا أنّه كلام و قول من النبيّ الكريم صلّى اللّه عليه و آله.
رابعا: ضعف النصوص الّتي مفادها رجوع ابن عبّاس، كما صرّح بذلك ابن بطّال و غيره.
أ. قال ابن بطّال: روى أهل مكّة و اليمن عن ابن عبّاس إباحة المتعة، و روي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة، و إجازة المتعة عنه أصحّ.(2)
ب. و قال القرطبي: و جزمت جماعة من الأئمّة بتفرّد ابن عبّاس بإباحتها، و لكن قال ابن عبد البرّ: أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة و اليمن على إباحتها.(3)
ج. و قال ابن رشد: اشتهر عن ابن عبّاس تحليلها، و تبع ابن عبّاس على القول بها أصحابه من أهل مكّة و أهل اليمن.(4)
ص:49
قال العسقلاني: لعلّه سمرة بن جندب، روى ابن مندة عن طريق مبشّر بن إسماعيل، عن جرير بن عثمان، عن سليمان بن سمير، عن أبيه، قال: كنّا نتمتّع على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(1)
إنّه من شرار من صحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيه: «آخر أصحابي موتا في النار». فبقي سمرة بالبصرة و أبو محذورة بمكّة، و كان سمرة يسأل من يقدم من الحجاز عن أبي محذورة حتى مات أبو محذورة قبله، و سقط هو في قدر مملوءة ماءا حارّا فمات.(2)
و ممّن كان يرى جواز المتعة من الصحابة هو أنس بن مالك، كما نقله الشيخ المفيد عن محمد بن حبيب في المحبّر، و لكنّ الأيادي الأمينة حذفته في الطبعة الحديثة للمحبّر، كما حذفت أسماء أخرى ممّن كان يرى حلّيّة المتعة، و قد أشار إليها الشيخ المفيد. قال: و حكى أبو جعفر محمد بن حبيب في كتابه المعروف بكتاب المحبّر أنّه كان يقول بالمتعة من الصحابة جماعة
ص:50
ممّن سمّيناه، و زاد فيهم أنس بن مالك.
ثمّ إنّا أخّرناه و لم نذكره في الأوّل؛ لأنّا لم نعثر على مصدر يشير إليه غيره.(1)
قال فيه: المفتي، المقرئ، المحدّث، راوية الإسلام. يقول أنس: قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المدينة و أنا ابن عشر، و مات و أنا ابن عشرين.
صحب أنس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتمّ الصحبة، و لازمه أكمل الملازمة منذ هاجر...
بلغ مائة و ثلاث أو سبع سنين من العمر.
و مسنده ألفان و مائتان و ستّة و ثمانون؛ اتّفق له البخاري و مسلم على مائة و ثمانين حديثا، و انفرد البخاري بثمانين حديثا، و مسلم بتسعين.(2)
و الملفت للنظر هو أنّ هذا الصحابيّ الّذي ادّعوا أنّه راوية الإسلام، و صحب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيّام جهاده و فتوحاته، و روى عنه صلّى اللّه عليه و آله مئات الروايات، بحيث إنّه لم يبق شاردة إلاّ رواها حتّى أنّه روى وصف هيئة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حين وروده مكّة يوم الفتح، و روى أوامره و نواهيه في الفتح، كما روى أمره صلّى اللّه عليه و آله بقتل ابن الأخطل، مع ذلك لم يرد عنه حديث واحد في تحريم المتعة، عام الفتح و لا في غيره، رغم التساؤلات و الصراعات الّتي حصلت بهذا الشأن بين الأمّة:
ص:51
منها: الحوار الساخن بين ابن عبّاس و عبد اللّه بن الزبير، و بين ابن عبّاس و عروة بن الزبير، و بين ابن عبّاس و خالد بن المهاجر(1) و قد راجعنا مسنده و أحاديثه(2) فلم نعثر على رواية له في المقام هذا.
و عندنا على أنس استفهامات و ملاحظات؛ إذ هو الّذي ابتلي بالبرص، أصابه نتيجة لدعوة عليّ عليه السّلام، حيث إنّه كتم الشهادة بشأن حديث الطير(3)أو الغدير(4)، و هو الّذي روى عن الكثيرين من الصحابة، و لكنّه أهمل الرواية عن عليّ عليه السّلام و هو الّذي نسب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه سمل يد رجل إلى الحائط، و من ثمّ استحلّ الأمراء تعذيب الناس.(5)
و قد ورد في بعض النصوص أنّ ابن عمر أيضا كان يرى حلّيّة المتعة.
أخرج إمام الحنابلة في مسنده بإسناده عن عبد الرحمن بن نعم (نعيم) الأعرجي، قال: سأل رجل ابن عمر عن المتعة و أنا عنده (متعة النساء) فقال:
و اللّه؛ ما كنّا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله زانين و لا مسافحين.(6)
ص:52
و هذا ظاهر في صحّة تلك النسبة إلى ابن عمر، و أنّه كان يقول بحلّيّة المتعة، و لكن لا نصرّ على ذلك لوجود المعارض.
20. كما أنّه ورد في بعض النصوص أن عفراء أخت الخليفة عمر، تمتّعت أيام خلافته. و حبلت و أنجبت طفلا، فلمّا دخل عليها، و وجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها. غضب و أخذ الطفل على يده و خرج به إلى المسجد و نادى الناس، فلمّا جمعوا حكى لهم قصّة أخته التي كانت غير متبعّلة و أتت بولد، و قالت: تمتّعت، ثم حرّم (عمر) المتعة، و قال: من أبى ضربت جنبيه بالسوط.(1)
و لكنّا لا نصرّ على هذا النصّ و لا نحتجّ به على السنّة؛ لعدم العثور عليه في مصادرهم، و عندنا أيضا مورد للتأمّل.
أورد ابن شبة قائمة بأسماء من تمتّع قبل تحريم عمر، فقال: ذكر من استمتع قبل تحريم عمر:
21. سعد بن أبي سعد بن أبي طلحة من بني عبد الدار عن عميرة مولاة لكندة، فولدت عبد اللّه بن سعد.(2)
22. ثمّ استمتع منها فضالة بن جعفر بن أميّة بن عابد المخزومي فولدت له أميّة بن فضالة.(3)
23. استمتع عبد اللّه بن أبي عوف بن جبيرة من بنت أبي لبيبة مولاة هشام بن الوليد بن المغيرة، و كانت تبيع الشراب و يغشى بيتها، فولدت له
ص:53
يوسف، و لا عقب له، فقال له عمر: أ تعترف بهذا الغلام؟ قال: لا، قال: لو قلت:
نعم، لرجمتك بأحجارك، و كان عمر يعرف هذه المرأة بالسوء، فحرّم المتعة.(1)
قلت: و لم نعثر على ترجمة هؤلاء رغم التتبّع.
ص:54
لقد تبنّى القول بالجواز جمع من التابعين و تابعي التابعين، و ثلّة من المحدّثين الذين هم ممّن اتّفق أرباب الصحاح الستّة و غيرهم على النقل منهم، و الاعتماد عليهم، كابن جريج و... ممّا يفنّد جانب القول بالحرمة و أنّها نسخت.
و فيما يلي أسماؤهم مع بيان موقعهم العلمي، و مكانتهم الاجتماعيّة عندهم:
ج. قال فخر الدين، أبو محمد، عثمان بن علي الزيلعي في تبيان الحقائق في شرح كنز الدقائق: قال مالك: هو (أي نكاح المتعة) جائز؛ لأنّه كان مشروعا، فيبقى إلى أن يظهر ناسخه، و اشتهر عن ابن عبّاس تحليلها، و تبعه على ذلك أكثر أصحابه من أهل اليمن و مكّة، و كان يستدلّ على ذلك بقوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ .(1)(2)
د. قال برهان الدين المرغيناني: نكاح المتعة باطل، و هو أن يقول لامرأة:
أتمتّع بك كذا مدّة بكذا من المال.
و قال مالك: هو جائز، لأنّه كان مباحا فيبقى إلى أن يظهر ناسخه.
و قال زفر: هو صحيح لازم؛ لأنّ النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة.(3)
ه. قال الأميني ينسب جواز المتعة إلى مالك في فتاوى الفرغاني تأليف القاضي فخر الدين، حسن بن منصور الفرغاني، و في خزانة الروايات في الفروع الحنفيّة تأليف القاضي جكن الحنفي، و في كتاب الكافي في الفروع الحنفيّة، و في العناية بشرح الهداية تأليف أكمل الدين الحنفي.(4)
قالوا فيه: حجّة الأمّة، إمام دار الهجرة، مولده عام ثلاث و تسعين، عام موت أنس خادم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، طلب العلم و هو حدث بعيد موت القاسم و
ص:56
سالم، فأخذ عن نافع و سعيد المقبري، و عامر بن عبد اللّه بن الزبير، و ابن المنكدر، و الزهري، و جعفر بن محمد عليهما السّلام، و ربيعة الرأي و...(1) كان عالم المدينة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صاحبيه زيد بن ثابت... ثم مالك.
عن ابن عيينة: مالك عالم أهل الحجاز، و هو حجّة زمانه.
قال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.
و أضاف الذهبي: لم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم و الفقه و الجلالة و الحفظ، فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيّب و الفقهاء السبعة... فكان مالك هو المقدّم فيهم على الإطلاق، و الذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق....(2)
و قال الشافعي: العلم يدور على ثلاثة: مالك، و الليث، و ابن عيينة.
و روي عن الأوزاعي أنّه كان إذا ذكر مالكا يقول: عالم العلماء، و مفتي الحرمين. و عن بقيّة أنّه قال: ما بقي على وجه الأرض أعلم بسنّة ماضية منك يا مالك.
و قال أبو يوسف: ما رأيت أعلم من أبي حنيفة، و مالك، و ابن أبي ليلى.
و قال أحمد بن حنبل: هو إمام في الحديث و في الفقه.
و قال القطّان: هو إمام يقتدى به.
و قال ابن معين: مالك من حجج اللّه على خلقه....(3)
ص:57
أقول: مالك بن أنس ليس بالرجل المجهول عند أهل السنّة، بل هو إمام من أئمّة مذاهبهم الأربعة المعروفة، و هو يرى حلّيّة المتعة، كما صرّح بذلك السرخسي، و الزرقاني، و الزيلعي، و الفرغاني، و القاضي جكن، و أكمل الدين الحنفي.
و عليه، فلا مسوّغ للقول بأنّ حلّيّة المتعة من متفرّدات الشيعة الإماميّة، كما زعم ذلك بعض من لا علم له.
أمّا عندنا: فقد روى ابن أبي عمير عن مالك: كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام، فيقدّم لي مخدّة و يعرف لي قدرا، و يقول: «يا مالك إنّي أحبّك» فكنت أسرّ بذاك و أحمد اللّه عليه....(1)
و روى التستري عنه، أنّه كان يرى الغناء، و يعمل بالمصالح المرسلة، و له آراء سيّئة في عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.(2)
أ. قال ابن قدامة: قال أبو بكر فيها رواية أخرى: إنّها مكروهة غير حرام؛ لأنّ ابن منصور سأل أحمد عنها، فقال: يجتنبها أحبّ إليّ، قال: فظاهر هذا الكراهة دون التحريم.(3)
ب. و حكى الساجي في كتابه الاختلاف عن أحمد بن حنبل، أنّه سئل عن نكاح المتعة، فقال: لا يعجبني، و هذا يدلّ على أنّه لم يكن عازما على
ص:58
تحريمها ألبتّة، و إنّما كان يكرهها لضرب من الرأي.(1)
هو أبو عبد اللّه، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني المروزي، ثمّ البغدادي، خرجت به أمه من مرو و هي حامل، فولدته ببغداد، و بها طلب العلم، فروى عن بشر بن المفضّل، و إسماعيل بن عليّة، و سفيان بن عيينة، و جرير... و روى عنه البخاري، و مسلم، و أبو داود، و الباقون مع البخاري أيضا بواسطة غيرهم.(2)
أ. ابن حزم: و من التابعين.. و سعيد بن جبير....(3)
ب. الكرابيسي: قال بنكاح المتعة... جماعة من التابعين، منهم سعيد بن جبير.(4)
ج. عبد الرزّاق: عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد اللّه بن عثمان بن خثيم، قال: كانت بمكّة امرأة عراقيّة تنسك(5) جميلة، لها ابن يقال له: أبو أميّة، و كان سعيد بن جبير يكثر الدخول عليها. قلت: يا أبا عبد اللّه؛ ما أكثر ما تدخل
ص:59
على هذه المرأة؟!
قال: إنّا نكحناها ذلك النكاح (المتعة) قال: و أخبرني أنّ سعيدا قال له:
هي أحلّ من شرب الماء (المتعة).(1)
أقول: و هو من الذين كانوا يقرؤون هذه الآية فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(2)
و هل يتأمّل أحد في جلالة سعيد و فضله و تقواه؟ فهو الإمام، الحافظ، المقرئ، المفسّر، الشهيد، أحد الأعلام، روى عنه الستّة.(3)
و عن أبي القاسم الطبري: هو ثقة، إمام، حجّة على المسلمين.(4)
و عن ابن حبّان: كان فقيها، عابدا، فاضلا، ورعا.(5)
و مولده في خلافة الإمام الحسن عليه السّلام، و مقتله عام خمس و تسعين.(6)
أ. قال الذهبي: هو أحد الأعلام الثقات... و هو في نفسه مجمع على ثقته
ص:60
مع كونه قد تزوّج نحوا من سبعين امرأة نكاح متعة، كان يرى الرخصة في ذلك، و كان فقيه أهل مكّة في زمانه.(1)
ب. و قال محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم: سمعت الشافعي يقول:
استمتع ابن جريج بتسعين امرأة، حتى إنّه كان يحتقن في الليل بأوقية شيرج طلبا للجماع.(2)
ج. قال جرير: أمّا ابن جريج: فإنّه أوصى بنيه بستّين امرأة، و قال:
لا تزوّجوا بهنّ فإنّهنّ أمّهاتكم، و كان يرى المتعة.(3)
د. الذهبي: و قيل: إنّه عهد إلى أولاده في أسمائهنّ لئلاّ يغلط أحد منهم و يتزوّج واحدة ممّا نكح أبوه بالمتعة.(4)
ه. الماوردي: و حكى عن... و ابن جريج و الإماميّة جوازه....(5)
أقول: لقد روى ابن جريج وحده ثمانية عشر حديثا في حلّيّة المتعة.(6)
قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المتعة؟ فقال: «الق عبد الملك بن جريج، فسله عنها؛ فإنّ عنده منها علما» فلقيته فأملى عليّ شيئا كثيرا في استحلالها، و كان فيما روى لي فيها ابن جريج، أنّه ليس فيها وقت و لا عدد،
ص:61
إنّما هي بمنزلة الإماء يتزوّج منهنّ كم شاء، و صاحب الأربع نسوة يتزوّج منهنّ ما شاء بغير وليّ و لا شهود، فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق، و يعطيها الشيء اليسير، و عدّتها حيضتان، و إن كانت لا تحيض فخمسة و أربعون يوما.
قال: فأتيت بالكتاب أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: «صدق» و أقرّ به....(1)
إنّه ممّن روى عنه أرباب الصحاح و العشرات من المعاريف بمن فيهم ابن عليّة، و يحيى بن سعيد القطّان.
قال الذهبي: هو الإمام، العلاّمة، الحافظ، شيخ الحرم، و صاحب التصانيف، و أوّل من دوّن العلم بمكّة....
و عن عطاء بن أبي رباح: إنّه سيّد شباب أهل الحجاز.
و عن عليّ بن المديني: الإسناد يدور على ستّة، فذكرهم و ذكر ابن جريج، و عن يحيى بن سعيد: كنّا نسمّي كتب ابن جريج كتب الأمانة.
و عن يحيى بن معين: ابن جريج ثقة في كلّ ما روي عنه في الكتاب.
أضاف الذهبي: الرجل في نفسه ثقة، و قد كان شيخ الحرم بعد الصحابة:
عطاء و مجاهد، و خلفهما قيس بن سعد و ابن جريج، ثمّ تفرّد بالإمامة ابن جريج فدوّن العلم، و حمل عنه الناس، و عليه تفقّه مسلم بن خالد الزنجي، و تفقّه بالزنجي الإمام الشافعي.
ص:62
و روايات ابن جريج وافرة في الكتب الستّة، و في مسند أحمد، و معجم الطبراني الأكبر، و في الأجزاء.
قال عبد الرزّاق: كنت إذا رأيت ابن جريج علمت أنّه يخشى اللّه.(1)
قدم ابن جريج إلى العراق قبل موته، و حدّث بالبصرة، و أكثروا عنه و عن يحيى بن سعيد: كان ابن جريج صدوقا.(2)
فابن جريج مجمع على ثقته عند السنّة، و معتمد عليه عند المحدّثين و الرواة، و أنّه صدوق، و ثقة، و أنّه يخشى اللّه، و هو كان يرى حلّيّة المتعة و يعمل بها، لم يكن يعمل ذلك إلاّ لعدم ثبوت النسخ، بل ثبوت خلافه.
و أمّا عندنا: إنّه من رجال العامّة إلاّ أنّ له ميلا و محبّة شديدة، كما عن الكشّي، و صرّح المفيد و المرتضى بأنّه من علماء العامّة و أفتى بحلّيّة المتعة.
قال التستري: و كما روى - أي ابن جريج - حلّيّة المتعة كالإماميّة، كذلك روى كون الأذان من وحي السماء لا من رؤيا عبد اللّه بن زيد.(3)
قد يقال برجوع ابن جريج عن رأيه، و إعلان ذلك في البصرة، كما نسبه الشوكاني إلى أبي عوانة، فقال: فقد روى أبو عوانة في صحيحه عن
ص:63
ابن جريج أنّه قال لهم بالبصرة: اشهدوا أني قد رجعت عنها.(1)
و الجواب: أنّ هذا النقل و هذه الرواية مرسلة، لأنّ ابن جريج توفّي عام (150 ه. ق) و أبو عوانة مولده عام (230 ه. ق) فكيف يمكنه الحديث عن ابن جريج بلا واسطة؟! فهذا النقل مرسل و لم يعرف ناقله.
أ. قال ابن حزم: فيمن ثبت على تحليل المتعة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله... و من التابعين... عطاء.(2)
ب. الكرابيسي: قال بنكاح المتعة... جماعة من التابعين، منهم: عطاء.(3)
ج. الفاكهي: حدّثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد اللّه بن الحارث المخزومي، قال: حدّثني غير واحد، أنّ محمد بن هشام سأل عطاء بن أبي رباح عن متعة النساء، فحدّثه فيها و لم ير بها بأسا. قال (فقدم) القاسم بن محمد، قال: فأرسل إليه محمد بن هشام، فسأله فقال: لا ينبغي. هي حرام.
قال ابن هشام: عطاء حدّثني فيها. و زعم أن لا بأس بها! فقال القاسم:
سبحان اللّه، ما أرى عطاء يقول هذا.
قال: فأرسل إليه ابن هشام، فلمّا جاءه قال: يا أبا محمد؛ حدّث القاسم الذي حدّثتني في المتعة.
فقال: ما حدّثتك فيها شيئا. قال ابن هشام: بلى قد حدّثتني.
ص:64
فقال: ما فعلت، فلمّا خرج القاسم. قال له عطاء: صدقت أخبرتك. و لكن كرهت أن أقولها بين يدي القاسم، فيلعنني و يلعنني أهل المدينة.(1)
إنّه مفتي أهل مكّة و محدّثهم، ولد في خلافة عثمان، و قيل: في خلافة عمر. قالوا فيه: الإمام، شيخ الإسلام، مفتي الحرم... ثقة، كان فقيها، عالما كثير الحديث... قطعت يده مع ابن الزبير.
قال أبو حازم الأعرج: فاق عطاء أهل مكّة في الفتوى.(2)
و عندنا: فالظاهر - كما عن التستري - عامّيّته، و لم يذكر أحد تشيّعه.(3)
أ. قال ابن حزم: فيمن ثبت على تحليل المتعة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله... من التابعين: طاووس.(4)
ص:65
ب. و ذكر الكرابيسي: أنّه قال بنكاح المتعة... جماعة من التابعين منهم طاووس.(1)
هو أبو عبد الرحمن الفارسي الجندي، الفقيه، القدوة، عالم اليمن، الحافظ، و قد أدرك خمسين من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
قال فيه ابن شهاب: لو رأيت طاووسا علمت أنّه لا يكذب.
و قال الذهبي: إن كان فيه تشيّع، فهو يسير لا يضرّ إن شاء اللّه.(2)
و قال جعفر بن برقان: لا تحسبنّ فينا أحدا أصدق لهجة من طاووس.
و قال ابن معين و أبو زرعة: طاووس ثقة.
و قال ابن حبّان: كان من عبّاد أهل اليمن، و من سادات التابعين، مستجاب الدعوة، روى له الستّة في صحاحهم.(3)
هو إمام الحرم، أبو محمد الجمحي، مولاهم المكّي، الأثرم، ولد سنة ستّ و أربعين، سمع ابن عبّاس و ابن عمر و جابر بن عبد اللّه.(1)
قال الذهبي: الإمام الكبير، أحد الأعلام، و شيخ الحرم في زمانه. و قال الحاكم: هو من كبار التابعين، و كان من الحفّاظ المقدّمين، أفتى بمكّة ثلاثين سنة.
و أضاف الذهبي: و كان ينزل إلى أبي جعفر الباقر عليه السّلام و نحوه... و كان من أوعية العلم، و أئمّة الاجتهاد.
قال عبد اللّه بن أبي نجيع: ما رأيت أحدا أفقه من عمرو بن دينار....
و قال ابن عيينة: عمرو ثقة، ثقة، ثقة.
و قال ابن أبي نجيع: لم يكن بأرضنا أعلم من عمرو بن دينار، و لا في جميع الأرض.
و قال ابن عيينة: ما كان عندنا أحد أفقه من عمرو بن دينار، و لا أعلم، و لا أحفظ منه.
و قال النسائي: عمرو ثقة، ثبت.(2)
و أمّا عندنا: فمختلف فيه، و قد وثّقه البعض، و مجهول عند آخرين.(3)
ص:67
و روى عمرو بن ثابت أنّه سمع أبا جعفر عليه السّلام يقول: «إنّه ليزيدني في الحجّ رغبة لقاء عمرو بن دينار، فإنّه يحبّنا و يفيدنا.(1)
أ. الطبري: حدّثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم عن عيسى، عن ابن أبي نجيع، عن مجاهد: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ قال: يعني نكاح المتعة.(2)
ب. كما يظهر من أبي حيّان الأندلسي(3)، المتوفّى عام (745 ه. ق) و من ابن كثير الدمشقي(4)، المتوفّى عام (774 ه. ق) في قراءة ابن عبّاس و مجاهد و السدّي: أنّ الآية في نكاح المتعة. و لم يرد عنه ما يدلّ على نسخها، كما لم ينسب إليه القول بالنسخ.
قالوا فيه: هو الإمام، شيخ القرّاء و المفسّرين، أبو حجّاج المكّي، و هو الذي عرض القرآن على ابن عبّاس ثلاثين مرّة، و قال: عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عبّاس، أقفه عند كلّ آية، أسأله فيم نزلت، و كيف كانت؟
و قال خصيف و قتادة: أعلمهم بالتفسير مجاهد.
و قال يحيى بن معين و طائفة: إنّه ثقة. و روي له في الصحاح الستّة.
ص:68
و مات عام مائة.(1)
و عندنا: قال التستري: قال ابن أبي الحديد: كان مائلا إلى رأي الخوارج.
و في الميزان: قيل للأعمش: ما بال تفسير مجاهد مخالف؟ قال: أخذها من أهل الكتاب.(2)
أ. ذكر أبو حيّان محمد بن يوسف الأندلسي، المتوفّى (745 ه. ق)
في تفسيره... و قال السدّي: إنّ الآية في نكاح المتعة.(3)
ب. الطبري: حدّثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضّل، قال: ثنا أسباط عن السدّي: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لاٰ جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ فهذه المتعة، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى و يشهد شاهدين و ينكح بإذن وليّها، و إذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيل، و هي منه بريّة، و عليها أن تستبرئ ما في رحمها، و ليس بينهما ميراث: ليس يرث واحد منهما صاحبه.(4)
هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، الإمام، المفسّر، أبو محمد
ص:69
الحجازي، حدّث عن أنس بن مالك و ابن عبّاس، و حدّث عنه شعبة و سفيان الثوري و...
و ورد عنه أنّه رأى أبا هريرة، و الإمام الحسن بن عليّ عليه السّلام. قال النسائي:
صالح الحديث.
و قال يحيى بن سعيد القطّان: لا بأس به.
و قال أحمد بن حنبل: ثقة.
و قال ابن عدي: هو عندي صدوق.
و قال الذهبي: كان السدّي أعلم بالقرآن من الشعبي.(1)
أمّا عندنا: فمختلف فيه، قال المامقاني في إسماعيل بن عبد الرحمن:
و المتحصّل من ذلك كلّه كون الرجل من الحسان.(2)
قد يقال: كون الآية في المتعة لا يلازم أنّ السدّي كان قائلا بالمتعة، فلعلّه يرى نسخها.
و لكن أوّلا: لم يرد عن السدّي رأي مخالف لما فسّر الآية به، و أنّها منسوخة.
ثانيا: أنّ كلّ من تحدّث عن القائلين بالمتعة أورد اسم السدّي أيضا، فهذه القرائن تكفي للمقام.
أ. الطبري: حدّثنا محمد بن المثنّى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا
ص:70
شعبة عن الحكم، قال: سألته عن هذه الآية:
وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ - إلى هذا الموضع - فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ أ منسوخة هي؟ قال: لا.
ب. قال الحكم: قال علي رضى اللّه عنه: «لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ».(1)
قالوا فيه: الإمام الكبير، عالم أهل الكوفة، حدّث عن أبي جحيفة، و شريح، و ابن أبي ليلى، و النخعي، و سعيد بن جبير، و عكرمة، و طاووس، و مجاهد....
و حدّث عنه الأعمش، و أبان بن تغلب، و الأوزاعي، و أبو عوانة...
قال الأوزاعي: فما بين لابتيها أفقه منه.
و قال سفيان بن عيينة: ما كان بالكوفة مثل الحكم و حمّاد.
و قال العجلي: كان الحكم ثقة، ثبتا، فقيها من كبار أصحاب إبراهيم، و كان صاحب سنّة و أتباع.(2)
و أمّا عندنا: فهو مذموم، ضعيف، بتريّ؛ كما في الخلاصة و التحرير الطاووسي، و غيرهما.(3)
ص:71
قال الماوردي في باب نكاح المتعة: و حكي عن ابن عبّاس، و ابن أبي مليكة، و ابن جريج، و الإماميّة جوازه.(1)
قالوا فيه: هو عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة، ولد في خلافة الإمام علي عليه السّلام أو قبلها حدّث عن أمّ سلمة و عائشة و أختها أسماء، و ابن عبّاس و عبد اللّه بن جعفر...
روى عنه عطاء و ابن جريج... وثّقه أبو زرعة و أبو حاتم، روى عنه أصحاب الصحاح الستّة.(2)
و أمّا عندنا: فهو مهمل، و لم نعثر عليه في كتبنا الرجاليّة رغم التتبّع و الفحص، إلاّ في القاموس و مختصرا(3) لكن في بعض كتب الرجال: أنّه كان مؤذّنا لابن الزبير و قاضيا له.(4)
و قد نسب إليه ابن نجيم، القول بالمتعة.
ص:72
قال العسقلاني: زفر بن أوس بن الحدثان النصريّ المدنيّ، أخو مالك، روى عن أبي السنابل، و عنه عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة.
قلت: ذكره ابن مندة و أبو نعيم في كتاب الصحابة.
و قال: يقال: أدرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا تعرف له رواية و لا صحبة، و لم يذكره البخاري و لا أبو حاتم.(1)
و أمّا عندنا: فهو عامّيّ، و روى له الكليني في باب إبطال العول: أنّه قال لابن عبّاس لمّا أنكر العول: فمن أوّل من أعال؟ قال: عمر، فقال له: فما منعك أن تشير برأيك على عمر؟ فقال له ابن عبّاس: هيبته.(2)
أقول: و هذا هو غير زفر بن الهذيل العنبري، تلميذ أبي حنيفة، بل أكبر تلامذته، المولود عام مائة و عشرة، و المتوفّى عام ثمان و خمسين و مائة. و الذي قالوا فيه: أنّه أحد الفقهاء العبّاد... و قال ابن سعد:
لم يكن في الحديث بشيء.(3) فإنّ زفر هذا له رأي خاصّ في عقد المتعة،
ص:73
و هو أنّه يقع عقدا لازما، كما أشار إلى ذلك ابن قدامة و المرغيناني و غيرهما.
1. قال ابن قدامة: قال زفر: يصحّ النكاح و يبطل الشرط.(1)
2. و قال المرغيناني: قال زفر: هو (أي العقد الموقّت) صحيح لازم، لأنّ النكاح لا يبطل بالشروط الفاسدة.(2)
إذن: ما نسب إليه من القول بالمتعة غير صحيح، و يؤيّده ما ورد في بعض رواياتنا.(3)
الثعلبي: روى عيسى بن عمر، عن طلحة بن مصرّف أنّه قرأ:
فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى.(4)
قال الذهبي: الإمام الحافظ، المقرئ، المجوّد، شيخ الإسلام.(5)
و قال العسقلاني: كانوا يسمّونه سيد القرّاء.
و قال العجلي: كان عثمانيّا، و كان من أقرأ أهل الكوفة.
ص:74
و قال ابن سعد: كان ثقة، و له أحاديث صالحة، و ذكره ابن حبّان في الثقات....(1)
أقول: و روى عنه ارباب الصحاح الستّة. و هو كما ادّعوا له أنّه سيّد القرّاء ... و أقرأ أهل الكوفة و... فهذا تراه يقرأ الآية إلى أجل مسمى كما قرأها ابن عبّاس و غيره... فهو أيضا إلى جانب القائلين بالجواز.
أ. قال أبو عمرو (صاحب الاستيعاب): أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة و اليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عبّاس.(2)
ب. قال القرطبي: أهل مكّة كانوا يستعملونها كثيرا.(3)
قال أبو حيّان - بعد نقل حديث إباحتها -: و على هذا جماعة من أهل البيت عليهم السّلام و التابعين.(4)
ثمّ إنّ العلاّمة الأميني أورد أسماء آخرين من الصحابة و التابعين كانوا
ص:75
يقولون بالمتعة، مثل عبد اللّه بن عمر، و خالد بن مهاجر و....(1)
أمّا خالد بن مهاجر: لعلّه أشار إلى حديث مسلم الذي ذكرناه فيما يتعلّق بابن عبّاس.(2)
و مهاجر هو الراوي للواقعة، لا أنّه يقول بالمتعة.
و أمّا ابن عمر(3): فقد ورد عنه ما يخالف ذلك. كما أشرنا إليه قبل صفحات، و يأتي أيضا في الفصل الأخير.
كما أنّ الشيخ المفيد أورد في كتابيه أسماء من يقول بالمتعة، نقلا عن كتاب الأقضية. و فيهم صفوان و يعلى ابنا أميّة.(4)
أقول: أمّا يعلى بن أميّة، ابن منية، و منية أمّه؛ التميمي، حليف قريش، عامل عمر على نجران؛ له صحبة.(5)
و أما صفوان: فهو ابن أميّة بن خلف، أبو وهب الجمحى، له صحبة.(6)
ص:76
حاول البعض التغطية على الموقف الإيجابي لبعض الصحابة من المتعة - خلافا للخليفة عمر - فحمله على أنّه لم يبلغهم النسخ!
قال الشوكاني: و قد أجيب عن حديث جابر: لم يبلغه النسخ، و كذلك يحمل عليه فعل غيره من الصحابة...
و هذا الجواب: و إن كان لا يخلو من تعسّف، و لكنّه أوجب المصير إليه حديث سبرة الصحيح المصرّح بالتحريم المؤبّد. و على كلّ حال. فنحن متعبّدون بما بلغنا عن الشارع، و قد صحّ لنا عنه التحريم المؤبّد، و مخالفة طائفة من الصحابة غير قادحة في حجّيّته، و لا قائمة بالمعذرة عن العمل به.(1)
أقول: أوّلا: مع أنّ الشوكاني يعترف بأنّ هذا الجواب تعسّف و ضعيف فكيف يأخذ به؟
ص:77
لا يقال: إنّ مخالفة جمع من الصحابة مع النصّ الصريح توجب الإعراض عن رأيهم، فإنّه يقال: لا يوجد نصّ صريح؛ إذ العمدة حديث سبرة، و سيأتي النقاش فيه.
ثانيا: يا ترى أنّ الصحابة: أمثال جابر و أبي سعيد و الإمام عليّ عليه السّلام و ابن عبّاس لم يتعبّدوا بما بلغهم من الشارع، و لكنّ الشوكاني متعبّد بما بلغه من الشارع!؟
ثالثا: يصرّح الشوكاني بأنّ طائفة من الصحابة تخالف الرأي بالتحريم، و ترى الحلّيّة، و لكنّه مع ذلك يتركهم لحديث يراه صحيحا، و إن كان مخالفا لأحاديث و أقوال جمع من الصحابة الّذين نسبوا الجواز إلى قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أو تقريره.
ثمّ إنّ المتتبّع لأحوال هؤلاء الصحابة و موقعهم العلمي و الاجتماعي، حينما ينظر إلى كلام الشوكاني بأنّه لم يبلغهم النسخ!! تراه يقف موقف المتحيّر المتعجّب من زعمه و زعم من يحذو حذوه؛ إذ أنّ من هؤلاء الصحابة من كان مفتي المدينة و المرجع للأحكام الشرعيّة، و منهم من هو جامع القرآن و كاتب الوحي، و منهم من هو الأعلم بكتاب اللّه و السنّة النبويّة، و منهم من هو حبر الامّة و فقيه العصر، و لم يطمئنّ في مسألة حتى يسأل ثلاثين صحابيّا و بعد ذلك ينسبها إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كيف من كان بهذه الرتبة و المقام لم يطّلع على النسخ!! و يصرّ على الحلّيّة و الجواز إلى آخر حياته!!؟
و أمّا التابعون: ففيهم من لا نقاش في جلالته و هم يفتون بالحلّيّة و يعملون بها، و هذا ممّا يثير الشبهة، بل يوجب الاطمئنان بأنّ القول بالحرمة هو رأي الخليفة عمر بن الخطّاب و اجتهاده، كما ستعرف.
ص:78
يكفينا في هذا المقام كلام الرازي حيث قال: الحجّة الثالثة: ما روي أنّ عمر قال على المنبر: «متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا أنهى عنهما: متعة الحجّ، و متعة النكاح».
و هذا منه تنصيص على أنّ متعة النكاح كانت موجودة في عهد الرسول، و قوله: «و أنا أنهى عنهما» يدلّ على أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله ما نسخه، و إنّما عمر هو الّذي نسخه.
و إذا ثبت هذا، فنقول: هذا الكلام يدلّ على أنّ حلّ المتعة كان ثابتا في عهد الرسول، و أنّه ما نسخه، و أنّه ليس ناسخ إلاّ نسخ عمر. و إذا ثبت هذا وجب أن لا يصير منسوخا؛ لأنّ ما كان ثابتا في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و ما نسخه الرسول صلّى اللّه عليه و آله يمتنع أن يصير منسوخا بنسخ عمر، و هذا هو الحجّة الّتي احتجّ بها عمران بن الحصين حيث قال: إنّ اللّه أنزل في المتعة آية و ما نسخها بآية أخرى، و أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمتعة و ما نهانا عنها، ثمّ قال رجل برأيه ما شاء (يريد أنّ عمر نهى عنها).(1)
و قد أجاب عنه بما لا يرجع إلى محصّل؛ فإنّ الحجّة و الدليل قويّ و لا يعارضه هذا الردّ الضعيف.
و قال أيضا: لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ إمّا أن يكون معلوما بالتواتر أو بالآحاد، فإن كان معلوما بالتواتر كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و عبد اللّه بن عبّاس و عمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله، و ذلك يوجب تكفيرهم و هو باطل قطعا.(2)
ص:79
و الحاصل أنّ جابر بن عبد اللّه و أبا سعيد و عبد اللّه بن مسعود و ابن عبّاس و عمران بن حصين و أمثالهم الّذين هم من مشاهير الصحابة و معاريفهم و المكثرين للحديث عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، تراهم يرون جواز المتعة، و عمل الصحابة على ذلك، فإنّهم ينسبون العمل و الجواز إلى جميع الصحابة لا إلى خصوص بعضهم.
و أمّا حديث التحريم - الّذي ارتضاه المحقّقون منهم و سيأتي البحث عنه - هو حديث سبرة، حيث نقل التحريم يوم الفتح، و أين هذا - المجهول الهويّة الّذي لم يعرف عنه إلاّ نقله حديثا أو حديثين - من هؤلاء المشاهير؟!
يقول أسعد وحيد الفلسطيني: لكنّ بعض المعاصرين للخليفة عمر، و من بعده بعض المحدّثين البسطاء، لمّا غفلوا عن معرفة سرّ نهي الخليفة عن زواج المتعة استكبروا منه أن يحرّم ما أحلّ اللّه، و اضطرّوا إلى استخراج مبرّر لذلك، فلم يجدوا سوى دعوى النسخ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد الإباحة، فارتبكوا ذلك الارتباك، و اضطربت كلماتهم ذلك الاضطراب.(1)
لدينا شواهد تؤكّد على أنّ المنع عن المتعة لم يكن لنهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنها، و لم يكن لنسخ الحكم، بل توفّي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الحكم باق، و قائم على قدم و ساق، و المسلمون لم يزالوا يعملون به برهة من حكومة الخليفة عمر، ثمّ منعها هو عن رأي و اجتهاد، لا عن نهي صادر من الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله. و لدينا دلائل على ذلك نشير إلى بعضها:
ص:80
لدينا نصوص مفادها أنّ ابن عمر يهدّد القائلين بجواز المتعة، و يذكّرهم بأنّهم ما كانوا يتجرّأون أن يتفوّهوا بذلك في عهد أبيه.
فلو صدر التحريم و النسخ في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فما هذا التأكيد من ابن عمر على خصوص عهد أبيه؟ هل معناه أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يكن خشنا في ذات اللّه بقدر ما كان عمر خشنا في تنفيذ أحكام اللّه و الوقوف بوجه المتمرّدين؟!
1. عبد الرزّاق، عن معمّر، عن الزهري، عن سالم، قيل لابن عمر: إنّ ابن عبّاس يرخّص في متعة النساء. فقال: ما أظنّ ابن عبّاس يقول هذا. قالوا:
بلى و اللّه؛ إنّه ليقوله. قال: أما و اللّه؛ ما كان ليقول هذا في زمن عمر، و إن كان عمر لينكّلهم عن هذا، و ما أعلمه إلاّ السفاح.(1)
2. عن نافع، عن ابن عمر سئل عن المتعة؟ فقال: حرام. فقيل له: إنّ ابن عبّاس يفتي بها. فقال: فهلاّ تزمزم(2) بها في زمن عمر؟(3)؛ إذن لم يكن النهي صادرا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، بل صدر عن الخليفة، و إلاّ فلا خصوصيّة لعهد دون عهد، طالما هي منسوخة و محرّمة.
نعم، إنّ الصحابة لم تكن تبرز رأيها خلاف اجتهاد عمر؛ خوفا من سوطه و درّته، كما كان أبو هريرة و غيره يخشى من نقل الحديث على عهد عمر بن الخطّاب، حيث قال: ما كنّا نستطيع أن نقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى
ص:81
قبض عمر، كنّا نخاف السياط.(1)
و قال أيضا: إنّي لأحدّث أحاديث لو تكلّمت بها في زمن عمر لشجّ رأسي(2)
تعليق الذهبي: علّق الذهبي على كلام أبي هريرة قائلا: هكذا هو كان عمر يقول: أقلّوا الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و زجر غير واحد من الصحابة عن بثّ الحديث، و هذا مذهب لعمر و لغيره. فباللّه عليك إذا كان الإكثار من الحديث في دولة عمر كانوا يمنعون منه مع صدقهم و عدالتهم و عدم الأسانيد(3)؛ إذن عرفت أنّ المنع من المتعة كان مذهبا و اجتهادا لعمر بن الخطّاب، كما كان المنع من الحديث مذهبا خاصّا له، لا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و للشرع حيث إنّ الخليفة يمنع الحديث ممّن هو صادق و عادل و سمع الحديث من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بلا واسطة. و هذا هو مذهب لعمر - كما قاله الذهبي - فليكن منع الزواج الموقّت - إنّ صحّ ما نسبوه إلى الخليفة - مذهبا له خاصّة.
صرّح جابر بن عبد اللّه الأنصاري بأنّ المنع لم يكن على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لا على أبي بكر، بل صدر من عمر و على عهده.
قال جابر: تمتّعنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مع أبي بكر، فلمّا ولي عمر خطب الناس، فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هذا الرسول، و إنّ القرآن هذا القرآن، و إنّهما كانتا متعتين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله و أنا أنهى عنهما و أعاقب عليهما:
ص:82
إحداهما: متعة النساء، و لا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ غيّبته بالحجارة، و الأخرى متعة الحجّ. افصلوا حجّكم من عمرتكم، فإنّه أتمّ لحجّكم و أتمّ لعمرتكم.(1)
و أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام.
قوله: غيّبته بالحجارة، أي أنّه يجري عليه حدّ الزنا، مع أنّه لم يفت بذلك - على ما أعلم - أحد من العامّة، بل غاية ما قالوا بالتعزير أو مختلف فيه، و لو انعقد ولد فهو شبهة لا أنّه ابن زنا.
قال الجزيري: و يعاقب فاعل نكاح المتعة و لكن لا يحدّ؛ لأنّ له شبهة القول بالجواز... و مع ذلك فلا حدّ فيه، لما فيه من شبهة....(2)
روى الطبري بسنده عن عمران بن سوادة، قال: صلّيت الصبح مع عمر فقرأ سبحان و سورة معها، ثمّ انصرف و قمت معه، فقال: أ حاجة؟ قلت:
حاجة. قال: فألحق قال: فلحقت، فلمّا دخل أذن لي، فإذا هو على سرير ليس فوقه شيء فقلت: نصيحة، فقال: مرحبا بالناصح غدوّا و عشيّا. قلت: عابت أمّتك منك أربعا.
ص:83
قال: فوضع رأس درّته في ذقنه، و وضع أسفلها على فخذه، ثمّ قال: هات.
قلت: ذكروا أنّك حرّمت العمرة في أشهر الحجّ و لم يفعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا أبو بكر، و هي حلال....
قلت: و ذكروا أنّك حرّمت متعة النساء و قد كانت رخصة من اللّه نستمتع بقبضة و نفارق عن ثلاث.
قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أحلّها في زمان ضرورة، ثمّ رجع الناس إلى السّعة، ثمّ لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها و لا عاد إليها، فالآن من شاء نكح بقبضة و فارق عن ثلاث بطلاق، و قد أصبت.(1)
و هذا النصّ صريح في أنّ المنع كان عن اجتهاد و رأي لعمر، و الناس معترضة عليه مخالفته سنّة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله، و لكنّها لا تستطيع مواجهته خوفا من درّته و عذابه. كما أنّ ظاهر كلام الخليفة هو الإقرار بعدم صدور النسخ في حياة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فإنّه هو الّذي اجتهد، فحرّم المتعة عن رأيه بحجّة أنّ الناس رجعت إلى سعة، و أنّ المتعة كانت لأجل ضيق الناس في المعيشة، و عدم الاستطاعة الماليّة... و أنّ الخليفة لم يعلم و لم يطّلع على تحقّق المتعة بعد زمان السعة!
ص:84
يا ترى هل من الضروري و اللازم على من أراد التمتّع أن يخبر الخليفة بذلك!؟ سيّما قبل تسلّمه للخلافة؟ و هل عدم علم الخليفة بذلك دليل على حرمة المتعة؟
1. قال ابن جريج: و أخبرني من أصدّق أنّ عليّا قال بالكوفة: «لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطّاب - أو قال: من رأي ابن الخطّاب لأمرت بالمتعة، ثمّ ما زنى إلاّ شقيّ».(1)
لعلّ هذه الاجتهادات هي التي سمّيت بسيرة الشيخين الّتي يطالب من بعدهما من الخلفاء بالسير وفقا لها.
1. الراغب: إنّ رجلا كان يفعلها، فقيل له: عمّن أخذت حلّها؟ فقال: عن عمر. فقالوا له: كيف ذلك و عمر هو الّذي نهى عنها و عاقب على فعلها؟!
فقال: لقوله: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أنا أحرّمهما، و أعاقب عليهما: متعة الحجّ و متعة النساء. فأنا أقبل روايته في شرعيّتهما على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا أقبل نهيه من قبل نفسه.(2)
ص:85
2. القلقشندي: و هو (أي عمر بن الخطّاب) أوّل من حرّم المتعة بالنساء، و هي أن تنكح المرأة على شيء إلى أجل، و كانت مباحة قبل ذلك.(1)
3. السيوطي: نقلا عن العسكري، قال: هو أوّل من حرّم المتعة.(2)
يقول أسعد وحيد القاسم الفلسطيني: مع وجود كلّ تلك النصوص الصريحة و الّتي تثبت مشروعيّة نكاح المتعة، و عدم نهي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنها، و بقاء حلّها حتى نهى الخليفة عنها زمن خلافته، فإنّنا لا نجد حلاّ لهذه العقدة إلاّ أنّ الخليفة عمر قد اجتهد برأيه لمصلحة رآها - بنظره للمسلمين في زمانه و أيّامه،، اقتضت أن يمنع من استعمال المتعة منعا مدنيّا لا دينيّا...
فلا بدّ أن يكون مراده المنع الزمنيّ و التحريم المدنيّ لا الدينيّ. و موقفه المتشدّد بشأن نكاح المتعة ليس الأوّل من نوعه....(3)
ص:86
1. إنّ عمر بن الخطّاب لم يدّع نسخ الحكم، حيث قال: و أنا أنهى عنهما، بل كلامه هذا صريح في النهي عن المتعة من دون أن ينسبه إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فلو كان منسوخا لكان من الأحرى أن يدّعي ذلك، و ينسبه إليه.
2. إنّ نهي الخليفة لم يتلقّاه الصحابة نسخا، و الشاهد عليه هو قول علي عليه السّلام: «لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ».(1)
و الشاهد الآخر هو قول عمران بن الحصين: إنّ اللّه أنزل في المتعة آية و ما نسخها بآية، و أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمتعة و ما نهانا عنها، ثمّ قال رجل برأيه.(2)
و عليه: يكون قد اجتهد برأيه مقابل النصّ، و هو مردود.
3. على فرض كون قول عمر رواية لكنّها تتعارض مع سائر الروايات المنقولة عن الصحابة في عدم نسخ الجواز، فتسقط و يرجع إلى الأصل الأوّلي و هو الإباحة.
4. إنّ النسخ لا يثبت بأخبار الآحاد، كما صرّح بذلك بعض علماء السنّة مع أنّ دعوى عمر النسخ لا تتجاوز الآحاد.
قال الخلاّف: لا ينسخ نصّ قرآني، أو سنّة متواترة بسنّة غير متواترة أو بقياس؛ لأنّ الأقوى لا ينسخ بما هو أقلّ منه قوّة، و من أجل هذا تقرّر أنّه لا نسخ لحكم شرعيّ في القرآن أو سنّة بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله؛ لأنّه بعد وفاة
ص:87
الرسول انقطع ورود النصّ و استقرّت الأحكام، فلا يمكن أن ينسخ النصّ بقياس أو اجتهاد.(1)
5. إذا كان منسوخا كيف لم يطّلع عليه من الصحابة إلاّ عمر بن الخطّاب يشير بذلك بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه و آله بأعوام، مع أنّه أمر مهمّ يدور بين النكاح و السفاح!؟
لقد صرّح الفقهاء بأنّ هناك جمعا من الصحابة و التابعين - بمن فيهم أئمّة المذاهب و شيوخ أصحاب الصحاح و السنن - كان رأيهم الفقهي في المتعة هو الجواز، و يفتون به، و يعملون بالمتعة، منهم:
1. القرطبي: لم يرخّص في نكاح المتعة إلاّ عمران بن الحصين و بعض الصحابة و طائفة من أهل البيت.
و قال أبو عمر: أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة و اليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عبّاس.(2)
2. الماوردي: حكي عن ابن عبّاس و ابن أبي مليكة و ابن جريج و الإماميّة، جوازه.(3)
3. الهاشمي البغدادي: من كان يرى المتعة من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
أ. خالد بن عبد اللّه الأنصاري.
ص:88
ب. زيد بن ثابت الأنصاري.
ج. سلمة بن الأكوع الأسلمي.
د. عمران بن الحصين الخزاعي.
ه. عبد اللّه ابن العبّاس بن عبد المطلّب.(1)
و في النسخة الّتي نقل المفيد عنها، زيادة: أنس بن مالك و عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
4. ابن حزم: و قد ثبت على تحليلها بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جماعة من السلف، منهم من الصحابة رضى اللّه عنه: أسماء بنت أبي بكر، و جابر بن عبد اللّه، و ابن مسعود، و ابن عبّاس، و معاوية بن أبي سفيان، و عمرو بن حريث، و أبو سعيد الخدري، و معبد، و سلمة، و أبناء أميّة بن خلف. و رواه جابر بن عبد اللّه عن جميع الصحابة مدّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و مدّة أبي بكر و عمر إلى قرب آخر خلافة عمر.
و اختلف في إباحتها عن ابن الزبير، و عن عليّ فيها توقّف.
و عن عمر بن الخطّاب أنّه إنّما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط. و أباحها بشهادة عدلين.
و من التابعين: طاووس، و عطاء، و سعيد بن جبير، و سائر فقهاء مكّة - أعزّها اللّه - و قد تقصّينا الآثار المذكورة في كتابنا(2) الموسوم بالإيصال.(3)
أقول: و بعد هذه التصريحات، انظر إلى ما يقول أحمد أمين: و قد أصاب
ص:89
عمر وجه الصواب بإدراكه أن لا كبير فرق بين متعة وزنى.(1)
لاحظ، كيف يتّهم الصحابة و التابعين و يرميهم بأفحش القول!؟
5. الثعلبي: لم يرخّص في نكاح المتعة إلاّ عمران بن الحصين، و عبد اللّه بن عبّاس، و بعض أصحابه، و طائفة من أهل البيت.(2)
إنّ مخالفة ثلّة من الصحابة و قولهم بجواز المتعة، خير دليل على عدم انعقاد الإجماع على التحريم، و بذلك صرّح فقهاء العامّة في كتبهم، كالزرقاني، و الماوردي، و المرغيناني في المنتقى.
1. قال في المنتقى: و ممّا يدلّ على أنّه لم ينعقد الإجماع على تحريمه أنّه يلحق به الولد، و لو انعقد الإجماع بتحريمه و أتاه أحد عالما بالتحريم، لوجب أن لا يلحق به الولد.(3)
2. الزرقاني: ثبت الجواز عن جمع من الصحابة، كجابر، و ابن مسعود، و أبي سعيد، و معاوية، و أسماء بنت أبي بكر، و ابن عبّاس، و عمرو بن الحويرث، و سلمة، و عن جماعة من التابعين.
و أجيب بأنّ الخلاف إنّما كان في الصدر الأوّل إلى آخر خلافة عمر، و الإجماع إنّما هو فيما بعد....
ص:90
و اختلف الأصوليّون في الاجتماع بعد الخلاف هل يرفع الخلاف السابق أم لا يرفعه، و يكون الخلاف باقيا؟. و من ثمّ جاء الخلاف فيمن نكح متعة هل يحدّ أولا؟ لشبهة العقد....(1)
3. الماوردي: فإن قيل: قد خالفهم ابن عبّاس و مع خلافه لا ينعقد الإجماع، قيل: قد رجع ابن عبّاس عن إباحتها.(2)
و فيه ما لا يخفى؛ إذ أوّلا: لم يثبت رجوع ابن عبّاس - كما زعمه - بل المحقّق تأريخيّا هو ثبوته على الجواز إلى آخر عمره.
ثانيا: لم يكن المخالف ابن عبّاس فقط، بل عشرات من الصحابة، كما مرّ ذكر أسمائهم، و حينئذ، لم يتحقّق الإجماع على الحرمة لدى الصحابة، و معه لا فائدة للإجماع بعد الخلاف، كما هو رأي جمع من الأصوليّين، و قد أشار الزرقاني إلى هذا البحث.(3)
4. الشيخ المفيد: قولهم (أي الإماميّة) بإباحة نكاح المتعة، و هو مذهب عبد اللّه بن مسعود، و عبد اللّه بن عبّاس، و جابر بن عبد اللّه، و سلمة بن الأكوع، و يعلى بن أميّة، و صفوان بن أميّة، و معاوية بن أبي سفيان، و قال به من التابعين عطاء و طاووس، و سعيد بن جبير، و جابر بن يزيد، و عمرو بن دينار.
و قد ذكر ذلك - على ما حكيناه - أيضا أبو علي(4) الحسين بن علي بن
ص:91
يزيد في كتابه المعروف بكتاب الأقضية، و كان إماما من أئمّة العامّة، فقيها، ثقة عندهم، صدوقا.
و حكى أبو جعفر، محمّد بن حبيب في كتابه المعروف بكتاب المحبّر أنّه كان يقول بالمتعة من الصحابة جماعة ممّن سمّيناه، و زاد فيهم: أنس بن مالك، و زيد بن ثابت، و عمران بن حصين، و قال: و الصحيح عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.(1)
إنّ أحاديث التحريم مضطربة جدّا يخالف بعضها بعضا؛ لأنّه روي في بعضها أنّه صلّى اللّه عليه و آله حرّمها عام خيبر، و روي في بعضها أنّه صلّى اللّه عليه و آله حرّمها عام الفتح بمكّة، و روي في بعضها أنّه في غزوة تبوك، و روي في بعضها أنّه حرّمها فى حجّة الوداع! و بين كلّ وقت و وقت زمان ممتدّ.
و قد أجيب بما لا يرجع إلى محصّل، فإنّهم أجابوا تارة بأنّها كانت حلالا فحرّمت عام خيبر، ثمّ أباحها بعد ذلك لمصلحة علمها، ثمّ حرّمها في حجّة الوداع.
ص:92
و قد أجيب أيضا؛ بأنّه تأكيد للتحريم.
أقول: إنّ الجواب الثاني يتناقض مع الأوّل؛ إذ على الأوّل أحلّها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد التحريم مرّات، و على الثاني لم يحلّها بعد التحريم.
قال الشهيد الثاني: - بعد نقل ما روي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله نهى عن نكاح المتعة زمن خيبر، ثمّ، و رواية الأكوع: أنّه عليه السّلام رخّص ذلك عام أوطاس ثلاثة أيّام، ثمّ نهى عنه، و رواية الجهني: أنّه أذن في ذلك عام فتح مكّة، ثمّ نهى عنها، و رواية أحمد و أبي داود: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عنها حجّة الوداع فتأمّل هذا الاختلاف العظيم في رواية نسخها، و أين النهي عنها في خيبر، و الإذن فيها في أوطاس، ثمّ النهي عنها بعد ثلاثة أيّام، مع الحكم بأنّها كانت سائغة في أوّل الإسلام - إلى آخر ذلك الحديث المقتضي لطول مدّة شرعيّتها - ثمّ الإذن فيها في فتح مكّة، و هي متأخّرة عن الجميع، ثمّ النهي عنها في ذلك الوقت، ثمّ في حجّة الوداع، و هي متأخّرة عن الجميع؟ فيلزم على هذا أن تكون شرّعت مرارا، و نسخت كذلك!.(1)
وردت أحاديث معارضة لما نقل عن ابن عبّاس و سائر الصحابة، و لكنّها ضعيفة السند، أو محرّفة من حيث المتن، و فيما يلي بعض النصوص:
روى الترمذي عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن ابن عبّاس
ص:93
قال: إنّما كانت المتعة في أوّل الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوّج المرأة بقدر ما يرى أنّه يقيم، فتحفظ له متاعه، و تصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية: إِلاّٰ عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ (1) قال ابن عبّاس: فكلّ فرج سوى هذين حرام.(2)
و في السند موسى بن عبيدة.
قال أحمد بن حنبل: إنّه منكر الحديث، لا تحلّ الرواية عنه.(3)
و قال أحمد: - أيضا لمّا مرّ حديث موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن ابن عبّاس - هذا متاع موسى، و ضمّ فمه و عوّجه و نفض يديه، و قال:
كان لا يحفظ الحديث.
و عن ابن معين: لا يحتجّ بحديثه.
و قال عليّ بن المديني: موسى بن عبيدة، ضعيف الحديث، حدّث بأحاديث مناكير. و قال الترمذي: يضعّف. و قال النسائي: ضعيف. و قال مرّة:
ليس بثقة.
و قال ابن عدّي: و هذه الأحاديث الّتي ذكرتها لموسى عامّتها غير محفوظة، و الضعف على رواياته بيّن.(4)
و قال ابن قانع: فيه ضعف. و قال ابن حبّان: ضعيف.(5)
ص:94
إذن لا اعتبار بهذا المعارض، لأنّه ساقط من أساسه، و لذا لم يخرّجه أحد من أصحاب الكتب الستّة سوى الترمذي. كما أشار المعلّق أيضا.
عن سعيد بن جبير أنّه قال: قلت لابن عبّاس: أتدري ما صنعت و بما أفتيت؟ سارت بفتياك الركبان...
فقال: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، و اللّه ما بهذا أفتيت، و لا هذا أردت، و لا أحللت منها إلاّ ما أحلّ اللّه من الميتة و الدم و لحم الخنزير.(1)
و أضاف ابن قدامة: فقام خطيبا و قال: إنّ المتعة كالميتة و الدم و لحم الخنزير، فأمّا إذن رسول اللّه فقد ثبت نسخه.(2)
و فيه: أوّلا: أنّ سعيدا هو الّذي تمتّع بمكّة(3)، و تزوّجها نكاح المتعة و معه لا معنى لهذا النقل عنه.
ثانيا: أنّ أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة و اليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عبّاس(4)، و لو كان ابن عبّاس قد رجع عن فتواه لما استمرّ أصحابه على ذلك.(5)
ثالثا: في السند - على رواية الطبراني - الحجّاج بن أرطاة، و هو مدلّس،
ص:95
كما صرّح بذلك الهيثمي.(1)
و قال يعقوب بن أبي شيبة: واهي الحديث، في حديثه اضطراب كثير.(2)
و أمّا طريق البيهقي: ففيه المنهال بن عمرو، فقد ترك شعبة الرواية عنه؛ لكونه سمع آلة الطرب من بيته. و قال ابن حزم: ليس بالقويّ.(3)
و فيه أحمد بن سعيد بن بشر الهمداني، و هو ليس بالقويّ، كما عن النسائي.(4)
و فيه أيضا ابن وهب، و هو عبد اللّه بن محمد الدينوري، و هو يضع الحديث كما عن الدار قطني و كان عمر بن سهل يرميه بالكذب.(5)
في سنده الثاني مجاهيل، و مع ذلك لا أدرى كيف يستدلّ البعض بهذا الحديث!؟
و لعلّ هذا من أهمّ ما استدلّوا به على رجوع ابن عبّاس عن فتواه، و فيما يلي الحديث:
عن ابن شهاب الزهري، عن عبد اللّه و الحسن ابني محمد بن عليّ، عن أبيهما أنّه سمع أباه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يقول لابن عبّاس: «إنّك امرؤ تائه،
ص:96
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عنها يوم خيبر و عن أكل لحوم الحمر الإنسيّة».(1)
و قد استدلّ به النووي(2) على بطلان القول بالمتعة، و بأدلّة أخرى لا تزيد على كونها اجتهادات مقابل النصّ.
و فيه أوّلا: لم يرد في غزوة خيبر تحريم متعة النساء، بل هذا لا يوافق الواقع التأريخي، و قد أبان ابن القيّم عن ذلك، كما نشير إليه تاليا:
أ. قال: قصّة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتّعون باليهود، و لا استأذنوا في ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لا نقله أحد قطّ في هذه الغزوة، و لا كان للمتعة فيها ذكر ألبتّة، لا فعلا و لا تحريما.(3)
و قال في موضع آخر: فإنّ خيبر لم يكن فيها مسلمات، و إنّما كنّ يهوديّات، و إباحة نساء أهل الكتاب لم يكن ثبت بعد، إنّما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة: اَلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ (4)؛ فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة.(5)
ب. و قال ابن حجر: و ليس يوم خيبر ظرفا لمتعة النساء؛ لأنّه لم يقع في غزوة خيبر تمتّع بالنساء.(6) فالنهي يوم خيبر كان عن دخول بيوت أهل الكتاب إلاّ بإذنهم، و ضرب نسائهم و أكل ثمارهم، و ذلك بعد ما جاء صاحب خيبر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: يا محمد، أ لكم أن تذبحوا حمرنا، و تأكلوا تمرنا، و
ص:97
تضربوا نساءنا...؟ فغضب؛ يعني النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: «يابن عوف؛ اركب فرسك، ثمّ ناد: أن اجتمعوا للصلاة... - ثمّ قام صلّى اللّه عليه و آله فقال -... و أنّ اللّه عزّ و جل لم يحلّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلاّ بإذن، و لا ضرب نسائهم، و لا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الّذي عليهم».(1)
فلم يكن في خطبة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم خيبر النهي عن المتعة، و لكنّ الأيدي الأمينة أضافت إلى هذه الرواية، أو ابتكرت، كما هي عادتها في وضع الأكاذيب رواية و نسبتها إلى ابني محمد، عن أبيهم، عن الإمام عليّ عليه السّلام، و لعلّه لأجل أن يكون أوقع في النفوس، و كأنّه نسي قول الإمام عليّ عليه السّلام «لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقيّ».(2) و إنكاره على عمر، لتحريمه المتعة.
ثانيا: اتّفق المسلمون على حلّيّة المتعة أثناء فتح مكّة(3)، فكيف يتقدّم زمان الناسخ على زمان المنسوخ؟ و كيف يكون يوم خيبر زمان نسخ حلّيّة المتعة مع أنّها كانت محلّلة يوم فتح مكّة!؟
ثالثا: لو كانت الرواية في سياق الردّ على ابن عبّاس - إذ وصفه بأنّه رجل تائه لكان ينبغي أن يعدل عن رأيه، مع أنّه لم يثبت عدوله عن فتواه، و هذا يكشف عن أنّ عليّا عليه السّلام لم ينقل له رواية بتحريم المتعة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
قال الذهني: حكي عن ابن عبّاس أنّه رجع عن القول بحلّها حين قال له عليّ عليه السّلام هذا القول أي «إنّك رجل تائه»، و لكن سبق ما يدلّ على عدم رجوعه عن ذلك بعد قول عليّ عليه السّلام له ذلك، فإنّ ما جرى بين ابن عبّاس و بين
ص:98
ابن الزبير من المكالمات العنيفة المتقدّمة إنّما كان في خلافة عبد اللّه بن الزبير، و ذلك بعد وفاة عليّ عليه السّلام....(1) و حينئذ يتّضح ضعف ما قاله الخطّابي:
تحريم المتعة كالإجماع إلاّ عن بعض الشيعة، و لا يصحّ على قاعدتهم في الرجوع في المختلفات إلى عليّ عليه السّلام و آل بيته، فقد صحّ عن عليّ أنّها نسخت.(2)
أين الحديث الصحيح عن عليّ عليه السّلام الدالّ على تحريم متعة النساء؟
أمّا حديث سبرة الجهني: فقد رواه مسلم عن سبرة بطرق متعدّدة و الصحيح منها: ما رواه عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه سبرة: أنّ رسول اللّه عليه السّلام قال: «من كان عنده شيء من هذه النساء الّتي يتمتّع فليخلّ سبيلها»(3)
و معناه. - و اللّه العالم - أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله أمرهم بفراق النسوة اللاتي تمتّعوا بهنّ استعدادا للرحيل من مكّة ثمّ - مع الأسف - جاء المعذّرون للخليفة عمر بن الخطّاب و حرّفوا لفظ «فليخلّ سبيلها» إلى «أنّها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة».
الطريق الثاني: رواه أيضا مسلم بطريق آخر - بالنصّ - عن عمارة بن غزيّة، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه.
ص:99
و أمّا الطريق الثالث: فقد رواه عن عبد العزيز بن عمر، حدّثني الربيع بن سبرة. و فيه عبد العزيز بن عمر الأموي - و هو مختلف فيه -. فقد حكى الخطّابي، عن أحمد بن حنبل أنّه قال: ليس هو من أهل الحفظ و الإتقان.
و قال ميمون بن الأصبغ عن أبي مسهر: ضعيف الحديث.(1)
و أمّا الطريق الرابع: فقد رواه مسلم بسنده عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه، عن جدّه.
أمّا عبد الملك: قال أبو خيثمة: سئل يحيى بن معين عن أحاديث عبد الملك بن الربيع عن أبيه، عن جدّه، فقال: ضعاف.
و حكى ابن الجوزي عن ابن معين أنّه قال: عبد الملك ضعيف.
و قال أبو الحسن القطّان: لم تثبت عدالته، و إن كان مسلم أخرجه له، فغير محتجّ به. انتهى.
و مسلم إنّما أخرج له حديثا واحدا في المتعة متابعة، و قد نبّه على ذلك المؤلّف(2)
و أمّا الربيع بن سبرة: فقد وقع في سند حديث علّقه البخاري.(3)
و أمّا سبرة(4) و هو الراوي لهذا الحديث و إليه تنتهي هذه الطرق: فهو و إن
ص:100
ذكروا له صحبة و لكن لم يترجموا له، و لا تعرّضوا لبيان شخصيّته و موقعه، فهو مجهول الهويّة، و لم يعرف عنه شيء إلاّ أنّه راوي لهذا الحديث أو الحديثين فقط، فالتعرّف عليه إنّما إنّما حصل من خلال روايته لهما. فأين هو من معاريف الصحابة و مشاهيرهم؛ كأبي سعيد و جابر بن عبد اللّه، و ابن عبّاس، و عمران بن حصين؟! فكيف يهمل هؤلاء، و يترك أقوالهم، و يؤخذ برواية مجهول الهويّة، مثل سبرة؟!
أضف إلى ذلك الاختلاف في نقله الّذي يكشف عن الدخيل و التصرّف و التحريف بما يؤيّد و يبرّر موقف الخليفة عمر بن الخطّاب هذا.
و لا نريد المناقشة في هذه الطرق، و إلاّ ففي الطريق الأوّل أيضا تأمّل واضح، و ذلك لأنّ ليثا رمي بالتساهل في السماع و السهولة في الأخذ، كما قاله أحمد بن حنبل و ابن معين و الأزدي.(1)
و هكذا الطريق الثاني؛ إذ فيه عمارة بن غزيّة، و قد ذكره العقيلي في الضعفاء، و ضعّفه ابن حزم و المتأخّرون، كما قاله عبد الحقّ.(2)
روى إياس بن عامر عن عليّ عليه السّلام: «نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن المتعة، قال: و إنّما كانت لمن لم يجد، فلمّا أنزل النكاح، و الطلاق و العدّة، و الميراث بين الزوج و المرأة نسخت(3)».
ص:101
و في السند موسى بن أيّوب، ذكره العقيلي في الضعفاء.(1)
و قال يحيى بن معين و الساجى: منكر الحديث.(2)
أضف إلى ذلك أنّ في سنده سفيان بن عيينة الّذي كان مدلّسا.
قال يحيى بن سعيد: أشهد أنّ سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع و سبعين و مائة، فمن سمع منه فيها، فسماعه لا شيء.(3)
هذا. و في دلالته أيضا كلام؛ إذ معناه أنّ النكاح، و الطلاق، و العدّة و الميراث لم يشرّع قبل المتعة، و لمّا شرّع النكاح و حلّ محلّ المتعة نسخت، مع أنّهم ادّعوا أنّ المتعة احلّت مرّات؛ منها: ثلاثة أيّام في عام الفتح، و هل معناه أنّ النكاح لم يشرّع إلى ذلك اليوم؟
عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في غزوة تبوك، فنزلنا بثنيّة الوداع، فرأى نساء يبكين، فقال: «ما هذا؟» قيل: نساء تمتّع بهنّ أزواجهنّ، ثمّ فارقوهنّ.
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «حرّم - أو هدم المتعة - النكاح، و الطلاق، و العدّة و الميراث».(4)
و في السند مؤمّل بن إسماعيل، و هو أبو عبد الرحمن العدويّ.
ص:102
قال البخاري: منكر الحديث، و قال غيره: دفن كتبه، فكان يحدّث فكثر خطاؤه.(1)
و قس على ذلك سائر ما ذكروه من الأحاديث المعارضة، فهي إمّا مخدوشة من حيث السند، و إمّا من حيث الدلالة و المتن.
سلاح يلجأ إليه من أعياه الجواب، و عجز عن ردّ الأدلّة و النصوص الصريحة. فتراه يتمسّك بكل حشيش كالغريق تاركا للمنطق و البرهان و الاستدلال، فيواجه القائل بالجواز بقوله: هل يسرّك أنّ نساءك يفعلن المتعة؟! فهذا غاية ما يستدلّ به هذا العاجز، فكأنّه يراه جوابا دامغا. ليس فوقه جواب، فهو نصر كبير حيث أفحم الخصم بهذه اللهجة و لم يقدر الخصم على ردّه!
و قد التجأ بعض المخالفين لجواز المتعة إلى هذه الذريعة في محاوراتهم:
كعبد اللّه بن معمّر (عمر) الليثي، و أبي حنيفة. و فيما يلي نصّ الحوار:
الآبي: روي أن عبد اللّه بن معمّر الليثي(2) قال لأبي جعفر عليه السّلام: بلغني أنّك تفتي في المتعة؟ فقال: «أحلّها اللّه في كتابه و سنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عمل بها أصحابه».
ص:103
فقال عبد اللّه: فقد نهى عنها عمر. قال: «فأنت على قول صاحبك، و أنا على قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله» قال عبد اللّه: فيسرّك أنّ نساءك فعلن ذلك؟ قال أبو جعفر: «و ما ذكر النساء هاهنا يا أنوك(1)؟ انّ الذي أحلّها فى كتابه و أباحها لعباده أغير منك و ممّن نهى عنها تكلّفا، بل يسرّك أنّ بعض حرمك تحتّ حائك من حاكة يثرب نكاحا؟» قال: لا. قال: «فلم تحرّم ما أحلّ اللّه؟»، قال:
لا أحرّم و لكنّ الحائك ما هو لي بكفو. قال: «فإنّ اللّه ارتضى عمله و رغب فيه و زوّجه حورا، أفترغب عمّن رغب اللّه فيه؟ و تستنكف ممّن هو كفو لحور الجنان كبرا و عتوّا» قال: فضحك عبد اللّه و قال: ما أحسب صدوركم إلاّ منابت أشجار العلم فصار لكم ثمره، و للناس ورقه.(2)
أقول: رواه الكليني و حسن المجلسي سنده، و فيه بعد قوله: أيسرّك...
فأعرض عنه أبو جعفر، و عن مقالته حين ذكر نساءه و بنات عمّه.(3)
الكليني: عليّ - بن إبراهيم - رفعه، قال: سأل أبو حنيفة أبا جعفر، محمد بن النعمان صاحب الطّاق، فقال له: يا أبا جعفر؛ ما تقول في المتعة؛ أتزعم أنّها حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن و يكتسبن عليك؟ فقال له أبو جعفر: ليس كلّ الصناعات يرغب فيها و إن كانت
ص:104
حلالا و للناس أقدار و مراتب يرفعون أقدارهم، و لكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ؟ أتزعم أنّه حلال؟ فقال: نعم، قال: فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نبّاذات فيكتسبن عليك؟ فقال أبو حنيفة: واحدة بواحدة و سهمك أنفذ.
ثم قال له: يا أبا جعفر؛ إنّ الآية التي في سَأَلَ سٰائِلٌ (1) تنطق بتحريم المتعة، و الرواية عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قد جاءت بنسخها. فقال له أبو جعفر:
يا أبا حنيفة؛ إنّ سورة سَأَلَ سٰائِلٌ مكّيّة و آية المتعة مدنيّة و روايتك شاذّة ردّيّة.
فقال له أبو حنيفة: و آية الميراث أيضا تنطق بنسخ المتعة. فقال أبو جعفر:
«قد ثبت النكاح بغير ميراث».(2)
قال أبو حنيفة: من أين قلت ذاك؟ فقال أبو جعفر: لو أنّ رجلا من المسلمين تزوّج امرأة من أهل الكتاب ثمّ توفّي عنها ما تقول فيها؟ قال:
لا ترث منه، قال: فقد ثبت النكاح بغير ميراث. ثم افترقا.(3)
ألّف الفقهاء - قديما و حديثا - عشرات الكتب، و كتبوا مئات المقالات بشأن مسألة المتعة، و أحكامها، و نحن نكتفي بذكر أسماء بعض منها:
ص:105
1. كتاب المتعة لابن إسحاق النهاوندي (269 ه. ق).
2. رسالة في المتعة، للشيخ إبراهيم قفطان (1264 ه. ق).
3. كتاب المتعة، لأبي يحيى الجرجاني، المستبصر في الإمامة، حكاه الطوسي في الفهرست.
4. كتاب المتعة، لأحمد بن يحيى القمّي (350 ه. ق).
5. كتاب المتعة، لأبي جعفر القمّي، ذكره النجاشي.
6. رسالة في المتعة للعلاّمة المجلسي (ت 1111 ه. ق) طبعت في مجموعة من رسائله.
7. كتاب المتعة، لبندار بن عبد اللّه الإمامي، كما وصفه النجاشي.
8. كتاب المتعة، للمحامي توفيق الفكيكي، و فيه الردّ على موسى جار اللّه، طبع عام (1356 ه. ق) مع تقريظ العلاّمة كاشف الغطاء رحمه اللّه.
9. كتاب المتعة، للسيّد الشريف المذري العلوي، ذكره النجاشي.
10. كتاب المتعة، للحسن بن خرّزاد القمّي، ذكره النجاشي.
11. كتاب المتعة، للحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني، ذكره النجاشي.
12. كتاب المتعة، لأبي محمد الحسن بن عليّ بن فضّال الكوفي، ذكره النجاشي.
13. كتاب المتعة، لأبي عبد اللّه السعدي القمّي، ذكره النجاشي.
14. كتاب المتعة، لأبي القاسم الأشعري (299 ه. ق).
15. كتاب المتعة، للشيخ نظام الدين الصهرشتي، بين القرن الرابع و الخامس.
ص:106
16. كتاب المتعة، لأبي الفضل الورّاق، ذكره النجاشي.
17. كتاب المتعة، للسيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي.
18. كتاب المتعة، لعليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار الكوفي، معاصر هشام بن الحكم.
19. كتاب المتعة، لأبي الحسن المهلّبي الأزدي، ذكره النجاشي.
20. كتاب المتعة، لأبي الحسن عليّ بن الحسن الفطحي، ذكره النجاشي.
21. كتاب المتعة، لعليّ بن الحسن الطائي الطاطري، ذكره النجاشي.
22. رسالة في المتعة، للسيّد عليّ بن السيّد النصير آبادي (1259 ه. ق).
23. رسالة في المتعة، للشيخ عليّ بن عبد اللّه البحراني (ت 1318 ه. ق).
24. رسالة في المتعة، للسيّد النقوي الجايسي (ت 1329 ه. ق).
25. كتاب المتعة، لأبي أحمد الأزدي البغدادي (ت 217 ه. ق) ذكره النجاشي.
26. كتاب المتعة، لأبي الفضل الصابوني الجعفي، ساكن مصر، ذكره النجاشي.
27. كتاب المتعة، للصفواني، تلميذ الكليني، ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست.
28. كتاب المتعة، لأبي الحسين الرهني الشيباني.
29. كتاب المتعة، للشيخ الصدوق (ت 381 ه. ق).
30. كتاب المتعة، للشيخ المفيد (ت 413 ه. ق) و هو أحد كتبه الثلاثة في المتعة، و له: الموجز في المتعة أيضا، كما أنّ له أيضا مختصر المتعة.
31. كتاب المتعة، للشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1218 ه. ق).
ص:107
32. كتاب المتعة، لأبي الحسين الترماشيري، ذكره النجاشي.
33. كتاب المتعة، ليونس بن عبد الرحمن، و هو غير كتابه في علل النكاح و تحليل المتعة.
34. كتاب المتعتين: متعة النساء و متعة الحجّ، لأبي إسحاق الثقفي، (ت 283 ه. ق).
35. كتاب المتعتين، للفضل بن شاذان النيسابوري.(1)
36. كتاب الزواج الموقّت في مسائل المتعة و فوائدها للمجتمع البشري و إصلاح حال الإنسان، للسيّد هبة الدين الشهرستاني.(2)
37. كتاب عدّة المتمتّع بها، لمحمد تقي الداودي.(3)
38. كتاب المتعة بين الشريعة و البدعة، لمرتضى الموسوي الأردبيلي.
39. كتاب المتعة و مشروعيّتها في الإسلام، لمجموعة من العلماء.
40. كتاب المتعة، للسيد جعفر مرتضى.
41. كتاب المتعة، للسيد محمد تقي الحكيم.
42. كتاب نكاح المتعة، لنصر بن إبراهيم المقدسي.
43. كتاب المتعة، للشفائي.
44. كتاب الزواج الموقّت؛ لإسماعيل هادي.
45. كتاب الأربعون حديثا في خصوص المتعة، للسيد محمد مهدي
ص:108
الموسوي التنكابني، فرغ من تأليفه سنة (1250 ه. ق).(1)
46. كتاب تحريم نكاح المتعة، لأبي الفتح، نصر بن إبراهيم المقدسي، تحقيق حمّاد بن محمد الأنصاري، دار طيبة بالرياض.
47. كتاب المتعة مشروعة، للعلاّمة الفاني الإصبهاني.
48. رسالة في المتعة، للمحقق الكركي(2) - (فارسى).
49. كتاب خلاصة الايجاز في المتعة للشيخ المفيد.(3)
و إلى هنا نختم الموضوع و البحث، و من أراد التفصيل فليراجع موارده.
ص:109
ص:110
ص:111
ص:112
الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على خير خلقه، خاتم الأنبياء، أبي القاسم محمد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و على أهل بيته الطيّبين الطاهرين.
و بعد، فنزولا عند رغبة بعض السادة من أصحاب الفكر و القلم، المهتمّين بالبحث و التحقيق في المسائل الخلافيّة، أقدّم هذه الدراسة المتواضعة الموجزة حول صلاة التراويح، حيث طلب منّي أن أقدّم بحثا تحقيقيّا حول مسألة من المسائل الفقهيّة المشتركة بين الشيعة و السنّة.
و الحقّ أنّه اقتراح جميل، و ابتكار جليل، فأهنّئهم على هذه المبادرات المباركة. و ليعلم أنّه قلّ أن توجد مسألة فقهيّة عند الإماميّة لم تطابق فتوى مذهب من مذاهب أهل السنّة، إذن نقاط الاشتراك و الالتقاء في الفروع، و الفقه - فضلا عن أصول الدين - أكثر من نقاط الاختلاف و الافتراق.
فحبّذا النظر إلى المسائل الاتّفاقية بعين الاعتبار و الأهمّيّة، و حبّذا احتمال و تحمّل المسائل الخلافيّة، إذ أنّ هذا المقدار من الخلاف، بل أكثر من ذلك ممّا لابدّ منه و هو موجود حتى بين أئمّة المذاهب السنّيّة في الاعتقادات و الفقه. فالخير و الصلاح في رعاية سعة الصدر، و الانفتاح،
ص:113
و الابتعاد عن العصبيّة في المحاورات، و التأدّب بالآداب الإسلاميّة، و التمسّك بالقيم الأخلاقيّة، و بالتالي للرأي الفقهي و أدلّته، ثمّ قبوله أو ردّه أو مناقشته، بعيدا عن التقوقع و الرفض المسبق.
و لقد اخترت من بين المواضيع المقترحة، موضوع صلاة التراويح و نوافل ليالي شهر رمضان المبارك، التي قد يتصوّر لأوّل وهلة أنّها من مختصّات أهل السنّة، و لكنّ التتبّع و التحقيق و مراجعة كلمات الفريقين و آرائهم، يكشف عن خطإ هذا التصوّر، و أنّ أصل المسألة و هو قيام شهر رمضان و نوافل لياليها و الصلوات فيها من الأمور و المسائل المشتركة بين الفريقين، بل الاشتراك في عددها أيضا كاد أن يكون حاصلا في الجملة، و إنّما الخلاف هو في إقامة هذه النوافل جماعة أم فرادى.
إنّ الاطّلاع على نصوص تصريحات علماء أهل السنّة يكشف عن أنّ أهل السنّة يعترفون أيضا بأنّ هذه الصلوات المستحبّة لم تؤدّ جماعة على عهد النبيّ الأكرم صلّى اللّه عليه و آله، و على عهد الخليفة الأوّل أيضا، و أنّها من إبداعات الخليفة الثاني في السنة الرابعة عشرة من الهجرة النبويّة، و لعلماء أهل السنّة تبريرات لما أبدعه و ابتدعه الخليفة الثاني، و سيوافيك.
و في الختام نسأل اللّه العليّ القدير أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحقّ بإذنه، و أن يوفّقنا لما فيه الخير و الصلاح، إنّه وليّ التوفيق.
التراويح (جمع ترويحة) و هي في الأصل: الجلسة مطلقا، ثم سمّيت بها الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي شهر رمضان لاستراحة الناس بها، ثم
ص:114
سمّي كلّ أربع ركعات ترويحة، و هي أيضا اسم لعشرين ركعة في الليالي نفسها.(1)
و الترويحة: هي المرّة الواحدة من الراحة، كتسليمة من السلام.
قيل: سمّيت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنّهم أوّل ما اجتمعوا عليها، كانوا يستريحون بين كلّ تسليمتين.(2) فعليك بآراء الفقهاء و أهل اللغة:
1. قال الجزري (ابن الأثير): و منه حديث صلاة التراويح، لأنّهم كانوا يستريحون بين كلّ تسليمتين، و التراويح (جمع الترويحة) و هي: المرّة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها، مثل تسليمة من السلام.(3)
2. و قال ابن منظور: التراويح (جمع ترويحة) و هي: المرّة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها، مثل تسليمة من السلام.
و الترويحة في شهر رمضان سمّيت بذلك؛ لاستراحة القوم بعد كلّ أربع ركعات، و في الحديث: صلاة التراويح؛ لأنّهم كانوا يستريحون بين كلّ تسليمتين.(4)
3. و قال الفيروز آبادي: ترويحة شهر رمضان سمّيت بها؛ لاستراحة بعد كلّ أربع ركعات.(5)
ص:115
4. و قال الكحلاني: و أمّا تسميتها بالتراويح، فكأنّ وجهه ما أخرجه البيهقي من حديث عائشة، قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي أربع ركعات في الليل ثمّ يتروّح، فأطال حتى رحمته. الحديث. فإن ثبت فهو أصل في تروّح الإمام في صلاة التراويح.(1)
أقول: و الإشكال في الحديث هو ما أشار إليه البيهقي من أنّه تفرّد به المغيرة بن دياب، و ليس بالقويّ.(2)
5. و قال الطريحي: التراوح: تفاعل من الراحة؛ لإنّ كلاّ من المتراوحين يريح صاحبه، و صلاة التراويح المخترعة من هذا الباب؛ لأنّ المصلّي يستريح بعد كلّ أربع.(3)
وردت في الصحاح و السنن و المسانيد و الجوامع الحديثيّة أحاديث كثيرة عن النبيّ الكريم صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة الطاهرين عليهم السّلام بصدد نوافل ليالي شهر رمضان في مشروعيّتها، و عددها، و كيفيّتها بما يوحي الاتّفاق و الاشتراك في أصل المشروعيّة، و إنّما الخلاف في إقامتها جماعة، أم فرادى، كما يأتي البحث عنه بالتفصيل في هذه الدراسة.
و نحن هنا - مراعاة للاختصار - نكتفي من كتب السنّة في المتن بذكر ما أورده البخاري، و من كتب الإماميّة بما أورده الشيخ الطوسي في التهذيب.
ص:116
و نشير في الحاشية إلى المصادر الأخرى التي أوردت نفس الأحاديث المذكورة.
1. حدّثنا يحيى بن بكير. حدّثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، قال:
أخبرني أبو سلمة أنّ أبا هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول لرمضان: «من قامه إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه».(1)
2. حدّثنا عبد اللّه بن يوسف. أخبرنا مالك عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدّم من ذنبه».
قال ابن شهاب: فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأمر على ذلك، ثمّ كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر و صدرا من خلافة عمر.(2)
قال الشوكاني: عن النووي أنّ قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح، يعني إنّه يحصل بها المطلوب من القيام، لا أنّ قيام رمضان لا يكون إلاّ بها.
و أغرب الكرماني، فقال: اتّفقوا على أنّ المراد بقيام رمضان صلاة التراويح.(3)
ص:117
3. حدّثنا إسماعيل. قال: حدّثني مالك عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوجة النبيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى و ذلك في رمضان.(1)
4. حدّثنا يحيى بن بكير. حدّثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني عروة أنّ عائشة أخبرته أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خرج ليلة في جوف الليل فصلّى في المسجد، و صلّى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدّثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلّوا معه، فأصبح الناس فتحدّثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فصلّى فصلّوا بصلاته، فلمّا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلمّا قضى الفجر أقبل على الناس فتشهّد ثمّ قال: «أما بعد: فإنّه لم يخف عليّ مكانكم و لكنّي خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها» فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأمر على ذلك.(2)
قال الشوكاني: قال النووي: فيه جواز النافلة جماعة، و لكن الاختيار فيها الانفراد إلاّ نوافل مخصوصة، و هي العيد، و الكسوف، و الاستسقاء، و كذا التراويح عند الجمهور.(3)
و فيها أوّلا: لا دلالة فيها على أنّ النافلة كانت تراويح - و في شهر رمضان لكي يستدلّ بها على مشروعيّة التراويح.
ثانيا: تأمّل فقهاء السنّة في الأخذ بمضمونها من الجماعة في النوافل، بل اختاروا فيها الانفراد إلاّ في موارد مخصوصة: كالعيد، و الاستسقاء و...
ص:118
كما يأتي عن الشوكاني.
ثالثا: التأمّل في السند، فإنّ يحيى بن بكير - و هو يحيى بن عبد اللّه بن بكير - ضعّفه البعض، كالنسائي و أبي حاتم.
قال النسائي: ضعيف، و قال في مورد آخر: ليس بثقة.
و قال أبو حاتم: يكتب حديثه و لا يحتجّ به.(1)
5. حدّثنا إسماعيل. قال: حدّثني مالك عن سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنّه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان و لا في غيرها على إحدى عشرة ركعة يصلّي أربعا فلا تسل عن حسنهنّ و طولهنّ، ثمّ يصلّي أربعا فلا تسل عن حسنهنّ و طولهنّ، ثمّ يصلّي ثلاثا، فقلت: يا رسول اللّه أ تنام قبل أن توتّر؟ قال: «يا عائشة: إنّ عينيّ تنامان و لا ينام قلبي».(2)
تفسير قوله عليه السّلام «خشية أن يفترض»
هل المواظبة على الخير و الاجتماع على الفعل المستحبّ يصير سببا لأن يفترض عليهم و يوجبه اللّه عليهم؟
أ ليس تشريع الأحكام - وجوبا و استحبابا و... - تابعة للمصالح و المفاسد؟
فما دخل اجتماع الناس و مواظبتهم على الفعل المستحبّ في إيجاب ذلك المستحبّ، و تبدّله إلى الوجوب؟
ص:119
ثمّ لو كانت المواظبة على الجماعة فيها خوف الافتراض و الإيجاب عليهم، فلماذا لم ينههم عن إتيان النوافل اليوميّة و المواظبة عليها؛ خوفا من تبدّلها إلى الإيجاب؟!
ثمّ إنّ المواظبة على الجماعة - حسب التعليل - فيه خوف إيجاب الجماعة، لا إيجاب النوافل في رمضان.
و عليه، لعلّ المراد بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «خشية أن يفترض» - على فرض صدور الحديث - هو النهي عن التكلّف فيما لم يرد فيه أمر، و التحذير من ارتكاب البدعة في الدين.
ففي الحديث دلالة واضحة على قبح هذا الفعل منهم، و حينئذ لا يجوز الجماعة بعد ارتفاع الوحي بوفاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
قال العلاّمة المجلسي قدّس سرّه: إنّ المواظبة على الخير و الاجتماع على الفعل المندوب إليه لا يصير سببا لأن يفرض على الناس، و ليس الربّ تعالى غافلا عن وجوه المصالح حتى يتفطّن بذلك الاجتماع - نعوذ باللّه - و يظهر له الجهة المحسّنة لإيجاب الفعل....
و كيف أمرهم صلّى اللّه عليه و آله مع ذلك الخوف بأن يصلّوها في بيوتهم؟ و لم لم يأمرهم بترك الرواتب خشية الافتراض؟
ثمّ إنّ المناسب لهذا التعليل أن يقول: خشيت أن تفرض عليكم الجماعة فيها، لا أن تفرض عليكم صلاة الليل، كما في بعض رواياتهم. و قد ذهبوا إلى أنّ الجماعة مستحبّة في بعض النوافل، كصلاة العيد، و الكسوف، و الاستسقاء، و الجنازة و لم يصر الاجتماع فيها سببا للافتراض، و لم ينه عن الجماعة فيها لذلك.
ص:120
فلو صحّت الرواية لكانت محمولة على أنّ المراد النهي عن تكلّف ما لم يأمر اللّه به، و التحذير من أن توجب عليهم صلاة الليل لارتكاب البدعة في الدين، ففيه دلالة واضحة على قبح فعلهم، و أنّه مظنّة العقاب. و إذا كان كذلك، فلا يجوز ارتكابه بعد ارتفاع الوحي أيضا.(1)
1. الطوسي بإسناده، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
«ممّا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصنع في شهر رمضان كان يتنفّل في كلّ ليلة و يزيد على صلاته التي كان يصلّيها قبل ذلك منذ أوّل ليلة إلى تمام عشرين ليلة في كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات منها بعد المغرب، و اثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، و يصلّي في العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة؛ اثنتي عشرة منها بعد المغرب، و ثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، و يدعو و يجتهد اجتهادا شديدا. و كان يصلّي في ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة، و يصلّي في ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، و يجتهد فيهما».(2)
2. و عنه بإسناده... عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:
«يصلّى في شهر رمضان زيادة ألف ركعة» قال: قلت: و من يقدر على ذلك؟ قال: «ليس حيث تذهب، أ ليس تصلّي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة في تسع عشرة منه في كلّ ليلة عشرين ركعة، و في ليلة تسع عشرة مائة ركعة و
ص:121
في ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة، و في ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، و تصلّي في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة فهذه تسعمائة و عشرون ركعة».(1) الحديث.
3. و عنه بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة، قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام، فقال له أبو بصير: ما تقول في الصلاة في رمضان؟
فقال له: «إنّ لرمضان لحرمة و حقّا لا يشبهه شيء من الشهور، صلّ ما استطعت في رمضان تطوّعا بالليل و النهار، و إن استطعت في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة فصلّ، إنّ عليّا عليه السّلام كان في آخر عمره يصلّي في كلّ يوم و ليلة ألف ركعة. فصلّ يا أبا محمد؛ زيادة في رمضان» فقال: كم جعلت فداك؟ فقال: «في عشرين ليلة تمضي في كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات قبل العتمة، و اثنتي عشرة بعدها، سوى ما كنت تصلّي قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر فصلّ ثلاثين ركعة، كلّ ليلة ثمان قبل العتمة، و اثنتين و عشرين بعد العتمة سوى ما كنت تفعل قبل ذلك».(2)
4. و عنه بإسناده... عن أبي بصير: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: «صلّ في العشرين من شهر رمضان ثمانيا بعد المغرب، و اثنتي عشرة ركعة بعد العتمة، فإذا كانت الليلة التي يرجى فيها ما يرجى فصلّ مائة ركعة...»(3)
5. و عنه... قال محمد بن سليمان: و سألت الرضا عليه السّلام عن هذا
ص:122
الحديث، فأخبرني به.
و قال هؤلاء (عدّة من أصحابنا) سألنا عن الصلاة في شهر رمضان كيف هي؟ و كيف فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ فقالوا جميعا (الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السّلام): «إنّه لمّا دخل أوّل ليلة من شهر رمضان صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله المغرب، ثمّ صلّى أربع ركعات التي كان يصلّيهنّ بعد المغرب في كلّ ليلة، ثمّ صلّى ثماني ركعات، فلمّا صلّى العشاء الآخرة، و صلّى الركعتين اللتين كان يصلّيهما بعد العشاء الآخرة و هو جالس في كلّ ليلة قام فصلّى اثنتي عشرة ركعة».(1)
6. و عنه أيضا، كتب رجل إلى أبي جعفر عليه السّلام يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان و عن الزيادة فيها، فكتب عليه السّلام إليه كتابا قرأته بخطّه: «صلّ في أوّل شهر رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة، صلّ منها ما بين المغرب و العتمة ثماني ركعات، و بعد العشاء اثنتي عشرة ركعة. و في العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب و العتمة، و اثنتين و عشرين ركعة إلاّ في ليلة إحدى و عشرين، فإنّ المائة تجزيك إن شاء اللّه...».(2)
7. و عنه... عن أحمد بن مطهّر، قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السّلام إنّ رجلا روى عن آبائك عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما كان يزيد من الصلاة في شهر رمضان على ما كان يصلّيه في سائر الأيّام.
ص:123
فوقّع عليه السّلام: «كذب، - فضّ اللّه فاه - صلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة إلى عشرين من الشهر، و صلّ ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة، و صلّ ليلة ثلاثة و عشرين مائة ركعة، و صلّ في كلّ ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة.»(1)
8. و عنه أيضا... عن سماعة بن مهران، قال: سألته عن رمضان كم يصلّى فيه؟ فقال: «كما يصلّى في غيره إلاّ أنّ لرمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوّعه، فإن أحبّ و قوي على ذلك أن يزيد في أوّل الشهر عشرين ليلة، كلّ ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلّي قبل ذلك. من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب و العتمة، و ثماني ركعات بعد العتمة، ثمّ يصلّي صلاة الليل...».(2)
هذا بعض ما ورد عن أهل البيت عليهم السّلام في نوافل ليلالي شهر رمضان، و أنّها عشرون ركعة إلى عشرين ليلة و ثلاثون في العشر الأواخر على التفصيل الذي مرّ عليك في الروايات.
إنّ من أمعن النظر في كتبنا الفقهيّة، و تصفّح أبواب الصلوات المندوبة، تراه يقف على باب فيها بعنوان نافلة شهر رمضان و البحث عن إثبات
ص:124
مشروعيّتها و عرض الأدلّة عليها، ممّا يفهم منه أنّه من الأمور المسلّمة المفروغ عنها عند الإماميّة، و أنّه ممّا أجمعت الطائفة على شرعيّتها و جوازها. كما أجمعت السنّة على جوازها و شرعيّتها، و من نسب إلى الإماميّة غير هذا الأمر، فهو قليل الباع و ضعيف الاطّلاع(1) على مباني الإماميّة و آرائهم و كتبهم و استدلالاتهم و يكفينا في المقام شاهدا كلام العلاّمة العاملي.
قال السيّد العاملي: نافلة شهر رمضان المشهور بين الأصحاب استحبابها كما في المختلف، و المختصر، و غاية المرام، و الروض، و مجمع البرهان، و الكفاية، و المفاتيح و غيرها.
بل كاد يكون إجماعا، كما في فوائد الشرائع و مجمع البرهان و الرياض، بل لا يكاد يوجد منكر، لأنّ الصدوق موافق على الجواز.
فكان اتّفاقا من الكلّ، كما في مصابيح الظلام و هو خيرة الأكثر كما في المعتبر.
و هو الأشهر في الروايات، كما في الشرائع، و النافع، و الذكرى، و الروضة.
و في المختلف: الروايات به متظاهرة.
ص:125
و في البيان: نافلة شهر رمضان مشروعة على الأشهر، و النافي لها معارض بروايات تكاد تتواتر و عمل الأصحاب.
و في الذكرى: الفتاوى و الأخبار متظافرة بشرعيّتها، فلا يضرّ معارضة النادر.
و في المعتبر: عمل الناس في الآفاق على الاستحباب.
و في المنتهى: اتّفق أكثر أهل العلم على استحباب زيادة نافلة شهر رمضان على غيره من الشهور.
و قال أيضا: الإجماع واقع إلاّ ممّن شذّ.
و في السرائر: لا خلاف في استحباب الألف إلاّ ممّن عرف باسمه و نسبه هو أبو جعفر محمد بن عليّ بن بابويه، و خلافه لا يعتدّ به، لأنّ الإجماع تقدّمه و تأخّر عنه.(1)
أقول: إنّ كلام الصدوق في الفقيه لا يدلّ على نفي مشروعيّة نافلة شهر رمضان، بل الظاهر أنّه إنّما ينفي تأكّد الاستحباب؛ لصراحته بأنّه لا يرى بأسا بالعمل ممّا ورد فيها من الأخبار.(2)
أضف إلى كلامه في الأمالي قال:... فمن أحبّ أن يزيد فليصلّ كلّ ليلة عشرين ركعة: ثماني ركعات بين المغرب و العشاء، و اثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة إلى أن تمضي عشرون ليلة من شهر رمضان، ثمّ يصلّي كلّ ليلة ثلاثين ركعة....(3)
ص:126
اختلف أهل السنّة في عدد هذه النوافل اختلافا شديدا(1) و ذلك لأجل عدم ورود نصّ صريح من النبيّ الكريم صلّى اللّه عليه و آله يعيّن مقدارها.
فالمشهور عند الجمهور هو عشرون ركعة، و عن البعض: ستّ و ثلاثون ركعة، و عن ثالث: ثلاث و عشرون ركعة، و عن رابع: ستّ عشرة ركعة، و عن خامس: ثلاث عشرة ركعة، و عن سادس: أربع و عشرون ركعة، و عن سابع:
أربع و ثلاثون ركعة، و عن ثامن: إحدى و أربعون ركعة.
و أمّا عندنا: فالمشهور - برغم اختلاف الروايات - هو عشرون ركعة في كلّ ليلة إلى عشرين ليلة، ثمّ ثلاثون في كلّ من العشر الأواخر مع زيادة مائة ركعة في كلّ من ليالي القدر. ليلة التاسع عشر، و واحد و عشرين، و ثلاثة و عشرين، فالمجموع ألف ركعة.
و فيما يلي كلمات الفقهاء من الفريقين لتحديد عدد النوافل:
1. ابن قدامة: قال: و المختار عند أبي عبد اللّه رحمه اللّه فيها عشرون ركعة،
ص:127
و بهذا قال الثوري، و أبو حنيفة، و الشافعي.
و قال مالك: ستّة و ثلاثون، و زعم أنّه الأمر القديم. و تعلّق بفعل أهل المدينة، فإنّ صالحا مولى التوأمة قال: أدركت الناس يقومون بإحدى و أربعين ركعة يؤتون منها بخمس.(1)
أقول: و دليلهم على العشرين هو فعل أبيّ بن كعب الذي جمع عمر الناس عليه، فإنّه كان يصلّي بهم عشرين ركعة. و هو الذي يفهم منه عدم وجود نصّ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على تعيين العدد.
بل الظاهر من بعض الأحاديث عدم زيادة نوافل رمضان على غير رمضان، أي إحدى عشرة ركعة.
و قد استدلّوا أيضا على العدد بما نسب إلى عليّ عليه السّلام أنّه أمر رجلا أن يصلّي بهم في رمضان عشرين ركعة.(2)
2. محمد بن نصر المروزى: فإنّه حقّق ما يدّعيه ابن قدامه و غيره من إجماع الصحابة على عشرين، فقال: فإنّه روي عنهم روايات كثيرة، و المتواترة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أنّه ما كان يزيد في رمضان و غيره عن إحدى عشرة ركعة، فكيف يجمع الصحابة على خلاف فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ و أولى ما يتّبع لمن أراد أن يلتزم عددا فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
و من جعلها نافلة حسب نشاطه، فإنّه يصلّي مرّة عشرا، و مرّة عشرين، و
ص:128
مرّة ثلاثين، و ستّا و ثلاثين، و أربعين و أكثر من ذلك، و كلّ ورد عن السلف.(1)
3. القسطلاني: قال: المعروف و هو الذي عليه الجمهور أنّه عشرون ركعة بعشر تسليمات، و ذلك خمس ترويحات، كلّ ترويحة أربع ركعات بتسليمتين غير الوتر و هو ثلاث ركعات.
أمّا قول عائشة:... ما كان - أي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله - يزيد فى رمضان و لا في غيره على إحدى عشرة ركعة: فحمله أصحابنا على الوتر.
قال الحليمي: و السرّ في كونها عشرين أنّ الرواتب في غير رمضان عشر ركعات، فضوعفت؛ لأنّه وقت جدّ و تشمير.
عن داود بن قيس: أدركت الناس بالمدينة في زمن عمر، و أبان بن عثمان يصلّون ستّا و ثلاثين ركعة و يوتّرون بثلاث، و إنّما فعل أهل المدينة هذا، لأنّهم أرادوا مساواة أهل مكّة؛ فإنّهم كانوا يطوفون سبعا بين كلّ ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كلّ سبع، أربع ركعات!
و قد حكى الولي بن العراقي أنّ والده الحافظ لمّا ولي إقامة مسجد المدينة أحيا سنّتهم القديمة في ذلك مع مراعاة ما عليه الأكثر، فكان يصلّي التراويح أوّل الليل بعشرين ركعة على المعتاد، ثمّ يقوم آخر الليل في المسجد ستّ عشرة ركعة، فيختم في الجماعة في شهر رمضان ختمتين، و استمرّ على ذلك عمل أهل المدينة.
و قال الشافعي و الأصحاب: و لا يجوز ذلك - أي صلاتها - ستّا و ثلاثين ركعة لغير أهل المدينة.
ص:129
و قال الحنابلة: و التراويح عشرون، و لا بأس بالزيادة نصّا، أي عن الإمام أحمد.(1)
4. السرخسي: فإنّها عشرون ركعة سوى الوتر عندنا، و قال مالك: السنّة فيها ستّ و ثلاثون، قيل: من أراد أن يعمل بقول مالك و يسلك مسلكه، ينبغي أن يفعل كما قال أبو حنيفة: يصلّي عشرين ركعة، كما هو السنّة، و يصلّي الباقي فرادى، كلّ تسليمتين أربع ركعات، و هذا مذهبنا.(2)
5. العيني: و قد اختلف العلماء في العدد المستحبّ في قيام رمضان على أقوال كثيرة: فقيل: إحدى و أربعون... مع الوتر و هو قول أهل المدينة... و عن الأسود بن يزيد: كان يصلّي أربعين ركعة و يوتّر بسبع.... و قيل:
ثمان و ثلاثون ثمّ يوتّر بهم بواحدة، رواه ابن نصر عن مالك... و المشهور عن مالك: ستّ و ثلاثون و الوتر بثلاث.
و روى ابن وهب، قال سمعت عبد اللّه بن عمر يحدّث عن نافع، قال:
لم أدرك الناس إلاّ و هم يصلّون تسعا و ثلاثين ركعة(3) و يوتّرون منها بثلاث.
و قيل: أربع و ثلاثون... حكي عن زرارة بن أوفى في العشر الأخير، و قيل: ثمان و عشرون و هو المرويّ عن ابن أوفى في العشرين الأوّلين من الشهر.
ص:130
و قيل: أربع و عشرون، و هو مرويّ عن سعيد بن جبير، و قيل: عشرون، و حكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم؛ فإنّه روي عن عمر و عليّ عليه السّلام و غيرهما من الصحابة، و هو قول أصحابنا الحنفيّة.
أمّا أثر عمر: فرواه مالك في الموطّأ بإسناد منقطع.
فإن قلت: روى عبد الرزّاق... عن السائب بن يزيد أنّ عمر بن الخطّاب جمع الناس في رمضان على أبيّ بن كعب، و على تميم الداري على إحدى و عشرين ركعة يقومون بالمئين و ينصرفون في بزوغ الفجر.
قلت: قال ابن عبد البرّ: هو محمول على أنّ الواحدة للوتر...
و عن السائب بن يزيد، قال: كان القيام على عهد عمر بثلاث و عشرين ركعة. قال ابن عبد البرّ: هذا محمول على أنّ الثلاث للوتر.
و قال شيخنا: ما حمله عليه من الحديثين صحيح بدليل ما روى محمد بن نصر... عن السائب أنّهم كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة في زمان عمر...
و أمّا أثر عليّ رضى اللّه عنه: فذكره وكيع عن حسن بن صالح... عن عليّ رضي اللّه عنه أنّه أمر رجلا يصلّي بهم رمضان عشرين ركعة.
و أمّا غيرهما من الصحابة: فروي ذلك عن عبد اللّه بن مسعود... كان عبد اللّه بن مسعود يصلّي لنا في شهر رمضان فينصرف و عليه ليل.
قال الأعمش: كان يصلّي عشرين ركعة و يوتّر بثلاث.
و أمّا القائلون به من التابعين: فتشتير بن شكل، و ابن أبي مليكة، و الحارث الهمداني، و عطاء بن أبي رباح، و أبو البختري، و سعيد بن أبي الحسن البصري أخو الحسن، و عبد الرحمن بن أبي بكر، و عمران
ص:131
العبدي... و هو قول جمهور العلماء و به قال الكوفيون، و الشافعي، و أكثر الفقهاء، و هو الصحيح عن أبيّ بن كعب من غير خلاف من الصحابة...
و قيل: ستّ عشرة عن أبى مجلز... و قيل: ثلاث عشرة، و اختاره ابن الحقّ.
و قيل: إحدى عشرة ركعة، و هو اختيار مالك لنفسه، و اختاره أبو بكر العربي.(1)
6. الموصلي الحنفي: ينبغي أن يجتمع الناس في كلّ ليلة من شهر رمضان بعد العشاء، فيصلّي بهم إمامهم خمس ترويحات كلّ ترويحة أربع ركعات بتسليمتين يجلس بين كلّ ترويحتين مقدار ترويحة، و كذا بعد الخامسة، ثمّ يوتّر بهم، هكذا صلّى أبيّ بالصحابة،(2) و هو عادة أهل الحرمين.(3)
7. البغوي: و من السنن الرواتب صلاة التراويح في شهر رمضان عشرون ركعة بعشر تسليمات.(4)
8. الماوردي: فالذي أختار عشرين ركعة، خمس ترويحات، كلّ ترويحة شفعين.(5)
9. الجزيري: و تبيّن أيضا أنّ عددها ليس مقصورا على الثمان ركعات التي صلاّها بهم، بدليل أنّهم كانوا يكمّلونها في بيوتهم و قد بيّن فعل عمر أنّ
ص:132
عددها عشرون، حيث إنّه جمع الناس أخيرا على هذا العدد في المسجد....
و قد ثبت أنّ صلاة التراويح عشرون ركعة سوى الوتر.
أمّا المالكيّة قالوا: عدد التراويح عشرون ركعة سوى الشفع و الوتر.(1)
أقول: يستفاد من هذه الكلمات، أنّ الحاصل هو أنّ القول بالعشرين هو المجمع عليه عند السنّة، كما ادّعاه ابن قدامة و غيره، و هو رأي الجمهور، كما ادّعاه العسقلاني، و هو رأي أبي عبد اللّه، و الثوري، و أبي حنيفة، و الشافعي، و رأي الحنابلة و حكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، و هو منقول عن عليّ عليه السّلام و عمر و سائر الصحابة و التابعين، مثل الأعمش، و ابن أبي مليكة، و الحارث الهمداني... و الكوفيّين.
و ستعرف أنّه موافق لرأي المشهور عند الإماميّة؛ فإنّهم أيضا يقولون بالعشرين، و لكن في غير العشر الأواخر، إذ فيها بزيادة عشرة ركعات، و سيأتي عرض الأقوال.
أمّا عند الإماميّة: فالمشهور هو ألف ركعة، في كلّ ليلة عشرون ركعة إلى عشرين ليلة، و ثلاثون في العشر الأواخر، مع تفاصيل أخرى تعرف من خلال مراجعة الموسوعات الفقهيّة، و نكتفي في المقام بنقل كلام السيّد المرتضى، و الطوسي، و الحلبي، و الحلّي، و النراقي، و العاملي، و الطباطبائي:
ص:133
1. السيد المرتضى: و ممّا انفردت به الإماميّة ترتيب نوافل شهر رمضان على أن يصلّي في كلّ ليلة منه عشرين ركعة، منها ثمان بعد صلاة المغرب، و اثنتا عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة، فإذا كان في ليلة تسع عشرة صلّى مائة ركعة، و يعود في ليلة العشرين إلى الترتيب الذي تقدّم، و يصلّي في ليلة إحدى و عشرين مائة ركعة، و في ليلة اثنتين و عشرين ثلاثين ركعة، منها ثمان بعد المغرب و الباقي بعد صلاة العشاء الآخرة....(1)
2. الشيخ الطوسي: يصلّي طول شهر رمضان ألف ركعة زائدا على النوافل المرتّبة في سائر الشهور عشرين ليلة، في كلّ ليلة عشرين ركعة، ثمان بين العشائين و اثنتا عشرة بعد العشاء الآخرة.
و في العشر الأواخر كلّ ليلة ثلاثين ركعة، في ثلاث ليال و هي ليلة تسع عشرة، و ليلة إحدى و عشرين، و ليلة ثلاث و عشرين، كلّ ليلة مائة ركعة.(2)
3. أبو الصلاح الحلبي: و من السنّة أن يتطوّع الصيام(3) في شهر رمضان بألف ركعة، يصلّي من ذلك في العشرتين الأوليتين كلّ ليلة عشرين ركعة:
ثمان ركعات بعد نوافل المغرب، و اثنتي عشرة ركعة بعد عشاء الآخرة، و قبل الركعتين من جلوس، و يصلّي كلّ ليلة من العشر الأخير ثلاثين ركعة....(4)
4. أبو الحسن الحلبي: و ما يستحبّ من الصلاة عند سبب نافلة
ص:134
شهر رمضان، يزاد فيه على المرتّب في اليوم و الليلة ألف ركعة، يبتدئ بعشرين ركعة من أوّل ليلة منه، ثمانية بعد نافلة المغرب، و الباقي بعد العتمة قبل الوتيرة إلى ليلة النصف يزاد على العشرين....(1)
5. العلاّمة الحلّي: و هي ألف ركعة يصلّي كلّ ليلة عشرين ركعة، منها ثمان بعد المغرب و اثنتا عشرة بعد العشاء.(2)
6. الفاضل النراقي: ألف ركعة نافلة شهر رمضان زيادة على النوافل المرتّبة، فإنّها مستحبّة على الأشهر رواية و فتوى، بل عليه الإجماع.
ثمّ في كيفيّة توزيع الألف على الشهر صورتان بكلّ منهما طائفة:
إحداهما: أن يصلّي في كلّ ليلة من الشهر عشرين ركعة، ثمان بعد المغرب و اثنتي عشرة بعد العشاء، أو بالعكس، و يزيد في العشر الآخر في كلّ ليلة عشر ركعات بعد العشاء، و في الليالي الثلاثة القدريّة مائة زائدة على وظيفتها.
ثانيتهما: ما ذكر، إلاّ أنّه يقتصر في الليالي الثلاثة على المائة.(3)
7. قال السيّد العاملي: يصلّي كلّ ليلة عشرين إجماعا، كما في الانتصار، و الخلاف، و كشف اللثام، و في المنتهى لا خلاف فيه بين علمائنا القائلين بالوظيفة.(4)
8. السيّد الطباطبائي: و قد اختلفت الروايات في توظيفها و استحبابها إلاّ
ص:135
أنّ أشهر الروايات و أكثرها و أظهرها بين الأصحاب بحيث كاد أن يكون منهم إجماعا، كما يستفاد من جملة من العبارات، بل بانعقاده صرّح الحلّي و المرتضى و الفاضل في المختلف حاكيا له عن الديلمي، و ربّما احتمله عبارة الخلاف أيضا... يدلّ على استحباب ألف ركعة زيادة على النوافل المرتّبة اليوميّة.
و قول الصدوق بأنّه «لا نافلة في شهر رمضان زيادة على غيره»،(1) شاذّ.
و كيف كان، فالمذهب ما عليه الأصحاب، و قد اختلفوا في كيفيّة توزيع الألف ركعة على الشهر، فالمشهور أنّه يصلّى في كلّ ليلة من العشرين الأوّلين، عشرون ركعة موزّعة و هكذا....(2)
أقول: يرى بعض متأخّري المتأخّرين أنّ كلام الصدوق في القضيّة لا يدلّ على نفي المشروعيّة، بل الظاهر أنّه إنّما ينفي تأكّد الاستحباب لصراحته بأنّه لا يرى بأسا بالعمل بما ورد فيها من الأخبار.(3)
هذا، و لكن للكحلاني المعروف بالأمير مؤلّف سبل السلام رأي سلبي في خصوص العشرين، و أنّه لم يرد به حديث صحيح، بل الحديث الصحيح، ورد بخصوص إحدى عشرة ركعة، فيرى أنّ التراويح على هذا الأسلوب
ص:136
الذي اتّفق عليه الأكثر بدعة، فالمحافظة على هذه الكمّيّة و الكيفيّة و تسميتها بأنّها سنّة، ليس لها أساس صحيح، بل يراها من مصاديق البدعة.
و كذلك من الشوكاني في نيل الأوطار.
1. كلام الكحلاني:(1)... ليس في العشرين رواية مرفوعة، بل حديث عائشة المتّفق عليه أنّه صلّى اللّه عليه و آله: ما كان يزيد في رمضان و لا غيره على إحدى عشرة ركعة.
فعرفت من هذا كلّه أنّ صلاة التراويح على هذا الأسلوب الذي اتّفق عليه الأكثر بدعة.
ص:137
نعم، قيام رمضان سنّة بلا خلاف، و الجماعة في نافلته لا تنكر... لكنّ جعل هذه الكيفيّة و الكمّيّة سنّة، و المحافظة عليها هو الذي نقول: إنّه بدعة.
و هذا عمر، خرج أوّلا: و الناس أوزاع متفرّقون، منهم من يصلّي منفردا، و منهم من يصلّي جماعة على ما كانوا في عصره صلّى اللّه عليه و آله و خير الأمور ما كان على عهده...
و أمّا حديث «عليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الراشدين بعدي»... و مثله حديث «اقتدوا باللذين من بعدي» فإنّه ليس المراد بسنّة الخلفاء الراشدين إلاّ طريقتهم الموافقة لطريقته صلّى اللّه عليه و آله من جهاد الأعداء و تقوية شعائر الدين و نحوها. فإنّ الحديث عامّ لكلّ خليفة راشد لا يخصّ الشيخين، و معلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرّع طريقة غير ما كان عليها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
ثمّ عمر نفسه، الخليفة الراشد، سمّى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة. و لم يقل: إنّها سنّة، فتأمّل.
على أنّ الصحابة رضى اللّه عنهم، خالفوا الشيخين في مواضع و مسائل، فدلّ أنّهم لم يحملوا الحديث على أنّ ما قالوه و فعلوه حجّة.
و قد حقّق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه مع أنّه قال:
إنّما الحديث الأوّل يدلّ أنّه إذا اتّفق الخلفاء الأربعة على قول كان حجّة لا إذا انفرد واحد منهم، و التحقيق أنّ الاقتداء ليس هو التقليد، بل هو غيره كما حقّقناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع.(1)
ص:138
2. كلام الشوكاني: إنّ الذي دلّت عليه أحاديث الباب و ما يشابههما هو مشروعيّة القيام في رمضان و الصلاة فيه جماعة و فرادى، فقصر الصلاة المسمّاة بالتراويح على عدد معين و تخصيصها بقراءة مخصوصة لم ترد به سنّة.(1)
كما أنّ البعض منّا أيضا لم يوافق على هذا الأسلوب السائد بين أهل السنّة، و المحافظة عليه، و يرى فيه قريبا من رأي الأمير الكحلاني، و إليك الرأي المغائر.
3. كلام العلاّمة المجلسي: إنّه يظهر من روايات أهل السنّة أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يصلّ عشرين ركعة تسمّى التراويح، و إنّما كان يصلّي ثلاث عشر ركعة، و لم يدلّ شيء من رواياتهم التي ظفرنا بها على استحباب هذا العدد المخصوص، فضلا عن الجماعة فيها.
و الصلاة و إن كانت خيرا موضوعا يجوز قليلها و كثيرها، إلاّ أنّ القول باستحباب عدد مخصوص منها في وقت مخصوص على وجه مخصوص بدعة و ضلالة، و لا ريب في أنّ السنّة يرونها سنّة وكيدة، و يجعلونها من شعائر دينهم.(2)
يظهر من بعض النصوص أنّ أوّل من سنّ الجماعة في نوافل رمضان هو الخليفة عمر بن الخطّاب. فلم يكن ذلك في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و لا في زمن
ص:139
الخليفة الأوّل، بل رأي استحسنه الخليفة الثاني و حرّض الناس عليه، و قد اعترف هو بأنّ ذلك بدعة منه حيث قال: نعم البدعة! و إن لم يلتزم به هو، بل كان يصلّي فرادى و في البيت لا في المسجد.
و قد صرّح بذلك القسطلاني، و القلقشندي و ابن قدامة و العيني و غيرهم، و سيأتي كلماتهم:
عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنّه قال: خرجت مع عمر بن الخطّاب ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرّقون، يصلّي الرجل لنفسه، و يصلّي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط، فقال عمر: إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثمّ عزم فجمعهم على ابيّ بن كعب، ثمّ خرجت معه ليلة أخرى و الناس يصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمت البدعة هذه، و التي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، و كان الناس يقومون أوّله.(1)
1. القسطلاني: سمّاها (أي عمر) بدعة؛ لأنّه صلّى اللّه عليه و آله لم يبيّن لهم الاجتماع لها، و لا كانت في زمن الصدّيق، و لا أوّل الليل، و لا كلّ ليلة، و لا هذا العدد.(2)
ص:140
2. ابن قدامة: و نسبت التراويح إلى عمر بن الخطّاب؛ لأنّه جمع الناس على أبيّ بن كعب، فكان يصلّيها بهم.(1)
3. العيني: و إنّما دعاها بدعة؛ لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يسنّها لهم، و لا كانت في زمن أبي بكر...
ثمّ البدعة على نوعين: إن كانت ممّا يندرج تحت مستحسن في الشرع، فهي بدعة حسنة، و إن كانت ممّا يندرج تحت مستقبح في الشرع، فهي بدعة مستقبحة.(2)
أقول: سيأتي البحث في البدعة، و أنّها نوع واحد و هي ضلال و محرّم.
4. القلقشندي: في أوّليات عمر: هو أوّل من سنّ قيام شهر رمضان و جمع الناس على إمام واحد في التراويح، و ذلك في سنة أربع عشرة.(3)
هذا، و قد نصّ الباجي و السيوطي و السكتواري و غيرهم أيضا على أنّ أوّل من سنّ التراويح هو عمر بن الخطّاب.
و صرّحوا أيضا بأنّ إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر.(4)
و عن ابن سعد و الطبري و ابن الأثير: أنّ ذلك كان في شهر رمضان سنة أربع عشرة، و جعل للناس بالمدينة قارئين، قارئا يصلّي بالرجال، و قارئا
ص:141
يصلّي بالنساء.(1)
5. الباجي و ابن التين و...: استنبط عمر ذلك من تقرير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من صلّى معه في تلك الليالي، و إن كان كره ذلك لهم، فإنّما كرهه خشية أن يفرض عليهم، فلمّا مات أمن ذلك.(2)
أقول: تراهم لا يخفون الأمر، و أنّ ذلك كان من محدثات عمر بن الخطّاب و استنباطاته. و لكنّهم في مقام التبرير لفعله يدّعون أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان
ص:142
راضيا بهذه البدعة!
6. ابن عبد البرّ: هو الذي نوّر شهر الصوم بصلاة الأشفاع فيه و قال:
لم يسنّ عمر إلاّ ما رضيه صلّى اللّه عليه و آله و لم يمنعه من المواظبة عليه إلاّ خشية أن يفرض على أمّته... فلمّا أمن ذلك عمر، أقامها و أحياها في سنة أربع عشرة من الهجرة.(1)
7. الزرقاني: قال بعد قوله: نعمت البدعة. و هذا تصريح منه بأنّه أوّل من جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد؛ لأنّ البدعة ما ابتدأ بفعلها المبتدع و لم يتقدّمه غيره، فابتدعه عمر و تابعه الصحابة و الناس إلى هلّم جرّا، و هذا يبيّن صحّة القول بالرأي و الاجتهاد.
فسمّاها بدعة؛ لأنّه صلّى اللّه عليه و آله لم يسنّ الاجتماع، و لا كانت في زمان الصدّيق.
و هو لغة ما أحدث على غير مثال سبق، و تطلق شرعا على مقابل السنّة، و هي ما لم يكن في عهده.(2)
8. الكحلاني: إنّ عمر هو الذي جعلها جماعة على معيّن و سمّاها بدعة، و أمّا قوله: «نعمت البدعة» فليس في البدعة ما يمدح، بل كلّ بدعة ضلالة.(3)
و هذه الكلمات كلّها شواهد على أنّ التراويح جماعة تكون بدعة مقابل السنّة النبويّة، قد ابتدعها الخليفة الثاني.
و هذا هو الذي دعا الفقهاء من الفريقين للبحث في حكمها جماعة، و هل أنّ الجماعة فيها مشروعة أم لا؟ و سيأتي البحث عنها.
ص:143
إنّ عدم تشريع النوافل الرمضانيّة جماعة على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و ابتداع ذلك من قبل الخليفة الثاني، هو الذي صار منشأ للخلاف الفقهي العميق، و محطّا للنزاع و التضارب العلمي بين علماء الإسلام، فترى شريحة من المسلمين، و هم الإماميّة ناقشت أصل مشروعيّة الجماعة فيها، و نفت جوازها، مستندة إلى إثباتات و أدلّة قويّة، و لكنّ المؤسف أنّ البعض لم يتفهّم موقف الإماميّة و مبناهم، فزعم أنّهم ينكرون أصل نوافل شهر رمضان، مع أنّ الأمر ليس كذلك. بل المردود و المنفيّ عندهم إقامة النوافل جماعة، و يرونه بدعة، كما صرّح الخليفة الثاني نفسه بذلك أيضا.
هذا. و لبعض السنّة - أيضا - رأي ليس ببعيد عن الموقف الإمامي.
فالشافعي كرهها جماعة، و بعضهم حبّبها فرادى و في البيت.
فالمسألة غير متّفق عليها تماما حتى عند أهل السنّة و إن كان رأي الكثير منهم إقامتها جماعة.
2. السرخسي: قال الشافعي: لا بأس بأداء الكلّ جماعة، كما قال مالك رحمه اللّه بناء على أنّ النوافل بجماعة مستحبّ عنده و هو مكروه عندنا.
قال السرخسي: و الشافعي رحمه اللّه قاس النفل بالفرض؛ لأنّه تبع له، فيجري مجرى الفرض فيعطى حكمه، و لنا أنّ الأصل في النوافل الإخفاء فيجب صيانتها عن الاشتهار ما أمكن، و فيما قاله الخصم إشهار، فلا يعمل به بخلاف الفرائض؛ لأنّ مبناها على الإعلان و الإشهار، و في الجماعة إشهار فكان أحقّ.(1)
و قال أيضا: الفصل الثاني: أنّها تؤدّى بجماعة أم فرادى؟ ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء عن المعلّى و أبي يوسف رحمهما اللّه. و ذكر أيضا عن مالك رحمه اللّه أنّهما قالا: إن أمكنه أداؤه في بيته صلّى كما يصلّي في المسجد من مراعاة سنّة القراءة و أشباهه، فيصلّي في بيته.
و قال الشافعي رحمه اللّه في قوله القديم: أداء التراويح على وجه الانفراد، لما فيها من الإخفاء أفضل.
و قال عيسى بن أبان و بكّار بن قتيبة و المزني من أصحاب الشافعي و أحمد بن علوان رحمه اللّه: الجماعة أحبّ و أفضل، و هو المشهور عن عامّة العلماء رحمهم اللّه و هو الأصحّ و الأوثق.
ثمّ قال - بعد استدلاله بحديث أبي ذرّ - و المبتدعة أنكروا أداءها بالجماعة في المسجد، فأداؤها بالجماعة جعل شعارا للسنّة كأداء الفرائض
ص:145
بالجماعة شرع شعار الإسلام.(1)
أقول: لا أدري بمن يعرّض السرخسي؟! و من يذمّ؟ و من يقصد بالمبتدع مع أنّ الخليفة هو قال: نعم البدعة - نعمت البدعة؟!
و قد كره الشافعي إقامتها جماعة؛ نظرا إلى أنّ الأصل في النوافل الإخفاء.
أم يعرّض بأمثال البغوي الذي نقل وجه أفضليّة الانفراد و استدلّ بفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قوله: «صلّوا في بيوتكم».
أم يعرّض بالإماميّة الذين لا يرون مشروعيّة الجماعة في النوافل إلاّ ما أخرجه الدليل.(2)
ثمّ كيف يكون أداؤها جماعة شعارا للسنّة، مع أن الخليفة الثاني أقرّ بأنّها بدعة، و أنّها مفضولة، و كان يصلّيها وحده، و قد تركت طيل عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أبي بكر و شطر من خلافة عمر، و كرهها جمع من أكابر السنّة، مثل مالك و أبي يوسف و بعض الشافعيّة تبعا للشافعي حيث إنّ الانفراد كان عنده أحبّ من الجماعة، فهؤلاء ليسوا من السنّة - بزعم السرخسي - حيث إنّهم تركوا ما هو شعار السنّة!
فلو لم يجعلها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله شعارا للإسلام و السنّة، و لم يجعله الصحابة
ص:146
شعارا للسنّة، فكيف و بأيّ دليل، و من أين صار هذا شعارا للسنّة يميّز به عن سائر المذاهب الإسلاميّة؟ أ ليس هذا من مصاديق البدعة و من أبرزها؟
ثمّ كيف تقاس هذه البدعة بالجماعة في الفرائض؟ مع أنّ تشريع الجماعة في الفرائض ممّا لا كلام فيه. و أمّا تشريع الجماعة في التراويح، بالرأي و الاجتهاد و الاستحسان إذ قال الخليفة الثاني: إنّي أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد.
3. الموصلي: و السنّة إقامتها بجماعة، لكن على الكفاية، فلو تركها أهل المسجد أساؤوا، و إن تخلّف عن الجماعة أفراد و صلّوا في منازلهم لم يكونوا مسيئين.(1)
4. البغوي: و الأفضل أن يصلّيها جماعة أو منفردا نظر، إن كان الرجل لا يحسن القرآن، أو تختلّ الجماعة بتخلّفه، أو يخاف النوم و الكسل، ففعلها جماعة أفضل، و إن لم يكن شيء من ذلك ففيه و جهان:
أحدهما: الجماعة أفضل؛ لأنّ عمر بن الخطّاب جمعهم على أبيّ بن كعب.
و الثاني: منفردا أفضل؛ لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى ليالي في المسجد ثمّ لم يخرج باقي الشهر. و قال: «صلّوا في بيوتكم فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة».(2)
و الأوّل أصحّ، و إنّما لم يخرج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خشية أن تفرض عليهم.(3)
ص:147
5. [صاحب] المدوّنة الكبرى: سألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحبّ إليك أم في بيته؟ فقال: إن كان يقوى في بيته فهو أحبّ إليّ، و ليس كلّ الناس يقوى على ذلك. و قد كان ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله، و كان ربيعة و عدّد غير واحد من علمائهم ينصرف و لا يقوم مع الناس.
قال مالك: و أنا أفعل مثل ذلك.(1)
6. القسطلاني: قال: ذهب آخرون إلى أنّ فعلها فرادى في البيت أفضل؛ لكونه صلّى اللّه عليه و آله واظب على ذلك، و توفّي و الأمر على ذلك، حتى مضى صدر من خلافة عمر، و قد اعترف عمر بأنّها مفضولة، و بهذا قال مالك و أبو يوسف و بعض الشافعيّة.
قال الزهري: فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأمر على ذلك أنّ كلّ أحد يصلّي قيام رمضان في بيته منفردا حتى جمع عمر الناس على أبيّ بن كعب، فصلّى بهم جماعة و استمرّ العمل على ذلك.(2)
7. الشوكاني: قال مالك و أبو يوسف و بعض الشافعيّة و غيرهم: الأفضل فرادى في البيت؛ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة». متّفق عليه. و قالت العترة: إنّ التجمّع فيها بدعة.(3)
1. السيّد المرتضى: قال: أمّا التراويح فلا شبهة أنّها بدعة، و قد روي
ص:148
عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال: «أيّها الناس؛ إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة».
و قد روي أنّ عمر خرج في شهر رمضان ليلا، فرأى المصابيح في المسجد، فقال: ما هذا؟ فقيل له: إنّ الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوّع.
فقال: بدعة، فنعمت البدعة!.
فاعترف، كما ترى بأنّها بدعة، و قد شهد الرسول صلّى اللّه عليه و آله أنّ كلّ بدعة ضلالة.
و قد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلّي بهم نافلة شهر رمضان زجرهم و عرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة.(1)
و قال السيّد المرتضى أيضا: فأمّا ادّعاؤه - أي قاضي القضاة - أنّ قيام شهر رمضان كان أيّام الرسول صلّى اللّه عليه و آله ثمّ تركه: فمغالطة منه؛ لأنّا لا ننكر قيام شهر رمضان بالنوافل على سبيل الانفراد، و إنّما أنكرنا الاجتماع على ذلك.
فإن ادّعى أنّ الرسول صلّى اللّه عليه و آله صلاّها جماعة في أيّامه، فإنّها مكابرة ما أقدم عليها أحد، و لو كان كذلك ما قال عمر: إنّها بدعة!
و إن أراد غير ذلك، فهو ممّا لا ينفعه؛ لأنّ الذي أنكرناه غيره.(2)
و قال أيضا: و ممّا ظنّ انفراد الإماميّة به المنع من الاجتماع في صلاة نوافل شهر رمضان و كراهية ذلك، و أكثر الفقهاء يوافقهم على ذلك؛ لأنّ المعلّى روى عن أبي يوسف أنّه قال: من قدر على أن يصلّي في بيته كما يصلّي مع الإمام في شهر رمضان، فأحبّ إلىّ أن يصلّي في بيته.
ص:149
و كذلك قال مالك، قال: و كان ربيعة و غير واحد من علمائنا ينصرفون، و لا يقومون مع الناس، و قال مالك: أنا أفعل ذلك. و ما قام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إلاّ في بيته.
و قال الشافعي: صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أحبّ إليّ، و هذا كلّه حكاه الطحاوي في كتاب الاختلاف.
فالموافق للإماميّة في هذه المسألة أكثر من المخالف.
و الحجّة لنا الإجماع المتقدّم، و طريقة الاحتياط، فإنّ المصلّي للنوافل في بيته غير مبدع و لا عاص بإجماع، و ليس كذلك إذا صلاّها في جماعة.
و يمكن أن يعارضوا في ذلك بما يروونه عن عمر بن الخطّاب من قوله - و قد رآى اجتماع الناس في صلاة نوافل شهر رمضان - بدعة، و نعمت البدعة هي!
فاعترف بأنّها بدعة و خلاف السنّة، و هم يروون عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:
«كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار».(1)
2. الشيخ الطوسي: نوافل شهر رمضان تصلّى منفردا، و الجماعة فيها بدعة، و قال الشافعي: صلاة المنفرد أحبّ إلىّ منه...(2) و دليلنا إجماع الفرقة....(3)
3. البحراني: لا ريب أنّ الجماعة في هذه النافلة محرّمة عند أصحابنا رضي اللّه عنهم قد تكاثرت به أخبارهم.(4)
ص:150
1. رواية الكليني: عليّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي العبّاس البقباق و عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزيد في صلاته في شهر رمضان، إذا صلّى العتمة صلّى بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل و يدعهم، ثمّ يخرج أيضا فيجيؤون و يقومون خلفه فيدعهم و يدخل مرارا. قال: و قال لا تصلّ بعد العتمة في غير شهر رمضان».(1)
قال المجلسي: الحديث صحيح و يدلّ على عدم جواز الجماعة في نافلة شهر رمضان و لا خلاف فيه بين أصحابنا، و قد اعترفت العامّة بأنّه من بدع عمر.
و أمّا قوله: «لا تصلّ بعد العتمة» فلعلّه محمول على غير النوافل المرتّبة.(2)
و في رواية أخرى له أيضا: علي بن إبراهيم عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ صلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ثمّ قال:
«... و اللّه؛ لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة، و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة، فينادي بعض
ص:151
أهل عسكري ممّن يقاتل معي: يا أهل الاسلام! غيّرت سنّة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا، و لقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري».(1)
قوله: «يثوروا»: أي يهيجوا.(2)
2. رواية الصدوق: محمد بن علي بن الحسين بأسانيده، عن زرارة و محمد بن مسلم و الفضيل: أنّهم سألوا أبا جعفر الباقر و أبا عبد اللّه الصادق عليهما السّلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة؟ فقالا: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله، ثمّ يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلّي، فاصطفّ الناس خلفه، فهرب منهم إلى بيته و تركهم، ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام في اليوم الثالث على منبره، فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: أيّها الناس إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة. و صلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان
ص:152
لصلاة الليل،(1) و لا تصلّوا صلاة الضحى؛ فإنّ تلك معصية، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار، ثمّ نزل و هو يقول: قليل في سنّة خير من كثير في بدعة».(2)
قال الشيخ الطوسي - معلّقا على الرواية -: ألا ترى أنّه عليه السّلام لمّا أنكر الصلاة في شهر رمضان، أنكر الاجتماع فيها و لم ينكر نفس الصلاة، و لو كان نفس الصلاة منكرا مبتدعا لأنكره كما أنكر الاجتماع فيها.
و يؤيّد ذلك أيضا ما رواه عليّ بن الحسن بن فضّال.(3)
و قال المجلسي الأول: و هذا الخبر يدلّ على مشروعيّة نافلة رمضان و عدّها جماعة لا على عدم مشروعيّتها أصلا.
3. رواية الطوسي: عليّ بن الحسن بن فضّال، عن أحمد بن الحسن، عن
ص:153
عمرو بن سعيد المدايني، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الصلاة من رمضان في المساجد؟
فقال: «لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفة أمر الحسن بن عليّ عليه السّلام أن ينادي في الناس: لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن عليّ عليه السّلام بما أمره به أمير المؤمنين عليه السّلام، فلمّا سمع الناس مقالة الحسن بن عليّ عليه السّلام صاحوا: وا عمراه، وا عمراه، فلمّا رجع الحسن عليه السّلام إلى أمير المؤمنين عليه السّلام قال له: ما هذا الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ الناس يصيحون: وا عمراه، وا عمراه. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: قل لهم: صلّوا».(1)
و الحديث وثّقه المجلسي.(2)
قال الطوسي: فكأنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أيضا لمّا أنكر، أنكر الاجتماع و لم ينكر نفس الصلاة، فلما رأى أنّ الأمر يفسد عليه و يفتتن الناس أجاز أمرهم بالصلاة على عادتهم، فكلّ هذا واضح بحمد اللّه.(3)
4. رواية العلاّمة الحلّي: عن الصادق و الرضا عليهما السّلام «لمّا دخل رمضان اصطفّ الناس خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال: أيّها الناس؛ هذه نافلة فليصلّ كلّ منكم وحده، و ليعمل ما علّمه اللّه في كتابه. و اعلموا أنّه لا جماعة في نافلة، فتفرّق الناس».(4)
5. رواية ابن إدريس: روى ابن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب
ص:154
أبي القاسم، جعفر بن قولويه، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام:
«لمّا كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: اجعل لنا إماما يؤمّنا في رمضان. فقال لهم: لا، و نهاهم أن يجتمعوا فيه، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا رمضان، و ارمضاناه. فأتى الحارث الأعور في أناس، فقال:
يا أمير المؤمنين، ضجّ الناس و كرهوا قولك. - قال -: فقال عند ذلك: دعوهم و ما يريدون ليصلّ بهم من شاؤوا، ثمّ قال: وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مٰا تَوَلّٰى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ سٰاءَتْ مَصِيراً1 .(1)
6. رواية القاضي نعمان: روى القاضي نعمان عن أبي عبد اللّه، جعفر بن محمد عليهما السّلام أنّه قال: «صوم شهر رمضان فريضة أو القيام في جماعة في ليله بدعة، و ما صلاّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله [في لياليه بجماعة التراويح]، و لو كان خيرا ما تركها، و قد صلّى في بعض ليالي شهر رمضان وحده صلّى اللّه عليه و آله، فقام قوم خلفه فلمّا أحسّ بهم دخل بيته، ففعل ذلك ثلاث ليال. فلمّا أصبح بعد ثلاث ليال صعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثمّ قال: أيّها الناس؛ لا تصلّوا غير الفريضة ليلا في شهر رمضان و لا في غيره في جماعة، إنّ الذي صنعتم بدعة، و لا تصلّوا ضحى، فإنّ الصلاة ضحى بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار، ثمّ نزل و هو يقول: عمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة».(2)
ص:155
قال: و قد روت العامّة مثل هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و إنّ الصلاة نافلة في جماعة في ليل شهر رمضان لم تكن في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم تكن في أيّام أبي بكر و لا في صدر من أيّام عمر، حتى أحدث ذلك عمر فاتّبعوه عليه.
و قد رووا نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، نعوذ باللّه من البدعة في دينه و ارتكاب نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.(1)
قال النوري: قال أبو القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثة: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله استنّ على المصلّين النوافل في ليل رمضان فرادى، و هي التي تسمّى التراويح، فاجتمعت الأمّة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يرخّص في صلاتها جماعة، فلمّا ولي عمر، أمرهم بصلاتها جماعة، فصلّوا كذلك و جعلوها من السنن المؤكّدة، ثمّ والوا عليها و واظبوا و هم في ذلك مقرّون بأنّها بدعة، ثمّ يزعمون أنّها بدعة حسنة.(2)
7. رواية الحرّاني: عن الإمام الرضا عليه السّلام: «و لا يجوز التراويح في جماعة».(3)
قال الشيخ الطوسي: فالوجه في هذه الأخبار و ما جرى مجراها أنّه لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي صلاة النافلة في جماعة في شهر رمضان، و لو كان فيه خيرا لما تركه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لم يرد أنّه لا يجوز أن يصلّى على الانفراد.(4)
ص:156
أمّا دليل القول بعدم جواز الجماعة في التراويح: فلعلّ الروايات السابقة التي ذكرناها في موقف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته من التراويح بما فيها الصحيحة و الموثّقة، و هي العمدة في المقام و بها الغنى و الكفاية لنفي مشروعيّة الجماعة في نوافل شهر رمضان. و إن كانت لهم أدلّة أخرى. منها: عمومات النهي عن الجماعة في النافلة، إلاّ الاستسقاء و العيد و الإعادة كما تلي:
1. عن جعفر بن محمد «... و لا يصلّى التطوّع في جماعة؛ لأنّ ذلك بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النار».(1)
2. عن الإمام الرضا عليه السّلام في كتابه إلى المأمون، قال: «لا يجوز أن يصلّى تطوّع في جماعة، لأنّ ذلك بدعة، و كلّ بدعة ضلالة، و كلّ ضلالة في النار».(2)
و عن العلاّمة الحلّي: و لا تجوز (أي الجماعة) في النوافل إلاّ الاستسقاء و العيدين المندوبين.(3)
و عن المحقّق النجفي: لا تجوز في شيء من النوافل على المشهور بين الأصحاب نقلا و تحصيلا، بل في الذكرى نسبته إلى ظاهر المتأخّرين... و عن كنز العرفان: الإجماع عليه.(4)
منها: الإجماع على أنّ الجماعة فيها بدعة.
ص:157
منها: رواية زيد بن ثابت عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلاّ المكتوبة».(1)
منها: تصريح الخليفة عمر بن الخطّاب بأنّها بدعة.(2) و قد قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله:
«فإنّ كلّ بدعة ضلالة».(3)
منها: ما روت عائشة: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى في المسجد، فصلّى بصلاته ناس، ثمّ صلّى في القابلة، فكثر الناس، ثمّ اجتمعوا في الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلمّا أصبح قال: «رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ أنّي خشيت أن تفرض عليكم».(4)
أقول: و إن كان لنا نقاش في بعض هذه الأدلّة خصوصا حديث عائشة - و قد مرّ البحث عنه - و لكنّ المجموع من حيث المجموع، يوجب العلم بعدم مشروعية الجماعة فيها.
استدلّوا للقول بجواز الجماعة في نوافل شهر رمضان بما يلي:
1. إجماع الصحابة على ذلك.
2. جمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أصحابه و أهله فصلّى بالناس جماعة، كما في الحديث
ص:158
المنسوب إلى أبي ذرّ.
3. قوله صلّى اللّه عليه و آله: «إنّ القوم إذا صلّوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة»، و هذا خاصّ في قيام رمضان، فيقدّم على عموم ما احتجّوا به.
4. قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «فإنّه لم يخف عليّ مكانكم و لكنّي خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها» و لهذا ترك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله القيام بهم معلّلا بذلك، أو خشية أن يتّخذه الناس فرضا.
5. جاء عن عمر أنّه كان يصلّي في جماعة.
6. إنّ فيها التشدّد في حفظ القرآن و المحافظة على الصلاة.
7. ما قد روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنّ عليّا عليه السّلام قام بهم في رمضان.
8. و عن إسماعيل بن زياد قال: مرّ - أي عليّ بن أبي طالب عليه السّلام - على المساجد و فيها القناديل في شهر رمضان. فقال: «نوّر اللّه على عمر قبره، كما نوّر علينا مساجدنا».(1)
أقول: أمّا الرواية الأخيرة: فقد رويت مرسلة؛ لأنّ إسماعيل بن زياد كان من معاصري ابن جريج، و يروي عن التابعين أو تابعي التابعين، فكيف يمكنه الرواية عن عليّ عليه السّلام؟!
أضف إلى ذلك التأمّل في إسماعيل، فعن ابن عدي: أنّه منكر الحديث
ص:159
فإنّ ما يرويه لا يتابعه أحد عليه، إمّا إسنادا و إمّا متنا.
و قال ابن حبّان: شيخ دجّال لا يحلّ ذكره في الكتب إلاّ على سبيل القدح فيه.(1)
أمّا الرواية التي قبلها - رواية أبي عبد الرحمن السلمي - و روايات أخرى بمفادها أنّ عليّا عليه السّلام صلّى بهم النوافل جماعة أو أمر بذلك: فكلّها مخدوشة سندا و هي كما يلي:
1. أخبرنا أبو الحسين، ثنا موسى بن محمد بن عليّ بن عبد اللّه، ثنا أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي ببغداد، ثنا هشام بن عمّار، ثنا مروان بن معاوية عن أبي عبد اللّه الثقفي، ثنا عرفجة الثقفي، قال: كان عليّ بن أبى طالب رضي اللّه عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان، و يجعل للرجال إماما و للنساء إماما. قال عرفجة: فكنت أنا إمام النساء.(2)
و في السند كلام، فإنّ مروان بن معاوية كثير النقل عن المجاهيل.(3)
2. أنبأ أبو عبد اللّه بن فنجويه الدينوري، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق بن عيسى السنّي، أنبأ أحمد بن عبد اللّه البزّار عن سعدان بن يزيد، عن الحكم بن مروان السلمي، أنبأ الحسن بن صالح عن أبي سعد البقّال، عن أبي الحسن أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أمر رجلا أن يصلّي بالناس خمس ترويحات عشرين ركعة.
ص:160
و فيه ضعف، و صرّح به البيهقي، و لعلّ ضعفه من جهة أبي سعد (سعيد بن المرزبان البقّال) فإنّه متكلّم فيه، كما قاله التركماني.(1)
3. أنبأ أبو عبد اللّه الحافظ، ثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة، عن الحسن، قال: أمّنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في زمن عثمان بن عفّان عشرين ليلة ثمّ احتبس، فقال بعضهم: قد تفرّغ لنفسه، ثمّ أمّهم أبو حليمة معاذ القاري فكان يقنت.(2) و فيه الحكم بن عبد الملك، و هو ليس بثقة عند يحيى بن معين، و مضطرب الحديث عند أبي حاتم و منكر الحديث عند أبي داود، و ضعيف الحديث عند يحيى.(3)
و أمّا رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن عليّ عليه السّلام قال: دعا القرّآء في رمضان فأمر منهم رجلا يصلّي بالناس عشرين ركعة، قال: و كان عليّ رضي اللّه عنه يؤثر بهم.(4) ففيه: عطاء و هو مخلط، و سيّ ء الحفظ، و ضعيف.(5) و فيه أيضا:
حمّاد بن شعيب، و ضعّفه الأزدي.(6)
فهذه الروايات التي مفادها أنّ عليّا صلّى التراويح جماعة أو أمر بالجماعة فيها، كلّها مورد للإشكال السندي.
أضف إلى ذلك ما مرّ من المعارض لها إن تمّ التعارض بما فيه صحيح السند منها الرواية برقم 3 و 4، و الرواية الثانية للكليني في ص 117 من هذا
ص:161
الكتاب، و يؤيّده ما روي عن ابن أبي الحديد أنّ الإمام عليه السّلام بعث الحسن عليه السّلام ليفرّقهم عن الجماعة في نافلة رمضان. ففي شرح النهج: روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلّي بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم و عرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة، فتركوه و اجتمعوا لأنفسهم و قدّموا بعضهم، فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السّلام، فدخل عليهم المسجد و معه الدرّة، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب، و صاحوا:
واعمراه.(1)
و أمّا حديث أبي ذرّ، فضعيف؛ إذ في السند مسلمة بن علقمة و هو المازني، أبو محمد البصري إمام مسجد داود بن أبي هند، كما يقال: في حفظه شيء، و قد سئل أبو داود عنه؟ فقال: ترك عبد الرحمن حديثه، و قال النسائي: ليس بالقويّ.(2)
و إليك نصّ الحديث:
حدّثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير الحضرمي، عن أبي ذرّ قال: صمنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رمضان فلم يقم بنا شيئا منه، حتى بقي سبع ليال، فقام بنا ليلة السابعة حتى مضى نحو من ثلث الليل، ثمّ كانت الليلة السادسة التي تليها، فلم يقمها، حتى كانت الخامسة التي تليها، ثمّ قام بنا حتى مضى نحو من شطر الليل، فقلت: يا رسول اللّه، لو نفلتنا بقيّة ليلتنا هذه.
ص:162
فقال: «إنّه من قام مع الإمام حتى ينصرف، فإنّه يعدل قيام ليلة» ثمّ كانت الرابعة التى تليها فلم يقمها، حتى كانت الثالثة التي تليها.
قال: فجمع نساءه و أهله، و اجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: و ما الفلاح؟ قال: السحور، قال ثمّ لم يقم بنا شيئا من بقيّة الشهر.(1)
و أمّا طريق الترمذي فليس فيه مسلمة بن علقمة، و لكن فيه محمد بن الفضيل الذي قال فيه ابن سعد: بعضهم لا تحتجّ به.(2)
و أمّا رواية مسلم و النسائي: ففيه ابن شهاب و هو الزهري، و هو ممّن أعان الظلمة على ظلمهم، كما صرّح بذلك الآلوسي(3)، و خالط و نادم خلفاء بني أميّة و كان معلّما لأولادهم، و مرشدا لهم في الحجّ، كما عن الذهبي.(4)
و قد روى الذهبي عن الصادق عليه السّلام «إذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتّهموهم».(5)
و ابن شهاب هذا ممّن أخذ جوائز السلطان كما عن الذهبي أيضا.(6)
و ممّن كتم فضائل عليّ عليه السّلام كما نقله ابن عساكر عن أخت الزهري حيث قالت له: كتمت فضائل آل محمد صلّى اللّه عليه و آله.(7)
ص:163
و عن ابن حبّان: لست أحفظ لمالك و لا للزهري فيما رويا من الحديث شيئا من مناقب عليّ عليه السّلام.(1)
و أمّا الجواب عن الدليل السادس: فإنّ هذا الكلام، و هو أنّ فيه التشدّد في حفظ القرآن و المحافظة على الصلاة، ليس بشيء؛ لأنّ اللّه تعالى و رسوله بذلك أعلم. و لو كان كما قالوه لكانا يسنّان هذه الصلاة و يأمران بها، و ليس لنا أن نبدع في الدين بما نظنّ أنّ فيه مصلحة، لأنّه لا خلاف في أنّ ذلك لا يحلّ و لا يسوغ.(2)
و أمّا الجواب عن الباقي: فيظهر بأدنى تأمّل.
ممّا يؤيّد كون الجماعة في نوافل شهر رمضان مرغوب عنها، هو ترك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لها و كذلك الخليفة أبي بكر طيلة خلافته، و الخليفة عمر صدرا من خلافته، و تصريحه بأنّها بدعة. و لم تصل إلينا رواية صحيحة مفادها أنّ عليّا عليه السّلام صلّى النوافل جماعة هذا.
و قد صرّح أعلام السنّة: كالعسقلاني، و العيني، و غيرهما أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يصلّ جماعة و لا شجّعهم عليها في رواية قويّة.
و إليك كلماتهم:
1. رأي العسقلاني: قال فتوفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الناس - و في رواية:
و الأمر - على ذلك، أي على ترك الجماعة في التراويح، و لأحمد من رواية
ص:164
أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث: و لم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع الناس على القيام.
و أمّا ما رواه ابن وهب عن أبي هريرة: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إذا الناس في رمضان يصلّون في ناحية المسجد: فقال: ما هذا؟
فقيل: ناس يصلّي بهم أبيّ بن كعب، فقال: أصابوا و نعم ما صنعوا، ذكره ابن عبد البرّ، و فيه مسلم بن خالد و هو ضعيف، و المحفوظ أنّ عمر هو الذي جمع الناس على أبيّ بن كعب.(1)
2. رأي العيني: قوله: و الأمر على ذلك، ثمّ كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر و صدرا من خلافة عمر، يعني على ترك الجماعة في التراويح.
قوله: إنّي أرى هذا من اجتهاد عمر و استنباطه من إقرار الشارع الناس يصلّون خلفه ليلتين و قاس ذلك على جمع الناس على واحد في الفرض.(2)
أقول: و مقصوده أنّ الخليفة عمر اجتهد و استنبط جواز الجماعة في نوافل رمضان من إقرار (و رضاء) النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بصلاة الناس خلفه (في الليلتين
ص:165
أو الأربعة) كما في حديث عروة عن عائشة؛(1) اذ لم ينههم عن الاجتماع حينما رآهم اجتمعوا و صلّوا خلفه، و هذا هو الدليل الأوّل لعمر.
و الدليل الثاني: هو القياس، حيث إنّه قاس جواز الجماعة في نوافل رمضان بجواز الجماعة في الفرائض، فكما أنّه يشرع في الثاني، كذلك يشرع في الأوّل إذن دليل الخليفة عمر على جواز التراويح هو إقرار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و القياس.
أمّا الإقرار: فقد عرفت أنّه لم يقرّرهم على ذلك، بل نهاهم و أظهر الانزجار، كما في بعض الروايات على أنّه لا دلالة فيه على أنّ النافلة كانت في شهر رمضان. هذا أوّلا. و ثانيا: وجود التأمّل، و النقاش في السند، و ثالثا:
تأمّل فقهاء السنّة في الأخذ بمضمونها.
و أمّا دليل القياس: فهو مع الفارق؛ إذ كيف يقاس الفرض بالنفل على فرض تسلّم المبنى و قبول القياس.
3. رأي السرخسي: يوضّح ما قلنا أنّ الجماعة لو كانت مستحبّة في حقّ النوافل لفعله المجتهدون القائمون بالليل؛ لأنّ كلّ صلاة جوّزت على وجه الانفراد و بالجماعة، كانت الجماعة فيها أفضل، و لم ينقل أداؤها بالجماعة في عصره صلّى اللّه عليه و آله و لا في زمن الصحابة و لا في زمن غيرهم من التابعين، فالقول بها مخالف للأمّة أجمع، و هذا باطل.(2)
4. رأي محمد الذهني: و جاء في شرح حديث أبي هريرة: فتوفّي
ص:166
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأمر على ذلك. أي على الحال التي كان الناس عليها في زمنه صلّى اللّه عليه و آله من أحيائهم ليالي رمضان بالتراويح منفردين في بيوتهم، و بعضهم في المسجد إمّا لكونهم معتكفين، أو لأنّهم من أهل الصفّة المفردين، أو لأنّ لهم في البيت ما يشغلهم عن العبادة فيكونون في المسجد من المغتنمين فلا مخالفة لأمره - عليه الصلاة و السلام - إيّاهم بصلاة التراويح في بيوتهم.
قوله: ثمّ كان الأمر على ذلك: أي على وفق زمانه صلّى اللّه عليه و آله في جميع خلافة الصدّيق. و قوله: صدرا من خلافة عمر: أي أوّل خلافته.
قال النووي: ثمّ جمعهم عمر على أبيّ بن كعب.(1)
و قد استدلّوا على جواز التراويح جماعة بصلاة الخليفة عمر، و لكن لم يثبت ذلك. و فيما يلي بعض التصريحات من أهل السنّة:
1. جواب أبي طاهر: قال: إنّ الثابت في رواية عبد الرحمن بن عبد القاري، أنّ الذي كان يصلّي بالناس ابيّ، و أنّ عمر كان يصلّي في بيته، و لو صلّى مع الجماعة لكان هو الإمام بلا شكّ.
و قد تقدّم تفضيل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله النفل في البيت على الصلاة في مسجده إلاّ أن يكون هناك فائدة لا يحصّلها في بيته، كسماع القرآن من الإمام الحافظ.(2)
2. جواب العيني: قال في شرح قوله: «ثمّ خرجت معه - أي مع عمرليلة
ص:167
أخرى»: و فيه إشعار بأنّ عمر كان لا يواظب الصلاة معهم، و كأنّه يرى أنّ الصلاة في بيته أفضل، و لا سيّما في آخر الليل.
و عن هذا قال الطحاوي: التراويح في البيت أفضل.(1)
بعد أن اتّضح من خلال هذه الأبحاث أنّ التراويح لم تكن على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا عهد أبي بكر، بل هي من إبداعات الخليفة الثاني، كما صرّح هو بذلك حيث قال: نعمت البدعة.
يبقى سؤال يطرح نفسه و هو هل أنّ البدعة أقسام و أنّها تنقسم إلى الأحكام الخمسة، كما عن القسطلاني و ابن عابدين، و أنّ البدعة على نوعين: حسنة و مستقبحة، كما عن العيني، تبريرا لموقف الخليفة الثاني و قوله.
أم أنّ البدعة تساوي الضلالة و النار، كما ورد في الحديث الشريف و عليه الكثيرون، كالشاطبي و غيره.
1. قال القسطلاني: بعد قول عمر: «نعمت البدعة هذه»: و هي - أي البدعة - خمسة: واجبة، و مندوبة، و محرّمة، و مكروهة، و مباحة.
و حديث «كلّ بدعة ضلالة» من العام المخصوص، و قد رغّب فيها عمر
ص:168
بقوله: «نعمت البدعة» و هي كلمة تجمع المحاسن كلّها، كما أنّ بئست تجمع المساوئ كلّها، و قيام شهر رمضان ليس بدعة؛ لأنّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «اقتدوا(1)
ص:169
باللذين من بعدي: أبي بكر و عمر» و إذا أجمع الصحابة مع عمر على ذلك زال عنه اسم البدعة.(1)
جواب الكحلاني: و قد أجاب الكحلاني على الفقرة الأخيرة من كلام
ص:170
القسطلاني قائلا: و أمّا حديث «عليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الراشدين بعدي» و مثله حديث «اقتدوا باللذين من بعدي» فإنّه ليس المراد بسنّة الخلفاء الراشدين إلاّ طريقتهم الموافقة لطريقته صلّى اللّه عليه و آله من جهاد الأعداء و تقوية شعائر الدين و نحوها، فإنّ الحديث عامّ لكلّ خليفة راشد لا يخصّ الشيخين، و معلوم من قواعد الشريعة أن ليس لخليفة راشد أن يشرّع طريقة غير ما كان عليها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ عمر نفسه الخليفة الراشد سمّى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة، و لم يقل: إنّها سنّة. فتأمّل.(1)
و أمّا الجواب عن الفقرة الأولى من كلام القسطلاني حول تقسيم البدعه:
فسيجيء من خلال عرض كلام الشاطبي و الحافظ ابن رجب الحنبلي.
2. قال ابن عابدين: ذيل قوله: أنّ كلّ صاحب بدعة لا يكون كافرا: إنّ البدعة أقسام: قوله: صاحب بدعة أي محرّمة، و إلاّ فقد تكون واجبة، كنصب الأدلّة للردّ على أهل الفرق الضالّة، و تعلّم النحو المفهم للكتاب و السنّة. و مندوبة، كأحداث نحو رباط و مدرسة، و كلّ إحسان لم يكن في الصدر الأوّل. و مكروهة كزخرفة المساجد. و مباحة كالتوسيع بلذيذ.
المآكل و المشارب و الثياب.(2)
3. العيني: ثمّ البدعة على نوعين: إن كانت ممّا يندرج تحت مستحسن في الشرع، فهي بدعة حسنة، و إن كانت ممّا يندرج تحت مستقبح في الشرع، فهي بدعة مستقبحة.(3)
ص:171
1. الكحلاني: قوله - أي قول عمر -: نعمت البدعة. فليس في البدعة ما يمدح، بل كلّ بدعة ضلالة.(1)
2. الشاطبي: أنّها - أي نصوص كلّ بدعة ضلالة - جاءت مطلقة عامّة على كثرتها لم يقع فيها استثناء ألبتّة، و لم يأت فيها ما تقتضي أنّ منها ما هو هدى، و لا جاء فيها، كلّ بدعة ضلالة إلاّ كذا و كذا. و لا شيء من هذه المعاني، فلو كان هناك محدثة تقتضي النظر الشرعي فيها الاستحسان، أو أنّها لاحقة بالمشروعات، لذكر في آية أو حديث لكنّه لا يوجد.
على أنّ متعقّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه؛ لأنّه من باب مضادّة الشارع و اطّراح الشرع، و كلّ ما كان بهذه المثابة، فمحال أن ينقسم إلى حسن، و قبح، و أن يكون منه ما يمدح و ما يذمّ.(2)
3. ابن رجب الحنبلي: فإنّه يرى أنّ قوله صلّى اللّه عليه و آله «كلّ بدعة ضلالة»(3) يشمل جميع أقسام البدعة و لا يستثنى منه شيء.
قال فقوله: «كلّ بدعة ضلالة» من جوامع الحكم، لا يخرج عنه شيء، و هو أصل عظيم من أصول الدين و هو تشبيه بقوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» فكلّ من أحدث شيئا و نسبه إلى الدين و لم يكن له من أصل الدين يرجع إليه فهو ضلالة، و الدين بريء منه، و سواء في ذلك مسائل
ص:172
الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة، و الباطنة.(1)
4. الغامدي: قال في مناقشة التحسين البدعي: و يراد به عند معتقديه و القائلين به، أنّ البدع الشرعيّة ليست مذمومة كلّها، بل فيها ما هو حسن ممدوح مثاب عليه من اللّه، فيقسمون البدع إلى حسن و قبيح.
و هذا التقسيم اغترّ به كثير من أهل الفضل و العلم، و ضلّ به كثير من المبتدعة، و لبّس به على كثير من المقلّدين و الجهلة و العوامّ، فإذا سمع هؤلاء النهي عن بدعة من البدع كانت الإجابة بأنّ هذه بدعة حسنة.
أوّلا: القول بحسن بعض البدع مناقض للأدلّة الشرعيّة الواردة في ذمّ عموم البدع، ذلك أنّ النصوص الذامّة للبدعة و المحذّرة منها جاءت مطلقة عامّة، و على كثرتها لم يرد فيها استثناء ألبتّة، و لم يأت فيها ما يقتضي أنّ منها ما هو حسن مقبول عند اللّه، و لا جاء فيها: كلّ بدعة ضلالة إلاّ كذا و كذا، و لا شيء من هذه المعاني، و لو كانت هنالك محدثات تقتضي النظر الشرعي فيها أنّها حسنة أو مشروعة، لذكر ذلك في نصوص الكتاب أو السنّة، و لكنّه لا يوجد ما يدلّ على ذلك بالمنطوق أو المفهوم، فدلّ ذلك على أنّ أدلّة الذمّ بأسرها متضافرة على أنّ القاعدة الكلّيّة في ذمّ البدع لا يمكن أن يخرج عن مقتضاها فرد من الأفراد.(2)
ص:173
ثانيا: من الثابت في الأصول العلميّة أنّ كلّ قاعدة كلّيّة أو دليل شرعي، كلّي إذا تكرّرت في أوقات شتّى و أحوال مختلفة، و لم يقترن بها تقييد و لا تخصيص، فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها العامّ المطلق. و أحاديث ذمّ البدع و التحذير منها من هذا القبيل، فقد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يردّد على ملإ المسلمين في أوقات و أحوال كثيرة و متنوّعة أنّ «كلّ بدعة ضلالة».
و لم يرد في آية و لا حديث ما يقيّد أو يخصّص هذا اللفظ المطلق العامّ، بل و لم يأت ما يفهم منه خلاف ظاهر هذه القاعدة الكلّيّة، و هذا يدلّ دلالة واضحة على أنّ هذه القاعدة على عمومها و إطلاقها.
ثالثا: عند النظر في أقوال و أحوال السلف الصالح من الصحابة و التابعين و من يليهم، نجد أنّهم مجتمعون على ذمّ البدع و تقبيحها، و التنفير عنها، و قطع ذرائعها الموصلة إليها، و ذمّ المتلبّس بالبدعة، و المتّسم بها، و التحذير من مجالسته و سماع أقواله، و لم يرد عنهم في ذلك توقّف، و لا استثناء فهو بحسب الاستقراء إجماع ثابت يدلّ بجلاء على أنّه ليس في البدع ما هو حسن.(1)
رابعا: من تأمّل البدع بعيدا عن هوى النفس و رغبتها، يجد أنّها مضادّة للشرع، مستدركة على الشارع، متّهمة له بالتقصير، و كلّ ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن و قبيح، أو أن يكون منه ما يمدح و منه ما يذمّ.(2)
خامسا: لو افترض أنّ في النصوص أو في أقوال السلف ما يقتضي حسن بعض البدع الشرعيّة، فإنّ ذلك لا يخرج النصّ العام الذامّ للبدعة عن عمومه؛
ص:174
لأنّ ما وصف بالحسن إمّا أن يكون غير حسن أصلا، فيحتاج إثبات حسنه إلى دليل، فأمّا ما ثبت حسنه: فليس من البدع، فيبقى عموم الذمّ للبدع محفوظا لا خصوص فيه، و إمّا أن يقال: ما ثبت حسنه فهو مخصوص من العموم، و العامّ المخصوص دليل فيما عدا صورة التخصيص، فمن اعتقد أنّ بعض البدع مخصوص من عموم الذمّ وجب عليه الإتيان بالدليل الشرعي الصالح للتخصيص من الكتاب و السنّة أو الإجماع.(1)
سادسا: من ادّعى حسن شيء من المحدثات، لزمه اتّهام الدين بالنقص و عدم الكمال. و اقتضاء ذلك مخالفة الخبر المنزل من عند اللّه اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .(2)
سابعا: القول بالبدعة الحسنة يفسد الدين، و يفتح المجال للمتلاعبين، فيأتي كلّ من يريد بما يريد تحت ستار البدعة الحسنة، و تتحكّم حينئذ أهواء الناس و عقولهم و أذواقهم في شرع اللّه، و كفى بذلك إثما و ضلالا مبينا.
ثامنا: عند النظر في بعض المحدثات التي يسمّيها أصحابها بدعا حسنة يجد أنّها قد جلبت على المسلمين المفاسد العظيمة، و أوبقتهم في المهالك الجسيمة، ثمّ يأتي بأمثلة بعضها من خلط المعنى اللغوي بالاصطلاحي.
ثمّ قال: و هذا المذكور هنا إنّما هو لمجرّد التمثيل على أنّ البدع التي يطلق عليها أصحابها حسنة، هي عين القبح و الضلال و الفساد، و إلاّ
ص:175
فلو استعرضت سائر البدع العلميّة و العمليّة لوجدتها من هذا القبيل.
تاسعا: يقال لمعتقد حسن بعض البدع: إذا جوّزت الزيادة في دين اللّه باسم البدعة الحسنة، جاز أن يستحسن مستحسن حذف شيء من الدين باسم البدعة الحسنة أيضا، و لا فرق بين البابين؛ لأنّ الابتداع يكون بالزيادة و النقصان، و الاستحسان الذي تراه يكون كذلك بالزيادة و النقصان، و كفى بهذا قبحا و ذمّا و ضلالا.
عاشرا: يقال لمحسني البدع: أنتم تقولون بانقسام البدع إلى حسن و قبيح، فكيف نفصّل بين البدعتين، و بأيّ ميزان نفرّق بين المحدثين إذا كان التشهّي و الاستحسان هو الفاصل، و الذوق و الرأي هو المفرّق.
الحادي عشر: قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «كلّ بدعة ضلالة» قاعدة كلّيّة عامّة تستغرق جميع جزئيات و أفراد البدع و برهان ذلك ما يلي:
أوّلا: لفظ «كلّ» من ألفاظ العموم، و قد جزم أهل اللغة بأنّ فائدة هذا اللفظ هو رفع احتمال التخصيص إذا جاء مضافا إلى نكرة، أو جاء للتأكيد.
ثانيا: من أحكام لفظ «كلّ» عند أهل اللغة و الأصول، أنّ «كلّ» لا تدخل إلاّ على ذي جزئيات و أجزاء، و مدلولها في الموضعين الإحاطة بكلّ فرد من الجزئيات أو الأجزاء.
ثالثا: و من أحكامها أيضا عندهم أنّها إذا أضيفت إلى نكرة - كُلُّ امْرِئٍ بِمٰا كَسَبَ رَهِينٌ (1)؛ فإنّها تدلّ على العموم المستغرق لسائر الجزئيات، و تكون نصّا في كلّ فرد دلّت عليه تلك النكرة، مفردا كان أو تثنية أو جمعا،
ص:176
و يكون الاستغراق للجزئيات، بمعنى أنّ الحكم ثابت لكلّ جزء من جزئيات النكرة، و قد يكون مع ذلك الحكم على المجموع لازما له.
و عند تطبيق هذا الحكم اللغوي الأصولي على الحديث النبوي: «كلّ بدعة ضلالة» نجد أنّ «كلّ» أضيفت إلى نكرة، و هو «بدعة» فيطبق عليها المعنى الذي ذكره أهل الأصول و أهل اللغة، و عليه، فلا يمكن أن تخرج أيّ بدعة عن وصف الضلال، و «كلّ» الواردة على لفظ «بدعة» هي نفسها الواردة على لفظ «امرئ» في الآية السابقة، فهل يستطيع المحسن للبدع أن يزعم وجود فارق بين «كلّ» في قوله «كلّ بدعة ضلالة» و لفظ «كلّ» في الآية السابقة؟
و هل يستطيع أن يقول بخروج شيء من عموم قوله سبحانه إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ * كما يقول بخروج البدعة الحسنة. - على حدّ زعمه - من عموم قوله صلّى اللّه عليه و آله: «كلّ بدعة ضلالة».(1)
و في الختام نقول: هذا هو الجواب المقنع - رغم التأمّل في بعض المناقشات - على أمثال القسطلاني و ابن عابدين و غيرهما - في مقام تبرير قول الخليفة عمر بن الخطّاب: «نعمت البدعة» و دعواهم أنّ البدعة على أقسام خمسة، و أنّ حديث «كلّ بدعة ضلالة» من العامّ المخصوص. و لعلّه إلى هذا أشار العلاّمة المجلسي حيث قال: و ما ذكره العامّة و بعض الخاصّة من انقسامها بانقسام الأحكام الخمسة و تسمية بعض الواجبات و المندوبات التي وقع عمومها من الشارع، و لن يرد خصوصها، كبناء
ص:177
الرباطات و القناطر بدعة اصطلاح جديد غير سديد.(1)
فنقول لهم: إنّ القول بأنّ في البدعة ما هو حسن، يناقض الأدلّة الشرعيّة الواردة في ذمّ عموم البدع، و لم يرد دليل يقيّد الإطلاق، فمحال انقسامها إلى حسن و قبيح، و دعوى حسن شيء من البدع معناه اتّهام النقص و عدم الكمال إلى الدين، و فتح باب الزيادة و النقيصة فيه للمتلاعبين، و عدم التمييز بين البدعة الحسنة من القبيحة. إذن حديث «كلّ بدعة ضلالة» قاعدة كلّيّة عامّة تستغرق جميع أفراد البدعة، فلا يشذّ منها شيء، فما هو الحلّ حينئذ لما صرّح به الخليفة في صلاة التراويح حيث إنّه قال: «نعمت البدعة» بعد أن جمعهم على قارئ واحد.
و لم يرد ما يدلّ على أنّ هذه كانت مشروعة و مأذونا فيها شرعا، بل من المسلّم أنّ أوّل من سنّها هو الخليفة الثاني.
يرى البعض من أتباع مدرسة الخلفاء أنّ قول الصحابي أو مذهبه حجّة، بعضهم خصّ الحجّيّة بقول أبي بكر و عمر، و لكنّ الغزالي(2) في المستصفى أنكر هذا المبنى، و عدّه من الأصول الموهومة، فقال:
الأصل الثاني: من الأصول الموهومة، قول الصحابي، و قد ذهب قوم إلى أنّ مذهب الصحابي حجّة مطلقا، و قوم إلى أنّه الحجّة إن خالف القياس،
ص:178
و قوم إلى أنّ الحجّة في قول أبي بكر و عمر خاصّة لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «اقتدوا باللذين من بعدي»، و قوم إلى أنّ الحجّة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتّفقوا. و الكلّ باطل عندنا، فإنّ من يجوز عليه الغلط و السهو و لم تثبت عصمته(1) عنه، فلا حجّة في قوله، فكيف يحتجّ بقولهم مع جواز(2) الخطإ؟(3)
هذا. و الحمد للّه أوّلا و آخرا، إنّه ولي التوفيق و وليّ النعم.
ص:179
ص:180
ص:181
ص:182
اتّصل بي بعض الإخوة من السادة العلماء من إفريقيا أن أقدّم بحثا موجزا حول الإرسال و وضع اليمين على الشمال، دراسة فقهيّة و روائيّة و تأريخيّة، تستوعب جوانب الموضوع، و بعد التتبّع و الدراسة العاجلة، و رغم ضيق الوقت و كثرة المشاغل، وفّقت لجمع و تدوين هذا الكتيب المختصر، و هو ضمن سلسلة الأبحاث التي شرعنا فيها سابقا بعنوان «بين السنّة و البدعة» منها:
1. صلاة التراويح بين السنّة و البدعة.
2. صوم عاشوراء بين السنّة النبويّة و البدعة الأمويّة.
3. الزواج الموقّت عند الصحابة و التابعين.
4. الإرسال و التكفير بين السنّة و البدعة.
و هو البحث الموجز الذي بين يديك، نسأل اللّه عزّ و جل أن يوفّقنا لخدمة الدين الحنيف، و لمذهب أهل البيت عليهم السّلام.
إنّ وضع اليد اليمنى على الشمال في الصلاة هو المعبّر عنه عند
ص:183
أهل البيت عليهم السّلام بالتكفير، و هو مأخوذ من تكفير العلج للملك - أو الدهقان - بمعنى وضع يده على صدره و التطأمن له.(1) و المشهور عندنا - كما في الخلاف(2)، و الغنية(3) و الدروس(4)، بل ادّعي الإجماع، كما في الانتصار(5) - هو عدم جوازه في الصلاة(6) و قد وردت بذلك روايات متعدّدة، بلغت حدّ الاستفاضة عن أهل البيت عليهم السّلام.
و أمّا عند السنّة: فهو مكروه عند الإمام مالك(7) و بعض الفقهاء السابقين على تأسيس المذاهب الأربعة، بل ولادة بعض أئمّتهم، كما ورد الإرسال أيضا عن بعض التابعين، بل و بعض الصحابة.
و منشأ الخلاف عندهم هو ورود روايات صحيحة عن فعل صلاة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يضع فيها يده اليمنى على اليسرى، كما صرّح بذلك ابن رشد القرطبي.(8)
ص:184
و لذا يرى إبراهيم النخعي(1) - الذي توفّي قبل ولادة أئمّة أكثر المذاهب الأربعة - الإرسال في الصلاة. و كذا الحسن البصري(2) التابعي، الذي يعدوّنه سيّد أهل زمانه علما و عملا، و كذلك ابن سيرين(3) و الليث بن سعد.(4)
ص:185
و كذا عبد اللّه بن الزبير، الذي يعتبرونه من الصحابة، بل هو الأشهر من مذهب مالك، و عليه جميع أهل المغرب.
و الحاصل اختلف رأي العامّة في ذلك إلى ثلاثة أقوال، مع اتّفاقهم على عدم وجوب ذلك، كما يلي:
1. إنّ ذلك مكروه. 2. إنّه جائز (لا يكره فعله و لا يستحبّ تركه).
3. يستحبّ فعله(1) و لم نعثر على من يرى وجوبه. بل ذلك منسوب إلى العوامّ منهم.(2)
أمّا الأحاديث المنقولة في كتب السنّة: فهي مع قطع النظر عن الضعف في السند تقارب العشرين، و العمدة فيها ما رواه البخاري(3) - و هو حديث واحد، - عن أبي حازم. و لكن فيه شبهة الإرسال و الانقطاع، كما صرّح بذلك
ص:186
العيني(1) و الشوكاني(2) و غيرهما.
و كذلك حديث مسلم(3) عن أبي وائل، و هذا الحديث أيضا مصاب بآفة الإرسال؛ لأنّ أحاديث علقمة عن أبيه مرسلة. كما صرّح بذلك ابن حجر.(4)
و أمّا باقي الأحاديث: فهي ضعاف عندهم لا يعتمد عليها بإقرار من أصحاب السنن و الجوامع و علماء الرجال.
فلم يبق إلاّ أنّه فعل (عمل) لا دليل على جوازه في الصلاة، فإتيانه بقصد المشروعيّة و أنّه من السنّة و الآداب الموظّفة في الصلاة حرام بلا شبهة؛ لأنّ عدم ثبوت مشروعيّته يكفي في حرمة الإتيان بهذا الوجه، كيف إذا ثبت خلافه و النهي عنه شرعا؟(5) و لذا ورد النهي عن العترة الطاهرة، تارة لأنّه عمل و لا عمل في الصلاة، كما أشار إليه ابن رشد أو قريب منه.
و أخرى تسميته بالتكفير، و أنّه فعل المجوس،(6) و ممّا يؤيّد بل يؤكّد موقف العترة الطاهرة هو الاختلاف عند فقهاء العامّة في كيفيّته، و هل هو تحت السرّة أو فوقه؟ و هل هو وضع اليمنى على اليسرى أو بالعكس؟ إذ كيف يكون سنّة مؤكّدة و لم يعلم كيفيّته! و كيف خفيت الكيفيّة على الصحابة
ص:187
مع مواظبتهم على صلاة الجماعة خلف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خمس مرّات في اليوم إضافة إلى النوافل و صلاة الأموات و الأعياد؟ و هذه شواهد و مؤكّدات على أنّها لم تكن على عهد النبيّ الكريم، بل هي أمور حدثت بعده، كما في نوافل شهر رمضان جماعة، و زيادة «الصلاة خير من النوم» في الأذان و حذف «حيّ على خير العمل» منه، و تحريم المتعتين، و المنع من تدوين الحديث الشريف ووو....
وردت روايات متعدّدة عن أهل البيت عليهم السّلام تنهى عن التكفير، و تراه من فعل المجوس:
1. عن أحدهما عليهما السّلام: قلت: الرجل يضع يده في الصلاة، و حكى اليمنى على اليسرى؟ فقال: «ذلك التكفير، لا تفعل.(1)»
2. عن أبي جعفر عليه السّلام: «و عليك بالإقبال على صلاتك.. و لا تكفّر؛ فإنّما يفعل ذلك المجوس».(2)
3. عليّ بن جعفر قال: قال أخي «قال عليّ بن الحسين عليه السّلام: وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل و ليس في الصلاة عمل».(3)
4. عليّ بن جعفر [عن أخيه موسى بن جعفر] و سألته عن الرجال يكون في صلاته أ يضع إحدى يديه على الأخرى بكفّه أو ذراعه؟ قال: «لا يصلح ذلك فإن فعل فلا يعود له».(4)
ص:188
5. عن عليّ عليه السّلام في حديث الأربعمائة: قال: «لا يجمع المسلم يديه في صلاته و هو قائم بين يدي اللّه عزّ و جل يتشبّه بأهل الكفر، يعني المجوس».(1)
6. عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث أنّه لمّا صلّى قام مستقبل القبلة منتصبا، فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضمّ أصابعه....(2)
7. عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إذا قمت إلى الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى ... و أسدل منكبيك، و أرسل يديك، و لا تشتبك أصابعك، و ليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك... و لا تكفّر؛ فإنّما يفعل ذلك المجوس».(3)
8. البحار عن جامع البزنطي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «فإذا قمت في صلاتك فاخشع فيها... و لا تكفّر...».(4)
9. دعائم الإسلام للقاضي نعمان المصري، عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنّه قال: «إذا كنت قائما في الصلاة، فلا تضع يدك اليمنى على اليسرى، و لا اليسرى على اليمنى؛ فإنّ ذلك تكفير أهل الكتاب، و لكن أرسلهما إرسالا؛ فإنّه أحرى أن لا يشغل نفسك عن الصلاة».(5)
10. عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ قال: «النحر:
ص:189
الاعتدال في القيام أن يقيم صلبه و نحره. - و قال: - لا تكفّر، فإنّما يصنع ذلك المجوس».(1)
1. الشيخ المفيد: اتّفقت الإماميّة على إرسال اليدين في الصلاة، و أنّه لا يجوز وضع إحداهما على الأخرى كتكفير أهل الكتاب، و أنّ من فعل ذلك في الصلاة فقد أبدع و خالف سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة الهادين من أهل بيته عليهم السّلام.(2)
2. السيّد المرتضى: و ممّا ظنّ انفراد الإماميّة به المنع من وضع اليمين على الشمال في الصلاة؛ لأنّ غير الإماميّة شاركها في كراهية ذلك. و حكى الطحاوي في اختلاف الفقهاء عن مالك، أنّ وضع اليدين إحداهما على الأخرى، إنّما يفعل في صلاة النوافل من طول القيام و تركه أحبّ إليّ.
و حكى الطحاوي أيضا عن الليث بن سعد أنّه قال: سبل اليدين في الصلاة أحبّ إليّ إلاّ أن يطيل القيام فيعيأ، فلا بأس بوضع اليمنى على اليسرى....(3)
3. الشيخ الطوسي: لا يجوز أن يضع اليمين على الشمال و لا الشمال على اليمين في الصلاة... و عن مالك روايتان: إحداهما: مثل قول الشافعي، وضع اليمين على الشمال، و روى عنه ابن القاسم أنّه ينبغي أن يرسل يديه.
ص:190
و روى عنه أنّه قال: يفعل ذلك في صلاة النافلة إذا طالت. و إن لم تطل لم يفعل فيها، و لا في الفرض و قال الليث بن سعد: إن عيي فعل ذلك، و إن لم يعي لم يفعل، و هو مثل قول مالك.
دليلنا: إجماع الفرقة؛ فإنّهم لا يختلفون في أنّ ذلك يقطع الصلاة. و أيضا أفعال الصلاة يحتاج ثبوتها إلى الشرع و ليس في الشرع، ما يدلّ على كون ذلك مشروعا، و طريقة الاحتياط تقتضي ذلك؛ لأنّه لا خلاف أنّ من أرسل يده؛ فإنّ صلاته ماضية، و اختلفوا إذا وضع يده إحداهما على الأخرى، فقالت الإمامية: إنّ صلاته باطلة، فوجب بذلك الأخذ بالجزم....(1)
4. قال الشيخ البهائي: التكفير هو وضع اليمين على الشمال و هو الذي يفعله المخالفون، و النهي فيه للتحريم عند الأكثر. و هل تبطل الصلاة به؟ أكثر علمائنا على ذلك، بل نقل الشيخ و المرتضى الإجماع عليه.(2)
قيل: إنّه من إبداعات الخليفة عمر بن الخطّاب، أخذه من أسرى العجم.
قال المحقّق النجفي: فإنّه حكي عن عمر لمّا جيء بأسارى العجم كفّروا أمامه، فسأل عن ذلك، فأجابوه بأنّا نستعمله خضوعا و تواضعا لملوكنا، فاستحسن هو فعله مع اللّه تعالى في الصلاة، و غفل عن قبح التشبّه بالمجوس في الشرع.(3)
ص:191
1. المدوّنة الكبرى (رأي مالك بنقل ابن القاسم):
قال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة، و كان يكرهه و لكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس....(1)
2. ابن قدامة: ظاهر مذهبه (أي مالك) الذي عليه أصحابه، إرسال اليدين، و روى ذلك عن ابن الزبير و الحسن.(2)
3. قال القرطبي: اختلف العلماء في وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، فكره ذلك مالك في الفرض و أجازه في النفل، و رأى قوم أنّ هذا الفعل من سنن الصلاة و هم الجمهور، و السبب في اختلافهم أنّه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة و السلام، و لم ينقل فيها أنّه كان يضع يده اليمنى على اليسرى، و ثبت أيضا أنّ الناس كانوا يؤمرون بذلك، و ورد ذلك أيضا من صفة صلاته في حديث أبي حميد، فرآى قوم أنّ الآثار التي أثبتت ذلك اقتضت زيادة على الآثار التي لم تنقل فيها هذه الزيادة، و أنّ الزيادة تجب أن يصار إليها، و رأى قوم أنّ الأوجب المصير إلى الآثار التي ليس فيها هذه الزيادة؛ لأنّها أكثر؛ و لكون هذه ليست مناسبة لأفعال الصلاة، و إنّما هي من باب الاستعانة، و لذلك أجازها مالك في النفل و لم يجزها في الفرض....(3)
ص:192
4. و قال في البيان و التحصيل: سألته عن وضع إحدى يديه على الأخرى في الصلاة المكتوبة، يضع اليمنى على كوع اليسرى و هو قائم في الصلاة المكتوبة أو النافلة؟
قال محمد بن رشد: قوله: لا أرى بذلك بأسا يدلّ على جواز فعل ذلك في الفريضة و النافلة من غير تفصيل.
و ذهب في رواية ابن القاسم عنه فى المدوّنة إلى أنّ ترك ذلك أفضل من فعله؛ لأنّه قال فيها: لا أعرف ذلك في الفريضة، و كان يكرهه و لكن في النوافل، قال: إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه و سقط، و كان يكرهه في بعض الروايات، فالظاهر من مذهبه فيها مع سقوطه أنّ تركه أفضل؛ لأنّ معنى قوله: لا أعرف ذلك في الفريضة، أي لا أعرفه فيها من سننها، و لا من مستحبّاتها.
و في قوله: إنّه لا بأس بذلك في النافلة إذا طال القيام ليعين به نفسه، دليل على أنّ فيه عنده بأسا إذا لم يطل القيام، و في الفريضة و إن طال القيام، و أمّا مع ثبوت «و كان يكرهه» فالأمر في ذلك أبين؛ لأنّ حدّ المكروه ما في تركه أجر و ليس في فعله وزر.(1)
5. قال النووي في مذاهب العلماء في وضع اليمنى على اليسرى:
قد ذكرنا أنّ مذهبنا أنّه سنّة.
و حكى ابن المنذر عن عبد اللّه بن الزبير و الحسن البصري و النخعي أنّه يرسل يديه و لا يضع إحداهما على الأخرى، و حكاه القاضي أبو الطيّب
ص:193
أيضا عن ابن سيرين.
و قال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة،
و قال الأوزاعي: هو مخيّر بين الوضع و الإرسال،
و روى ابن عبد الحكم عن مالك: الوضع،
و روى عنه ابن القاسم: الإرسال و هو الأشهر و عليه جميع أهل المغرب من أصحابه أو جمهورهم، و احتجّ لهم بحديث المسيء صلاته بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله علّمه الصلاة و لم يذكر وضع اليمنى على اليسرى....(1)
فتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنّ ذلك جائز في المكتوبة و النافلة، لا يكره فعله، و لا يستحبّ تركه، و هو قوله في هذه الرواية.
الثاني: أن ذلك مكروه، يستحبّ تركه في الفريضة و النافلة إلاّ إذا طال القيام في النافلة، فيكون فعل ذلك فيها جائزا غير مكروه، و لا مستحبّ و هو قول مالك في المدوّنة.
الثالث: أنّ ذلك مستحبّ فعله في الفريضة و النافلة مكروه تركه فيها، و هو قوله في رواية مطرف بن الماجشون.(2)
6. العيني: و حكى ابن المنذر عن عبد اللّه بن الزبير و الحسن البصري و ابن سيرين أنّه يرسلهما، و كذلك عند مالك في المشهور: يرسلهما، و إن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة، و قال الليث بن سعد:
ص:194
و قال الأوزاعي: هو مخيّر بين الوضع و الإرسال.(1)
7. الشوكاني: قال الدار قطني: روى ابن المنذر عن ابن الزبير و الحسن البصري و النخعي أنّه يرسلهما و لا يضع اليمنى على اليسرى، و نقله النووي عن الليث بن سعد، و نقله المهدي في البحر عن القاسميّة و الناصريّة و الباقر، و نقله ابن القاسم عن مالك.(2)
8. الزحيلي: قال الجمهور غير المالكيّة: يسنّ بعد التكبير أن يضع المصلّي يده اليمنى على ظهر كفّ و رسغ اليسرى.
و قال المالكيّة: يندب إرسال اليدين في الصلاة بوقار لا بقوّة و لا يدفع بهما من أمامه؛ لمنافاته للخشوع، و يجوز قبض اليدين على الصدر في صلاة النفل؛ لجواز الاعتماد فيه بلا ضرورة و يكره القبض في صلاة الفرض؛ لما فيه من الاعتماد.
و قال في بيان حقيقة مذهب مالك، مع حقيقة مذهب مالك الذي قرّره لمحاربة عمل غير منسوب و هو قصد الاعتماد... أو لمحاربة اعتقاد فاسد و هو ظنّ العامّي وجوب ذلك.(3)
1. البخاري:... عن أبى حازم عن سهل بن سعد: قال: كان الناس يؤمرون
ص:195
أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
قال أبو حازم: لا أعلمه إلاّ أن ينمى ذلك إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. قال إسماعيل:
ينمى ذلك، و لم يقل ينمى.(1)
أقول: و لم يعلم من الذي أمرهم بوضع اليمنى على اليسرى كما أنّ الراوي لهذا الحديث - و هو أبو حازم لم يجزم بأنّ الآمر بذلك هو النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لذا يقول: لا أعلمه إلاّ ينمى ذلك إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. فالرواية مرسلة و غير واضحة الدلالة، بل غامضة الدلالة، كما يفهم ذلك من العيني و الشوكاني و سائر شرّاح هذا الحديث كما يلي:
ألف. قال العيني: ينمى - بضم الياء و فتح الميم على صيغة المجهول - و لم يقل: ينمى - بفتح الياء على صيغة المعلوم -.
فعلى صيغة المجهول يكون الحديث مرسلا؛ لأنّ أبا حازم لم يعيّن من أنماه له. و على صيغة المعلوم يكون الحديث متّصلا.(2)
فهذا النصّ الذي هو مثار للاحتمالات لا تثبت به سنّة، و لا يمكن أن يسند إلى النبيّ الكريم بنحو القطع و الجزم.
ب. السيوطي: قال إسماعيل: ينمى - أي بضمّ أوّله و فتح الميم بلفظ المجهول - و لم يقل: ينمى - أي: بلفظ المعلوم - و إسماعيل هو
ص:196
ابن أبي أويس.(1)
ج. الشوكاني: قد أعلّ بعضهم الحديث بأنّه ظنّ من أبي حازم... و أنّه لو كان مرفوعا، أي ثابتا عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لما احتاج أبو حازم إلى قوله:
لا أعلمه(2)
2. رواية صحيح مسلم: زهير بن حرب، حدّثنا عفّان، حدّثنا همام، حدّثنا محمد بن جحادة، حدّثني عبد الجبّار بن وائل عن علقمة بن وائل و مولى لهم أنّهما حدّثاه عن أبيه وائل بن حجر، أنّه رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله رفع يديه حين دخل في الصلاة، كبّر، وصفّ همام حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثمّ وضع يده اليمنى على اليسرى....(3)
أقول: و هي مرسلة؛ لأنّ علقمة بن وائل - راوي الحديث - ولد بعد وفاة أبيه، فلم يسمع منه.
قال ابن حجر: حكى العسكري عن ابن معين، أنّه قال: علقمة بن وائل عن أبيه مرسل.(4) و يرى البعض أنّه كان غلاما لا يعقل صلاة أبيه.(5) و لكن النتيجة واحدة؛ إذ كيف يستطيع أن يتحمّل الحديث من أبيه من كان غلاما لا يعقل صلاة أبيه!
أضف إلى ذلك مجهوليّة «مولى لهم» إذ لم يعرف من هو. و في همام أيضا
ص:197
كلام فيما لو كان المراد هو همام بن يحيى، حيث إنّ يحيى القطّان كان لا يعبأ به و يعترض عليه. في كثير من حديثه....(1)
كما قدينا قش في الدلالة أيضا بأنّ الحديث حكاية عن سنّة فعليّة للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هي مجملة تحتمل الوجوب و الاستحباب و الإباحة، كما يحتمل صدوره للاضطرار، و ليس الغرض حكاية الأمر الشرعي. و يشهد لذلك قول الراوي ذيل الحديث... ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلمّا أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب فلعلّ هذا العمل كان لأجل الاحتفاظ بالثوب و الحيلولة دون وقوعه. فلعلّ النبيّ كان في مرض، فوضع يده على الأخرى احتفاظا بالرداء من السقوط، كما أدخل يديه فيه تحفّظا عليهما من البرد. و مع هذه الاحتمالات لا يبقى مجال للجزم بدلالة الحديث على استحباب القبض و أنّها من السنّة.
3. حدّثنا نصر بن عليّ، أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح، عن زرعة بن عبد الرحمن، قال: سمعت ابن الزبير يقول: صفّ القدمين و وضع اليد على اليد من السنّة.(2)
و فيه أوّلا: معارض بما هو الثابت عنه: أنّه يرسل يديه في الصلاة.
و ثانيا: لم يسنده إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
ثالثا: في السند علاء بن صالح و هو التميمي الأسدي الكوفي.
قال البخاري: لا يتابع. و قال ابن المديني: روى أحاديث مناكير....(3)
ص:198
4. حدّثنا محمد بن بكّار بن الريّان عن هشيم بن بشير، عن الحجّاج بن أبي زينب، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود أنّه كان يصلّي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فوضع يده اليمنى على اليسرى.(1)
و في السند هشيم و هو هشيم بن القاسم الواسطي، رموه بالتدليس، و أنّه تغيّر في آخر عمره.
و قال يحيى بن معين: ما أدراه ما يخرج من رأسه(2)؛ إذن فيه كلام.
فلا يؤخذ بروايته.
و في السند: أيضا الحجّاج بن أبي زينب السلمي (أبو يوسف الصيقل الواسطي) و هو ضعيف عندهم.
قال أحمد بن حنبل: أخشى أن يكون ضعيف الحديث.
و قال عليّ بن المديني: ضعيف.
و قال النسائي: ليس بالقويّ.
و قال الدار قطني: ليس بالقويّ و لا حافظ.(3)
أضف الى ذلك أنّه من البعيد عدم معرفة ابن مسعود، و هو الصحابي الكبير بالسنّة النبوية!!
5. حدّثنا محمد بن محبوب، ثنا حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن
ص:199
إسحاق، عن زياد بن زيد، عن أبي جحيفة، أنّ عليّا رضي اللّه عنه قال: «السنّة وضع الكفّ على الكفّ في الصلاة تحت السرّة».(1)
و في السند زياد بن زيد و هو مجهول، كما صرّح بذلك العسقلاني عن أبي حاتم.
قال في تهذيب التهذيب: زياد بن زيد السوائي الأعسم الكوفي.
قال أبو حاتم: مجهول، روى له أبو داود حديثا واحدا عن عليّ «أنّ من السنّة في الصلاة وضع الأكفّ على الأكفّ تحت السرّة».(2) و قال البخاري:
فيه نظر.
و فيه عبد الرحمن بن إسحاق، و هو ضعيف بالاتّفاق.
6. حدّثنا محمد بن قدامة (يعني ابن أعين)، عن أبي بدر، عن أبي طالوت عبد السلام، عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: رأيت عليّا رضي اللّه عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرّة.
و في السند أبو طالوت و هو عبد السلام النهدي، قال ابن سعد: كان به ضعف في الحديث.(3)
و في السند ابن جرير الضبي و هو غزوان بن جرير الضبي. قال ابن حجر:
قرأت بخطّ الذهبي في الميزان: لا يعرف.(4)
ص:200
7. حدّثنا مسدّد... عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، عن سيّار أبي الحكم، عن أبي وائل، قال: قال أبو هريرة: أخذ الأكفّ على الأكفّ في الصلاة تحت السرّة.(1)
و رواه الدار قطني باختلاف: وضع الكفّ على الكفّ في الصلاة من السنّة.(2)
أقول: و في السند عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي و هو ضعيف عند الرجاليّين. فعن ابن معين: ضعيف ليس بشيء. و عن ابن سعد و يعقوب بن سفيان و أبي داود و النسائي و ابن حبّان: ضعيف. و عن البخاري:
فيه نظر.(3)
أضف إلى ذلك أنّ أبا هريرة لم ينسب هذا الفعل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
8. أبو توبة، عن الهيثم (يعني ابن حميد) عن ثور، عن سليمان بن موسى، عن طاووس، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثمّ يشدّ بينهما على صدره، و هو في الصلاة.(4)
و فيه أوّلا: أنّ طاووس لم يدرك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و هو تابعي، فالرواية مرسلة.
ثانيا: و في السند: الهيثم بن حميد، و قد ضعّفه أبو داود و أبو مسهر. قال أبو مسهر: لم يكن من الأثبات و لا من أهل الحفظ. و قد كنت أمسكت عن الحديث عنه، استضعفته.(5)
ص:201
9. الترمذي: حدّثنا قتيبة، حدّثنا أبو الأحوص عن سمّاك بن حرب، عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يؤمّنا فيأخذ شماله بيمينه.(1)
أقول: و في السند قبيصة بن هلب و هو قبيصة بن يزيد الطائي، و هو مجهول، كما عن ابن المديني و النسائي.(2)
10. ابن ماجة: حدّثنا عليّ بن محمد، ثنا عبد اللّه بن إدريس. و حدّثنا بشر بن معاذ الضرير، حدّثنا بشر بن المفضّل، قالا: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه، عن وائل بن حجر: قال: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصلّي، فأخذ شماله بيمينه.(3)
أقول: إنّ كتاب سنن ابن ماجة غالب رواياته عليها صبغة الضعف.
قال ابن حجر: كتابه في السنن جامع جيّد الأبواب و الغرائب، و فيه أحاديث ضعيفة جدّا حتى بلغني أنّ السريّ كان يقول: مهما انفرد بخبر فيه، هو ضعيف غالبا... و عن ابن زرعة... ليس فيه إلاّ نحو سبعة أحاديث....(4)
11. الدارمي: أخبرنا أبو نعيم، حدّثنا زهير عن أبي إسحاق، عن عبد الجبّار بن وائل، عن أبيه، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يضع يده اليمنى على اليسرى قريبا من الرّسغ(5)(6).
لكنّه لم يسمع من أبيه؛ لأنّه ولد بعد موت أبيه.
ص:202
قال ابن حبّان في الثقات: من زعم أنّه سمع أباه فقدوهم؛ لأنّ أباه مات و أمّه حامل به.
و قال البخاري: لا يصحّ سماعه من أبيه. مات أبوه قبل أن يولد.
و قال ابن سعد:... يتكلّمون في روايته عن أبيه و يقولون لم يلقه.
و بمعنى هذا قال أبو حاتم، و ابن جرير الطبري، و الجريري، و يعقوب بن سفيان، و يعقوب بن شيبة، و الدار قطني، و الحاكم، و قبلهم ابن المديني و آخرون.(1)
12. الدار قطني: حدّثنا أبو محمد صاعد، ثنا عليّ بن مسلم، ثنا إسماعيل بن أبان الورّاق، حدّثني مندل عن ابن أبي ليلى، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مسعود، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يأخذ شماله بيمينه في الصلاة.(2)
و في السند مندل، و هو ابن عليّ العنزي و هو ضعيف عند أهل السنّة. كان البخاري أدخل مندلا في الضعفاء.
و قال النسائي: ضعيف. و قال ابن سعد: فيه ضعف. و قال الجوزجاني:
واهي الحديث. و قال الساجي: ليس بثقة، روى مناكير. و قال ابن قانع و الدار قطني: ضعيف.
و قال ابن حبّان: كان ممّن يرفع المراسيل و يسند الموقوفات من سوء حفظه فاستحقّ الترك.
ص:203
و قال الطحاوي: ليس من أهل التثبّت في الرواية بشيء و لا يحتجّ به.(1)
13. الدار قطني: حدّثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز، ثنا شجاع بن مخلّد، ثنا هشيم، قال منصور: ثنا عن محمد بن أبان الأنصاري، عن عائشة، قالت: ثلاثة من النبوّة:... و وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.(2)
و فيه محمد بن أبان الأنصاري و لا يمكنه الرواية عن عائشة. فهى مرسلة.(3)
و في السند أيضا هشيم و هو ابن منصور، و قد مرّ الكلام في ضعفه(4)
14. الدار قطني: حدّثنا ابن صاعد، حدّثنا زياد بن أيّوب، حدّثنا النضر بن إسماعيل عن ابن أبي ليلى، عن عطاء عن أبي هريرة، قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «أمرنا معاشر الأنبياء... و نضرب بأيماننا على شمائلنا في الصلاة».(5)
و في السند: النضر بن إسماعيل، هو أبو المغيرة: قال أحمد و النسائي و أبو زرعة: ليس بالقويّ. و عن ابن معين - في قول -: ضعيف.
قال ابن حبّان: فحش خطاه، و كثر و همه، فاستحقّ الترك. و قال الحاكم:
ليس بالقويّ عندهم. و قال الساجي: عنده مناكير.(6)
ص:204
15. الدار قطني: حدّثنا ابن السكين، حدّثنا عبد الحميد بن محمد، حدّثنا مخلّد بن يزيد، حدّثنا طلحة، عن عطاء، عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:
«إنّا معاشر الأنبياء أمرنا... أن نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصلاة(1).
و في السند طلحة و هو ابن عمرو بن عثمان الحضرمي الكوفي و هو ضعيف عند الكلّ.
قال أحمد: لا شيء، متروك الحديث، قال ابن معين: ليس بشيء، ضعيف.
و قال الجوزجاني: غير مرضي في حديثه. و قال أبو حاتم: ليس بالقويّ، ليّن عندهم. و قال أبو داود: ضعيف. و قال النسائي: متروك الحديث. و قال البخاري: ليس بشيء، كان يحيى بن معين سيّ ء الرأي فيه.
و قال ابن سعد: كان كثير الحديث، ضعيفا جدّا. و قال ابن المديني:
ضعيف ليس بشيء. و قال أبو زرعة و العجلي و الدارقطني: ضعيف. و ذكره الفسوي في باب من يرغب عن الرواية عنه.
و قال ابن حبّان: كان ممّن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحلّ كتب حديثه، و لا الرواية عنه إلاّ على جهة التعجّب.(2)
16. الدار قطني: حدّثنا محمد بن مخلّد، حدّثنا محمد بن إسماعيل الحساني، حدّثنا وكيع، حدّثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عاصم الجحدري، عن عقبة بن ظهير، عن عليّ عليه السّلام فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ : قال: «وضع اليمين على الشمال في الصلاة».(3)
ص:205
و فيه: وكيع و قالوا فيه: إنّه أخطأ في خمسمائة حديث.(1) و قال المروزي:
كان يحدّث بآخره من حفظه. فيغيّر ألفاظ الحديث، كأنّه كان يحدّث بالمعنى، و لم يكن من أهل اللسان.(2)
17. الدارقطني: أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، حدّثنا مضر بن محمد، حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا محمد بن الحسن الواسطي عن الحجّاج بن أبي زينب، عن أبي سفيان، عن جابر قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجل وضع شماله على يمينه... مثله.(3)
و فيه الحجّاج بن أبي زينب، و قد مرّ ضعفه.
18. الدار قطني أيضا عن الحجّاج بن أبي زينب، عن ابن مسعود مثله، و هو ضعيف أيضا بابن أبي زينب.(4)
19. حدّثنا الحسن بن الخضر بمصر، حدّثنا محمد بن أحمد، أبو العلاء، حدّثنا محمد بن سوار، حدّثنا أبو خالد الأحمر عن حميد، عن أنس قال:
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا قام في الصلاة قال: «هكذا و هكذا عن يمينه و عن شماله....».(5)
و فيه أبو خالد الأحمر: و هو سليمان بن حيّان الأزدي، و قد تكلّموا في حفظه.
قال ابن معين: ليس بحجّة. و قال أبو بكر البزّار في كتاب السنن: ليس
ص:206
ممّن يلزم زيادته، حجّة، لاتّفاق أهل العلم بالنقل، أنّه لم يكن حافظا، و أنّه قد روى أحاديث عن الأعمش و غيره لم يتابع عليها.(1) أضف إلى ذلك:
عدم الدلالة في الحديث و ذلك لأنّ مفاده أنّه صلّى اللّه عليه و آله نظر إلى يمينه و شماله، أو خاطب من في اليمين و الشمال من المأمومين.
20 - حدّثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصريّ، أنّه قال: من كلام النبوة «اذا لم تستحي فافعل ما شئت» و وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصّلاة (يضع اليمنى على اليسرى) و تعجيل الفطر، و الاستيناء بالسحور!.(2)
المعنى: قال ابن عبد البرّ: لفظة «أمر» و معناه الخبر بأنّ من لم يكن له حياء يحجزه عن محارم اللّه، فسواء عليه فعل الصغائر و ارتكاب الكبائر.
و «الاستيناء بالسحور»: أي تأخيره.
قوله: «يضع اليمنى على اليسرى» هذا من قول مالك، و ليس من الحديث.(3)
أمّا السند: ففيه عبد الكريم بن أبي المخارق البصري و اسمه قيس و يقال: طارق المعلّم، أبو أميّة البصري، نزل مكّة و مات سنة 127 ه. ق.
1. قال أيّوب: رحمه اللّه كان غير ثقة. لقد سألني عن حديث لعكرمة. ثم قال: سمعت عكرمة!
ص:207
2. و كان عبد الرحمن بن مهدي و يحيى بن سعيد لا يحدّثان عنه.
3. و كان عبد الرحمن بن مهدي يقول: دعه، فأين التقوى.
4. و قال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عنه.؟ فقال: كان ابن عيينة يستضعفه، قلت له: هو ضعيف؟ قال: نعم.
5. و قال أيّوب: لا تأخذوا عن عبد الكريم بن أميّة، فإنّه ليس بثقة.
6. و قال يحيى: قد روى مالك عن عبد الكريم. و هو بصري، ضعيف.
7. و كان أبو العالية يقول: - إذا سافر عبد الكريم - اللّهم لا تردّ علينا صاحب الأكيسة.
8. عن سفيان، قلت لأيّوب، يا أبا بكر؛ ما لك لم تكثر عن طاووس؟
قال: أتيته لأسمع منه فرأيته بين ثقيلين: عبد الكريم بن أبي أميّة، و ليث بن أبي سليم، فذهبت، و تركته.
9. قال أبو داود: مرجئة البصرة! عبد الكريم أبو أميّة، و عثمان بن غياث و القاسم بن الفضل.
10. قال الترمذي في حديث سفيان بن عيينة عن عبد الكريم بن أبي أميّة. عن حسّان بن بلال، عن عمّار في تخليل اللحية: قال أحمد: قال ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسّان بن بلال(1) حديث التخليل.
و قال البخاري: لم يسمع عبد الكريم من حسّان. و قال أبو أحمد بن عدي:
و الضعف بيّن على كلّ ما يرويه.
11. قال الأشبيلي: بيّن، مسلّم جرحه في صدر كتابه.
ص:208
12. قال العسقلاني: قال النسائي و الدار قطني: متروك. و قال السعدي:
كان غير ثقة. و كذا النسائي في موضع آخر.
13. قال ابن حبّان: كان كثير الوهم، فاحش الخطأ، فلمّا كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به.
14. و قال أبو داود، و الخليلي، و غير واحد: ما روى مالك عن أضعف منه.
15. و قال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقويّ عندهم.
16. و قال ابن عبد البرّ: مجمع على ضعفه.
17. و ذكره ابن البرقي في طبقة من نسب إلى الضعف.(1)
فمن كان هذا حاله كيف يروى عنه حديث القبض، و ينسب ذلك إلى الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله؟!
18. أحمد: (عبد الله بن أحمد) حدّثني أبي، ثنا محمد بن الحسن الواسطي يعني المزين، ثنا أبو يوسف الحجّاج يعني ابن أبي زينب الصيقل، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجل و هو يصلّي و قد وضع يده اليسر على اليمنى فانتزعها و وضع اليمنى على اليسرى(2).
و في السند أبو يوسف الحجّاج، و فيه كلام؛ إذ قال فيه أحمد: أخشى أن يكون ضعيف الحديث. و قال: إنّ المدينى: ضعيف، و قال النسائي: ليس بالقويّ. و قال الدارقطني: ليس بالقويّ و لا حافظ(3).
ص:209
و في السند أيضا: محمد بن الحسن الواسطي: و هو مختلف فيه؛ إذ ذكره ابن حبّان في ذيل الضعفاء... يقال:
يرفع الموقوف و يسند المراسيل(1).
و الحاصل أنّ مجموع هذه الأحاديث التي مفادها التكفير لا تخلو عن إشكال دلالي أو ضعف سندي.
أمّا الحديث الأوّل و هو عن البخاري: ففيه إشكال دلالي، و لا يخلو من شبهة الإرسال، و أنّه غير ثابت الإسناد إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، كما صرّح بذلك العيني و الشوكاني.
أمّا الحديث الثاني عن مسلم و فيه علقمة بن وائل عن أبيه: فهو مرسل؛ لأنّه ولد بعد موت أبيه.
أمّا الحديث الثالث عن أبي داود: ففي السند علاء بن صالح و أحاديثه لا يتابع عليها، كما صرّح بذلك البخاري.
أضف إلى ذلك معارضته بحديث آخر لابن الزبير.
أمّا الحديث الرابع عن أبي داود: ففي سنده هشيم. و هو مدلّس و قد تغيّر.
و فيه الحجّاج. و هو ضعيف أيضا.
أمّا الحديث الخامس عن أبي داود: ففيه زياد بن زيد و هو مجهول، و فيه أيضا عبد الرحمن بن إسحاق و هو ضعيف بالاتّفاق.
ص:210
أمّا الحديث السادس عن أبي داود: ففيه أبو طالوت و هو ضعيف الحديث.
و فيه: الضبي. و هو أيضا لا يعرف - أي مجهول.
أمّا الحديث السابع عن أبي داود: ففيه عبد الرحمن بن إسحاق و هو ضعيف.
أمّا الحديث الثامن عن أبي داود: ففيه الهيثم و هو ضعيف، أضف إلى ذلك أنّه مرسل؛ لأنّ طاووسا التابعي لم يسمع من النبيّ و لم يره.
أمّا الحديث التاسع: رواية الترمذي و فيه قبيصة، و هو مجهول.
أمّا الحديث العاشر: حديث ابن ماجة و غالب رواياته ضعيفة إلاّ سبعة منها.
أمّا الحديث الحادي عشر: حديث الدارمي و فيه عبد الجبّار عن أبيه، فهو مرسل؛ لأنّه ولد بعد موت أبيه، فلم يسمعه من أبيه.
أمّا الحديث الثاني عشر عن الدارقطني: ففيه مندل و هو ضعيف.
أمّا الحديث الثالث عشر عن الدارقطني: ففيه محمد بن أبان الأنصاري و لا يمكنه الرواية عن عائشة فهو مرسل، و فيه أيضا هشيم و هو ضعيف.
أمّا الحديث الرابع عشر عن الدار قطني: ففيه النضر بن إسماعيل و هو ضعيف.
أمّا الحديث الخامس عشر: ففيه طلحة و هو ضعيف عند الكلّ.
أمّا الحديث السادس عشر عن الدار قطني أيضا: ففيه وكيع و قد أخطأ في خمسمائة حديث.
أمّا الحديث السابع عشر و الثامن عشر عن الدارقطني: ففيهما
ص:211
الحجّاج بن أبي زينب، و هو ضعيف و كذلك فيه (أي في السابع عشر) محمد بن الحسن الواسطي و هو مختلف فيه و يتلاعب بالأسناد.
أمّا الحديث التاسع عشر عن الدارقطني: ففيه أبو خالد الأحمر، و فيه كلام و أنّه ليس بحجّة في الحديث.
و أمّا الحديث العشرون: ففيه ابن أبي المخارق، و هو ضعيف؛ إذن لم يبق في المقام مستند يركن إليه و ينسب إلى النبيّ الكريم، و أنّه كان يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة.
أضف إلى ذلك أنّ بعض الصحابة و أئمّة المذاهب كانوا يكرهون ذلك و يقولون بالإرسال، كابن الزبير، و الإمام مالك، و ابن سيرين، و الحسن البصري، و النخعي و...
و قول القرطبي: إنّه قد جاءت آثار ثابتة نقلت فيها صفة صلاته عليه الصلاة و السلام و لم ينقل فيها أنّه كان يضع يده اليمنى على اليسرى، و رأى قوم أن الأوجب المصير إلى الآثار التي ليس فيها هذه الزيادة، لأنّها أكثر.(1)
و مذهب أهل البيت عليهم السّلام على عدم الجواز، و أنّه غير مشروع، كما عرفت من الروايات و الفتاوى.
ص:212
ص:213
ص:214
الحمد للّه رب العالمين، و صلّى اللّه على محمد و آله الطاهرين.
الهدف من تدوين هذا الكتاب هو إثبات أنّ الإصرار على التفريق بين الصلاتين و المداومة عليه ليس من السنّة النبويّة، فقد جمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بين الصلاتين كرارا و مرارا من دون أيّ عذر و سفر و مطر و مرض، كما روي ذلك عن جمع من الصحابة، كابن عبّاس، و ابن عمر، و جابر بن عبد اللّه الأنصاري، و أبي أيّوب.
كما لا يجدي المحاولات في توجيه الأحاديث، و أنّ الجمع كان صوريّا لا حقيقيا، لأنّ الجمع الصوريّ لا يسمّى جمعا حقيقة - عرفا - مع أنّ الثابت من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو الجمع الحقيقي.
كما أنّ الغرض إثبات أنّ فعل الإماميّة من الجمع بين الصلاتين ليس من أداء الصلاة في غير وقتها، و لا أنّهم فعلوا بما هو نادر و غير وارد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، بل من الأكيد أنّه موافق لفعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و إن كان التفريق مستحبّا عند جمع من فقهائنا، و فيما يلي عرض هذه الدراسة:
الآية الكريمة أَقِمِ الصَّلاٰةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً .
ص:215
الآية الكريمة أَقِمِ الصَّلاٰةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً .
أقول: لقد فرض اللّه تعالى على عباده في اليوم خمس صلوات، أربع منها من دلوك الشمس إلى غسق الليل، و المراد بالدلوك هو الزوال، و بالغسق، هو الانتصاف. فيكون الظهر مشاركا للعصر من زوال الشمس إلى غروبها، كما أنّ المغرب و العشاء أيضا يشاركان في الوقت إلاّ أنّ المغرب قبل العشاء، و لكن صلاة الصبح فقد أفرد اللّه له بقوله تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ... فالآية تدلّ على اتّساع وقت الظهرين و العشائين، و لازمه هو جواز الجمع بينهما.
1. عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عمّا فرض اللّه من الصلاة؟ فقال: «خمس صلوات في الليل و النهار» فقلت: هل سمّاهنّ اللّه و بيّنهنّ في كتابه؟ فقال: «نعم، قال اللّه عزّ و جل لنبيّه صلّى اللّه عليه و آله. أَقِمِ الصَّلاٰةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ (1)؛ «و دلوكها: زوالها، و فيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات: سمّاهنّ اللّه و بيّنهنّ و وقّتهنّ. و غسق الليل: هو انتصافه.(2)
2. و عن الصادق عليه السّلام: «... و أوّل وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة، و آخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف الليل».(3)
3. العياشي: عبيد بن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه:
أَقِمِ الصَّلاٰةَ . قال: «إنّ اللّه افترض صلوات أوّل وقتها من زوال الشمس إلى
ص:
انتصاف الليل منها صلاتان أوّل وقتها من عند زوال الشمس إلى غروبها، إلاّ أنّ هذه قبل هذه، و منها صلاتان أوّل وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلاّ أنّ هذه قبل هذه».(1)
4. و فيه عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه أَقِمِ الصَّلاٰةَ * قال:
دلوكها: زوالها، غسق الليل: إلى نصف الليل، ذلك أربع صلوات وضعهنّ رسول اللّه و وقّتهنّ للناس، و قرآن الفجر: صلاة الغداة.(2)
1. أخرج ابن مردوية عن عمر في قوله أَقِمِ الصَّلاٰةَ... * قال: لزوال الشمس.(3)
2. أخرج سعيد بن منصور و ابن جرير عن ابن عبّاس، قال: دلوكها:
زوالها.(4)
3. عن ابن مسعود، قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «أتاني جبرئيل عليه السّلام لدلوك الشمس حين زالت، فصلّى بي الظهر».(5)
4. أخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي، قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصلّي الظهر إذا زالت الشمس، ثم تلى أَقِمِ الصَّلاٰةَ... .(6)
5. أخرج عبد الرزّاق عن أبي هريرة: قال: دلوك الشمس: إذا زالت عن
ص:217
بطن السماء، و غسق الليل: غروب الشمس.(1)
قال الفخر الرازي: فإن فسّرنا الغسق بظهور أوّل الظلمة - و حكاه عن ابن عبّاس و عطاء و النضر بن شميل - كان الغسق عبارة عن أوّل المغرب، و على هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات: وقت الزوال، و وقت أوّل المغرب، و وقت الفجر. و هذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر و العصر، فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين، و أن يكون أوّل المغرب وقتا للمغرب و العشاء، فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين، فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء مطلقا إلاّ أنّه دلّ الدليل على أن الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز، فوجب أن يكون الجمع جائزا لعذر السفر و عند المطر و غيره.(2)
و الملاحظ أنّ الاستدلال و التقريب جيّد، و لكن استدراكه «و أنّ الجمع خلاف الدليل» ففيه سوف يأتي أنّ الجمع موافق للدليل، و كلامه هذا مخالف له.
1. الصدوق: بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السّلام «أنّ
ص:218
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء في الحضر من غير علّة بأذان واحد و إقامتين».(1)
قال المجلسي الأوّل: في الصحيح... و يدلّ على جواز الجمع بين الصلاتين فى وقت واحد في الحضر من غير علّة، و في معناه أخبار كثيرة، و في بعضها «ليتّسع الوقت على أمّته»، فما وقع من التفريق، محمول على الاستحباب.(2)
2. الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن عبد اللّه بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالناس الظهر و العصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علّة، و صلّى بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علّة في جماعة، و إنّما فصّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليتّسع الوقت على أمّته».(3)
أقول: وثّقه المجلسي.(4)
3. و عنه: - محمد بن يحيى - عن محمد بن أحمد، عن عبّاس الناقد، قال:
تفرّق ما كان في يدي و تفرّق عنّي حرفائي، فشكوت ذلك إلى أبي محمد صلّى اللّه عليه و آله فقال لي: «اجمع بين الصلاتين الظهر و العصر ترى ما تحبّ».(5)
قال المجلسي: مجهول، و كأنّه كان مجيؤه إلى الصلاة مكرّرا سببا لتفرّق
ص:219
الحرفاء. و قال في القاموس: حريفك معاملك فى حرفتك....(1)
و قال في الملاذ: مجهول، و يدلّ على رجحان الجمع لهذه العلّة.(2)
4. الطوسي:... بإسناده عن سعد بن عبد اللّه، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن عمر، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن إسحاق بن عمّار، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: نجمع بين المغرب و العشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علّة؟ قال: «لا بأس».(3)
قال المجلسي: مجهول أو موثّق على الظاهر، قال الوالد العلاّمة - طاب ثراه - موسى بن عمر لعلّه ابن بزيع الموثّق، و يحتمل أن يكون موسى بن عمر بن يزيد غير الموثّق.(4)
5. الطوسي: بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة عن رهط: منه: الفضيل و زرارة، عن أبي جعفر عليه السّلام «أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بأذان و إقامتين، و جمع بين المغرب و العشاء بأذان واحد و إقامتين».(5)
أقول: وثّقه المجلسي، و له بيان مرتبط بالأذان الثالث.(6)
6. الصدوق:... عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إنّ
ص:220
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر و العصر في مكان واحد من غير علّة و لا سبب، فقال له عمر - و كان أجرأ القوم عليه - أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لا، و لكن أردت أن أوسّع على أمّتي».(1)
7. عنه:... عن عبد الملك القمّي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: أجمع بين الصلاتين من غير علّة؟ قال: «قد فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أراد التخفيف عن أمّته».(2)
8. عنه:... عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الظهر و العصر من غير خوف و لا سفر، فقال: أراد أن لا يحرج أحد من أمّته.(3)
9. عنه:... عن أبي يعلى بن الليث والي قمّ، عن عون بن جعفر المخزومي، عن داود بن قيس الفرّاء، عن صالح، عن ابن عبّاس، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء، من غير مطر و لا سفر، فقيل لابن عبّاس: ما أراد به؟ قال: أراد التوسيع لأمّته.(4)
10. عنه:... عن طاووس، عن ابن عبّاس أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء في السفر و الحضر.(5)
11. عنه:... عن عكرمة، عن ابن عبّاس، عن نافع، عن عبد اللّه بن عمر أنّ
ص:221
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالمدينة مقيما غير مسافر جميعا، و تماما جمعا.(1)
قال المجلسي: و لم أقف على ما ينافي استحباب التفريق من رواية الأصحاب سوى ما رواه عبّاس الناقد (و هى الثالثة هنا) و هو إن صحّ أمكن تأويله بجمع لا يقتضي طول التفريق؛ لامتناع أن يكون ترك النافلة بينها مستحبّا، أو يحمل على ظهر الجمعة، أمّا باقي الأخبار فمقصورة على جواز الجمع، و هو لا ينافي استحباب التفريق.(2)
12. الصدوق:... سعيد بن علاّمة، عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق».(3)
13. العياشي: محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام، قال في صلاة المغرب في السفر: «لا يضرّك أن تؤخّر ساعة ثم تصلّيهما إن أحببت أن تصلّي العشاء الآخرة، و إن شئت مشيت ساعة إلى أن يغيب الشفق، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة الهاجرة و العصر جميعا، و المغرب و العشاء الآخرة جميعا، و كان يؤخّر و يقدّم، إن اللّه تعالى قال: إِنَّ الصَّلاٰةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً .(4)
إنّما عنى وجوبها على المؤمنين، لم يعن غيره، أنّه لو كان - كما يقولون - لم يصلّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هكذا، و كان أخبر و أعلم، و لو كان خيرا لأمر به محمد صلّى اللّه عليه و آله».(5)
ص:222
1. صحيح زرارة: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أصوم فلا أقيل حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس صلّيت نوافلي، ثمّ صلّيت الظهر، ثمّ صلّيت نوافلي، ثمّ صلّيت العصر، ثمّ نمت و ذلك قبل أن يصلّي الناس؟ فقال:
«يا زرارة؛ إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت، و لكنّي أكره لك أن تتّخذه وقتا دائما».(1)
2. خبر ابن ميسرة: قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إذا زالت الشمس في طول النهار للرجل أن يصلّي الظهر و العصر؟ قال: «نعم، و ما أحبّ أن يفعل ذلك كلّ يوم».(2)
3. صحيح الحلبي: عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في سفر أو عجّلت به حاجة، يجمع بين الظهر و العصر، و بين المغرب و العشاء....»(3)
ربّما يظهر من الخبر أنّ الجمع كان لعذر من سفر، أو مطر أو....
4. خبر ابن علوان: عن عليّ عليه السّلام: قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجمع بين المغرب و العشاء في الليلة المطيرة، فعل ذلك مرارا».(4)
5. عن صفوان الجمّال: قال: صلّى بنا أبو عبد اللّه عليه السّلام الظهر و العصر عند
ص:223
ما زالت الشمس بأذان و إقامتين، و قال: «إنّي على حاجة فتنفّلوا».(1)
و الجواب عن الأوّل و الثاني، فإنّهما صدرا لأجل إخفاء الراويين على العامّة و عدم تظاهرهما بما كان من عادة الشيعة، و يشهد له رواية أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله إنسان و أنا حاضر، فقال:
ربّما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلّون العصر و بعضهم يصلّي الظهر؟ فقال: «أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد عرفوا فأخذوا برقابهم».(2)
أمّا الرواية الأخيرة، فلا دلالة لها على الكراهة إلاّ من التمسّك بمفهوم اللقب الذي هو من أردأ المفاهيم، سيّما مع وجود الإطلاقات التي مفادها جواز الجمع، سواء مع العذر أم بغيره.
ثمّ بناء على أنّ الإمام عليه السّلام يكره عدم حصول التفريق بقوله: «و لكنّي أكره لك أن تتّخذه وقتا دائما».
لقد أجاب السبزواري بأجوبة: فمنها: يمكن أن تكون كراهته عليه السّلام لأنّ هذا النحو من التفريق كان من شعار الشيعة، فكره عليه السّلام أن يعرف زرارة بهذا الشعار حتى يصير مورد شماتة الأعداء، و مقتضى القاعدة أنّ العامّ و المطلق متّبعان ما لم يدلّ دليل خاصّ ظاهر أو مقيّد كذلك على الخلاف، و هما منفيان في المقام.(3)
ص:224
1. السيد الخوئي: و المتحصّل إلى هنا أنّه لم يدلّنا أيّ دليل على المنع عن الجمع بين الصلاتين جمعا تكوينيّا خارجيّا، أعني مجرّد الاتّصال بينهما و إن كان استحباب التفرقة بين الصلاتين هو المشهور عند الأصحاب إلاّ أنّه كما تقدّم ممّا لا أساس له، و إنّما الكراهة في الجمع بينهما فى الوقت، بمعنى إتيان صلاة فى وقت الفضيلة لصلاة أخرى، كما مرّ.(1)
2. السيد اليزدى: يستحبّ التفريق بين الصلاتين في الوقت، كالظهرين، و العشائين، و يكفي مسمّاه.(2)
إذن، لا خلاف عندنا في عدم وجوب التفرقة بين الصلوات، ثم الاختلاف في استحباب التفرقة، كما هو المشهور عندنا، أو كراهة الجمع بمعنى إتيان صلاة الظهر مثلا في وقت فضيلة العصر....
3. السبزواري: ثمّ إنّ مقتضى الأصل عدم الكراهة في الجمع، و يشهد له قول الصادق عليه السّلام و: «تفريقها أفضل»؛ إذ لا يستفاد منه مرجوحيّة الجمع، بل له الفضل أيضا، لكن الأفضل التفريق إلاّ أن يكون من قبيل قوله تعالى:
أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ * بنحو أصل الرجحان و مرجوحيّة خلافه، و لكنّه ممنوع، و يظهر من جملة من الأخبار أيضا عدم مرجوحيّته، ففي صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام «... من غير علّة...» و خبر ابن عمّار «... أردت أن أوسّع على أمّتي...» و صحيح زرارة: «إنّما فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
ص:225
ليتّسع الوقت على أمّته...».(1)
1. عن ابن عبّاس: قال: صلّيت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمانيا جميعا و سبعا جميعا، قال عمرو بن دينار، قلت: يا أبا الشعثاء، أظنّه أخّر الظهر و عجّل العصر، و أخّر المغرب و عجّل العشاء... قال: و أنا أظنّ ذلك.(2)
2. عن حبيب بن أبي ثابت: عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال:
جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء بالمدينة في غير خوف و لا مطر.(3)
3. عن ابن عبّاس: قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في المدينة مقيما غير مسافر سبعا و ثمانيا: الظهر و العصر، و المغرب و العشاء.(4)
4. روى مسلم في حديث وكيع: قال قلت لابن عبّاس: لم فعل ذلك؟ قال:
كي لا يحرج أمّته. و في حديث ابن معاوية: قيل لابن عبّاس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمّته.
5. عن عبد اللّه بن شفيق العقيلي: قال: خطبنا ابن عبّاس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس و بدت النجوم و جعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاء رجل من بني تميم لا يفتر و لا ينثني يقول: الصلاة الصلاة، فقال
ص:226
ابن عبّاس: أ تعلّمني بالسنّة لا أمّ لك؟ ثم قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، قال عبد اللّه بن شفيق: فحاك في صدري من ذلك شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته فصدّق مقالته.(1)
قال الإمام شرف الدين: من هوان الدنيا على اللّه تعالى و هوان آل محمد صلّى اللّه عليه و آله على هولاء أن يحوك في صدورهم شيء من ابن عبّاس فيسألوا أبا هريرة، وليتهم بعد تصديق أبي هريرة عملوا بالحديث.(2)
6. عن جابر بن زيد: عن ابن عبّاس، أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى بالمدينة سبعا و ثمانيا: الظهر و العصر، و المغرب و العشاء. فقال أيّوب: لعلّه في ليلة مطيرة؟ قال: عسى.(3) أقول: هذا الاستظهار من أيّوب - الراوي - و لا ربط له بالحديث.
7. أرسل البخاري: عن ابن عمر و أبي أيّوب و ابن عبّاس: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صلّى المغرب و العشاء؛ يعني جمعها في وقت إحداهما دون الأخرى.(4)
8. مسلم: عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر و العصر جميعا بالمدينة في غير خوف و لا سفر. قال أبو الزبير:
فسألت سعيدا: لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عبّاس كما سألتنى، فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمّته.(5)
9. أبو داود: عن ابن عبّاس: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الظهر و العصر،
ص:227
و المغرب و العشاء بالمدينة من غير خوف و لا مطر. فقيل لابن عبّاس:
ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمّته.(1)
10. أخرج عنه أيضا: صلّى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة ثمانيا و سبعا:
الظهر و العصر، و المغرب و العشاء.(2)
11. النسائي: عن ابن عبّاس، قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الظهر و العصر جميعا، و المغرب و العشاء جميعا، من غير خوف و لا سفر.(3)
12. عنه أيضا: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي بالمدينة يجمع بين الصلاتين:
الظهر و العصر، و المغرب و العشاء من غير خوف و لا مطر، قيل له: لم؟ قال:
لئلاّ يكون على أمّته حرج.(4)
13. عنه أيضا: عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس، أنّه صلّى بالبصرة، الأولى و العصر ليس بينهما شيء، و المغرب و العشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شغل، و زعم ابن عبّاس أنّه صلّى مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة، الأولى و العصر ثماني سجدات ليس بينهما شيء.(5)
14. قال ابن عمر: جمع لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقيما غير مسافر بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، فقال رجل لابن عمر: لم ترى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك؟ قال: لئلاّ يحرج أمّته إن جمع رجل.(6)
ص:228
15. أبو نعيم: عن ابن عبّاس، قال: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمان ركعات جميعا، و سبع ركعات جميعا من غير مرض و لا علّة.(1)
16. الطبراني: عبد اللّه بن مسعود، قال: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله - يعني بالمدينة - بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، فقيل له في ذلك، فقال:
«صنعت ذلك لئلاّ تحرج أمّتي».(2)
17. الطحاوي: عن جابر بن عبد اللّه عليه السّلام: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء بالمدينة للرخص من غير خوف و لا علّة.(3)
هذه نبذة من الأحاديث الصحيحة في الجمع بين الصلاتين أوردها أرباب الصحاح و السنن و المسانيد، و هى حجّة على من لا يرى الجمع بينها، و حجّة لمن يجمع بينها، و لا يضرّ بذلك عدم عمل جمهور أهل السنّة بذلك.
حاول جمع منهم تأويل أحاديث الجمع بين الصلاتين بما فيه تمحّل و تكلّف بيّن.
الأوّل: الغلط و الوهم من الراوي، كما عن الدهلوي: و ليعلم أنّ ما وقع في الحديث من قوله صلّى بالمدينة وهم من الراوي، بل كان ذلك في سفر.(4)
و هو كما ترى؛ إذ روى الطبراني بإسناده عن سعيد بن جبير، عن
ص:229
ابن عبّاس قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمانيا جميعا و سبعا جميعا مقيما في غير سفر، فقلت: أين كان؟ قال: بالمدينة.(1)
الثاني: إنّ الجمع كان لعذر المطر، و هذا الوجه منقول عن جمع من كبار المتقدّمين، و ردّه اخرون بما يلي:
ألف) و قد أجاب النووي عنه بقوله: و هو ضعيف بالرواية الأخرى من غير خوف و لا مطر.
ب) قال ابن حجر: احتمال المطر، قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث، يعني حديث جابر بن زيد عن ابن عبّاس... قال بدل قول:
«بالمدينة» من غير خوف و لا سفر. قال مالك: لعلّه كان في مطر. لكن رواه مسلم و أصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير بلفظ: من غير خوف و لا مطر، فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر.(2)
أقول: يرى الخطابي ضعف حديث حبيب، فيقول: هذا حديث لا يقول به أكثر الفقهاء، و إسناده جيّد إلاّ ما تكلّموا من أمر حبيب.(3)
و لكن يردّه قول الذهبي الذي احتجّ به كلّ من أفراد الصحاح بلا تردّد، و وثّقه يحيى و جماعة.(4)
و قال ابن عدي: هو أشهر و أكثر حديثا من أن أحتاج أن أذكر من حديثه
ص:230
شيئا، و قد حدّث عنه الأئمّة، و هو ثقة، حجّة، كما قال ابن معين.(1)
ج) قال المحقّق ابن الصدّيق - ردّا على هذا التأويل -: إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله صرّح بأنّه فعل ذلك ليرفع الحرج عن أمّته، و بيّن لهم جواز الجمع إذا احتاجوا إليه ... إنّ ابن عبّاس الراوي لهذا الحديث أخّر الصلاة و جمع لأجل إنشغاله بالخطبة، ثم احتجّ بجمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لا يجوز أن يحتجّ بجمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للمطر و هو عذر بيّن ظاهر - على الجمع لمجرّد الخطبة أو الدرس الذي في إمكانه أن يقطعه للصلاة، ثمّ يعود إليه أو ينتهي منه عند وقت الصلاة و لا يلحقه فيه ضرر و لا مشقّة، كما يلحق الإنسان في الخروج في حالة المطر و الوحل.(2)
الثالث: أنّه كان في غيم فصلّى الظهر ثم انكشف الغيم و بان أنّ وقت العصر قد دخل، فصلاّها.
و فيه ما لا يخفى من التكلّف، و قد أجاب المازري: و هذا يضعفه جمعه بالليل؛ لأنّه لا يخفى دخول الليل حتى يلتبس دخول المغرب بوقت العشاء و لو كان الغيم.(3)
الرابع: كان ذلك بعذر المرض و نحوه من الأعذار. و قوّاه بل اختاره النووي في شرحه، و نسبه إلى أحمد بن حنبل، و القاضي حسين، و الخطابي، و المتولّي، و الروياني.(4)
و فيه ما لا يخفى، فإنّه مخالف لظاهر الأحاديث. و قد ناقشه كلّ من العسقلاني و الزرقاني و الشوكاني.
ص:231
قال العسقلاني الشافعي: فيه نظر؛ لأنّه لو كان جمعه بين الصلاتين لعارض المرض لما صلّى معه إلاّ من به نحو ذلك العذر، و الظاهر أنّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى بأصحابه، و قد صرّح بذلك ابن عبّاس في روايته.(1)
أضف إلى ذلك أنّ المشهور عند الشافعيّة، بل عن الترمذي إجماع الأمّة على عدم جواز الجمع للمريض.(2)
الخامس: أنّ الجمع كان لأجل مشقّة عارضة في ذلك اليوم من مرض غالب، أو برد شديد، أو وحل، و نحو ذلك، و هذا تأويل ابن باز معجبا بهذا التأويل، قائلا: و هو جواب عظيم، سديد، شاف.(3)
قال ابن المنذر - ردّا على هذا الاحتمال -: لا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار؛ لأنّ ابن عبّاس قد أخبر بالعلّة فيه، و هو قوله: أراد أن لا يحرج أمّته.(4)
السادس: أنّ الجمع مختصّ بمسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لفضله.
أجاب عنه الغماري المغربي: يكفي في إبطاله أنّ دعوى الخصوصيّة لا تثبت إلاّ بدليل، و أنّ مثل هذه الدعوى لا يعجز عنها أحد في كلّ شيء أراد نفيه من أنواع التشريعات، فأيّ فرق بين ادّعاء الخصوصية في الجمع بين الصلاتين و ادّعائها في الجماعة مثلا. و أنّها خاصّة بمسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لفضله؟ و كذلك في الجمعة و أنّها خاصّة بمسجده و بزمانه و استماع خطبه
ص:232
و كلامه؟ و ما عدا مسجده و زمانه فلا تشرع جمعة و لا جماعة و هكذا سائر أفعاله التي قام الدليل على وجوب التأسّي به فيها، أو استحبابه، و لأنّه لا يجوز ادّعاء الخصوصية به أو بمكانه أو زمانه إلاّ بدليل يدلّ على ذلك، فكيف و قد جمع بعرفة، و مزدلفة، و منى، و تبوك و كثير من البقاع في أسفاره و غزواته؟ و جمع بعده أصحابه في أسفارهم و أوقات ضروراتهم، فهو دليل قاطع على بطلان هذا التأويل.
السابع: أنّ الجمع صوري.
توضيحه: أنّ الجمع على قسمين: حقيقي و صوري. أمّا الحقيقي: معناه الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما كما في يوم عرفة و ليلة المزدلفة.
و أمّا الصوري: تأخير الظهر إلى آخر وقتها، و تعجيل العصر في أوّل وقتها، و قد اختاره الأحناف و المازري. و عياض و القرطبي و ابن سيّد الناس، و إمام الحرمين، و العسقلاني.(1) و أمّا النسبة بين حديث أبي الشعثاء و أحاديث الباب نسبة المقيّد إلى المطلق.(2)
و قد ناقشه جمع من العامّة و ردّه ابن الصدّيق بعشرين وجها كما ناقش الخطابي هذا الاحتمال و فيما يلي نصّ كلامه:
ظاهر اسم الجمع عرفا لا يقع على من أخّر الظهر حتى صلاّها في آخر وقتها، و عجّل العصر فصلاّها في أوّل وقتها؛ لأنّ هذا قد صلّى كلّ صلاة منها في وقتها الخاصّ بها... و إنّما الجمع المعروف بينهما أن تكون الصلاتان معا
ص:233
في وقت إحداهما، ألا ترى أنّ الجمع بعرفة بينهما و مزدلفة كذلك.(1)
الأوّل: عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس قال: صلّيت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة ثمانيا جميعا و سبعا جميعا أخّر الظهر و عجّل العصر، و أخّر المغرب و عجّل العشاء.
و قد استدلّ الشوكاني بهذا الدليل قائلا: فهذا ابن عبّاس راوي الحديث قد صرّح بأنّ ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري.(2)
و الجواب: أنّ التعجيل و التأخير المذكورين - أى التفسير - في الحديث إنّما هو من الراوي(3) لا من ابن عبّاس، و يشهد لذلك ما أورده الصحيحان عن عمرو بن دينار: يا أبا الشعثاء: أظنّه أخّر الظهر و عجّل العصر، و أخّر المغرب و عجّل العشاء، قال أبو الشعثاء، و أنا أظنّ ذلك.
و قد صرّح ابن شاكر في تعليقه على مسند أحمد قائلا: إنّ هذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء و لا حجّة فيه.(4)
الثاني: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لم يصلّ في غير الوقت إلاّ صلاتين: المغرب و العشاء بمزدلفة، و الفجر قبل وقتها. على ما رواه البخاري و النسائي و أبو داود و الموطّأ عن ابن مسعود: ما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى صلاة لغير ميقاتها إلاّ
ص:234
صلاتين، جمع المغرب و العشاء بالمزدلفة، و صلّى الفجر يومئذ قبل وقتها.(1)
و يرد عليه أوّلا: هذا الحصر ينافي جمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بين الصلاتين في عرفة، و في السفر، فلا يمكن الأخذ بهذا الحديث.
قال النووي: هو متروك الظاهر بالإجماع في صلاتي الظهر و العصر بعرفات.(2)
ثانيا: ينافي ما ورد عن ابن عبّاس، بل و عن ابن مسعود نفسه من الجمع في المدينة، و ما ورد من جمع ابن عبّاس بالبصرة.
الثالث: ما عن ابن عمر: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فكان يؤخّر الظهر و يعجّل العصر، فيجمع بينهما، و يؤخّر المغرب و يعجّل العشاء، فيجمع بينهما.
و قد أشار إليه الشوكاني قائلا: و هذا هو الجمع الصوري، و ابن عمر هو ممّن روى جمعه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة، كما أخرج ذلك عبد الرزّاق.(3)
و الجواب: على فرض الدلالة الجمع الصوري يتعارض مع ما ورد عنه.
فقد ورد عن ابن عمر صريحا بجمع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في الحضر.
روى ابن عمر: جمع لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مقيما غير مسافر بين الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، فقال رجل لابن عمر: لم ترى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك؟ قال: لئلاّ يحرج أمّته إن جمع رجل.(4)
كما ثبت أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله جمع في السفر بين الصلاتين.
ص:235
روى أنس بن مالك، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما.(1)
علّق النووي قائلا: و هو صريح في الجمع في وقت الثانية.(2)
تصريح النووي: و هذا - يعني التأويل بالجمع الصوري - ضعيف أو باطل؛ لأنّه مخالف للظاهر، مخالفة لا تحتمل فعل ابن عبّاس الذي ذكرناه حين خطب، و استدلاله بالحديث لتصويب فعله، و تصديق أبي هريرة له، و عدم إنكاره صريح في ردّ هذا التأويل.(3)
ادّعى الترمذي و تقي الدين السبكى إجماع أهل العلم على ترك العمل بحديث ابن عبّاس.(4)
أقول: و هي دعوى باطلة و يشهد بذلك:
1. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: أمّا حديث ابن عبّاس، فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل لهم أقوال.(5)
2. قال الآلوسي ردّا على كلام الترمذي: إنّه ناشئ من عدم التتبّع.(6)
3. قال الشوكاني: و قد استدلّ بحديث الباب، القائلون بجواز الجمع
ص:236
مطلقا بشرط أن لا يتّخذ ذلك خلقا و عادة.(1)
4. قال الشوكاني: و رواه ابن مظفّر في البيان عن عليّ عليه السّلام، و زيد بن عليّ، و الهادي، و أحد قولي الناصر، و أحد قولي المنصور.(2)
5. و حكى في البحر عن البعض أنّه (منع الجمع) إجماع، و منع ذلك مسندا بأنّه قد خالف في ذلك من تقدّم.(3)
1. قال ابن رشد: أمّا الجمع: فإنّه يتعلّق به ثلاث مسائل: إحداها: جوازه و... أمّا جوازه: فإنّهم أجمعوا على أنّ الجمع بين الظهر و العصر في وقت الظهر بعرفة سنّة، و بين المغرب و العشاء بالمزدلفة أيضا في وقت العشاء سنّة أيضا، و اختلفوا في الجمع في غير هذين المكانين، فأجازه الجمهور على اختلاف بينهم في المواضع التى يجوز فيها من التي لا يجوز، و منعه أبو حنيفة و أصحابه بإطلاق....(4)
2. السرخسي: قال مالك: إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، فإذا مضى بقدر ما يصلّى فيه أربع ركعات دخل وقت العصر، فكان الوقت مشتركا بين الظهر و العصر إلى أن يصير الظلّ قامتين؛ لظاهر حديث إمامة جبرئيل.(5)
3. ابن حجر: و ممّن قال به ابن سيرين، و ربيعة، و أشهب من أصحاب
ص:237
مالك، و ابن المنذر و القفّال الكبير، و حكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث و أضاف: ما ذكره ابن عبّاس من التعليل بنفي الحرج ظاهر في مطلق الجمع.(1)
4. ابن رشد: أجازه جماعة من أهل الظاهر(2) و أشهب من أصحاب مالك.
5. قال النووي: و يؤيّده ظاهر قول ابن عبّاس: أراد أن لا يحرج أمّته، فلم يعلّله بمرض و لا غيره.
و قال أيضا: و حكى إمام الحرمين قولا أنّه يجوز الجمع بين المغرب و العشاء في وقت المغرب و هو مذهب مالك. و قال ابن المنذر من أصحابنا:
يجوز الجمع في الحضر من غير خوف و لا مطر و لا مرض. و حكاه الخطابي في معالم السنن عن القفال الكبير الشاشي، عن أبي إسحاق المروزي.
و حكى ابن المنذر عن طائفة جوازه بلا سبب.(3)
6. حامد بن حسن: روي جواز الجمع بغير عذر عن عبد اللّه بن الحسن، و زيد بن عليّ، و الناصر، و الحسن بن يحيى بن زيد، و المتوكّل على اللّه أحمد بن سليمان، و المهدي أحمد بن الحسين، و المنصور باللّه عبد اللّه بن حمزة، و المتوكّل: المطهّر بن يحيى، و ولده المهدي محمد، و اختاره الحسن بن عليّ بن داود، و المنصور باللّه القاسم بن محمد، و ولده المؤيّد باللّه، و المفتي، و النخعي و غيرهم. و رواه ابن مظفّر في البيان، عن عليّ عليه السّلام.(4)
ص:238
7. المحدّث إبن الصدّيق الغمارى: فإنّه أفرد كتابا لذلك و سماه إزالة الحظر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر... و لكنّه قيّد الجواز بعدم اتّخاذه عادة.
8. القاضي أحمد بن محمد بن شاكر الشافعي: بعد حكاية مذهب ابن سيرين في جواز الجمع... قال: هذا هو الصحيح الذي يؤخذ من الحديث، و أمّا التأويل بالمرض أو العذر أو غيره: فإنّه تكلّف لا دليل عليه.
و أضاف: و في الأخذ بها رفع كثير من الحرج عن أناس قد تضطرّهم أعمالهم أو ظروف قاهرة إلى الجمع بين الصلاتين، و يتأثّمون بذلك، ففى هذا ترفيه لهم، و إعانة على الطاعة ما لم يتّخذه عادة، كما قال ابن سيرين.(1)
بعد أن ثبت جواز الجمع بين الصلاتين، و أنه مرخّص فيه شرعا، ينبغي بل يستحبّ الاخذ برخص اللّه تعالى، كما ورد في الأحاديث:
1. عن ابن عبّاس، عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله «إنّ اللّه يحبّ أن تؤتى رخصه، كما يحبّ أن تؤتى عزائمه».(2)
2. عن ابن عمر: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «إنّ اللّه يحبّ أن توتى رخصه كما لا يحبّ أن توتى معاصيه».(3)
3. عن أنس بن مالك: إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «إنّ اللّه يحبّ أن تقبل رخصه، كما يحبّ العبد مغفرة ربّه».(4)
ص:239
4. و عن ابن عمر: قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «من لم يقبل رخصة اللّه كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة».(1)
1. عن ابن عبّاس: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «من جمع بين الصلاتين من غير عذر، فقد أتى بابا من أبواب الكبائر».(2)
و لكن في السند «حنش» و هو لقب الحسين بن قيس الرحبي أبي عليّ الواسطي، قال البخاري: أحاديثه منكرة جدّا، و لا يكتب حديثه، و قال أحمد: ضعيف الحديث، و كذلك سائر أئمّة هذا الفنّ.(3)
و قال البيهقي: و هو ضعيف عند أهل النقل لا يحتجّ بخبره.(4)
2. عن أبي العالية: إنّ عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري: اعلم أنّ الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر.
أقول: و الحديث مرسل، صرّح بذلك البيهقي قائلا: مرسل، أبو العالية لم يسمع من عمر، و تعقّبه ابن التركماني الحنفي بأنّه صلّى خلف عمر.(5)
أقول: و لكن صلاته خلف الخليفة أعمّ من روايته عنه، كما قال العسقلاني: إنّه (أبو العالية) دخل على أبي بكر، لكنّ شيئا من ذلك لا يقتضي
ص:240
السماع كما لا يخفى و لقد كان في الصحابة من لقي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و لم يسمع منه.
فليس تعقّب ابن التركماني بشيء.(1)
أضف إلى ذلك أنّ الخليفة لم يرفعه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، فيحتمل أن يكون ذلك اجتهادا و رأيا منه، و قد صرّح الغزالي بعدم حجّيّة قول الصحابي، و جعل القول بحجّيّته من الأصول الموهومة. قال: الأصل الثاني من الأصول الموهومة: قول الصحابي، و قد ذهب قوم إلى أنّ مذهب الصحابي حجّة مطلقا. و قوم إلى أنّه حجّة إن خالف القياس. و قوم إلى أنّ الحجّة في قول أبي بكر و عمر خاصّة لقوله: «اقتدوا باللذين من بعدي». و قوم إلى أنّ الحجّة في قول الخلفاء الراشدين إذا اتّفقوا. و هو باطل عندنا؛ فإنّ من يجوز عليه الغلط و السهو و لم تثبت عصمته عنه، فلا حجّة في قوله، فكيف يحتجّ بقولهم مع جواز الخطأ عليهم.(2)
ص:241
ص:242
ص:243
ص:244
الوضوء
السيوطي: أخرج البيهقي و أبو نعيم عن عروة بن الزبير أنّ جبرئيل لمّا نزل على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في أوّل البعثة، ففتح عينا من ماء فتوضّأ و محمد صلّى اللّه عليه و آله ينظر إليه، فغسل وجهه و يديه إلى المرفقين، و مسح برأسه و رجليه إلى الكعبين، ففعل محمد صلّى اللّه عليه و آله كما رأى جبرئيل يفعل.(1)
أوّل من نقل عنه الخلاف في صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الخليفة الثالث و لكن يبدو من بعض النصوص أنّ الخلاف كان من عهد الخليفة الثاني، كما عن الطبراني في الأوسط و سيأتي الإشارة إليه.
1. المتّقي الهندي: عن أبي مالك الدمشقي،(2) قال: حدّثت أنّ
ص:245
عثمان بن عفّان اختلف في خلافته في الوضوء، فاذّن للنّاس فدخلوا عليه فدعا بماء فغسل.(1)
2. مسلم: عن حمران مولى عثمان، قال: أتيت عثمان بن عفّان بوضوء فتوضّأ ثمّ قال: إنّ ناسا يتحدّثون عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأحاديث لا أدري إلاّ أنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضّأ مثل وضوئي هذا، ثمّ قال: من توضّأ هكذا غفر له ما تقدّم من ذنبه.(2)
3. المتّقي الهندى: عن أبي علقمة، عن عثمان بن عفّان أنّه دعا يوما بوضوء ثمّ دعا ناسا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فأفرغ بيده.... ثم قال:
أكذلك يا فلان؟ قال: نعم. ثمّ قال: أ كذلك يا فلان؟ قال: نعم، حتى استشهد ناسا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله....(3)
يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاٰةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ؛(4)
أوّلا: الآية في مقام بيان حدّ غسل اليد، و أنّ حدّه إلى المرفق، لا أكثر و لا أقلّ، و ليست في مقام بيان الكيفيّة للغسل، بل هي مطلقة من هذا الحيث.
أضف إلى ذلك أنّ «إلى» بمعنى «مع» كما في قوله تعالى وَ لاٰ تَأْكُلُوا
ص:246
أَمْوٰالَهُمْ إِلىٰ أَمْوٰالِكُمْ ؛(1) فلا يمكن الاستدلال بالآية على الكيفيّة، و أنّها من الأسفل إلى الأعلى.
ثانيا: مقتضى الفهم العرفي هو الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
1. الفخر الرازي: فإن صبّ الماء على المرفق حتى سال إلى الكفّ، فقال بعضهم: هذا لا يجوز؛ لأنّه تعالى قال وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ فجعل المرافق غاية الغسل، فجعله مبدأ الغسل خلاف الآية، فوجب أن لا يجوز، قال الجمهور من الفقهاء: إنّه لا يخلّ بصحّة الوضوء إلاّ أنّه يكون تركا للسنّة.(2)
أقول: و سيأتى أنّ هذا ليس من السنّة.
2. العلاّمة الطبرسي: أجمعت الأمّة على أنّ من بدأ من المرفقين في غسل اليدين صحّ وضوؤه و اختلفوا في صحّة وضوء من بدأ من الأصابع إلى المرفق.(3)
وردت في كتب أهل السنّة أحاديث صحاح تصرّح بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يمسح على قدميه، و هكذا كان عليّ عليه السّلام و بعض الصحابة يمسح على قدميه بدلا من غسله، و إليك النصوص:
ص:247
1. روى المتّقي الهندي عن ابن أبي شيبة و مسند أحمد، و تأريخ البخاري، و مسند العدني و مصباح السنة للبغوي، و مسند الباوردي، و المعجم الكبير و جامع أبى نعيم: عن عبّاد بن تميم عن أبيه، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ و يمسح على رجليه.(1)
يقول ابن حجر: رجاله ثقات.(2)
2. روى ابن أبي شيبة، عن ابن عيينة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد اللّه بن زيد أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله توضّأ فغسل وجهه ثلاثا، و يديه مرّتين، و مسح برأسه و رجليه مرّتين.(3)
و رجاله ثقات.(4)
و الجدير بالذكر أنّ البخاري يروي عن عبد اللّه بن زيد غسل الرجلين مع أنّ ابن أبي شيبة يروي عنه المسح.
3. حدّثنا محمد بن بشر، قال: حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن حمران، قال: دعا عثمان بماء فتوضّأ ثمّ ضحك، فقال:
ألا تسألوني ممّا أضحك؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، ما أضحكك؟ قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله توضّأ كما توضّأت، فمضمض، و استنشق، و غسل وجهه ثلاثا و يديه ثلاثا، و مسح برأسه و ظهر قدميه.(5)
ص:248
إنّ الذهبي يوثّق هؤلاء الخمسة نقلا عن علماء الرجال، و الرواة هم ما يلي: قتادة و مسلم بن يسار، و حمران -(1) و لكن البخاري يروي عن حمران: أنّ عثمان غسل رجليه بدلا من المسح.
4. الطبرى: هشيم، قال: ثنا يعلى بن عطا عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أتى سباطة قوم فتوضّأ و مسح على قدميه.(2)
أقول: إنّ هشيما و يعلى بن عطاء و عطاء العامري مورد لقبول علماء الرجال.(3)
5. في مسند أحمد: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبو خيثمة، و ثنا إسحاق بن إسماعيل، قالا: ثنا جرير عن منصور، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: صلّينا مع عليّ رضي اللّه عنه، الظهر، فانطلق إلى مجلس له يجلسه في الرّحبة، فقعد و قعدنا حوله، ثمّ حضرت العصر فأتى بإناء فأخذ منه كفّا فتمضمض، و استنشق، و مسح بوجهه و ذراعيه، و مسح برأسه، و مسح برجليه ثمّ قام فشرب فضل إنائه، ثمّ قال: «... إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل كما فعلت».(4)
أمّا إسحاق بن إسماعيل: فهو صدوق لا بأس به، كما قاله
ص:249
يحيى بن معين.(1) و أمّا جرير: فهو ثقة كثير العلم يرحل إليه، كما عن ابن سعد.(2) و أمّا منصور: فهو لا يروي إلاّ عن ثقة كما عن داود. و عن العجلي:
كوفي ثقة، ثبت في الحديث.(3)
و أمّا عبد الملك بن ميسرة: فهو ثقة عند النسائي و ابن خراش و ابن معين.(4)
و أمّا النزال بن سبرة: فهو كوفي، تابعي، ثقة، كما عن العجلي.(5)
6. و فيه أيضا: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، ثنا وكيع، ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: «كنت أرى أنّ باطن القدمين أحقّ بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمسح ظاهرهما».(6)
و أمّا أبو إسحاق السبيعي، فهو ثقة، حجّة بلا نزاع،(1) كما عن الذهبي.
و أمّا عبد خير: فهو كوفي، تابعي،(2) ثقة، كما عن العجلي.
7. أورد الحاكم النيسابوري(3) أحاديث متعدّدة، و بطرق متعدّدة عن رفاعة بن رافع الصحابي في تعليم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعض أصحابه الوضوء، و قد أمره بالمسح على قدميه.
و قد صحّح الذهبى حديثا واحدا - على شرط الشيخين - من تلك الأحاديث و إليك به:
حجّاج بن منهال، ثنا همام، ثنا إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، ثنا عليّ بن يحيى بن خلاّد عن أبيه، عن عمّه رفاعة بن رافع، أنّه كان جالسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذ جاءه رجل، فدخل المسجد، فصلّى، فلمّا قضى صلاته جاء فسلّم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و على القوم، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «ويلك! ارجع، فصلّ؛ لأنّك لم تصلّ» و ذكر ذلك مرّتين أو ثلاثا. فقال الرجل: ما أدري ما عبت عليّ من صلاتي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «إنّها لا تتمّ صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره اللّه، فيغسل وجهه و يديه إلى المرفقين، و يمسح رأسه و رجليه إلى الكعبين ثم يكبّر».
8. في مسند أحمد: حدّثنا عبد اللّه، حدّثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا سعيد عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبى مالك الأشعري، أنّه قال لقومه: اجتمعوا أصلّي بكم صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،
ص:251
فلمّا اجتمعوا، قال: هل فيكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا ابن أخت لنا، قال:
ابن أخت القوم منهم، فدعا بجفنة فيها ماء، فتوضّأ، و مضمض، و استنشق، و غسل وجهه ثلاثا، و ذراعيه ثلاثا ثلاثا، و مسح برأسه و ظهر قدميه، ثم صلّى بهم.(1)
أمّا محمد بن جعفر (غندر) فعن الذهبي: أنّه الحافظ المجوّد، الثبت، اتّفق أرباب الصحاح على الاحتجاج به.(2)
و أمّا شهر بن حوشب، فعن الذهبي: كان من كبار علماء التابعين.(3)
و أمّا سعيد بن أبي عروبة، و قتادة: فقد مرّ الكلام في توثيقهما.
و أمّا عبد الرحمن بن غنم: فعن الذهبي: أنّه الفقيه الإمام.(4)
9. روى ابن الأثير عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه أنّ أبا جبير قدم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مع ابنته التي كان تزوّجها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بوضوء فغسل يديه فأنقاهما، ثم مضمض فاه، و استنشق بماء، ثمّ غسل وجهه و يديه إلى المرفقين ثلاثا، ثمّ مسح رأسه و رجليه.(5)
10. السيوطي عن الطبراني - في الأوسط - عن ابن عبّاس أنّه قال:
ص:252
ذكر المسح على القدمين عند عمر سعد و عبد اللّه بن عمر، فقال عمر: سعد أفقه منك، فقال عمر: يا سعد؛ إنّا لا ننكر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مسح، و لكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة فإنّها أحكمت كلّ شيء و كانت آخر سورة من القرآن إلاّ براءة؟.(1)
1. إنّ سعد بن أبي وقّاص كان يرى المسح بدلا عن الغسل.
2. اعتراف عمر بن الخطّاب بأنّ عمل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان هو المسح قبل نزول سورة المائدة.
3. لو كانت الآية ناسخة للمسح لابدّ من بيان أوضح، مع أنّها مجملة. ثمّ مع هذه الروايات الصريحة في أنّ فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان هو المسح، هل يبقى مجال لقبول الروايات التي مفادها الغسل، فلا يمكن الأخذ بها حتى و لو كانت كثيرة؛ لأنّها لا تفيد القطع و اليقين؟ فكيف و أنّها ليست متواترة أو لم يثبت تواترها؛ إذ أنّ الصحابة الذين نقل عنهم الغسل، ورد عنهم المسح أيضا.
أضف إلى ذلك أنّ الغسل مخالف لظاهر القرآن: فَامْسَحُوا... .
قال أبو جعفر عليه السّلام: «ألا أحكي وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟» فقلنا: بلى فدعا بقعب فيه شيء من ماء، فوضعه بين يديه، ثمّ حسر عن ذراعيه، ثمّ غمس فيه
ص:253
كفّه اليمنى، ثمّ قال: «هكذا إن كانت الكفّ طاهرة» ثمّ غرف ملأها ماء فوضعها على جبهته ثمّ قال: «بسم اللّه» و سدله على أطراف لحييه ثمّ أمرّ يده على وجهه و ظاهر جبهته مرّة واحدة، ثمّ غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها، ثمّ وضعه على مرفقه اليمنى فأمرّ كفّه على ساعده حتّى جرى الماء على أطراف أصابعه، ثمّ غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه اليسرى، فأمرّ كفّه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه و مسح مقدّم رأسه و ظهر قدميه ببلّة يساره و بقية بلّة يمناه.(1)
و هناك روايات أخرى عن أهل البيت عليهم السّلام، و لكنّا نكتفي بهذه الرواية رعاية للاختصار.
ثم إنّ الأحاديث الدالّة على غسل الرجلين على أقسام: القسم الأوّل:
حكاية وضوء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. القسم الثاني: أمر النبيّ بغسل الرجلين.
القسم الثالث: تهديد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الأعقاب التي لا تغسل بالنار.
1. البخاري: عن حمران مولى عثمان بن عفّان أنّه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلها ثلاث مرّات...، ثمّ غسل وجهه ثلاثا، و يديه إلى المرفقين ثلاثا، ثمّ مسح برأسه، ثمّ غسل كلّ رجل ثلاثا، ثمّ قال: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يتوضّأ نحو وضوئي هذا....(2)
أقول: حمران هو ابن أبان، و كان حاجب عثمان، و لكن نفاه عثمان بعد ما
ص:254
غضب عليه. و عن ابن سعد: كان كثير الحديث، و لم أرهم يحتجّون بحديثه.(1)
2. و فيه: عن عبد اللّه بن زيد، قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فأخرجنا له ماء في تور(2) من صفر، فتوضّأ فغسل وجهه ثلاثا، و يديه مرّتين مرّتين. و مسح برأسه... و غسل رجليه.(3)
هذا قسم من الأحاديث التي فيها حكاية وضوء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و قسم أخذ فيها أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بغسل الرجلين، و منها ما يلي:
1. الدارقطني: عن جابر بن عبد اللّه قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله - إذا توضّأنا للصلاة - أن نغسل أرجلنا.(4)
و قسم ثالث فيها هدّد بالنار، و عذاب الآخرة في الأعقاب التي لا تغسل.
1. البخاري: عن عبد اللّه بن عمرو، قال: تخلّف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عنّا في سفرة سافرناها، فأدركنا و قد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضّأ و نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: «ويل للأعقاب من النار» مرّتين أو ثلاثا.(5)
و الجواب أوّلا: لا دلالة في هذا النوع من الأحاديث على وجوب الغسل بدلا عن المسح، و أنّ الغسل جزء من الوضوء، بل المقصود شجب الذين يصلّون و أرجلهم غير طاهرة، بل ملوّثة، و يشهد له أنّ الراوي نسب المسح إلى جمع من الصحابة حيث قال: فجعلنا نتوضّأ و نمسح على أرجلنا.
ص:255
و القرينة الثانية: لو كان مقصود النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هو أنّ الغسل جزء الوضوء لا المسح، لكان اللازم عليه أن يردع بالصراحة و يقول مثلا: «اغسلوا الأرجل و لا تمسحوا عليها».
ثانيا: أنّ الأحاديث الأخرى التي مفادها أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله غسل بدل المسح، أو أمر بالغسل، فهي مخالفة للآية: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ .
ثالثا: أنّها مخالفة للروايات الصحيحة الصريحة التي مفادها أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مسح على رجليه... و قد تقدّمت تلك الروايات.
11. الطبري: قال موسى بن أنس لأنس: - و نحن عنده - يا أبا حمزة؛ إنّ الحجّاج خطبنا بالأهواز و نحن معه، فذكر الطهور، فقال: اغسلوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ ، وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ ، و أنّه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى خبثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما و ظهورهما و عراقيبهما، فقال أنس: صدق اللّه و كذب الحجّاج، قال اللّه تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ .(1)
في الآية جملتان 1. «فَاغْسِلُوا» ؛ 2. «وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ» و الجملة الثانية ارتباطها بالأولى من طريق العطف فقط، فلو قرئ أرجلكم بالكسر لكان عطفا على رؤسكم، و لكان معناه: لزوم المسح. كما لو قرئ بالنصب، لكان عطفا على محلّ «رؤسكم». و هذا النحو من العطف شائع عند
ص:256
العلماء، كما يقول في مغني اللبيب: «ليس زيد بقائم و لا قاعدا» إذن سواء على الجرّ بالعطف على اللفظ، أو النصب بالعطف على المكان - المحلّ - يكون المعنى واحدا و هو مسح الرجلين.
لقد عطف كثير من السنّة «أَرْجُلَكُمْ» على «وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ» و قرأها بالنصب. فيكون: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ و أَرْجُلَكُمْ .
و الجواب: أنّ الارتكاز العرفي و الذوق السليم يأبى هذا الفصل، كما تقول: أكرمت زيدا و عمرا، و ضربت خالدا، و بكرا... بأن يكون بكر معطوفا على عمرو، فيكون موردا للإكرام لا الإهانة كما يلي:
1. و ذلك لأنّ الأصل يقتضي عدم الفصل بين الجملتين بالجملة الاعتراضية.
2. فلو كان المعطوف صالحا لأن يرجع إلى الأخير لا معنى لأن يرجع إلى ما قبله، كما صرّح بذلك الفخر الرازي حيث قال:
«ظهر أنّه يجوز أن يكون عامل النصب في قوله: «وَ أَرْجُلَكُمْ» * هو قوله:
«وَ امْسَحُوا» و يجوز أن يكون هو قوله: «فَاغْسِلُوا» لكن العاملان إذا اجتمعا على معمول واحد كان إعمال الأقرب أولى، فوجب أن يكون عامل النصب في قوله «و أرجلكم» هو قوله: «و امسحوا» فثبت أنّ قراءة «و أرجلكم» بنصب اللام توجب المسح أيضا.»(1)
ص:257
لقد حاول البعض منهم تبرير هذا العطف بذكر مثال و هو: «جحر ضبّ خرب».
فقوله: «خرب» صفة للجحر لا للضبّ، فلا بدّ أن يقرأ بالضم، و لكنّه يقرأ بالكسر مجاورة للضبّ.
و هكذا في الآية الكريمة: «أَرْجُلَكُمْ» * يقرأ بالكسر للمجاورة مع «رؤسكم» و لكنّه مردود عند الشيعة و محققي السنّة بوجوه:
أوّلا: أنّ الجرّ للمجاورة لم يكن من الاستعمالات الفصيحة، بل هو استعمال شاذّ و خلاف القاعدة، فلا بدّ و أن يبرأ كلام اللّه تعالى منه.
ثانيا: إنّما يتمّ المجاورة إذا قامت القرينة القطعيّة حتّى لا يحصل الالتباس، و ذلك مثل المثال المذكور «جحر ضبّ خرب».
ثالثا: أنّ المجاورة إنّما تستعمل فيما لم يكن فيه حرف عطف.
رابعا: الجرّ بالمجاورة غلط، و لا دليل على الجرّ بالمجاورة، و قد صرّح النحاس بذلك.(1)
و قال ابن هشام: و الذي عليه المحقّقون أنّ خفض الجوار يكون في النعت قليلا، كما مثّلنا، و في التوكيد نادرا، لا يكون في النسق (و هو العطف بالواو، و غيره)؛ لأنّ العاطف يمنع من التجاور.(2)
قال السيوطي: لأنّ الجرّ على الجوار ضعيف شاذّ لم يرد منه إلاّ أحرف يسيرة، و الصواب أنّه معطوف على «برؤسكم» على أنّ المراد به مسح الخفّ.(3)
ص:258
إنّ القول بالمسح على الأرجل مرويّ عن عليّ عليه السّلام، و عن ابن عبّاس، و أنس، و الشعبي، و عكرمة، و الحسن، كما روي عن الطبري التخيير بين الغسل و المسح. و فيما يلي نصّ كلام الفقهاء:
1. ابن قدامة غسل الرجلين واجب في قول أكثر أهل العلم، و قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على غسل القدمين.
و روي عن عليّ عليه السّلام أنّه مسح على نعليه و قدميه، ثمّ دخل المسجد فخلع نعليه، ثمّ صلّى، و حكي عن ابن عبّاس أنّه قال: ما أجد في كتاب اللّه إلاّ غسلتين و مستحتين. و روي عن أنس بن مالك: أنّه ذكر له قول الحجّاج:
«اغسلوا القدمين ظاهرهما و باطنهما، و خلّلوا ما بين الأصابع؛ فإنّه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبث من قدميه» فقال أنس: صدق اللّه و كذب الحجّاج، و تلا هذه الآية: فَاغْسِلُوا... و حكي عن الشعبي أنّه قال: الوضوء مغسولان و ممسوحان، فالممسوحان يسقطان في التيمّم. و لم يعلم من فقهاء المسلمين من يقول بالمسح على الرجلين غير من ذكرنا إلاّ ما حكي عن ابن جرير أنّه قال: هو مخيّر بين المسح و الغسل....
و قال أيضا: حدّثنا هشيم، أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبيه، قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي أنّه رأى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتى كظامة(1) قوم بالطائف، فتوضّأ
ص:259
و مسح على قدميه، قال هشيم: كان هذا في أوّل الإسلام....(1)
2. ابن حزم: و قد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف: منهم:
عليّ بن أبي طالب، و ابن عبّاس، و الحسن، و عكرمة، و الشعبي، و جماعة غيرهم، و هو قول الطبري، و رويت في ذلك آثار: منها:
أ) من طريق همام عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة: ثنا عليّ بن يحيى بن خلاّد عن أبيه، عن عمّه - هو رفاعة بن رافع، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول: «إنّها لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره اللّه عزّ و جل ثمّ يغسل وجهه و يديه إلى المرفقين، و يمسح رأسه و رجليه إلى الكعبين».
ب) عن إسحاق بن راهويه: ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش، عن عبد خير، عن عليّ عليه السّلام: «كنت أرى باطن القدمين أحقّ بالمسح حتى رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يمسح ظاهرهما...».(2)
3. الرازي: اختلف الناس في مسح الرجلين و في غسلهما، فنقل القفّال في تفسيره عن ابن عبّاس، و أنس بن مالك، و عكرمة، و الشعبي، و أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر عليه السّلام «أنّ الواجب فيهما المسح» و هو مذهب الإماميّة من الشيعة.(3)
إذن لم يكن القول بغسل الرجلين إجماعيّا، بل إنّ كثيرا من أهل العلم بمن فيهم من الصحابة و التابعين و أتباع التابعين من الفقهاء كانوا يرون المسح على القدمين بدلا من الغسل.
ص:260
1. الرازي: إنّ الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل، و الغسل مشتمل على المسح، و لا ينعكس، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط، فوجب المصير إليه.(1)
و الجواب: يرد عليه أوّلا: الغسل و المسح مفهومان متبائنان، و لا معنى للاحتياط فيها إلاّ بالغسل و المسح معا، لا تقديم الغسل احتياطا!
ثانيا: مقتضى عطف المسح على الغسل هو التغاير بينهما، و أنّ المطلوب هو المسح لا الغسل.
2. القرطبي: قلت و هو الصحيح: فإنّ لفظ المسح مشترك يطلق بمعنى المسح، و يطلق بمعنى الغسل.
قال الهروي: أخبرنا الأزهري... عن أبي زيد الأنصاري قال: المسح في كلام العرب يكون غسلا و يكون مسحا، و منه يقال للرجل إذا توضّأ فغسل أعضاءه: قد تمسّح... فإذا ثبت بالنقل عن العرب أنّ المسح يكون بمعنى الغسل، فترجّح قول من قال: إنّ المراد بقراءة الخفض الغسل.(2)
يرد عليه أوّلا: أنّ الغسل و المسح متباينان، و استعمال المسح في الغسل أعمّ من وضع اللفظ له.
ثانيا: أنّ إطلاق المسح على الغسل لعلّه لأجل المناسبة و هي حصول المسح في غسل الأعضاء، و لعلّه لأجل إزالة القذارة المعنويّة.
ص:261
ثالثا: مجيء المسح عقيب الغسل في الآية قرينة على اختلاف المعنى في المراد من اللفظي.
رابعا: في الآية كلمة «و امسحوا» و المراد هو مسح الرأس، فإن كان المراد بالنسبة إلى الرجل هو الغسل، لزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين، و هو غير ممكن.
هذا حاصل ما خطر ببالي من البحث و التحقيق في مسألة الوضوء عند الفريقين. و الحمد أوّلا و آخرا.
ص:262
ص:263
ص:264
عاشوراء - على وزن فاعولاء ممدودا و مقصورا، مجرّدا عن لام التعريف - هو اليوم العاشر من المحرّم. و يقال: التاسع منه(1) و هو اسم إسلاميّ لم يعرف في الجاهليّة،(2) و هو مشتقّ من العشر الذي هو اسم للعدد المعيّن. و قيل: إنّه معدول عن عاشرة، للمبالغة و التعظيم. و قيل: مأخوذ من العشر - بالكسر - في أوراد الإبل، تقول العرب: وردت الإبل عشرا إذا وردت اليوم التاسع. و قيل: هو في الأصل: صفة لليلة العاشر؛ لأنّه مأخوذ من العشر الذي هو اسم الفعل و اليوم مضاف إليها، فإذا قيل: يوم عاشوراء فكأنّه قيل:
يوم الليلة العاشرة.(3)
يظهر من بعض الروايات أنّ عاشوراء ممّا عرّفه اللّه لبعض الأنبياء عليهم السّلام،
ص:265
كما في حديث مناجاة موسى عليه السّلام و قد قال: «يا ربّ لم فضّلت أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله على سائر الأمم؟ فقال اللّه تعالى:... فضّلتهم لعشر خصال...
و عاشوراء...».(1)
تارة الكلام في حكمه قبل نزول صوم رمضان، و أخرى حكمه بعد ذلك.
أمّا الأوّل: فقد اختلف فقهاؤنا في أنّه هل كان واجبا أم لا؟ فعن المحقّق النجفي في الجواهر، و المحقّق القمّي في الغنائم، و السيّد الموسوي العاملي في المدارك(2) الأوّل، كما أنّ ذلك هو مفاد رواياتنا أيضا، فعن الباقر عليه السّلام: «كان صومه قبل شهر رمضان، فلمّا نزل شهر رمضان ترك».(3)
و أمّا باقي المذاهب الإسلاميّة؛ فعن أبي حنيفة أنّه كان واجبا. و أكثر أهل السنّة على عدم الوجود، كما عن النووي. و للشافعي قولان، و لأحمد(4)روايتان، و بعض فقهائنا اكتفى بنقل الخلاف من دون ترجيح جانب من
ص:266
الاختلاف، كالعلاّمة الحلّي في التذكرة و المنتهى، و المحقّق السبزواري في الذخيرة.(1)
الأمر الثاني: حكمه بعد نزول صوم رمضان، فهو مختلف فيه رواية و رأيا عند الفريقين.
أمّا عندنا: فالروايات على طائفتين منها ما تنهى عن الصوم في يوم عاشوراء، و أنّه صوم متروك أو منهيّ عنه، أو أنّه بدعة و ما هو يوم صوم، أو أنّه صوم الأدعياء، أو أنّ حظّ الصائم فيه هو النار، أو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كان يصومه.
و طائفة أخرى معارضة لها، و أنّ صومه كفّارة سنة، أو أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر الصبيان بالإمساك.
و أمّا روايات العامة: فهي أيضا عندهم مختلفة، ففي بعضها أنّه ما كان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يصوم يوم عاشوراء، أو أنّه لم يأمر به بعد نزول صوم رمضان، كما في صحيح البخاري و صحيح مسلم و سائر السنن. و بعضها تفيد الاستحباب و التأكيد عليه، و قد جمعها الهيثمي في زوائده(2)، و ضعّف و ناقض في كثير من أسانيدها.
أمّا الموافقة من رواياتنا: فهي تسع:(3)
1. صحيحة زرارة عن الباقر عليه السّلام: «كان صومه قبل شهر رمضان، فلمّا نزل
ص:267
شهر رمضان، ترك».
2. رواية زرارة عن الباقر و الصادق عليهما السّلام: «لا تصم في يوم عاشوراء».(1)
و لكن في السند تأمّل.(2)
3. رواية الحسن بن عليّ الوشّاء عن الباقر عليه السّلام: «صوم متروك بنزول شهر رمضان، و المتروك بدعة»(3) و هو قويّ سندا عند المجلسي الأوّل.(4)
4. عن الصادق عليه السّلام: «أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب، و لا جرت به سنّة إلاّ سنّة آل زياد بقتل الحسين بن عليّ عليهما السّلام».(5)
5. رواية عبد الملك عن الصادق عليه السّلام: «أمّا يوم عاشوراء: فيوم أصيب فيه الحسين صريعا بين أصحابه، و أصحابه صرعى حوله «عرات» أفصوم يكون في ذلك اليوم، و ما هو يوم صوم... فمن صامه أو تبرّك به، حشره اللّه مع آل زياد ممسوخ القلب، مسخوط عليه...».(6)
و هي ضعيفة السند عند البعض.(7)
6. رواية جعفر بن عيسى، قال: سألت الرضا عليه السّلام عن صوم عاشوراء، و ما يقول الناس فيه؟ قال: «عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء لمقتل الحسين، و هو يتشاءم به آل محمّد و يتشاءم به أهل الإسلام،
ص:268
و لا يصام و لا يتبرّك به... فمن صامها أو تبرّك بها، لقى اللّه تبارك و تعالى ممسوخ القلب، و كان حشره مع الذين سنّوا صومها و التبرّك بها».(1) و قد عبّر المجلسي الأوّل عن الحديث بالقويّ.(2)
و قال المجلسي الثاني ذيل الرواية:
أمّا صوم يوم عاشوراء: فقد اختلفت الروايات فيه، و الأظهر عندي أنّ الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقيّة، و إنّما المستحبّ الإمساك على وجه الحزن إلى العصر، لا الصوم... و بالجملة الأحوط ترك صيامه مطلقا.(3)
كما استظهر العلاّمة الطعّان من عبارة «فمن صام أو تبرّك»، إنّ ماهيّة الصوم و نفس الإمساك إلى الغروب بنيّة الصوم مورد الكراهة عند أئمّة أهل البيت....(4)
7. رواية زيد النرسي عن الصادق عليه السّلام: «من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة و آل زياد» و... قلت: (الراوي) و ما كان حظّهم من ذلك اليوم؟ قال: «النار أعاذنا اللّه من النار و من عمل يقرّب من النار».(5)
و قد وصفها المجلسي الأوّل بالحسن كالصحيح.(6)
ص:269
8. رواية ابن أبي غندر عن الصادق عليه السّلام: «فإن كنت شامتا، فصم - ثمّ قال: - إنّ آل أمية - عليهم لعنة اللّه و من أعانهم على قتل الحسين عليه السّلام من أهل الشام - نذروا نذرا إن قتل الحسين و سلم من خرج إلى الحسين عليه السّلام و صارت الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتّخذوا ذلك اليوم عيدا لهم، يصوموا فيه شكرا، و يفرّحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سنّة إلى اليوم في الناس، و اقتدى بهم الناس جميعا، فلذلك يصومونه و يدخلون... أنّ الصوم لا يكون للمصيبة، و لا يكون إلاّ شكرا للسلامة، و أنّ الحسين أصيب يوم عاشوراء، فان كنت فيمن أصيب به، فلا تصم، و إن كنت شامتا ممّن سرّك سلامة بني أمية، فصم شكرا للّه».(1)
و هذه الروايات المانعة و إن كان بعضها ضعيفا و لكنّ استفاضتها، و وجودها، في الكتب المعتبرة - و موافقتها لسيرة المتشرّعة، و أصحاب الأئمّة من عدم صيامهم، بل و للأئمّة عليهم السّلام ممّا - يخرجها عن الضعف، إضافة إلى اعتبار سندها عند الشيخ الطوسي، حيث إنّه جمع بينها و بين الروايات المجوّزة، و هذا الجمع دليل على الاعتبار السنديّ، و إضافة إلى وثاقة الحسين بن عليّ الهاشمي الذي قد يرمى بالإهمال و المجهوليّة.
1. عن الكاظم عليه السّلام: «صام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم عاشوراء».(2) و هذه الرواية
ص:270
و إن كانت موثّقة عند المجلسي(1) و لكن حملها المحقّق القمّي على التقية.(2)
2. رواية القدّاح عن الباقر عليه السّلام: «صيام عاشوراء كفّارة سنة».(3) و هي مجهولة عند المجلسي.(4)
3. رواية كثير النوى: «لزقت السفينة يوم عاشوراء...».(5)
و هي ضعيفة السند، و حملت على التقيّة، و أنّ البركات المذكورة فيها من أكاذيب العامة.(6)
4. رواية مسعدة بن صدقة عن عليّ عليه السّلام: «صوموا العاشوراء، التاسع و العاشر؛ فإنّه يكفّر ذنوب سنة».(7)
و هي ضعيفة السند و محمولة على التقية.(8)
5. رواية حفص بن غياث: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كثيرا ما يتفل يوم عاشوراء في أفواه أطفال المراضع من ولد فاطمة عليهما السّلام من ريقه، و يقول: لا تطعموهم شيئا إلى الليل...».(9)
ص:271
و هي ضعيفة السند، قاصرة الدلالة.(1)
6. رواية الزهري عن الإمام زين العابدين عليه السّلام: «أمّا الصوم الذي صاحبه فيه بالخير... صوم عاشوراء».(2)
و هي ضعيفة سندا و تعرّضنا للبحث عن الزهري في كتابنا «منهجيّة البخاري في صحيحه»، و محمولة على التقيّة، كما صرّح بذلك المجلسيان، و أنّ الأخبار في ذمّ الصوم، و أنّه يوم تبرّكت به بنو أمية لعنهم اللّه - بقتلهم الحسين عليه السّلام كثيرة.(3)
7. رواية الجعفريات كان عليّ عليه السّلام يقول: «صوموا يوم عاشوراء...».(4)
لكن في اعتبار كتاب الجعفريات كلام، و قد ضعّفه المحقّق النجفي فى الجواهر.(5)
8. رواية الصدوق: «فمن صام ذلك اليوم، غفر له ذنوب سبعين سنة».(6)
و لكنّها ضعيف السند، و معارضة بأقوى منها.
فهي كثيرة، و يظهر عليها التهافت و التعارض ممّا ألجأ الشرّاح و المحشّين
ص:272
للصحاح و السنن إلى استخدام التأويلات و التمحّلات مع الغضّ عن الإشكالات.
1. أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: «يوم عاشوراء إن شاء صام».(1)
2. كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أمر بصيام يوم عاشوراء، فلمّا فرض رمضان كان من شاء صام و من شاء أفطر.(2)
3. كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهليّة، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يصومه، فلمّا قدم المدينة و أمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، و من شاء تركه.(3)
4. قال صلّى اللّه عليه و آله: «أنا أحقّ بموسى منكم، فصامه و أمر بصيامه».(4)
5. أمر النبيّ رجلا من أسلم أن «أذّن في الناس، إنّ من كان أكل، فليصم بقيّة يومه، و من لم يكن، فليصم يوم عاشوراء».(5)
6. «صيام عاشوراء أحتسب على اللّه أن يكفّر السنة التي قبله».(6) و أورده ابن عدي في الضعفاء.(7)
7. عن أبي إسحاق: ما رأيت أحدا كان آمر بصيام عاشوراء من عليّ
ص:273
و أبي موسى».(1)
و أبو إسحاق رمي بالتدليس، و بإفساده حديث أهل الكوفة.(2)
8. عن جابر بن سمرة: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يأمرنا بصيام عاشوراء...
فلمّا فرض رمضان لم يأمرنا به، و لم ينهنا عنه....(3)
و واضح عدم الدلالة على الرجحان و لا الاستحباب... مع الغضّ عن الإشكال في السند بجعفر بن أبي ثور.
9. عن قيس: كنّا نصوم يوم عاشوراء و نعطي زكاة الفطرة... قبل أن ينزل علينا صوم رمضان و الزكاة، فلمّا نزلا لم نؤمر بهما و لم ننه عنهما، و كنّا نفعله.(4) و لكن لم يفهم منه الرجحان إضافة إلى الإشكال السنديّ.
10. إنّ عمر أرسل إلى الحارث بن هشام: أنّ غدا يوم عاشوراء، فصم و أمر أهلك أن يصوموا.(5)
و الحديث مرسل، و لم ينسبه إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مضافا إلى أنّه ليس بمشرّع.
11. عن أبي غطفان حين صام النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يوم عاشوراء، أمرنا بصيامه...
فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع.(6)
و هي فضلا عن ضعف السند بيحيى بن أيّوب، تنافي ما ورد عن البخاري من أنّه ترك صوم عاشوراء بعد ما فرض رمضان.
ص:274
12. أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصوم يوم عاشوراء.(1)
و هي مرسلة و مفادها الاستمرار، و هي تنافي ما ورد من أنّه صلّى اللّه عليه و آله لم يصم يوم عاشوراء... و قد أورد الهيثمي قرابة ثلاثين حديثا في صوم عاشوراء و ضعّف أكثرها.
13. دخل الأشعث على ابن مسعود و هو يطعم، فقال: اليوم عاشوراء؟ فقال: كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلمّا نزل رمضان ترك، فادن و كل.(2)
و في نصّ آخر عن ابن مسعود أنّه قال: فلمّا فرض شهر رمضان نسخه، ثمّ قال: اقعد، فقعدت، فأكلت.
1. قال العيني: قوله: تصومه في الجاهليّة، يعني قبل الإسلام، و كان رسول اللّه يصوم، أي قبل الهجرة....
قال: هذا الكلام غير موجّه؛ لأنّ الجاهليّة إنّما هي قبل البعثة، فكيف يقول: و إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصومه في الجاهليّة، ثمّ يفسّره بقوله: أي قبل الهجرة، و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أقام نبيّا في مكّة ثلاث عشر سنة، فكيف يقال: صومه كان في الجاهليّة.(3)
2. قال جواد عليّ:... و يظهر أنّه خبر صيام قريش يوم عاشوراء هو خبر متأثّر، و لا يوجد له سند يؤيّده، و لا يعقل صيام قريش فيه و هم قوم مشركون،
ص:275
و صوم عاشوراء هو من صيام يهود، و هو صيام كفّارة و استغفار عندهم، فلم تستغفر قريش و يصومون هذا اليوم؟ و ماذا فعلوا من ذنب ليطلبوا من آلهتهم العفو و الغفران....(1)
3. قال العسقلاني: أفادت تعيين الوقت الذي وقع فيه الأمر بصيام عاشوراء، و قد كان أوّل قدومه المدينة، و لا شكّ أنّ قدومه كان في ربيع الأوّل، فحينئذ كان الأمر بذلك في أوّل السنة الثانية، و في السنة الثانية فرض شهر رمضان، فعلى هذا، لم يقع الأمر بصيام عاشوراء إلاّ في سنة واحدة، ثمّ فوّض الأمر في صومه إلى رأي المتطوّع....(2)
4. و قال القسطلاني: فعلى هذا (ترك يوم عاشوراء) لم يقع الأمر بصومه إلاّ في سنة واحدة، و على تقدير القول بفرضيّته، فقد نسخ و لم يرو عنه إنّه عليه الصلاة و السلام جدّد للناس أمرا بصيامه بعد فرض رمضان، بل تركهم على ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه....(3)
هذه التقارير و عشرات أمثالها إن دلّت على شيء، لدلّت على التهافت و التناقض بين الروايات، و عدم الانسجام فيما بينها، الأمر الذي ألجأ الشرّاح إلى هذه التمحّلات.
أمّا فقهاء العامّة: فهم على القول بالاستحباب رغم مخالفة ابن مسعود
ص:276
و ابن عمر في ذلك، و قولهما بالكراهة.(1)
قال زين الدين الحنفي: قد روي عن ابن مسعود و ابن عمر ما يدلّ على أنّ أصل استحباب صيامه زال.(2)
و قال الشوكاني: كان ابن عمر يكره قصده بالصوم.(3)
و أمّا فقهاء الإماميّة: فعن البعض القول بالحرمة، كالمحدّث البحراني،(4)و المجلسي،(5) و يميل إليه السيّد الخوانساري(6) في جامع المدارك، و النراقى في المستند(7) و الطعّان في رسالته.
و عن الشيخ الأستاذ، الوحيد الخراساني، على الأحوط الوجوبي لا يكون جائزا.(8) و عن جمع آخر: القول بالكراهة و هو رأي أكثر المتأخّرين.(9)
و عن ثالث: باستحباب الإمساك إلى العصر، مع أنّه ليس هو الصوم الاصطلاحي، و هذا قول العلاّمة الحلّي، و الشهيدين: الأوّل، و الثاني: فى الدروس و المسالك، و السبزواري في الذخيرة، و المستند عندهم صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السّلام: ما قولك في صومه؟ فقال لي: «صمه من
ص:277
غير تبييت، و أفطره من غير تشميت، و لا تجعله صوم يوم كاملا، و ليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء؛ فإنّه في مثل هذا الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء على آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله».(1)
و رابع: بالإستحباب مطلقا كالصدوق في الهداية. و المحقق في نكت النهاية و الخونساري في المشارق،(2) و الخوئي في المستند مع اصرار منه في ذلك.(3)
و خامس: بالإستحباب مع قصد الحزن... و هو الرأي المشهور عندنا(4)كما هو قول الشيخ الطوسي في كثير من كتبه، و الشيخ المفيد. و ابن البراج، و ابن زهرة، و الصهرشتي و ابن ادريس و يحيى بن سعيد، و المحقق الحلّي في الشرائع، و الرسائل التسع، و العلاّمة في المنتهى، و الإرشاد، و السبزواري في الكفاية، و المحقق النجفي في الجواهر....
1. قال المحدّث البحراني: «و بالجملة فإنّ دلالة هذه الأخبار على
ص:278
التحريم مطلقا، أظهر ظاهر لكنّ العذر لأصحابنا فيما ذكروه من حيث عدم تتبّع الأخبار كملا و التأمّل فيها... فتحريم صيامه مطلقا من هذه الأخبار أظهر ظاهر».(1)
2. و قال المجلسي: و بالجملة، الأحوط ترك صيامه مطلقا.(2)
3. و قال الخوانساري: و جزم بعض متأخّري المتأخّرين بالحرمة ترجيحا للنصوص الناهية... و الظاهر أنّ هذا أقرب....(3)
4. و قال الطعّان: تصريح الأئمّة بعدم قبول ذلك اليوم؛ لماهيّة الصيام، و يكون نفس الصوم موجبا للحشر مع آل زياد و سائر ما هو مذكور من المهالك.(4)
5. و قال الشهيد الثاني: و الندب من الصوم و صوم عاشوراء على وجه الحزن، قال: أشار بقوله على وجه الحزن إلى أنّ صومه ليس معتبرا شرعا، بل هو إمساك بدون نيّة الصوم؛ لأنّ صومه متروك، كما وردت به الرواية، و ينبّه على قول الصادق عليه السّلام: «صمه من غير تبييت، و أفطره من غير تشميت، و ليكن فطرك بعد العصر، فهو عبارة عن ترك المفطرات اشتغالا عنها بالحزن و المصيبة، و ينبغي أن يكون الإمساك المذكور بالنيّة؛ لأنّه عبادة».(5)
ص:279
ثمّ إنّ أيادي بني أميّة و مرتزقتهم وضعوا أكاذيب في فضل يوم عاشوراء و بركته ما تقشعرّ منه الجلود، فحكم علماؤهم عليها بالوضع و الكذب.
1. فقد رووا: من وسّع على عياله يوم عاشوراء، وسّع اللّه عليه سائر سنته، فحكم عليه ابن الجوزي و ابن تيميّة بالوضع.
قال ابن الجوزي: تمذهب من الجهّال بمذهب أهل السنّة، فقصدوا غيط الرافضة، فوضعوا أحاديث في فضل عاشوراء.(1)
2. حديث الأعرج عن أبي هريرة: «إنّ اللّه عزّ و جل افترض على بنى إسرائيل صوم يوم في السنة، يوم عاشوراء و هو اليوم العاشر من المحرّم، فصوموه... فإنّه اليوم الذي تاب اللّه فيه على آدم...». و الحديث طويل.
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يشكّ عاقل في وضعه، و لقد أبدع من وضعه و كشف القناع، و لم يستحي، و أتى فيه المستحيل....(2)
3. حديث إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران: «من صام يوم عاشوراء، كتب اللّه له عبادة ستّين سنة».
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شكّ.
و قال أبو حاتم: هذا حديث باطل لا أصل له.
ص:280
و قال الذهبي: حبيب بن أبي حبيب كان يضع الحديث، قاله ابن حبّان و غيره... روي: «من صام عاشوراء» و ذكر حديثا طويلا موضوعا فيه: «إنّ اللّه خلق العرش يوم عاشوراء» فانظر إلى هذا الإفك.(1)
4. حديث: «من اكتحل بالأثمد....» قال العيني: و هو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين عليه السّلام.
و قال أحمد: الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول اللّه فيه أثر و هو بدعة.(2)
و قد عارض أئمّة أهل البيت عليهم السّلام هذا التيار الظالم، و هذه الإشاعات الكاذبة بقوّة من خلال إعطائهم للناس تعليمات خاصّة في ذلك اليوم، حيث أمروا الناس بترك السعي يوم عاشوراء، و أمروهم أنّ يجعلوا ذلك اليوم يوم حزن، و أنّ من سمّاه يوم بركة، يحشر مع يزيد.
1. ففي رواية الرضا عليه السّلام: «من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء، قضى اللّه له حوائج الدنيا و الآخرة، و من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه، جعل اللّه يوم القيامة يوم فرحه و سروره، و قرّت بنا في الجنّة عينه، و من سمّى يوم عاشوراء يوم بركة و ادّخر لمنزله فيه شيئا، لم يبارك له فيما ادّخر، و حشر يوم القيامة مع يزيد و عبيد اللّه و عمر بن سعد لعنهم اللّه في
ص:281
أسفل درك من النار».(1)
هنا أمر لا بدّ من إثارته و هو أنّ الجاهليّة كانت تؤخّر المحرّم إلى صفر تارة، و يجعلون صفرا مع ذي القعدة محرّما تحرّجا من توالي ثلاثة أشهر محرّمة، فلم يحصل توافق بين اسم الشهر (محرّم) و نفسه إلاّ في كلّ اثني عشرة سنة مرّة إذا كان تأخير محرّم على حساب و نظام محفوظ.
و أمّا إن كان بمعنى إنساء حرمة المحرّم إلى صفر ثمّ إعادتها مكانها في العام المقبل كما هو المعروف و المشهور في تفسير النسيء، فيكون المعنى إنّ صفر هو المحرّم عندهم. و أنّ الصوم في العاشر من صفر كان هو المتداول عند الجاهليّة، و عليه، فكيف يجتمع مع ادّعاه أن قريشا كانت تصوم يوم عاشوراء من المحرّم، و النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أيضا كان يتابعهم في ذلك.(2)
الذي يعرف من خلال التتبّع و تصريح المؤرّخين - فضلا عن نصوص الروايات و الأحاديث - هو أنّ الأمويّين هم الذين أعلنوا من عاشوراء بعنوان «عيد» و ذلك للتغطية على الجريمة البشعة و المجازر ألا إنسانيّة التي ارتكبوها بشأن أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الأمر الذي كان يذلّهم كلّ يوم عاشوراء
ص:282
حتّى صار مثلا على الألسن: أذلّ من أمويّ بالكوفة يوم عاشوراء.(1)
1. المقريزي: لمّا كان الخلفاء الفاطميّون بمصر، كانت تعطّل الأسواق في ذلك اليوم (عاشوراء) و يفعل فيه السماط العظيم المسمّى سماط الحزن، و ينحرون الإبل، و ظلّ الفاطميون يجرون على ذلك كلّ أيّامهم، فلمّا زالت الدولة الفاطميّة اتّخذ الملوك من بني أيّوب يوم عاشوراء يوم سرور يوسّعون فيه على عيالهم، و يتبسّطون في المطاعم، و يتّخذون الأواني الجديدة، و يكتحلون و يدخلون الحمّام جريا على عادة أهل الشام التي سنّها لهم الحجّاج في أيّام عبد الملك بن مروان؛ ليرغموا بذلك أناف شيعة عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الذين يتّخذون يوم عاشوراء يوم عزاء و حزن على الحسين بن عليّ عليه السّلام؛ لأنّه قتل فيه.
و قد أدركنا بقايا ممّا عمله بنو أميّة من اتّخاذ عاشوراء يوم سرور و تبسّط.(2)
2. أبو الريحان: و كانوا يعظّمون هذا اليوم (عاشوراء) إلى أن اتّفق فيه قتل الحسين عليه السّلام و أصحابه، و فعل به و بهم ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق من القتل بالعطش و السيف و الإحراق، و صلب الرؤوس و إجراء الخيول على الأجساد فتشاءموا به. فأمّا بنو أميّة: فقد لبسوا فيه ما تجدّد، و تزيّنوا، و اكتحلوا، و عيّدوا، و أقاموا الولائم و الضيافات، و أطعموا الحلاوات
ص:283
و الطيّبات، و جرى الرسم في العامّة على ذلك أيّام ملكهم، و بقي فيهم بعد زواله عنهم.(1)
3. الكراجكي: و من عجيب أمرهم دعواهم محبّة أهل البيت عليهم السّلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسين عليه السّلام من المواظبة على البرّ، و الصدقة، و المحافظة على البذل، و النفقة، و التبرّك بشراء ملح السنة، و التفاخر بالملابس المنتخبة، و المظاهرة بتطيّب الأبدان، و المجاهرة بمصافحة الإخوان، و التوفّر على المزاورة، و الدعوات، و الشكر من أسباب الأفراح و المسرّات، و اعتذارهم في ذلك بأنّه يوم ليس كالأيّام، و أنّه مخصوص بالمناقب العظام، و يدّعون أنّ اللّه عزّ و جلّ تاب فيه على آدم، فكيف وجب أن يقضى فيه حقّ آدم فيتّخذ عيدا، و لم يجز أن يقضى حقّ سيّد الأوّلين و الآخرين محمّد خاتم النبيين صلّى اللّه عليه و آله فى مصابة بسبطه و ولده.(2)
4. السيد الشريف الرضي يصف هذا الأمر في نظم شعريّ:
كانت مآتم بالعراق تعدّها
أمويّة بالشام من أعيادها
جعلت رسول اللّه من خصمائها
فلبئس ما ادّخرت ليوم معادها
نسل النبيّ على صعاب مطيّها
و دم النبيّ على رؤوس صعادها
ص:284
و في نهاية المطاف نقول: نحن إلى جانب المحدّث البحراني، و العلامة المجلسي، و السيّد أحمد الخوانساري، و الشيخ الأستاذ، و كلّ من يستشمّ منه الميل إلى القول بالحرمة بعد ما عرفت الروايات الذامّة و الناهية، و لحن التعبير فيها و بعد ما عرفت أنّه كان مثارا لاهتمام الحزب الأموي و أذنابهم تغطية على مأساة كربلاء الحسين عليه السّلام.
اللّهمّ العن العصابة التي جاهدت الحسين، و شايعت، و بايعت، و تابعت على قتله.
و الحمد للّه نجم الدين الطبسي
ص:285
ص:286
1. الآيات الكريمة
2. الأحاديث الشريفة
3. الآثار
4. أسماء المعصومين عليهم السّلام
5. الأعلام
6. مصادر الكتاب
7. الموضوعات
ص:287
ص:288
أَقِمِ الصَّلاٰةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ 215-217
إِلاّٰ عَلىٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُمْ 94
اَلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ 97
اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 175
إِنَّ الصَّلاٰةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً 222
إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ * 177
أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ * 225
سَأَلَ سٰائِلٌ 105
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ * 256
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ 189، 205
فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى 34، 35، 40، 41، 44، 56، 60، 69، 71، 74، 75
كُلُّ امْرِئٍ بِمٰا كَسَبَ رَهِينٌ 176
وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 7
وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ 71
وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ 256
وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرٰافِقِ 247
ص:289
وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ 216
وَ لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَهُمْ إِلىٰ أَمْوٰالِكُمْ 246، 247
وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مٰا تَوَلّٰى 155
يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاٰةِ فَاغْسِلُوا 246
يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تُحَرِّمُوا طَيِّبٰاتِ مٰا أَحَلَّ اللّٰهُ لَكُمْ 14
ص:290
آخر أصحابي موتاالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 50
اجمع بين الصلاتين الظهر و العصرالإمام أبو محمّد، الحسن العسكري عليه السّلام 219
إذا رأيتم الفقهاء قد ركنواالإمام الصادق عليه السّلام 163
إذا قمت إلى الصلاة فلا تلصقالإمام أبو جعفر عليه السّلام 189
إذا كنت قائما في الصلاةالإمام الصادق عليه السّلام 189
اصرخ أيّها الناسالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 33
اقتدوا باللذين من بعدي\ 138، 170، 179، 241
الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزقأمير المؤمنين عليه السّلام 222
السنّة وضع الكفّ على الكفّ الإمام عليّ عليه السّلام 200
الق عبد الملك بن جريج فسلهالإمام الصادق عليه السّلام 61
اللّهمّ علّمه تأويل القرآنالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 45
اللّهمّ فقّهه في الدّين\ 45
إنّ الأرض لا يخلو منّي\ 25
إنّ القوم إذا صلّوا مع الإمام\ 159
إنّ اللّه افترض صلوات أوّل وقتها من زوال الشمسالإمام الباقر عليه السّلام 216
إنّ اللّه أمرني أن أقرأالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 35
ص:291
إنّ أمير المؤمنين لمّا اجتمعوا إليه بالكوفةمرسل 149، 162
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله صلّى الظهر و العصر في مكان واحدالإمام الصادق عليه السّلام 220-221
إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا صلّى\ 152
إنّك امرؤ تائهالإمام عليّ عليه السّلام 96
إنّك رجل تائه\ 48، 98
إنّك غليّم متعلّمالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 21
إنّ لرمضان لحرمة حقّاالإمام الصادق عليه السّلام 122
إنّها لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يسبغ الوضوءالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 251
إنّها لا يجوز صلاة أحدكم\ 260
إنّه لمّا دخل أوّل ليلةالأئمة: الصادق و الكاظم و الرضا عليهم السّلام 123
إنّه ليزيدني في الحجّ الإمام الباقر عليه السّلام 68
إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فعل كما فعلتالإمام عليّ عليه السّلام 249
إنّي على حاجة فتنفّلواالإمام الصادق عليه السّلام 224
أتاني جبرئيل عليه السّلام لدلوك الشمسالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 217
أحلّها اللّه في كتابه و سنّها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آلهالإمام الباقر عليه السّلام 103
أذّن في الناسالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 273
أردت أن أوسّع على أمّتيالإمام الصادق عليه السّلام 221، 225
أشهد على زيد بن ثابت لقدالإمام الباقر عليه السّلام 21
أفضل صلاة المرء في بيتهالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 148
ألا أحكي وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ الإمام الباقر عليه السّلام 253
ألا أزيدكالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 28
أمّا الصوم الذي صاحبه فيه بالخيرالإمام زين العابدين عليه السّلام 272
أمّا إنّه صوم يوم ما نزل به كتابالإمام الصادق عليه السّلام 268
ص:292
أمّا يوم عاشوراء: فيوم أصيب فيه الحسين عليه السّلامالإمام الصادق عليه السّلام 268
أمرنا معاشر الأنبياءالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 204، 205
أنا أحقّ بموسى منكم\ 273
أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحدالإمام الصادق عليه السّلام 224
أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر\ 218-219
أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جمع بين الظهر و العصر بأذانالإمام الباقر عليه السّلام 220
أنّه لمّا صلّى قام مستقبل القبلةالإمام الصادق عليه السّلام 189
أوّل وقت العشاء الآخرة ذهاب الخمرة\ 216
بلغ عمر أنّ أهل العراق\ 86
حرم - هدم - النكاح و الطلاقالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 102
خمس صلوات في الليل و النهارالإمام الباقر عليه السّلام 216
دعا القرّاء في رمضانالسلمي 161
دلوكها: زوالها، غسق الليل إلى نصف الليلالإمام الباقر عليه السّلام 217
ذلك التكفير، لا تفعل (الرجل يضع يده في الصلاة) أحدهما عليهما السّلام 188
رأيت الذي صنعتمالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 158
سمل يد رجل إلى الحائطمنسوب إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 52
صدقالإمام الصادق عليه السّلام 62
صلاة المرء في بيته أفضلالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 158
صلّ في العشرين من شهر رمضانالإمام الصادق عليه السّلام 122
صلّ في أوّل شهر رمضانالإمام أبو جعفر عليه السّلام (الإمام الباقر) 123
صلّوا في بيوتكم فإنّ أفضلالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 147
صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالناس الظهر و العصرالإمام الصادق عليه السّلام 219
صمه من غير تبييت\ 277-279
ص:293
صنعت ذلك لئلاّ تحرج أمّتيالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 229
صوم شهر رمضان فريضةالإمام الصادق عليه السّلام 155
صوم متروك بنزول شهر رمضانالإمام الباقر عليه السّلام 268
صوموا العاشوراء، التاسع و العاشرالإمام عليّ عليه السّلام 271
صوموا يوم عاشوراء\ 272
صيام عاشوراء كفّارة سنةالإمام الباقر عليه السّلام 271
عليكم بسنّتي و سنّة الخلفاءالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 138، 171
عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ الإمام الرضا عليه السّلام 268
فإذا قمت في صلاتك فاخشعالإمام الصادق عليه السّلام 189
فإن كنت شامتا، فصم\ 270
فإنّه لم يخف عليّ مكانكمالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 118، 159
فصلّ لربّك.. وضع اليمنىالإمام عليّ عليه السّلام 205
فقال لهم: لاونهاهمالإمامان: الباقر و الصادق عليهما السّلام 155
قد ثبت النكاح بغير ميراثالإمام الباقر عليه السّلام 105
قد فعل ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أراد التخفيفالإمام الصادق عليه السّلام 221
قرأ القرآن ثمّ وقف عندهالإمام عليّ عليه السّلام 22
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا كان في سفرالإمام الصادق عليه السّلام 223
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يجمع بين المغرب و العشاءالإمام عليّ عليه السّلام 223
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يزيد في صلاتهالإمام الصادق عليه السّلام 151
كان صومه قبل شهر رمضانالإمام الباقر عليه السّلام 266، 267
كذب فضّ اللّه فاهالإمام أبو محمد عليه السّلام (الحسن العسكري) 124
كلّ بدعة ضلالةالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 150، 158، 168، 172، 174، 176، 177، 178
كنت أرى أنّ باطن القدمين أحقّ الإمام عليّ عليه السّلام 250، 260
ص:294
لا بأسالإمام الصادق عليه السّلام 220
لا تصلّ بعد العتمة\ 151
لا تصم في يوم عاشوراءالإمام الباقر عليه السّلام و الصادق عليه السّلام 268
لا يجمع المسلم يديهالإمام عليّ عليه السّلام 189
لا يجوز التراويحالإمام الرضا عليه السّلام 156
لا يجوز أن يصلّى تطوّع\ 157
لا يصلح ذلك فإن فعل فلا يعودالإمام موسى بن جعفر عليه السّلام 188
لا يصلّى التطوّع في جماعةالإمام الصادق عليه السّلام 157
لا يضرّك أن تؤخّر ساعة ثم تصلّيهماأحدهما عليهما السّلام 222
لرمضان من قامه إيمانا و احتساباالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 117
لمّا اجتمعوا إليه بالكوفةالإمام عليّ عليه السّلام 149
لمّا دخل رمضان اصطفّ الإمامان الصادق و الرضا عليهما السّلام 154
لمّا قدم أمير المؤمنين عليه السّلام الكوفةالإمام الصادق عليه السّلام 154
لمّا كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفةالإمامان الباقر و الصادق عليه السّلام 155
لو لا أن عمر نهى الناسالإمام عليّ عليه السّلام 24
لو لا أن عمر نهى عن المتعة\ 71، 87، 98
لو لا ما سبق من رأي عمر\ 85
ممّا كان يصنع رسول اللّه في شهر رمضانالإمام الصادق عليه السّلام 121
من أحبّ أن ينظر إلى آدمالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 24
من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراءالإمام الرضا عليه السّلام 281
من جمع بين الصلاتين من غير عذرالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 240
من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليومالإمام الصادق عليه السّلام 269
من غير علّة\ 225
ص:295
من قام رمضان إيمانا و احتساباالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 117
من كان عنده شيء من هذه\ 99
من لم يقبل رخصة اللّه\ 240
نعم و ما أحبّ أن يفعل ذلك كلّ يومالإمام الصادق عليه السّلام 223
نوّر اللّه على عمر قبرهمنسوب إلى الإمام عليّ عليه السّلام 159
نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن المتعةالإمام عليّ عليه السّلام 101
و اللّه لقد أمرت الناس\ 151
وضع الرجل إحدى يديه على الأخرىالإمام زين العابدين عليه السّلام 188
و عليك بالإقبال في صلاتكالإمام أبو جعفر عليه السّلام 188
ويلك! ارجع، فصلّ؛ لأنّك لم تصلّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 251
هكذا و هكذا عن يمينه\ 206
يابن عوف اركب و ناد\ 98
يا ربّ لم فضّلت أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله على سائر الأمم؟ النبيّ موسى عليه السّلام 266
يا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقتالإمام الصادق عليه السّلام 223
يا عائشة: إنّ عينيّ تنامانالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 119
يا مالك إنّي أحبّكالإمام الصادق عليه السّلام 58
يذهب أحدكم إلى أخيه يعضّهالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 31
يصلّى في شهر رمضان زيادة ألفالإمام الصادق عليه السّلام 121
يوم عاشوراء إن شاء صامالنبيّ صلّى اللّه عليه و آله 273
ص:296
أنا أنهى عنهما (عمر بن الخطّاب) 79، 82
إنّ عليّا نكح امرأة بالكوفة (الشيخ المفيد) 24
تمتّع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (ابن عبّاس) 41
تمتّعنا إلى نصف من خلافة عمر (أبو سعيد) 17
تمتّعنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (جابر بن عبد اللّه) 18، 82
ثلاث كنّ على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (عمر بن الخطّاب) 84
كنّا نستمتع بالقبضة (جابر بن عبد اللّه) 18
متعتان كانتا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (عمر بن الخطّاب) 85
نزلت آية المتعة (عمران بن الحصين) 15
نعم استمتعنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (جابر بن عبد اللّه) 18
ص:297
آدم عليه السّلام، 24، 256، 259، 280
إبراهيم عليه السّلام، 24
الإمام الحسن بن عليّ عليه السّلام، 60، 70، 154، 162
الإمام الحسين بن عليّ عليه السّلام، 268، 270، 272، 281، 283-285
الإمام (جعفر) الصادق عليه السّلام، أبو عبد اللّه، 57، 58، 61، 62، 86، 121-123، 152، 154، 155، 163، 189، 216، 218-221، 223، 225، 268-269، 270، 277، 279
الإمام عليّ عليه السّلام (عليّ بن أبي طالب)، 21-25، 40، 48، 49، 52، 58، 71، 72، 79، 85، 87، 89، 92، 96، 98، 99، 159-162، 164، 179، 189، 200، 222، 223، 237، 238، 247، 249، 250، 259، 271، 272، 283
الإمام محمد بن عليّ الباقر عليه السّلام (أبو جعفر)، 21، 67، 68، 103-105، 123، 152، 188، 189، 195، 216، 217، 220، 253، 260، 266-268، 271
الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام (الكاظم)، 123، 188، 270
الإمام أبي محمد، الحسن العسكريّ عليه السّلام، 123، 219
جبرئيل عليه السّلام، 25، 217، 237، 245
الإمام عليّ بن الحسين عليه السّلام، 188، 272
الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام، 122، 123، 154، 156، 157، 268، 281
محمّد بن عبد اللّه - رسول اللّه - النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (الرسول الأعظم)، في أكثر الصفحات.
عيسى عليه السّلام، 25
ص:298
فاطمة عليها السّلام، 271
موسى عليه السّلام، 24، 266، 273
يحيى عليه السّلام، 24
الأئمّة - الأئمّة الطاهرين - أهل البيت عليهم السّلام، 5، 8، 11، 36، 75، 88، 90، 113، 116، 124، 183، 184، 188، 190، 212، 216، 253، 254، 269، 270، 281، 282، 284
ص:299
أبان بن أبي عياش: 152
أبان بن تغلب: 71
أبان بن عثمان: 129
إبراهيم بن عثمان: 152
إبراهيم بن عمر اليماني: 152
إبراهيم بن عيسى: 151
إبراهيم الصائغ: 280
الشيخ إبراهيم قفطان: 106
ابن أبان: 254
ابن أبجر: 47
ابن أبي الحديد: 69، 161، 179
ابن أبي خداش الموصلي: 27
ابن أبي شيبة: 86، 248
ابن أبي عقيل: 125
ابن أبي عمرة الأنصاري: 43، 44، 49
ابن أبي عمير: 58
ابن أبي غندر: 270
ابن أبي ليلى: 57، 71، 203، 204
ابن أبي مليكة - عبد اللّه بن عبيد اللّه بن أبي مليكة: 43، 72، 88، 131، 133
أبن الأثير: 31، 141، 142، 252
ابن الأخطل: 51
ابن إدريس: 154، 278
ابن إسحاق النهاوندي: 106
ابن أكثم: 52
ابن الأنباري: 34
ابن أوفى - زرارة بن أوفى: 130
ابن باز: 232
ابن البرّاج: 13، 278
ابن البرقي: 209
ابن بشّار: 34
ابن بطّال: 49
ابن التركماني الحنفي: 240، 241
ابن تيميّة: 39، 280
ابن التين: 142
ابن جريح - عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: 10، 18، 25، 27، 29، 30، 33، 55، 59، 60-64، 72، 85، 88، 159
ص:300
ابن جرير: 259
ابن جرير الضبي - غزوان بن جرير الضبي:
200
ابن جرير الطبري: 38، 203، 217
ابن الجوزي: 100
ابن جنيد: 184
ابن حبّان: 60، 66، 75، 94، 100، 160، 164، 201، 203-205، 209، 210، 281
ابن حجر - العسقلاني: 14، 29، 31، 44، 47، 50، 73، 74، 164، 170، 187، 197، 200، 202، 209، 230-232، 237، 240، 248، 276
ابن حزم (الظاهري): 17، 21، 24-26، 28، 30، 31، 35، 40، 59، 64، 65، 86، 89، 96، 101، 170، 260
ابن الحضرمي: 28
ابن خراش: 186، 250
ابن خلف القاضي المعروف بوكيع: 48
ابن داود: 35
الحافظ ابن رجب الحنبلى: 171، 172
ابن رشد القرطبي - محمد بن رشد: 184، 193، 237، 238
ابن الزبير: عبد اللّه بن الزبير: 18، 30، 36-38، 43، 44، 47-49، 52، 65، 72 89، 99، 186، 192-195، 198، 210، 212
ابن زرعة: 202، 204، 205
ابن زهرة: 278
ابن زياد: 169
ابن سعد: 40، 73، 141، 142، 163، 185، 186، 201، 203، 205، 250، 255
ابن السكين: 205
ابن سنان: 225
ابن سيّد الناس: 233
ابن سيرين - محمد بن سيرين: 16، 185، 194، 212، 237، 239
ابن شحنة: 142
ابن شبة: 18، 27، 53
ابن شهاب - الزهري: 32، 43، 66، 96، 117، 118، 140، 163
ابن صاعد: 204
ابن صفوان: 30، 41
ابن صهاك: 37
ابن طاووس: 46
ابن عابدين: 168، 177
ابن عبّاس - عبد اللّه بن عبّاس: فى أكثر الصفحات.
ابن عبد البرّ: 49، 65، 131، 143، 165، 207، 209
ابن عبد الحكم: 194
ابن عبد ربّه: 36
ابن عدي: 70، 159
ابن عساكر: 163
ص:301
ابن علوان: 223
ابن عمّار: 225
ابن عمر - عبد اللّه بن عمر: 20، 47، 52، 53، 67، 76، 81، 130، 144، 215، 221، 227، 228، 235، 239، 240، 253، 277
ابن عوف: 98
ابن عيينة - عثمان بن عيينة: 57، 59، 67، 71، 102، 208، 248
ابن فضّال: 153
ابن القاسم: 130، 190، 192-195
ابن قانع: 94، 203
ابن قدامة: 13، 58، 74، 95، 127، 128، 140، 141، 192، 200
ابن القيّم: 97
ابن كثير الدمشقي: 68
ابن الكلبي: 31
ابن ماجة: 32، 202، 211
ابن المديني - عليّ بن المديني: 62، 198، 202، 203، 205، 209
ابن مرجانة: 269
ابن مردوية: 217
ابن مسعود - عبد اللّه بن مسعود: 21، 22، 89-91، 131، 169، 199، 203، 206، 217، 234، 275-277
ابن مظفّر: 237، 238
ابن معين - يحيى بن معين: 40، 42، 57، 62، 66، 68، 94، 100-102، 161، 197، 199-201، 204-208، 231، 250
ابن مندة: 50، 73، 92
ابن المنذر: 193-195
ابن منظور: 115
ابن المنكدر: 57
ابن الميسرة: 223
ابن نجيم: 72
ابن وهب: 43، 65، 96، 130، 165
ابن هرمز: 148
ابن هشام: 258
ابني محمد: 98
أبو أحمد: 198
أبو أحمد بن عدي: 208
أبو الأحوص: 201
أبو إسحاق: 25، 202، 273، 274
أبو إسحاق الثقفي: 108
أبو إسحاق السبيعي: 251
أبو اسحاق المروزي: 238
أبو أيّوب الخزّاز: 152
أبو البختري: 131
أبو بدر: 200
أبو برزة الأسلمي: 217
أبو بكر البزّاز: 206
أبو بصير: 122
أبو توبة: 42
ص:302
أبو جبير: 252
أبو جحيفة: 71، 200
أبو جعفر القمي: 106
أبو حاتم: 72، 73، 119، 161، 200، 203، 280
أبو حازم: 186، 195-197
أبو حازم الأعرج: 65
أبو الحسن: 160
أبو الحسن القطّان: 100
أبو الحسين: 160
أبو حليمة معاذ القاري: 161
أبو حمزة: 256
أبو حميد: 192
أبو حميد الساعدي: 212
أبو حنيفة: 57، 73، 103-105، 128، 133، 237، 239
أبو حيّان: 35، 68، 69، 75
أبو خالد الأحمر: 206، 212
أبو خديجة: 224
أبو خيثمة: 100، 249
أبو داود: 59، 93، 161، 162، 200، 201، 205، 208، 210، 211، 227، 234
أبو ذئب: 165
أبو ذر: 145، 159، 162
أبو رؤبة البغدادي: 15
أبو الريحان: 283
أبو الزبير: 18، 27، 28، 41، 221، 227
أبو زرعة: 40، 66، 72
أبو زيد الأنصاري: 261
أبو سعد: 128
أبو سعد البقّال: 160، 161
أبو سعيد: 78، 80
أبو سعيد الحسن بن الحسين الشكري: 15
أبو سعيد الخدري: 17، 89، 90، 101
أبو سفيان: 206، 209
أبو سلمة: 117
أبو سلمة بن عبد الرحمن: 119
أبو سنابل: 73
أبو الشعثاء جابر بن يزيد: 233، 234
أبو الصلاح الحلبي: 133، 134
أبو طالوت عبد السلام: 200، 211
أبو طاهر: 167
أبو عاصم: 68
أبو العالية: 208، 240
أبو العباس البقباق: 151
أبو عبد اللّه: 127
أبو عبد اللّه بن فنجوية الدينوري: 160
أبو عبد اللّه الثقفي: 160
أبو عبد اللّه حافظ: 161
أبو عبد الرحمن السلمي: 159، 160
أبو عبد الرحمن العدويّ: 102
أبو عثمان النهدي: 199
أبو عروة: 86
أبو العلاء: 206
ص:303
أبو علقمة: 246
أبو علي الحسين بن علي بن يزيد: 91، 92
أبو عمر: 88
أبو عمرو (صاحب الاستيعاب): 75
أبو عوانة: 48، 64، 71
أبو غظفان: 274
أبو القاسم الطبري: 60
أبو القاسم الكوفي: 36، 156
أبو بكر (الخليفة الأوّل): 19، 26، 29، 30، 36، 38، 39، 41، 42، 47، 58، 84، 86، 89، 117، 132، 141، 142، 146، 164، 165، 168، 170، 178، 179، 240، 241
أبو كريب: 41
أبو مالك الأشعري: 251
أبو مالك الدمشقي: 245
أبو محمد البصري: 162
أبو محمد بن متّوية: 179
أبو محمد صاعد: 203
أبو مجلز: 132
أبو محذورة: 50
أبو مسعود الأنصاري: 22
أبو مسلم الكجي: 42
أبو مسهر: 100، 201
أبو المغيرة: 204
أبو موسى الأشعري: 240
أبو نضرة: 18، 41، 44
أبو نعيم: 73، 202، 239، 245
أبو وائل: 187، 201
أبو هريرة: 20، 70، 80-82، 102، 117، 165، 166، 201، 204، 217، 227، 236، 280
أبو يعلى بن الليث: 221
أبو يوسف: 57، 145، 146، 148، 149
الإبهاج فى شرح المنهاج: 177
الآبي: 103
أبيّ بن كعب: 34، 35، 128، 131، 132، 140، 141، 147، 148، 165، 167
الإتقان: 258
الأجلح: 27
احد: 21
الأحكام - أصول الأحكام (الإحكام في أصول الأحكام): 169، 170
أحكام القرآن: 34، 83
أحمد أمين: 89
أحمد بن الحسن: 153
أحمد - أحمد بن حنبل: 15، 57-70، 93، 94، 100، 101، 165، 185، 199، 204، 205، 208، 209، 231، 240، 266، 281
أحمد بن سعيد بن بشر الهمداني: 96
أحمد بن مطهّر: 122
أحمد بن عبد اللّه البزّار: 160
أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي: 160
ص:304
أحمد بن محمد: 219
أحمد بن محمد بن إسحاق بن عيسى السنّي:
160
أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي: 206
أحمد بن مفضّل: 69
أحمد بن يحيى القمّي: 106
الإحياء: 153
أخبار مكّة: 47، 65، 96
اخت الزهري: 163
الاختلاف: 58، 150
اختلاف الفقهاء: 190
الاختيار: 132، 147
الإرشاد: 278
إرشاد الساري: 14، 115، 130، 140، 148، 170، 265، 266
الأربعون حديثا في خصوص المتعة: 108
إزالة الحظر عمّن جمع بين الصلاتين في الحضر: 231، 233، 239
الأزدي: 101، 161
الأزدي البغدادي، أبو أحمد: 107
الأزهري: 261
أسباط: 69
الاستبصار: 121-124، 153، 219، 220، 266، 268-271
الاستغاثة: 37، 156
الاستيعاب: 28، 37
إسحاق بن إبراهيم: 65
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي: 29
إسحاق بن إسماعيل: 249
إسحاق بن راهويه: 260
إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة: 251، 260
إسحاق بن عمّار: 220
أسد الغابة: 16، 17، 21، 28، 32، 33، 50، 252
اسرى العجم: 191
أسعد وحيد القاسم الفلسطيني: 80، 86
الإسكافي: 125
الإسلام - دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله: 43، 79، 260، 275
أسماء بنت أبي بكر: 35، 37، 72، 89، 90
إسماعيل: 118، 119
إسماعيل بن أبان الورّاق: 203
إسماعيل بن أبي أوس: 196، 197
إسماعيل بن زياد: 159
إسماعيل بن عبد الرحمن: 70
إسماعيل بن عليّة: 59
إسماعيل بن الفضل الهاشمي: 61
إسماعيل بن يحيى: 169
إسماعيل هادي: 108
الأسود بن يزيد: 130
الأشبيلي: 208
الأشعث: 275
الأشعري، أبو القاسم: 106
أشهب: 237، 238
ص:305
الإصابة: 28، 31-33، 50، 101، 248
العلاّمة الفاني الإصبهاني: 109
أصول الفقه: 88
الاصوليّين: 91
الاعتصام: 172-174
إعراب القرآن: 258
الأعرج: 280
الأعلام: 137
الإعلام للشيخ المفيد: 21، 23، 51، 59، 76، 92، 190
الأعمش: 69، 71، 131، 133، 207، 250، 260
إفريقيا: 183
الإقبال: 282، 278
الاقتصاد الهادي إلى الطريق الرشاد: 278
اقتضاء الصراط المستقيم: 173، 175
أكمل الدين الحنفي: 56، 58
الأكوع: 93
آل أبي سفيان: 270
آل أميّة: 270
آل الزبير: 36
آل زياد: 268، 269، 279
الآلوسي: 163، 236
الأمّ: 32
امّ أراكة: 30، 31
أمالي الصدوق: 58، 126
أمالي الطوسى: 270
إمام الحرمين: 233، 238
الإماميّة: 61، 63، 72، 88، 91، 113، 116، 121، 125، 133، 144، 146، 150، 190، 191، 260، 277
ام سلمة: 39، 72
امّ عبد اللّه: 37، 48
امّ عبد اللّه ابنة أبي خيثمة: 38
الأمويّين: 282
اميّة بن خلف الجمحي: 30، 31، 89
اميّة بن فضالة: 53
العلاّمة الأميني: 56، 75
الانتصار: 5
الانتصار: 134، 135، 150، 184، 190
أنس - أنس بن مالك: 50-52، 70، 89، 91، 206، 236، 239، 256، 259، 260
أنساب الأشراف: 50
الأنصار: 127
الأنصاري، حمّاد بن محمّد: 109
الأوائل: 86
الأوزاعي: 5، 57، 71، 186، 194، 195
أوس بن أبي أوس (الثقفي): 249، 259
أهل بدر: 46
أهل بيعة الرضوان: 22
أهل الحجاز: 57، 62
أهل الحرمين: 132
أهل السنّة: 26، 113، 114، 117، 127،
ص:306
144، 167، 169، 203، 229، 247، 266
أهل الشام: 270، 283
أهل العراق: 86
أهل الكتاب: 69، 97، 98، 189، 190
أهل الكوفة: 71، 74، 169، 274
أهل المدينة: 65، 127-129
أهل مصر: 186
أهل مكّة: 47، 49، 56، 61، 65، 75، 88، 95، 129
أهل اليمن: 49، 56، 66، 75، 88، 95
الأهواز: 256
إياس بن عامر: 101
الأيّام المكيّة من النهضة الحسينية: 50، 76
الإيصال (إلى فهم كتاب الخصال): 89
إيضاح المكنون: 137
آينۀ آيين مزديسني: 187
أيّوب: 42، 207، 208، 227
أيّوب السختياني: 42
الباجي: 141، 142
الباقر: 195
بحار الأنوار: 25، 51، 53، 86، 104، 105، 115، 121، 139، 155، 156، 189، 278
البحر: 195، 237
البحر الرائق: 72
البحراني - المحدّث البحراني: 150، 277، 278، 285
البخاري: 14، 16، 19، 22، 35، 38، 46، 51، 59، 73، 100، 103، 116، 140، 164، 169، 186، 195، 200، 201، 203، 204، 208، 210، 227، 234، 240، 248، 249، 254، 255، 274
بدائع الصنايع: 266، 277
بداية المجتهد: 18، 49، 132، 133، 184، 192، 212، 237، 238
البداية و النهاية: 69
البدر: 21، 35
البدر الطالع: 137
البدعة مفهومها و حدودها: 173
البركات: 271
البرماوي: 138
البرهان: 222
البزار: 170
بشر بن معاذ الضرير: 202
بشر بن المفضّل: 41، 59، 202
البصرة: 16، 50، 63، 64، 85، 208، 228، 235
بغداد: 59، 160
البغدادي: 92
البغوي: 132، 146، 147، 248
البلغة: 16
بنى إسرائيل: 280
بنى اميّة: 28، 163، 270، 272، 280، 283
ص:307
بنت أبي لبيبة مولاة هشام بن الوليد بن المغيرة: 53
بندار بن عبد اللّه الإمامي: 106
بني تميم: 226
بني جمح: 30
بني سعد بن بكر: 27
بني عامر بن لؤي: 33
بني عبد الدار: 53
بني نهشل: 24
بني هاشم: 37
بهاء الدين ابن شدّاد: 165
البهوتي: 39
البيان: 126، 237، 238
البيان و التحصيل: 186، 193، 194
البيان في تفسير القرآن: 21
البيهقي: 48، 96، 116، 240، 245
تابعي التابعين: 55، 159
التابعين: 8، 9، 11، 12، 48، 55، 57، 59، 64-67، 75، 78، 88، 89، 90، 131، 133، 159، 166، 174، 184، 252، 260
تاج العروس: 265
تاريخ الإسلام: 15، 163
تاريخ البخاري: 248
تاريخ بغداد: 17، 59، 61، 186
تاريخ الخلفاء: 86، 142
تاريخ خليفة: 31، 52، 67
تاريخ دمشق: 25، 52، 82، 163
تاريخ الطبري: 10، 50، 84، 142
التاريخ الكبير: 72، 76
تاريخ عمر بن الخطّاب: 142
تاريخ المدينة: 19، 27، 29، 31، 32، 53، 83، 85
تبصرة المتعلّمين: 278
تبوك: 31، 92، 102
تبيان الحقائق في شرح كنز الدقائق: 56
تحذير المسلمين: 177
التحرير الطاووسي: 71
تحريم نكاح المتعة: 109
تحف العقول: 156
التذكرة - تذكرة الفقهاء: 5، 146، 154، 267
تذكرة الحفّاظ: 22، 59، 60، 65-67
تراثنا: 170
الترماشيري، أبو الحسن: 108
الترمذي: 93-95، 131، 133، 163، 170، 202، 208، 211، 232، 236
التستري: 16، 61، 63، 65، 69، 75، 185، 186
تشريع الأذان و فصوله: 8
التعجّب: 284
تعليق ابن شاكر على مسند أحمد: 234
التعليق على سنن الترمذي: 239
تفسير ابن كثير: 60، 68
ص:308
تفسير البحر المحيط - تفسير أبي حيّان: 35، 68، 69، 75
تفسير الطبري - جامع البيان: 34، 41، 60، 68، 69، 71، 87، 98، 249، 250، 256
تفسير العيّاشي: 155، 217، 222
تفسير فرات الكوفي: 25
تفسير القرطبي - الجامع الأحكام القرآن: 15، 75، 88، 95، 261
التفسير الكبير - تفسير الفخر الرازي: 10، 15، 24، 79، 87، 93، 98، 218، 247، 257، 260
تفسير الميزان: 282
تقريب التهذيب: 73، 169، 187، 249، 250
تقي الدين السبكي: 236
تلخيص الشافي: 149، 162، 164، 169، 170
تلخيص مستدرك الوسائل: 170
تميم الداري: 131
التنقيح الرائع: 278
تنقيح المقال: 16-18، 21، 23، 28، 32، 35، 38، 58، 65، 67، 70، 71، 185، 186
التوشيح: 115، 165، 197
توضيح المسائل، للوحيد الخراساني: 277
التهذيب - تهذيب الأحكام: 104، 116، 121-124، 151، 153، 154، 156، 217، 219، 220، 266، 268-272
تهذيب التهذيب: 27، 37، 40، 44، 59-61، 65، 69، 73، 75، 92، 94، 96، 100-103، 160، 161، 169، 197-204، 206، 207، 209، 210، 231، 241، 248-251، 255، 273، 274
التهذيب في فقه الشافعي: 132، 147
تهذيب الكمال: 32، 43، 44، 51، 52، 60، 63، 72، 73، 92، 96، 100، 101، 119، 160-162، 169، 197، 202، 208، 250، 255
تهذيب اللغة: 265
الثعلبي: 16، 44، 74، 90
الثقات: 101
ثقيف: 28
ثور: 201
الثوري: 5، 128، 133
جابر: 17، 18، 23، 206، 209
جابر بن سمرة: 274
جابر بن عبد اللّه الأنصاري: 18، 19، 25-29، 67، 77، 78، 80، 82، 88-91، 101، 215، 229، 233، 238
جابر بن يزيد: 91، 227، 228، 234
جارية بكر: 33
جامع أبي نعيم: 248
جامع أحاديث الشيعة: 272
ص:309
جامع البزنطي: 189
جامع العلوم و الحكم: 173
جامع المدارك: 277، 279
جبير بن نفير الحضرمي: 162
الجرجاني، أبو يحيى: 106
الجرح و التعديل: 22
جرير: 59، 61، 249، 250
جرير بن عثمان: 50
الجزري: 16، 115
الجزيري: 83، 132
جعفر بن أبي ثور: 274
جعفر بن برقان: 66
جعفر بن عيسى: 268
جعفر بن قولوية: 155
السيّد جعفر مرتضى: 108
الجعفريات: 272
جمهرة الأنساب: 30
الجمهرة في لغة العرب: 265
جواد عليّ: 275
جواهر الكلام: 125، 136، 157، 184، 191، 266، 272
الجوزجاني 203، 205
الجوهر النقي: 240
الجهني: 93
الحارث بن هشام: 274
الحارث الهمداني: 131، 133
حاشية البنائي على متن جمع الجوامع: 88
حاشية الجمل: 266
حاشية السندي: 235
الحاكم - الحاكم النيسابوري: 203، 251
حامد بن حسن: 238
الحاوي الكبير: 18، 22، 43، 61، 72، 88، 90، 132، 145
الحبل المتين: 191
حبيب بن أبي ثابت: 41، 226
حبيب بن أبي حبيب: 281
الحجّاج: 256، 283
الحجّاج بن أبي زينب اسلمى - أبو يوسف الصيقل الواسطي: 199، 206، 209-211
الحجّاج بن أرطاة: 95
حجّاج بن منهال: 251
الحجّاج بن يوسف: 185
الحجاز: 50
الحدائق الناضرة: 126، 136، 150، 277، 279
حذيفة: 169
الحرّاني: 156
الحرّ العاملي: 24
حرملة بن يحيى: 43
حريز: 155
حسّان بن بلال: 208
الحسن: 161، 259، 260
الحسن البصري: 185، 192-195، 212
الحسن بن خرّزاد القمّي: 106
ص:310
الحسن بن الخضر: 206
حسن بن صالح: 131، 160
الحسن بن عليّ بن أبي حمزة البطائني: 106
الحسن بن عليّ بن داود: 238
الحسن بن عليّ بن فضّال الكوفي، أبو محمد:
106
الحسن بن عليّ الوشّاء: 268
الحسن بن محمد بن عليّ: 96
حسن بن منصور الفرغاني: 56، 58
الحسن بن يحيى بن زيد: 238
الحسن الحلواني: 18
الحسين بن سعيد: 220
الحسين بن عليّ الهاشمي: 270
الحسين بن قيس الرحبي أبي عليّ الواسطي:
240
الحضارة الإسلاميّة: 283
حفص بن غياث: 199، 271
حقيقة البدعة و أحكامها: 173، 175، 177
حقيقة الشيعة الاثنى عشريّة: 80، 86
الحكم بن عبد الملك: 161
الحكم بن عتيبة: 70، 71، 185
الحكم بن مروان السلمي: 160
الحكيم، السيّد محمّد تقى: 108
الحلبي: 223
الحلبي، أبو الحسن: 134
العلاّمة الحلّي: 5، 35، 133، 135، 146، 154، 157، 267، 277، 278
الحليمي: 129
حلية الأولياء: 59، 65، 228، 229، 237
حلية العلماء: 48
حمّاد: 71
حمّاد بن زيد: 42
حمّاد بن شعيب: 161
حمّاد بن عيسى: 151
حمران: 248، 249
حمران مولى عثمان: 246، 254
حميد: 206
حميد بن عبد الرحمن: 117
حميد بن مسعدة: 41
الحنابلة: 130، 133
حياة الحيوان، للدميري: 284
حياة الكركي و آثاره: 109
الخاصة: 137، 177
خالد بن المهاجر بن سيف اللّه: 43، 44، 52، 76
خزانة الروايات في الفروع الحنفية: 56
الخصائص الكبرى: 245
الخصال: 222
الخصال الجامعة: 89
خصيف: 68
الخطابى: 99، 231، 233، 238
الخطط: 283
الخطيب: 15، 186
ص:311
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر:
137
خلاصة الإيجاز في المتعة: 109
الخلاصة للخزرجي: 27
الخلاصة للعلاّمة الحلّي: 35، 71
الخلاف: 5، 134-136، 150، 184، 191
الخلاّف: 87
الخلفاء الراشدين: 138، 171، 179، 241
الخلفاء الفاطميّون: 283
خليفة بن خيّاط: 32
الخليلي: 209
الخندق: 17
خوارج: 69
الخوانساري، السيّد أحمد: 277، 279
السيّد الخوئي: 21، 103، 225، 278
خولة بنت حكيم: 32، 33
الخونساري: 278
خيبر: 16، 92، 93، 97، 98
دائرة المعارف العثمانية: 89
الدارقطني: 96، 199، 201، 203-206، 209، 211، 212، 255
الدارمي: 202، 211
داود: 41، 44، 250
داود بن أبي هند: 162
داود بن قيس الفرّاء: 129، 221
الداودي، محمد تقى: 108
دراسات فقهية: 6
الدراري المضيئة: 90
الدروس الشرعيّة: 184، 277
الدرّ المنثور: 24، 32، 34، 60، 68، 83، 98، 217، 218، 240، 253
الدرّ النضيد: 170
دعائم الإسلام: 155، 189
دلائل الأحكام: 165
الدميرى: 284
الدهلوي: 229
الديلمي: 136
ذخيرة الصالحين: 134، 184
ذخيرة المعاد: 267، 277
الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 108، 109
الذكرى: 125، 126، 159
ذمار: 137
الذهبي: 10، 15-17، 19-22، 36، 41، 42، 57، 60-62، 66، 67، 70، 74، 82، 163، 170، 178، 184، 185، 200، 230، 249، 252، 281
الذهني: 48، 98، 166
الرازي - الفخر الرازي: 15، 24، 79، 179، 218، 247، 257، 260، 261
الراغب: 36، 85
ربعي بن خراش: 169
الربيع بن سبرة: 99، 100
ربيعة: 148، 151، 237
ربيعة بن اميّة: 30، 32، 33
ص:312
ربيعة الرأى: 57
رجال الكشي: 52
رحمة الامّة: 238
ردّ المحتار على الدرّ المختار: 171
الرسائل التسع: 278
رسالة الاجتماع و الافتراق: 236
الرسالة العاشورائية: 269، 278، 279
رسالة في المتعة: 109
الرضي - السيّد الشريف الرضي: 284
رفاعة بن رافع: 251، 260
روح المعاني: 236
الروض: 125
الروضة: 135
روضة المتّقين: 153، 178، 219، 268
روضة المناظر: 142
روضة الواعظين: 169
الروياني: 231
رهط: 220
الرهني الشيباني، أبو الحسين: 107
الرياض: 109
الرياض المسائل - الرياض: 125، 136، 278
زاد المعاد: 36، 97، 277، 279
الزبير: 38
الزحيلي: 125، 195
زرارة: 152، 216، 219، 220، 223، 225، 267، 268
الزرقاني: 28، 58، 90، 91، 143، 231
زفر: 56
زفر بن أوس بن الحدثان المدني: 72-74
زفر بن الهذيل العنبري: 73
الزواج الموقّت: 108
الزواج الموقّت في مسائل المتعة: 108
الزهري: 57، 81، 148، 163-165، 272
زهير: 202
زهير بن حرب: 197
زياد بن أيّوب: 204
زياد بن زيد: 200، 210
زيد بن ثابت الأنصاري: 20، 21، 57، 89، 92، 158
زيد بن عليّ: 237، 238
زيد بن ميناء: 22
زيد النرسي: 269
زين الدين الحنفي: 277
السائب بن زيد: 131
الساجي: 58، 102، 103
سالم: 57، 81
سالم بن العلاء المرادي: 169
سبرة بن عوسجة بن الربيع: 100
سبرة بن معبد الجهني والد الربيع: 100
سبرة الجهني: 29، 77، 80، 99
السبزواري: 224، 225
المحقّق السبزواري: 267، 278
ص:313
سبل السلام: 116، 136، 138، 171، 172، 233
السجن و النفي في مصادر التشريع الإسلامي:
5
السدّي (إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة): 68-70
السرائر: 126، 154
السرخسي: 55، 58، 125، 130، 144-146، 166، 237
السرّي: 202
سعدان بن يزيد: 160
سعد بن أبي سعد بن أبي طلحة: 53
سعد بن أبي وقّاص: 46، 253
سعد بن عبد اللّه: 220
السعدي: 209
السعدي القمّي، أبو عبد اللّه: 106
سعيد: 24، 34، 48، 251
سعيد بن أبي الحسن البصري أخو الحسن:
131
سعيد بن أبي عروبة: 248، 252
سعيد بن جبير: 34، 35، 59، 60، 71، 89، 91، 95، 131، 221، 227، 229
سعيد بن علامة: 222
سعيد بن المسيّب: 26، 39، 57
سعيد بن منصور: 217
سعيد المقبري: 57، 119
سفيان: 208
سفيان الثوري: 66، 70
سفينة البحار: 65
السكتواري: 141
سليم: 152
سليم بن قيس الهلالي: 151
سليمان بن حرب: 42
سليمان بن حيّان الأزدي: 206
سليمان بن سمير: 50
سليمان بن موسى: 201
سليمان بن مهران: 185
سلمة بن الأكوع الأسلمي: 22، 23، 89، 91
سلمة بن أميّة: 30، 31، 89
سلمى مولاة حكيم بن أمية بن الأوقص الأسلمي: 31
سماعة بن مهران: 124
سمّاك بن حرب: 202
سمرة بن جندب: 50
سمير: 50
سنن ابن ماجة: 117، 158، 163، 199، 202، 273
سنن أبي داود: 98، 117، 158، 163، 165، 198-201، 212، 228، 273، 274
سنن الترمذي - الجامع الصحيح: 94، 117، 147، 170، 202، 212، 226، 236، 240، 273
ص:314
سنن الدارقطني: 195، 200، 202-206، 255
سنن الدارمي: 117، 158، 202، 273
السنن الكبرى - سنن البيهقي: 27، 32، 43، 48، 83، 94، 95، 99، 101، 102، 116، 117، 128، 160، 161، 199، 200، 212، 240، 256، 277
سنن النسائي: 117، 228، 275
سهل بن سعد: 195
سيّار أبي الحكم: 201
سير أعلام النبلاء: 16، 17، 19، 20، 22، 23، 28، 29، 35-37، 40، 42، 44، 45، 51، 52، 57، 60، 61، 63، 65، 66، 68-74، 82، 92، 96، 119، 160، 161، 163، 178، 184، 186، 209، 245، 249، 250، 252، 255، 274
السيرة الحلبيّة: 245
السيوطي: 34، 86، 141، 142، 198، 245، 252، 258
الشاطبي: 168، 171، 172
الشافعي: 57، 61، 62، 128، 129، 133، 144-146، 150، 166، 186، 190، 266
الشافعيّة: 145، 148، 232
الشام: 284
شباع بن مخلّد: 204
الشبلي: 86
شذرات الذهب: 65
الشرائع - شرائع الاسلام: 13، 115، 278
شرح ابن أبي الحديد: 84، 149، 163
شرح ألفية: 138
شرح التجريد: 84
شرح تراجم أبواب البخاري: 229
شرح الزرقاني - شرح الموطّأ: 17، 18، 21، 22، 25، 29-31، 35، 55، 56، 61، 83، 86، 91، 115، 133، 142، 232، 266
شرح صحيح البخاري: 232
شرح الصغير: 278
شرح العروة الوثقى: 225
شرح فتح القدير: 56، 74
الشرح الكبير: 83، 195
شرح معاني الآثار: 227
شرح المنتقي: 235
شرح المواهب: 141
شرح نظم الكافل: 138
شرح النووي - شرح صحيح مسلم: 14، 43، 230، 235، 236
شرح نهج البلاغة: 162، 179
الإمام شرف الدين العاملي، السيّد عبد الحسين: 7، 107، 227
شريح: 71
شعب بني هاشم: 45
شعبة: 18، 70، 71
الشعبي: 70، 259، 260
ص:315
الشفائي: 108
الشوكاني: 77، 78، 90، 117-119، 137، 139، 148، 187، 196، 197، 210، 231، 234-237، 277
شهر بن حوشب: 251، 252
الشهرستاني، السيّد هبة اللّه: 108
الشهيد الثاني: 93، 279
الشهيدين: الأوّل و الثاني: 277
الشيخان - الشيخين: 16، 19، 85، 138، 169، 171، 251
الشيخ البهائي: 191
الشيعة - الشيعة الإمامية: 48، 58، 113، 224، 260، 283
الصابوني الجعفي، أبو الفضل: 107
صاحب المدوّنة الكبرى: 148
صالح: 221
الصحابة: فى أكثر الصفحات
الصحاح الستّة: 16، 17، 23، 28، 38، 39، 55، 68، 72، 75
صحيح البخاري: 14، 17، 23، 35، 87، 97، 117-119، 140، 147، 158، 164، 169، 186، 196، 226، 227، 254، 255، 268، 273، 275
الصحيحين: 22، 46
صحيح مسلم: 17، 18، 23، 43، 47-49، 52، 76، 83، 97، 98، 117، 147، 158، 167، 169، 187، 197، 226، 227، 246، 268، 273
الشيخ الصدوق: 107، 125، 136، 152، 218، 220، 222، 272، 278
صفوان: 30، 31
صفوان بن أميّة بن خلف: 76، 91
صفوان بن يعلى: 26، 29، 31
صفوان الجمّال: 223
الصفواني: 107
صنعاء: 137
صوم عاشوراء بين السنّة و البدعة: 5، 266، 269، 277، 278
الصهرشتي، الشيخ نظام الدين: 106، 278
ضحى الإسلام: 90
الضعفاء الكبير: 102، 169، 170
الضعفاء لابن عدى: 273
الضعفاء و المتروكين: 96
الطائف: 28، 29، 259
طاووس - طاووس اليمانى: 30، 41، 45، 65، 66، 71، 89، 91، 201، 208، 211، 221
السيّد الطباطبائي (صاحب الرياض): 133، 135
الطبراني: 95، 229، 245، 252
الطبرسي - العلاّمة الطبرسي: 247
الطبري: 18، 24-26، 34، 68-70، 83، 141، 185، 249، 256، 259، 260
الطبسي، نجم الدين: 6-8
ص:316
طبقات خليفة: 71
طبقات الفقهاء: 59
طبقات الكبرى ابن سعد: 22، 40، 67، 69، 71، 72، 142
الطحاوي: 145، 229
طرح التثريب: 141
الطريحي: 116
الطعّان: 279
طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي الكوفي: 205، 211
طلحة بن مصرّف اليامي: 74
الشيخ الطوسي - الطوسي - شيخ الطائفة:
5، 103، 106، 107، 116، 121، 133، 134، 150، 153، 154، 156، 190، 191، 220، 270، 278
الطياليسي: 35
عائشة: 36، 37، 116، 118، 119، 127، 129، 137، 158، 166، 204، 211
عاصم الجحدري: 205
عاصم بن كليب: 202
السيّد العاملي - العلاّمة العاملي: 125، 133، 135
العامّة: 137، 151، 153، 156، 177، 186، 224، 226، 233، 257، 267، 271، 284
عامر بن عبد اللّه بن الزبير: 57
عبّاد بن تميم: 248
عبّاس الناقد: 219، 222
عبد الأعلى: 34
عبد اللّه: 249-251
عبد اللّه بن أبي عوف بن جبيرة: 53
عبد اللّه بن أبي نجيع: 67، 68
عبد اللّه بن أحمد بن حنبل: 208، 209
عبد اللّه بن إدريس: 202
عبد اللّه بن بكر: 219
عبد اللّه بن جعفر: 72
عبد اللّه بن الحارث المخزومي: 64
عبد اللّه بن حسن: 238
عبد اللّه بن زيد: 63، 248، 255
عبد اللّه بن سعد: 53
عبد اللّه بن سنان: 218، 277
عبد اللّه بن عامر: 16
عبد اللّه بن عباس بن خثيم: 33، 59
عبد اللّه بن العبّاس بن عبد المطلب: 89
عبد اللّه بن شفيق العقيلي: 226، 227
عبد اللّه بن عمرو: 255
عبد اللّه بن محمد بن علي: 96
عبد اللّه بن محمّد الدينوري: 96
عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز: 204
عبد اللّه بن معمّر (عمر) الليثي: 103، 104
عبد اللّه بن المغيرة: 220
عبد اللّه بن يقطر: 169
عبد اللّه بن يوسف: 117
عبد الجبّار بن وائل: 197، 202، 211
ص:317
عبد الحميد بن محمّد: 205
عبد خير: 250، 251، 260
عبد الرحمن: 162
عبد الرحمن بن أبى بكر: 131
عبد الرحمن بن أبي ليلى: 259
عبد الرحمن بن اسحاق الكوفي: 199-201، 210، 211
عبد الرحمن بن أبي عمرة: 44
عبد الرحمن بن جبير بن نفير: 252
عبد الرحمن بن عبد القاري: 140، 167
عبد الرحمن بن غنم: 251، 252
عبد الرحمن بن مهدي: 208
عبد الرحمن بن نعم (نعيم) الأعرجي: 52
عبد الرزّاق: 18، 25، 27، 29، 30، 32، 33، 42، 59، 63، 81، 131، 144، 217، 235
عبد العزيز بن عمر الاموي: 100
عبد الكريم أبو اميّة: 208
عبد الكريم بن أبي اميّة: 208
عبد الكريم بن اميّة: 208
عبد الكريم بن أبي المخارق البصري (قيس): 207، 212
عبد الملك: 268
عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني: 100
عبد الملك بن عمير: 169
عبد الملك بن مروان: 283
عبد الملك بن ميسرة: 249، 250
العبر: 37
عبيد اللّه: 281
عبيد اللّه بن عبد اللّه: 45
عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة: 73
عبيد بن زرارة: 151، 216
عثمان - عثمان بن عفّان: 20، 23، 39، 65، 86، 161، 170، 185، 186، 246، 248، 249، 254
عثمان بن عليّ الزيلعي (فخر الدين، أبو محمّد): 56، 58
عثمان بن غياث: 208
عثمان بن مظعون: 32
عجائب المخلوقات: 284
العجلي: 71، 74، 186، 205، 250، 251
عدّة المتمتّع بها: 108
العرب: 261، 265
العراق: 63، 185، 250، 284
عرفة: 234، 235، 237
عرفجة الثقفي: 160
عروة: 166
عروة بن الزبير: 32، 36، 41-43، 52، 118، 140
عروة بن الزبير: 245
العروة الوثقى: 225
العسكري (الحسن بن عبد اللّه بن سهل): 86، 142
عطاء: 18، 25، 26، 29، 30، 40، 89، 91،
ص:318
204، 205، 218
عطاء بن أبي رباح: 62، 64، 131
عطاء العامري: 249
عفّان: 197
عفراء أخت عمر: 53
العقبة: 35
عقبة بن ظهير: 205
العقد الفريد: 36، 65
عقيل: 117، 118
العقيلي: 101، 102، 170
عكرمة: 36، 71، 207، 221، 259، 260
العلاء بن صالح: 198، 210
علقمة: 187
علقمة بن وائل: 197، 200
علل الشرائع: 52، 219، 221
علّي: 30
علي بن أبي حمزة: 122
علي بن إبراهيم: 151
عليّ بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار الكوفي: 107
علي بن بابويه: 125
عليّ بن جعفر: 188
علي بن الحكم: 219
عليّ بن الحسن الطائي الطاطري: 107
عليّ بن الحسن بن فضّال: 153
عليّ بن الحسن الفطحي، أبو الحسن: 107
الشيخ عليّ بن عبد اللّه البحراني: 107
عليّ بن محمد: 202
علي بن مسلم: 203
السيّد عليّ بن السيّد النصيرآبادي: 107
عليّ بن يحيى بن خلاّد: 251، 260
عمّار: 208
عمارة بن غزيّة: 99، 101
عمدة القاري: 15، 17، 132، 133، 141، 165، 168، 171، 187، 194، 196، 265، 266، 275، 277، 281
عمران بن الحصين الخزاعي: 14-16، 24، 79، 80، 87-90، 92، 101
عمران بن سوادة: 10، 83
عمران العبدي: 131
عمر بن اذنية: 220
عمر بن الخطّاب - عمر: في أكثر الصفحات عمر بن سهل: 96
عمر بن شبّة: 31
عمر بن عبد العزيز: 127
عمر سعد - عمر بن سعد: 253، 281
عمرو بن ثابت: 68
عمرو بن حريث: 17-19، 25-28، 34، 89
عمرو بن حوشب: 33، 34
عمرو بن الحويرث: 90
عمرو بن دينار (أبو محمّد الجمحى): 19، 30، 66-68، 91، 226، 234
عمرو بن سعيد المدايني: 154
عمرو بن هرم: 169
ص:319
عمرو بن يحيى: 248
عميرة مولاة للكندة: 53
العناية بشرح الهداية: 56
عوسجة: 37
عون بن جعفر المخزومي: 221
عون المعبود: 230، 234
العيّاشى: 155، 216، 222
عيسى: 68، 140
عيسى بن أبان: 145
عيسى بن عمر: 74
عيسى بن يونس: 27، 260
العيني: 130، 140، 164، 165، 167، 168، 171، 187، 194، 196، 275، 281
غاية المرام: 125
الغدير: 35، 56، 68، 72، 76، 170
السيّد الغروي: 5
الغزالي: 153، 178، 241
الغريبين: 265
الغماري المغربي: 232
غنائم الأيّام: 266، 271
الغنية - غنية النزوع: 184، 278
الفاكهي: 64
فتاوي الفرغاني: 56
الفتاوى الكبرى: 39
فتح الباري: 14، 18، 26، 27، 29، 34، 47، 61، 75، 95، 97، 99، 165، 202، 230، 232، 235، 238، 265، 266، 276، 277
الفروع: 39
الفريقين: 262، 267
الفسوي: 205
فضالة بن جعفر بن أميّة بن عابد المخزومي:
53
الفضل: 86
الفضل بن شاذان النيسابوري: 108
الفضيل: 152، 220
الفقه الإسلامي و أدلّته: 125، 127، 186، 195
الفقه على المذاهب الأربعة: 14، 83، 195
الفقه على المذاهب الخمسة (غروي): 5
الفقه على المذاهب الخمسة (مغنية): 5
الفقهاء: 9، 12، 17-19
فقهاء الإماميّة: 277
الفقهاء السبعة: 57
فقهاء السنّة: 34، 118، 127، 144، 166، 192
فقهاء العامّة: 14، 88، 90، 187، 237، 276
الفقيه - من لا يحضره الفقيه: 126، 136، 153، 216، 219، 266، 267، 272
الفهرست: 106، 107
فوائد الشرايع: 125
الفوائد المجموعة: 29
الفهرست: 106
ص:320
الفيروزآبادي: 115
فيض القدير: 169، 170
في المتعة: 106، 107، 109
القاسم: 56
القاسم بن الفضل: 208
القاسم بن محمّد: 64، 65
القاسم عبد الرحمن: 203
القاسميّة: 195
القاضي أحمد بن محمّد بن شاكر الشافعي:
239
القاضي جكن الحنفي: 56، 58
القاضي حسين: 231
القاضي نعمان المصري: 155، 189
القاموس - قاموس الرجال: 16، 21-23، 35، 52، 58، 63، 65-67، 69، 71-75، 84، 103، 185، 186
قاموس المحيط: 81، 115، 220، 265
قبيصة بن هلب - قبيصة بن يزيد الطائي:
202، 211
قتادة: 18، 34، 68، 161
قتيبة - قتيبة بن سعيد: 99، 202
القدّاح: 271
قرآن - القرآن الكريم - كتاب اللّه: 7، 14، 15، 19-22، 24، 35، 45، 68، 70، 78، 82، 87، 147، 153، 159، 164، 167، 253
قرة العين في الجمع بين الصلاتين: 238
القرطبي: 15، 49، 75، 88، 192، 212، 221
قريش: 76، 170، 275، 276
القسطلاني (أبو العباس أحمد بن محمّد الشافعي): 129، 140، 168، 171، 177، 276
القطّان: 57، 169
القفّال: 48
القفّال الكبير الشاشي: 238، 260
القلقشندي: 86، 140، 141
قم - قم المقدّسة: 8، 221
القمّي، أبو جعفر: 106
القميّ، أحمد بن يحيى: 106
القمي - المحقّق القمي: 266، 271
القوشجي الأشعري: 84
قيس: 274
قيس بن سعد: 62
قيس بن مسهّر: 169
الكاساني: 277
الكاشف: 169
العلاّمة كاشف الغطاء: 106
الكافي: 62، 73، 104، 105، 151، 152، 158، 190، 216، 219، 266، 268، 269، 272
الكافي في الفقه: 134، 184
الكامل: 94
الكامل في التاريخ: 142
ص:321
الكامل في الضعفاء: 160، 231
كتابى أبي القاسم: 154، 155
كتاب الأقضية: 76، 92
كتاب الصحابة: 73
كثير النوى: 271
الكحلاني، السيد محمّد بن إسماعيل: 116، 136، 137، 139، 143، 170، 172
الكرابيسي البغدادي: 59، 64، 66
الكراكجي: 284
المحقّق الكركي: 109
الكرماني: 117
الكشّاف: 44، 98
كشف الظنون: 86، 89
كشف الغمّة: 104
كشف القناع: 39
كشف اللثام: 135
الكشف و البيان: 16، 41، 44، 61، 71، 74، 90
الكشميهني: 165
الكشي: 63
الكفاية: 125، 179
الكفاية، للسبزواري: 278
كفاية الأخيار: 232
كلحان: 137
الشيخ الكليني، محمّد بن يعقوب: 73، 104، 107، 151، 219، 161
كنز العرفان: 157
كنز العمّال: 10، 18، 24، 26، 38، 228، 246، 248، 274
الكنى و الألقاب: 284
الكوفة: 24، 27، 28، 85، 149، 154، 155، 162، 283
الكوفيّون: 132، 133
كيخسرو: 187
اللآلي المصنوعة: 29
لسان العرب: 32، 36، 115، 265
لسان الميزان: 170، 241
لطائف المعارف: 277
الليث ليث: 5، 57، 99، 117، 118
ليث بن أبي سليم: 208
الليث بن سعد: 185، 186، 190، 195
المازري: 231
مالك - مالك بن أنس: 20، 32، 39، 55-58، 117-119، 130-132، 145، 146، 148، 151، 164، 184، 186، 190-192، 194، 195، 207، 209، 212، 228، 235، 237، 238، 273
المالكيّة: 133، 195
المامقاني: 16، 17، 20، 23، 32، 35، 38، 185
المأمون: 157
الماوردي: 61، 72، 88، 90، 91، 132
المبسوط للسرخسي: 49، 55، 125، 130، 145، 146، 166، 195، 237
ص:322
المبسوط، للشيخ الطوسي: 278
مبشر بن إسماعيل: 50
متأخّري المتأخّرين: 279
المتأخّرين: 157، 277
المتّقي الهندى - الهندي: 26، 38، 245، 246، 248
المتعة: 106-108
المتعة بين الشريعة و البدعة: 108
المتعة المشروعة: 100، 109
المتعة و مشروعيّتها في الإسلام: 108
المتعتين: 108
المتعتين: متعة النساء و متعة الحجّ: 108
المتوكّل على اللّه أحمد بن سليمان: 238
المتوكّل المطهّر بن يحيى: 238
المتولّي: 231
مجاهد - مجاهد بن جبير (أبو حجّاج المكّي): 62، 68، 69، 71، 144
المجروحين: 164
المجلسي الأوّل: 153، 219، 268، 269
العلاّمة المجلسي - المجلسي الثاني: 62، 104، 106، 120، 139، 151-154، 177، 189، 219، 106، 220، 221، 269، 271، 277، 279، 285
مجمع الأمثال: 283
مجمع البحرين: 33، 116، 152، 184
مجمع البرهان: 125
مجمع الزوائد - زوائد للهيثمى: 96، 99، 267
مجمع البيان: 247
المجموع: 48، 97، 132، 150، 184، 186، 194، 195، 237، 238
المجموعة: 266
مجموع الفتاوى: 175
المجوس - الزراتشت: 187-189، 191
محاسن الوسائل في معرفة الأوائل: 86
المحاضرات: 36، 83
محاضرات الأدباء: 85
محاضرات الأوائل: 141
المحامي توفيق الفكيكي: 106
المحبّر: 15، 17، 20-23، 50، 89
المحدّث بن الصّديق الغماري: 239
المحدّثين: 9، 11، 55، 63
المحقّق ابن الصدّيق: 231
المحقّق الحلّي، يحيى بن سعيد: 5، 154، 184، 278
المحلّى: 17، 21، 24-26، 28، 30، 31، 34، 35، 59، 64، 65، 74، 86، 89، 260
محمد بن أبان الأنصاري: 204، 211
محمّد بن أحمد: 206
محمّد بن أحمد بن عرّابة الكوفي: 15
محمّد بن إسماعيل الحساني: 205
محمد بن الأسود بن خلف: 33
محمّد بن بشر: 248
ص:323
محمّد بن بكّار بن الرّيان: 199
محمد بن جعفر: 18، 70، 251، 252
محمد بن حجارة: 197
محمد بن الحسن: 69
محمّد بن الحسن الواسطي: 206، 209، 210، 212
محمد بن الحسين: 220
محمّد بن رافع: 18
محمّد بن سليمان: 122، 152
محمّد بن سوار: 206
محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم: 61
محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب: 162
محمد بن علي بن بابويه (أبو جعفر): 126
محمد بن علي بن الحسين: 152
محمد بن عمرو: 68
محمد بن عيسى بن عبيد: 151
محمّد بن الفضيل: 163
محمّد بن كعب: 93، 94
محمّد بن المثنّى: 70
محمد بن محبوب: 199
محمّد بن مخلّد: 205
محمّد بن مسلم: 152، 222
محمّد بن موسى: 46
محمد بن نصر المروزى: 128، 131
محمّد بن هاشم: 64
محمّد بن يحيى: 219
المختصر: 125
المختصر في أخبار البشر: 170
مختصر المتعة: 107
المختلف - مختلف الشيعة: 125، 126، 134، 136، 184
مخلّد بن يزيد: 205
المدارك - مدارك الأحكام: 266
المدوّنة الكبرى: 130، 148، 192-194
المدينة: 17، 19، 20، 23، 27، 28، 33، 39، 51، 57، 78، 129، 130، 137، 222، 226-230، 234، 235، 273، 276
السيّد الشريف المذري العلوي: 106
مرآة التحقيق: 108
مرآة العقول: 52، 62، 99، 104، 105، 151، 184، 189، 191، 219، 220، 222، 266، 268
المراجعات: 7
السيّد المرتضى: 5، 63، 190، 191، 133، 134، 136، 149
الشيخ المرتضى الأنصارى: 107
المرغيناني، برهان الدين: 56، 74، 90
مرقاة المفاتيح: 49، 193، 194
مرو: 59
مروان بن معاوية: 160
مروج الذهب: 170
المروزي: 206
مزدلفة: 234، 235، 237
ص:324
المزني: 145
المزّي: 32
المسائل الصاغانية: 22، 59، 64، 66، 76
مسائل فقهية خلافيّة: 227
مسالك الأفهام: 93، 279
المستبصر في الإمامة: 106
مستدركات علم الرجال: 41، 65، 67
المستدرك على الصحيحين: 240
مستدرك الوسائل: 37، 53، 104، 152، 155، 156، 189، 222، 272
المستصفى: 178، 179، 241
مستطرفات السرائر: 155
مستند الشيعة: 134، 277
مستند العروة الوثقى: 278
مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: 232
مسدّد: 201
مسعدة بن صدقة: 121، 271
مسعود: 30
مسلم - مسلم بن الحجّاج النيسابوري:
16-19، 22، 35، 43، 44، 46، 51، 59، 76، 83، 99، 100، 163، 169، 187، 210، 226، 230، 246
مسلم بن خالد: 165
مسلم بن خالد الزنجي: 62
مسلم بن يسار: 248، 249
مسلمة بن علقمة: 162، 163
مسلم القرشي: 35
المسلمين: 11، 84، 86، 105، 144
مسند أحمد: 15، 18، 52، 63، 76، 83، 117، 172، 209، 226، 227، 249، 250، 252
مسند الإمام زيد: 148
مسند الباوردي: 248
مسند الحميدي: 273
مسند الشافعي: 32، 33
مسند الطيالسي: 36، 227، 228، 274
مسند العدني: 248
المشارق، للخونساري: 278
مصابيح الظلام: 125
المصاحف: 34
مصباح السنة: 248
مصباح الفقاهة: 191
مصباح الفقيه: 187
مصباح المتهجّد: 278
مصدّق بن صدقة: 154
مصر: 107، 206، 283
مصنّف ابن أبي شيبة: 81
المصنّف - مصنّف عبد الرزّاق: 18، 25-27، 29-31، 33، 34، 41، 43، 60، 81، 85، 95، 97، 140، 142، 144، 248
مضر بن محمّد: 206
مطرف بن الماجشون: 194
مآثر الإناقة في معالم الخلافة: 86، 141
ص:325
المعارف: 52، 62
معالم السنن: 230، 232، 234، 238
معاوية بن أبي سفيان: 28، 29، 86، 89-91
معانة: 28، 29، 36
معاني الآثار: 229
معبد: 30، 89
المعتبر: 125، 126، 154، 184، 279
معجم الطبراني الأكبر: 63
المعجم الأوسط: 230، 245، 252
معجم البلدان: 137
معجم رجال الحديث: 21-23، 28، 35، 103
المعجم الصغير: 229، 275
معجم الطبراني: 51، 52
المعجم الكبير: 229، 248
معجم المؤلّفين: 89، 137
المعلّق: 42
المعلّى: 145، 149
المعمّر - معمّر: 42، 81
معيار اللغة: 265
المغنية، الشيخ جواد: 5
المغني في الضعفاء: 96
المغنى لابن قدامة: 13، 58، 64، 74، 83، 95، 128، 129، 141، 159، 167، 192، 195، 237، 260، 266
مغني اللبيب: 257، 258
المغيرة بن دياب: 116
المفاتيح: 125
مفتاح الكرامة: 126، 134
المفتي: 238
المفصّل من تأريخ العرب: 276
المفضّل بن عمر: 121
المفيد - الشيخ المفيد: 21، 24، 50، 63، 76، 91، 107، 109، 190، 278
مقتل الحسين عليه السّلام: 169
مقدّمة فتح الباري: 163
المقريزي: 283
المقنعة: 278
مكّة: 30، 32، 43، 50، 51، 59، 62، 67، 89، 275
مكتب الإعلام الإسلامي: 6، 8
ملاذ الأخيار: 151، 153، 154، 191، 220، 269، 271، 272
الملّخص: 15
الملل و النحل: 170
منتخب البصائر: 152
منتخب كنز العمّال: 32، 83
المنتقى: 34
منتهى المطلب - المنتهى: 5، 126، 137، 267
مندل - ابن عليّ العنزي: 203، 211
منصور: 204، 249، 250
المنصور: 237
المنصور باللّه عبد اللّه بن حمزة: 238
ص:326
المنصور باللّه القاسم بن محمّد: 238
المنهال بن عمرو: 96
مؤتة: 22، 63
الموجز في المتعة: 107
الموسوي الأردبيلى، مرتضى: 108
الموسوي التنكابني، السيّد محمّد مهدي:
108، 109
السيّد الموسوي العاملي: 266
موسى بن أنس: 256
موسى بن أيّوب: 102
موسى جار اللّه: 106
موسى بن عبيدة: 93، 94
موسى بن عمر: 220
موسى بن عمر بن يزيد: 220
موسى بن محمد بن على بن عبد اللّه: 160
الموصلي الحنفي: 132، 147
الموضوعات: 29، 280
الموطّا: 32، 117، 131، 207، 234، 273، 274
مولاة بن الحضرمي: 28
مولى امّ المؤمنين ميمونة الهلالية: 39
مؤمّل بن إسماعيل: 102
مؤمن الطاق (محمّد بن النعمان) 104
المؤيّد باللّه: 238
المهاجرين: 127
المهدي: 195
المهدي أحمد بن الحسين: 238
المهدي محمّد: 238
المهذّب: 13
مهذّب الأحكام: 224، 226
المهلّبي الأزدي، أبو الحسن: 107
ميثم التمّار: 28
الميزان: 200
ميزان الاعتدال: 10، 42، 61، 65، 69، 73، 102، 169، 204، 230، 281
ميمون بن الأصبغ: 100
ميمون بن مهران: 280
الناصر: 237، 238
الناصريات: 5
الناصريّة: 195
نافع: 57، 81، 130، 221
النافع: 125
نثر الدرر: 104
النجاشي: 106-108
نجران: 76
النجفي - المحقّق النجفي: 125، 191، 266، 272، 278
النجوم الزاهرة: 66
النخعي - إبراهيم النخعي: 71، 185، 193، 195، 212، 238
النراقي - الفاضل النراقي: 133، 134، 277
النزال بن سبرة: 249، 250
النسائي 32، 40، 42، 67، 70، 94، 96،
ص:327
119، 162، 163، 186، 199، 201، 203، 204، 209، 228، 234، 250
نساء مبشّرات بالجنّة: 37
النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي: 5
نصر بن إبراهيم المقدسى: 108، 109
نصر بن عليّ: 198
النصّ و الاجتهاد: 7
نصير بن أبي الأشعث: 41
النضر بن إسماعيل: 204، 211
النضر بن شميل: 218
النظم المستعذب: 13، 14
النفي و التغريب: 39
السيّد النقوي الجايسي: 107
نكاح المتعة: 108
نكت النهاية: 278
نور الثقلين: 217
النوري - المحدّث النوري: 156، 272
النووي: 48، 97، 117، 118، 167، 186، 193، 195، 230، 231، 235، 236، 238، 266
النهاية في غريب الحديث و الأثر: 31، 33، 115، 142، 184، 259
نهج البلاغة: 154
نيل الأوطار: 49، 61، 64، 77، 90، 117، 119، 132، 137، 139، 148، 187، 195، 197، 200، 201، 232-235، 238، 276، 277
الهادي: 237
هارون: 52
الهاشمي (العلاّمة النسّابة أبو جعفر محمد بن حبيب): 15، 20، 22، 23، 50، 88، 92
الهداية (في شرح بداية المبتدي): 53، 56، 74
الهداية، للصدوق: 278
هدى الساري: 198
الهروي: 170
هشام بن الحكم: 107
هشام بن عمّار: 160
هشام بن محمّد الكلبي: 15
هشيم - ابن منصور: 204، 211، 249، 259، 260
هشيم بن بشير: 199
هشيم بن القاسم الواسطي: 199
همام - همام بن يحيى: 197، 198، 260
الهيثم - ابن حميد: 201، 211
الهيثمى: 96
وائل بن حجر: 197، 202
الوافي: 136، 269-271
الوافي بالفيات: 17
الواقدي: 28
الوجيزة: 16
الوحيد الخراساني (الشيخ الاستاذ): 277، 285
ص:328
الورّاق، أبو الفضل: 107
وسائل الشيعة: 24، 62، 74، 104، 121-124، 151-157، 188، 189، 216، 219-221، 223، 245، 254، 266، 268-272، 278
وفيات الأعيان: 40، 52
وكيع: 131، 205، 206، 211، 226، 250
الولي بن العرافي: 129
الوليد بن عبد الرحمن الجرشي: 162
يحيى بن أكثم: 85
يحيى بن أيّوب: 274
يحيى بن بكير: 117-119
يحيى بن سعيد: 208
يحيى بن سعيد القطّان: 62، 63، 70، 102، 198
يحيى بن سلمة بن كهيل: 169
يحيى بن عبد اللّه بن بكير: 119
يحيى بن عيسى: 41
السيّد اليزدي: 225
يزدي، محمد: 7
يزيد: 281
يزيد بن زياد بن أبي الجعد: 205
يرموك: 21، 38
يعقوب بن أبي شيبة: 96
يعقوب بن حميد: 64
يعقوب بن سفيان: 201، 203
يعقوب بن شيبة: 203
يعلى: 29
يعلى بن اميّة: 76، 91
يعلى بن عطا: 249
اليمن: 66، 137
يوسف: 54
يونس: 43، 151
يونس بن عبد الرحمن: 108
اليهود: 97
ص:329
ص:330
1. القرآن الكريم.
2. آئينۀ آئين مزديسنى، لكيخسرو.
3. الإبهاج (شرح المنهاج)، للسبكي.
4. الاختيار، للموصلي، ت 590 ه. ق، عالم المعرفة، بيروت.
5. اختيار معرفة الرجال المعروف ب (رجال الكشّي)، للكشّي أبو عمرو، ت 385 ه. ق، نشر جامعة مشهد المقدّس.
6. إرشاد الساري، للقسطلاني، ت 923 ه. ق، دار التراث العربي، بيروت.
7. الاستبصار، للطوسي، أبو جعفر، ت 460 ه. ق، المكتبة المرتضوية، طهران.
8. الاستيعاب، للقرطبي عبد البرّ، ت 463 ه. ق، دار الكتب العلمية، بيروت.
9. إشارة السبق، للحلبي، علاء الدين، ت 708 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
10. الإصابة، للعسقلاني، ابن حجر، ت 852 ه. ق، دار الكتاب، بيروت.
11. الاعتصام، للشاطبي، ت 790 ه. ق، دار التحرير، القاهرة.
12. الأعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، بيروت.
13. الأعلام، للشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، ت 413 ه. ق، دار المفيد، بيروت.
14. اقتضاء الصراط المستقيم، للحرّانى، ت 728 ه. ق.
15. الامّ، للشافعي، محمد بن إدريس، ت 204 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
16. الأمالي، للصدوق، محمد بن عليّ بن الحسين، ت 381 ه. ق، دار الأعلمي، بيروت.
17. الانتصار، لعلم الهدى، السيّد المرتضى، ت 436 ه. ق، نشر الرضى، قم المقدّسة.
18. الأنساب، للسمعاني، عبد الكريم، التميمي، ت 562 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
19. الأيّام المكّيّة، لنجم الدين الطبسى، مركز الدراسات الإسلامية، قم المقدّسة.
ص:331
20. إيضاح المكنون، للباباني البغدادي، ت 1339 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
21. أحكام القرآن، لابن العربي، أبي بكر، ت 543 ه. ق، طبع عيسى الحلبي، قاهرة.
22. أحكام القرآن، للجصّاص، ت 370 ه. ق، دار الكتاب العربي، بيروت.
23. أخبار مكّة، للفاكهي، أبي عبد اللّه، (كان حيّا 240 ه. ق) دراسة و تحقيق دهيش.
24. أسد الغابة، للشيبانى، ابن الأثير، 630 ه. ق، المكتبة الإسلاميّة، طهران.
25. أصول الفقه، للخضرى بك محمد، الاتّحاد العربي، مصر 1389 ه. ق.
26. أنساب الأشراف، للبلاذري، أحمد بن يحيى البلاذري، ت 279 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
27. بحار الأنوار، للمجلسي، محمد باقر، شيخ الإسلام، ت 1111 ه. ق، دار الوفاء، بيروت.
28. البحر الرائق، لزين العابدين بن نجيم، ت 970 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
29. بداية المجتهد، للقرطبي، ابن رشد، ت 595 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
30. البداية و النهاية، لإسماعيل بن عمر بن كثير، ت 774 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
31. البدر الطالع، للشوكاني.
32. البيان و التحصيل، للقرطبي، ت 520 ه. ق، دار المغرب الإسلامي، بيروت.
33. تاريخ الأمم و الملوك، للطبري، أبو جعفر، ت 310 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
34. تاريخ المدينة، للبصري، ابن شبة النميري، ت 262 ه. ق، دار التراث، بيروت.
35. تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، أبي بكر، ت 463 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
36. تأريخ الإسلام، للذهبي، شمس الدين، ت 748 ه. ق، دار الكتاب العربي، بيروت.
37. التأريخ الكبير، للبخاري، إسماعيل بن إبراهيم، ت 256 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
38. تأريخ خليفة بن خيّاط، للعصفري، أبو عمر، ت 240 ه. ق، دار الباز، مكّة المكرّمة.
39. تأريخ دمشق، لابن عساكر، ت 571 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
40. تأريخ عمر، لابن الجوزي.
41. التحرير الطاووسي، للشيخ حسن بن الشهيد الثاني، ت 1011 ه. ق، دار الأعلمي، بيروت.
42. تحف العقول، للحرّاني الحلبي، ت 381 ه. ق، المكتبة الإسلامية.
43. تذكرة الحفّاظ، للذهبي، شمس الدين، ت 748 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
44. تذكرة الفقهاء، للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، ت 726 ه. ق، مؤسسة
ص:332
آل البيت، قم المقدّسة.
45. التذكرة، للشيخ المفيد، محمّد بن محمّد بن النعمان، ت 413 ه. ق، دار المفيد، بيروت.
46. ترتيب مسند الشافعي، للسندي، الشيخ عابد، ت 204 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
47. تفسير البحر المحيط، للأندلسي، أبو حيّان، ت 749 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
48. تفسير البرهان، للبحراني.
49. تفسير العيّاشي، للعياشي، أبي النصر، محمد بن مسعود، ت بين القرن الثالث و الرابع، المكتبة العلميّة طهران.
50. تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، إسماعيل بن كثير الدمشقي، ت 774 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
51. التفسير الكبير، للفخر الرازي، ت 606 ه. ق، مطبعة البهيّة المصريّة.
52. تفسير الميزان، للطباطبايى.
53. تفسير روح المعانى، للآلوسي.
54. تفسير نور الثقلين، للحويزى.
55. تقريب التهذيب، للعسقلانى، ابن حجر العسقلاني، ت 852 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
56. تلخيص الشافي، للطوسي، أبو جعفر، ت 460 ه. ق، مكتبة العلمين، النجف الأشرف.
57. تنقيح المقال، للمامقاني الشيخ عبد اللّه، ت 1351 ه. ق، المطبعة المرتضويّة، النجف الأشرف.
58. التنقيح، للخوئي.
59. التوشيح على الجامع الصحيح، للسيوطي، ت 911 ه. ق، دار الكتب العلمية، بيروت.
60. تهذيب الاحكام، للطوسي، أبو جعفر، ت 460 ه. ق، دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
61. تهذيب التهذيب، للعسقلاني، ابن حجر، ت 852 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
62. تهذيب الكمال، للمزّي، أبي الحجّاج، ت 742 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
ص:333
63. التهذيب، للبغوي، ت 516 ه. ق، دار الكتب العلمية، بيروت.
64. جامع البيان، للطبري، ابن جرير، ت 310 ه. ق، مكتبة نزار مصطفى، الرياض.
65. الجامع الصحيح، للترمذي، محمد بن عيسى، ت 297 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
66. جامع العلوم و الحكم، للحنبلي، ابن رجب، ت 795 ه. ق، طبع الحلبي، مصر.
67. الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ت 671 ه. ق، دار الكاتب العربي، القاهرة.
68. الجرح و التعديل، للرازي، عبد الرحمن التميمي، ت 327 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
69. جمهرة أنساب العرب، للظاهري، ابن حزم، ت 456 ه. ق، دار المعارف، مصر، تحقيق عبد السلام هارون.
70. جواهر الفقه، للطرابلسي، ابن البرّاج، ت 481 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
71. جواهر الكلام، للنجفي، ت 1266 ه. ق، دار الكتب الاسلاميّة، طهران.
72. الجوهر النفي، للزكانى.
73. حاشية السندي، للسندي.
74. الحاوي الكبير، للماوردي، أبي الحسن، ت 450 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
75. الحبل المتين، للشيخ البهائي، ت 1031 ه. ق.
76. الحدائق الناضرة، للبحراني، ت 1107 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
77. حقيقة البدعة و أحكامها، للغامدي، مكتبة الرشد، الرياض.
78. حقيقة الشيعة الإثني عشريّة، للفلسطيني، أسعد وحيد، معاصر.
79. حلية الأولياء، للأصفهاني، أبي نعيم، ت 430 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
80. حلية العلماء، للشاشي، أبي بكر، ت 507 ه. ق، مكتبة الرسالة الحديثة، الأردن.
81. خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للحموي الدمشقي.
ص:334
82. خلاصة الأقوال، للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، ت 726 ه. ق، منشورات الرضي، قم المقدّسة.
83. الخلاف، للطوسي، أبو جعفر، ت 460 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
84. الدراري المضيئة، للشوكاني، ت 1255 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
85. الدرّ المنثور، تفسير، للسيوطي، جلال الدين، ت 911 ه. ق، محمد أمين دمج، بيروت.
86. الدروس الشرعيّة، للشهيد الأوّل، ت 786 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
87. دعائم الإسلام، للقاضي نعمان المصري، ت 363 ه. ق، مؤسسة آل البيت، قم المقدّسة.
88. دلائل الأحكام، لابن شدّاد.
89. ذخيرة الصالحين، للطبسي، ت 1405 ه. ق، مخطوط.
90. الذريعة إلى تصانيف الشيعة، للطهراني، الشيخ آقا بزرگ، ت 1389 ه. ق، المكتبة الإسلامية، طهران.
91. ردّ المختار على الدّر المختار، لابن عابدين، ت 1252 ه. ق، مصر، بولاق.
92. رسالة الاجتماع و الافتراق.
93. روضة المتّقين، للمجلسي الأوّل، ت 1070 ه. ق، نشر فرهنگ اسلامى، طهران.
94. رياض المسائل، للطباطبائي، ت 1231 ه. ق، مؤسّسة آل البيت، قم المقدّسة.
95. زاد المعاد، للجوزية، ابن قيم، ت 751 ه. ق، عبد الرؤف طه، طبع مصطفى الحلبي، مصر، 1390 ه. ق.
96. سبل السلام، للكحلاني، ت 1182 ه. ق، دار الريّاه، القاهرة.
97. السرائر، للحلّي محمد بن إدريس، ت 598 ه. ق، نشر جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
98. سنن ابن ماجه، لابن ماجة، ت 275 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
99. سنن الدار قطني، للدارقطنى، ت 385 ه. ق، عالم الكتب، بيروت.
100. السنن الدارمي، للدارمي، ت 255 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
ص:335
101. سنن الطيالسي، للطيالسي، ت 204 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
102. السنن الكبرى، للبيهقي، أبو بكر، ت 458 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
103. سنن النسائي، للنسائي، ت 303 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
104. سنن أبي داود، لأبي داود، ت 275 ه. ق، دار إحياء السنّة النبويّة، بيروت.
105. سير أعلام النبلاء، للذهبي، شمس الدين، ت 748 ه. ق، الرسالة، بيروت.
106. شذرات الذهب، لأبي الفلاح، ابن عماد، ت 1089 ه. ق، المكتب التجاري، بيروت.
107. شرائع الإسلام، للمحقّق الحلّي، ت 676 ه. ق، مطبعة الآداب، النجف الأشرف.
108. شرح الزرقاني، للزرقاني، عبد الباقي، ت 1099 ه. ق، طبع عيسى الحلبي، مصر.
109. الشرح الكبير، للدردير، أحمد، ت 1201 ه. ق، طبع عيسى الحلبي، مصر.
110. شرح المنتهى.
111. شرح تراجم أبواب البخاري، للبخاري.
112. شرح فتح القدير، لابن الهمام، محمد المعروف، ت 681 ه. ق، طبع مصطفى الحلبي، مصر، 1389 ه. ق.
113. شرح معاني الآثار، للطحاوي.
114. شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي، ت 656 ه. ق، دار إحياء الكتب العربيّة، بيروت.
115. صحيح البخاري، للبخاري، محمد بن إسماعيل، ت 256 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
116. صحيح مسلم، للقشيري، مسلم بن الحجّاج، ت 261 ه. ق، مصطفى البابي الحلبي، مصر، طبع 1377 ه. ق.
117. الضعفاء الكبير، للعقيلي، محمد بن عمر، ت 322 ه. ق، الدار العلميّة، بيروت.
118. طبقات الحفّاظ، للسيوطي، ت 911 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
119. طبقات الفقهاء، للشيرازي، أبي إسحاق الشافعي، ت 476 ه. ق، دار الرائد العربي، بيروت.
120. الطبقات الكبرى، للبصري، محمد بن سعد بن منيع، ت 230 ه. ق، دار صادر. بيروت.
ص:336
121. الطبقات، لابن خياط خليفه، ت 240 ه. ق، تحقيق سهيل زكار، مطابع وزارة الثقافة، دمشق.
122. طرح التثريب، للحافظ العراقي، ت 806 ه. ق.
123. العبر في خبر من غبر، للذهبي، شمس الدين، ت 748 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
124. العروة الوثقى، لليزدى.
125. العقد الفريد، للأندلسي ابن عبد ربّه، ت 327 ه. ق، دار الكتاب العربي، بيروت.
126. علل الشرائع، للصدوق.
127. عمدة القارئ، للعيني، بدر الدين، ت 855 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
128. عون المعبود، للحق آبادي.
129. الغدير، للأميني، الشيخ عبد الحسين، ت 1390 ه. ق، مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة، قم المقدّسة.
130. غنية النزوع، للحلبي، ابن زهرة، ت 585 ه. ق، مؤسّسة الإمام الصادق عليه السّلام، قم المقدّسة.
131. الفتاوى الكبرى، لابن تيميّة، ت 728 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
132. فتح الباري بشرح البخاري، للعسقلاني، ابن حجر، ت 852 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
133. الفروع، للمقدسي، محمد بن مفلح، ت 763 ه. ق، عالم الكتب، بيروت.
134. الفقه الإسلامي و أدلّته، للزحيلي وهبة، دار الفكر، بيروت.
135. الفقه على المذاهب الأربعة، للجريري، عبد الرحمن، ت 1360 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
136. الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للشوكاني، ت 1255 ه. ق. دار الكتب العلميّة، بيروت.
137. فهارس بحار الأنوار، للخاتمي، مؤسّسة البلاغ، بيروت.
138. قاموس الرجال، للتستري، الشيخ محمد تقي، ت 1415 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
ص:337
139. القاموس المحيط، للفيروز آبادي، ت 817 ه. ق، دار الجيل، بيروت.
140. قواعد الأحكام، للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، ت 726 ه. ق، مؤسسة آل البيت، قم المقدّسة.
141. الكافي في الفقه، للحلبي أبي الصلاح، ت 447 ه. ق، مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، الأصفهان.
142. الكافي، للكليني، محمد بن يعقوب، ت 328 ه. ق، المطبعة الإسلاميّة، طهران.
143. الكامل في التأريخ، لابن أثير، ت 630 ه. ق، نشر دار صادر، بيروت.
144. الكامل في الضعفاء، للجرجاني، عبد اللّه بن عدي، ت 365 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
145. الكشّاف (في تفسير القرآن) للزمخشري، محمود بن عمر، ت 538 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
146. كشف الظنون، للحاج خليفة، مصطفى بن عبد اللّه، ت 1067 ه. ق، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
147. كشف القناع، للبهوتي، منصور بن يونس البهوتي، ت 1051 ه. ق، عالم الكتب، بيروت.
148. كنز العمّال، للمتّقي الهندي، ت 975 ه. ق، مؤسّسة الرسالة، بيروت.
149. اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للسيوطي، ت 911 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
150. لسان العرب، لابن منظور، ت 711 ه. ق، أدب الحوزة، قم المقدّسة.
151. لسان الميزان، للعسقلاني، ابن حجر، ت 852 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
152. مآثر الأنافة في معالم الخلافة، للقلقشندي، أحمد بن عبد اللّه، ت 821 ه. ق، تحقيق عبد الستّار أحمد، وزارة الإرشاد الكويتية، 1964 ه. ق.
153. المبسوط، للسرخسي، شمس الدين، ت 490 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
154. المتعة بين الشريعة و البدعة، للأردبيلي، مرتضى الموسوي، معاصر.
155. المتعة مشروعة، للعلاّمة الفانى، ت 1413 ه. ق، مطبعة مهر، قم المقدّسة.
ص:338
156. مجلّة تراثنا، إصدار مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام، قم المقدّسة.
157. مجلّة مرآة التحقيق، إصدار مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدّسة.
158. مجمع البحرين، للطريحي، فخر الدين، ت 1085 ه. ق، المكتبة المرتضويّة، طهران.
159. مجمع الزوائد، للهيثمي، عليّ بن أبي بكر، ت 807 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
160. مجموع الفتاوى، للحرّاني، ت 758 ه. ق.
161. المجموع، للنووي، محي الدين بن شرف، ت 676 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
162. محاضرات الأوائل، لدده، الشيخ عليّ.
163. المحاضرات، للراغب، الإصبهاني، أبو القاسم بن محمد، ت 565 ه. ق.
164. المحبّر، للهاشمي، أبو جعفر، محمد بن حبيب، ت 245 ه. ق، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
165. المحلّى، للأندلسي، ابن حزم، ت 456 ه. ق، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
166. مختلف الشيعة، للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، ت 726 ه. ق، مكتب الاعلام الاسلامي، قم المقدّسة.
167. المدوّنة الكبرى، للأصبحي، مالك بن أنس، دار صادر، بيروت.
168. مرآة العقول، للمجلسي الثاني، محمد باقر، ت 1111 ه. ق، دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
169. مرقاة المفاتيح، للقاري.
170. مروج الذهب، للمسعودي، ت 346 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
171. المسائل الصاغانيّة، للشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، ت 413 ه. ق، دار المفيد، بيروت.
172. مسالك الأفهام، للشهيد الثاني، زين الدين الجبعى، ت 965 ه. ق، مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم المقدّسة.
173. مستدركات علم الرجال، للنمازي الشاهرودي، الشيخ عليّ، ت 1405 ه. ق، المطبعة الحيدريّة، طهران.
174. مستدرك الوسائل، للنوري، ت 1320 ه. ق، آل البيت، قم المقدّسة.
ص:339
175. المستدرك على الصحيحين، للنيسابورى، ت 405 ه. ق.
176. المستصفى، للغزالي، ت 505 ه. ق.
177. مستند الشيعة، للنراقي، ت 1244 ه. ق، آل البيت، قم المقدّسة.
178. مسند الشافعي، للحلّي، محمد بن إدريس، ت 204 ه. ق، رتّبه سنجر بن عبد اللّه، ت 745 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
179. المسند الطيالسي، لأبي داود الطيالسي.
180. مسند الطيالسي، للطيالسي، الفارسي، أبو داود، سليمان بن داود، ت 204 ه. ق، دار الباز، مكّة المكرّمة.
181. مسند أحمد، لأحمد بن حنبل، ت 241 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
182. المسند، لأحمد بن حنبل، ت 241 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
183. المسند، للإمام زيد، جمع عبد العزيز البقّال، ت 313 ه. ق، دار الكتب العلميّة بيروت.
184. مصباح الفقيه، للهمداني، الحاج آقا رضا، ت 1322 ه. ق.
185. المصنّف، للصنعاني، عبد الرّزاق، ت 211 ه. ق، المكتب الإسلامي، بيروت.
186. المصنّف، للعبسي، ابن أبي شيبة، ت 235 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
187. المعارف، للدينوري، ابن قتيبة، ت 276 ه. ق، نشر الشريف الرضي، قم المقدّسة.
188. معالم السنن، للخطابي.
189. معاني الآثار، للطحاوي.
190. المعتبر، للمحقّق الحلّي، ت 676 ه. ق، مدرسة الإمام أمير المؤمنين، قم المقدسة.
191. معجم البلدان، للحموي، ت 626 ه. ق، دار احياء التراث العربي، بيروت.
192. المعجم الكبير، للطبراني، سليمان بن أحمد، ت 360 ه. ق، وزارة الأوقاف العراقيّة.
193. المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، جمع من المستشرقين.
194. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد فؤاد عبد الباقي.
195. المعجم المفهرس لألفاظ أحاديث بحار الأنوار، لجمع من محقّقي مكتب الإعلام الإسلامي،
ص:340
قم المقدّسة.
196. معجم المؤلّفين، لكحالة، عمر رضا، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
197. معجم رجال الحديث، للخوئي، السيد أبو القاسم، ت 1413 ه. ق، دار الزهراء، بيروت.
198. المغني في الضعفاء، للذهبي، أبو عبد اللّه، ت 748 ه. ق، دار المعارف، حلب.
199. المغني، لابن قدامة، أبو محمد، عبد اللّه بن أحمد، ت 541 ه. ق، عالم الكتب، بيروت.
200. مفتاح الكرامة، للعاملي، السيد محمد، ت 1266 ه. ق، مؤسّسة آل البيت، قم المقدسة.
201. مفتاح كنوز السنّة، أي، فنسك، دار الباز، مكّة المكرّمة.
202. مقدّمة مرآة العقول، للعسكري، السيد مرتضى، دار الكتب الإسلاميّة، طهران.
203. ملاذ الأخيار، للمجلسي، محمد باقر، شيخ الإسلام، ت 1111 ه. ق، مكتبة النجفى، قم المقدّسة.
204. الملل و النحل، للأندلسي، ابن حزم، 456 ه. ق.
205. المنتقى، للباجي، أبو الوليد، ت 494 ه. ق، طبع السعادة، مصر، عام 1332 ه. ق.
206. منجد الطلاّب، للأب لويس معلوف اليسوعي، دار المشرق، بيروت.
207. من لا يحضره الفقيه، للصدوق، ت 381 ه. ق، دار الكتب الإسلاميّة، بيروت.
208. موارد السجن، للطبسي، نجم الدين، مركز الإعلام الإسلامي، قم المقدّسة.
209. الموضوعات، لابن الجوزي، ت 597 ه. ق، دار الفكر، بيروت.
210. الموطّا، لمالك بن أنس، ت 190 ه. ق، برواية يحيى الأندلسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
211. المهذّب، لابن البرّاج الطرابلسي، ت 481 ه. ق، جماعة المدرّسين، قم المقدّسة.
212. المهذّب، لأبي إسحاق الشيرازي، ت 476 ه. ق، عيسى البابي، مصر.
213. ميزان الاعتدال، للذهبي، شمس الدين، ت 748 ه. ق، دار المعرفة، بيروت.
214. النجوم الزاهرة، للأتابكي، يوسف بن تغري، ت 874 ه. ق، دار الكتب العلمية، بيروت.
215. نساء مبشّرات بالجنّة، لأحمد خليل جمعة، دار ابن كثير، دمشق.
ص:341
216. النفي و التغريب، للطبسي، نجم الدين، مجمع الفكر الإسلامي، قم المقدّسة.
217. النهاية في غريب الحديث و الأثر، للجزري، ابن الأثير، ت 606 ه. ق، مؤسّسة إسماعيليان، قم المقدّسة.
218. النهاية في مجرّد الفقه و الفتوى، للطوسي، أبو جعفر، ت 460 ه. ق، نشر قدس، قم المقدّسة.
219. نيل الأوطار، للشوكاني، محمد بن علي، ت 1255 ه. ق، دار الكتب العلميّة، بيروت.
220. الوافي بالوفيات، للصفدي، صلاح الدين، ت 764 ه. ق، جمعيّة المستشرقين الألمانيّة.
221. الوافي، للفيض الكاشاني، ت 1091 ه. ق، مكتبة الامام أمير المؤمنين، الأصفهان.
222. وسائل الشيعة، للحرّ العاملي، محمد بن الحسن، ت 1104 ه. ق، مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام، قم المقدّسة.
223. وفيات الأعيان، لابن خلكان، أحمد بن محمد، ت 681 ه. ق، دار الثقافة، بيروت.
224. الهداية في شرح البداية، للمرغيناني برهان الدين، الحنفي، ت 593 ه. ق.
ص:342
مقدّمة الطبعة الثانية 5
المقدّمة 8
القسم الأوّل: الزواج الموقّت عند الصحابة و التابعين المقدّمة 11
الفصل الأوّل: الصحابة 13
تعريف المتعة (الزواج الموقّت) 13
الزواج الموقّت عند الصحابة 14
1. عمران بن الحصين الخزاعي (ت 52 ه. ق) 14
التعريف بعمران 16
2. أبو سعيد الخدري (ت 74 ه. ق) 17
التعريف بأبي سعيد الخدري 17
3. جابر بن عبد اللّه الأنصاري (ت 78 ه. ق) 18
التعريف بجابر بن عبد اللّه 19
4. زيد بن ثابت الأنصاري (ت 55 ه. ق) 20
التعريف بزيد بن ثابت 20
5. عبد اللّه بن مسعود (ت 32 ه. ق) 21
ص:343
التعريف بابن مسعود 21
6. سلمة بن الأكوع (ت 74 ه. ق) 22
التعريف بابن الأكوع 22
7. علي بن أبي طالب عليه السّلام (ت 40 ه. ق) 23
التعريف بعليّ بن أبي طالب عليه السّلام 24
8. عمرو بن حريث (ت 85 ه. ق) 25
التعريف بعمرو بن حريث 28
9. معاوية بن أبي سفيان (ت 60 ه. ق) 28
10. سلمة بن أميّة 30
التعريف بسلمة بن أميّة 31
11. ربيعة بن أميّة 32
التعريف بربيعة بن أميّة 33
12. عمرو بن حوشب 33
13. أبيّ بن كعب (ت 30 ه. ق) 34
التعريف بأبيّ بن كعب 35
14. أسماء بنت أبي بكر (ت 73 ه. ق) 35
التعريف بأسماء بنت أبي بكر 37
15. أمّ عبد اللّه ابنة أبي خيثمة 38
التعريف بابن يسار 39
16. عبد اللّه بن عبّاس بن عبد المطلّب (ت 68 ه. ق) 40
التعريف بابن عبّاس 45
دعاوي و ردود 47
ص:344
17. سمير (ت 59 ه. ق) 50
التعريف بسمرة 50
18. أنس بن مالك (ت 93 ه. ق) 50
التعريف بأنس بن مالك 51
19. ابن عمر (ت 74 ه. ق) 52
الفصل الثاني: في التابعين و الفقهاء 55
1. مالك بن أنس (ت 179 ه. ق) 55
التعريف بمالك بن أنس 56
2. أحمد بن حنبل (ت 241 ه. ق) 58
التعريف بابن حنبل 59
3. سعيد بن جبير (ت 95 ه. ق) 59
التعريف بسعيد بن جبير 60
4. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت 150 ه. ق) 60
رواية إسماعيل بن الفضل الهاشمي 61
التعريف بابن جريج 62
ملاحظة 63
هل رجع ابن جريج عن رأيه؟ 63
5. عطاء بن أبي رباح (ت 115 ه. ق) 64
التعريف بعطاء 65
6. طاووس اليماني (ت 106 ه. ق) 65
التعريف بطاووس 66
7. عمرو بن دينار (ت 126 ه. ق) 66
ص:345
التعريف بعمرو بن دينار 67
8. مجاهد بن جبر (ت 100 ه. ق) 68
التعريف بمجاهد 68
9. السدّي (ت 127 ه. ق) 69
التعريف بالسدّي 69
10. الحكم بن عتيبة (ت 125 ه. ق) 70
التعريف بالحكم 71
11. ابن أبي مليكة (ت 117 ه. ق) 72
التعريف بابن أبي مليكة 72
12. زفر بن أوس بن الحدثان المدنيّ 72
التعريف بزفر 73
ملاحظة 73
زفر بن الهذيل 73
13. طلحة بن مصرّف اليامي (ت 112 ه. ق) 74
التعريف بطلحة بن مصرّف 74
14. أهل مكّة و اليمن 75
15. أهل البيت عليهم السّلام و التابعون 75
لائحة بأسماء آخرين 75
الفصل الثالث: إثارات و مناقشات 77
1. هل القائلون بالمتعة لم يبلغهم النسخ؟ 77
2. المنع أمر حكومي و صادر عن الخليفة عمر 80
الشاهد الأوّل: تأكيد ابن عمر على عهد أبيه 81
ص:346
الشاهد الثاني: تصريح جابر 82
الشاهد الثالث: محاورة عمران بن سوادة 83
الشاهد الرابع: تصريح الإمام عليّ عليه السّلام 85
الشاهد الخامس: تصريح المؤلّفين و الأعلام 85
3. هل ادّعى عمر النسخ؟ 87
4. كلمات فقهاء العامّة و مفسّريهم 88
5. لا إجماع على تحريم المتعة 90
6. الاضطراب في أحاديث التحريم 92
7. مناقشة الأحاديث المعارضة 93
1. حديث الترمذي 93
2. حديث سعيد بن جبير 95
3. حديث الزهري 96
4. حديث سبرة 99
5. حديث إياس 101
6. حديث أبي هريرة 102
8. سلاح من أعياه الجواب 103
1. حوار بين الإمام الباقر عليه السّلام و الليثي 103
2. حوار بين أبي حنيفة و مؤمن الطاق 104
9. ما كتب حول جواز المتعة 105
القسم الثاني صلاة التراويح بين السنّة و البدعة المقدّمة 113
ص:347
معنى التراويح 114
قيام شهر رمضان في أحاديث الفريقين 116
أ. أحاديث أهل السنّة 117
ب. أحاديث الإماميّة 121
رأي فقهائنا في مشروعيّة نافلة شهر رمضان 124
عدد نوافل شهر رمضان 127
أ. كلمات فقهاء السنّة 127
ب. كلمات فقهاء الإماميّة: 133
ج. موقف مغائر للجمهور 136
صلاة التراويح جماعة من بدع الخليفة عمر 139
أ. حديث البخاري 140
ب. كلمات الأعلام 140
حكم الجماعة في نوافل شهر رمضان 144
أ. رأي فقهاء السنّة 144
تعليقة على كلام السرخسي 146
ب. رأى فقهاء الإماميّة 148
موقف النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته عليهم السّلام من التراويح جماعة 151
أدلّة القول بعدم جواز الجماعة في التراويح 157
أدلّة القول بجواز الجماعة فيها 158
مناقشة أدلّة الجواز 159
كلمات الأعلام في ترك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للتراويح 164
هل صلّى عمر بن الخطّاب جماعة؟ 167
ص:348
هل البدعة تنقسم إلى أقسام؟ 168
أنصار الرأي الأوّل كما يلي: 168
أنصار الرأي الثاني كما يلي: 172
و مناقشة هذا القول، و بيان خطئه، و منافاته للصواب: 173
هل فعل الخليفة و قوله حجة؟ 178
القسم الثالث: الإرسال و التكفير بين السنّة و البدعة المقدّمة 183
المدخل 183
ما ورد عن أهل البيت عليهم السّلام 188
كلمات الفقهاء الإماميّة 190
منشأ التكفير 191
كلمات فقهاء السنّة و أئمّتهم 192
الروايات من طرق السنّة 195
التأمّل في معنى الرواية 196
أمّا النقاش الدلالي 207
حصيلة البحث 210
القسم الرابع: الجمع بين الصلاتين و مصادره من الكتاب و السنّة المقدّمة 215
دليل جواز الجمع بين الصلاتين من القرآن الكريم 215
تفسير الآية عن أهل البيت عليهم السّلام 216
ص:349
الروايات من طرق العامّة 217
آراء المفسّرين 218
الروايات من طرق الخاصة 218
ما يستدلّ على مرجوحيّة الجمع 223
آراء الفقهاء 225
الأحاديث من طرق العامّة 226
التأويلات 229
ما يستدلّ به على الجمع الصوري 234
هل قول ابن عبّاس خلاف الإجماع؟ 236
أقوال فقهاء العامّة في جواز الجمع 237
استحباب الأخذ بالمرخّصات الشرعيّة 239
روايات توهم حرمة الجمع بين الصلاتين 240
القسم الخامس: كيفيّة الوضوء على ضوء الكتاب و السنّة الوضوء 245
بدء تشريع الوضوء 245
بدء الخلاف في الوضوء 245
كيفية غسل اليدين 246
مع المفسّرين 247
أحاديث في المسح على القدمين 247
دراسة في السند 249
دراسة في السند 250
ص:350
دراسة في السند 252
يستفاد من هذا النصّ أمور: 253
الروايات من طريق أهل البيت عليهم السّلام 253
أمّا القسم الأول: 254
الدليل القرآني على مسح الأرجل 256
رأى العامّة 257
المسح على الأرجل عند الصحابة 259
تهافت المفسّرين 261
القسم السادس: دراسة حول صوم عاشوراء عاشوراء في اللغة 265
عاشوراء و جذورها التأريخيّة 265
حكم صوم عاشوراء 266
تفصيل البحث في الروايات 267
روايات الجواز 270
الأحاديث من طريق السنّة 272
مناقشة الروايات: 275
آراء الفقهاء في صوم عاشوراء 276
نص بعض الكلمات: 278
موقف الأيادي الأثيمة من عاشوراء 280
موقف أهل البيت عليهم السّلام 281
كيف يجتمع النسيء مع صوم عاشوراء؟ 282
ص:351
عاشوراء عيد الأمويّين 282
تصريحات للمؤرّخين 283
ص:352
كمتر مسئله اى از مسائل فقهى شيعه اماميه است كه با فتوايى از فتاواى مذاهب اهل سنت مطابق نباشد. بنابراين نقاط اشتراك در احكام فقهى - تا چه برسد به اصول دين - بيشتر از نقاط اختلاف است.
بنابراين شايسته است به مسائل اتفاقى بين شيعه و اهل سنت به ديده اعتبار و اهميت نگريسته شود و پذيرش مسائل اختلافى نيز نيكوست، زيرا ناگزير از اين مقدار اختلاف - بلكه بيشتر از آن - هستيم و اين اندازه اختلاف حتى بين مذاهب اهل سنت در اعتقادات و فقه وجود دارد.
پس صلاح اين است كه در اين موارد، سعه صدر را پيشه كنيم و از تعصب در بحث ها دورى ورزيم و ادب اسلامى را رعايت كنيم و به ارزش هاى اخلاقى چنگ بزنيم و در پى آن در مورد نظر فقهى و ادله آن و قبول و ردّ و اشكال به آن از پيش داورى و جار و جنجال بپرهيزيم.
اثر حاضر با رويكرد فوق، اين مسائل را كاويده است: ازدواج موقت نزد صحابه و تابعين، نماز تراويح، ارسال و تكفير بين سنت و بدعت، جمع بين صلاتين، چگونگى وضو و روزۀ عاشورا.
مؤسسۀ بوستان كتاب
ص:353